ينشغل بال الإنسان دائما مع التقدم فى العمر بما يخشاه من مآل: أمراض القلب والشرايين، السرطان، مضاعفات السكر ثم أكبر ما يخيف: فقدان الذاكرة أو الألزهايمر. تلك هى الأمراض التى يحاول الإنسان تفادى أن تتمكن منه فينشغل بتفاصيلها وطرق الوقاية من المرض الذى قد يخشاه أكثر أو يكتشف أنه عرضة له نتيجة لتاريخ عائلى أو لوجود ما يمهد له لديه من عادات غذائية أو اجتماعية. الواقع أن التفكير المثالى يبدأ بمراجعة الإنسان أسلوب حياته الغذائى والاجتماعى. هناك بالطبع أنواع عديدة من برامج التغذية التى يلجأ إليها الإنسان لتحقيق أهداف معينة: إنقاص الوزن وربما برامج لمحاولة زيادة الوزن. برامج غذائية لأمراض معينة كالسكر والفشل الكلوى. برامج غذائية لدعم العضلات.. إلى ما لا نهاية. ولكن هل أتيح أن تراجع موقفك من التفاعلات الالتهابية التى تسرى فى جسدك مثل النار تحت الرماد.. يثبت العلم أن العديد من الأمراض الخطيرة إنما تبدأ بتفاعلات التهابية تبدو كالسهل الممتنع فى غفلة من الإنسان لينتهى بها الأمر إلى مفاجأته بأعراض قاسية ومضاعفات أشد خطورة تستنفد جهده وتضاعف قلقه. أمراض تصلب الشرايين: تبدأ بتفاعل التهابى بسيط داخل جدران الشرايين المهمة فى الجسم كالشرايين التاجية التى تغذى عضلة القلب أو شرايين المخ. سرعان ما تترسب عليها خلايا ميتة وذرات من الكالسيوم وحبيبات من الكولسيترول الردى لينتهى الأمر إلى بثرة تنفجز داخل الشريان محدثة الجلطة. الأمثلة كثيرة تلك التى تبدأ بتفاعلات التهابية لتنتهى بأمراض مزمنة تطال حرية الإنسان فى الحياة بالأسلوب الذى يتمناه لنفسه من حرية الحركة والانتقال والسفر والاستمتاع بالإجازات. كيف إذن نواجه الالتهاب قبل أن تستعر نيرانه؟ وضع العلم ما يعرف بالخطة (أ) أو Plan A تلك التى تعتمد على اختيار تلك الأنواع من ألوان الطعام التى تقاوم الالتهاب وتدعم الجسم بتوفير عناصر غذائية متعددة تقف كحجرات عثرة فى تكون الالتهابات أو تلك التفاعلات البيولوجية والكيمائية التى ينتج عنها الالتهابات المزمنة. ألوان الطعام فى تلك الخطة الغذائية من الطبيعى أن ينتج عنها بعض من تلك التوازنات الصحية أو بالفعل تدعمها كلها دون استثناء: الحفاظ على نسبة الجلوكوز فى الدم ثابتة نسبيا. تقليل نسبة الكولستيرول. إمداد الجسم بمضادات الأكسدة. دعم الجسم بالأحماض الدهنية أوميجا 3. الحفاظ على الباكتيريا الحميدة فى الأمعاء. تلك بلا شك نتائج ممتازة يمكن الحصول عليها بتناول تنويعات مختلفة من المواد الغذائية التى يمكن أن تشكل وصفات شهية تخلو من مخاطر. ما الذى تفضل تلك الخطة الغذائية تناوله من مضادات الالتهاب الطبيعية؟ التوازن هو العامل المهم فى تناول الفاكهة والخضراوات فبينما تحبذ الخطة (أ) تناولهما إلا أنها تنصح بألا تزيد نسبة الفواكه التى يزيد فيها السكر بينما تنصح بأن تتناول كل ما يمكنك أن تتناوله من خضراوات بدلا من أن تلجأ دائما لأربعة أو خمسة أصناف تعتاد تكرارها. ينصح أيضا بإضافة كل ما تجده من أصناف التوت لما تحتويه من مضادات أكسدة. الألياف تلك الخضراوات التى تحافظ على نسبة السكر فى الدم وتساهم فى خفض ضغط الدم ولا تزيد الوزن. عليك أن تأكل يوميا مالا يقل عن 600 جرام من الخضراوات والفاكهة فيها على الأقل 450 جراما من اللون الأخضر. أما الفاكهة فرغم دورها المهم فيجب ألا تتجاوز إلى الفاكهة عالية التركيز من السكر إذا إنها ترفع من ضغط الدم وقد تزيد من حدة التفاعلات الالتهابية. اختيارات الخطة (أ) من الخضراوات والفاكهة: الكرنب، القرنبيط، البصل، الاسبرجس (الهليون)، السبانخ، البروكلى، الباذنجان، الفلفل الألوان. الرمان، التفاح، الكريز، الكمثرى، التوت الأسود. من الأسماك: السلمون، الماكريل، الرنجة، السردين. فإذا لم تتوافر كأسماك يمكن تناول كبسولات من زيت كبد الحوت أو الأحماض الدهنية. الحبوب الكاملة هناك العديد الآن من المخبوزات التى يتم إعدادها من الحبوب الكاملة التى لها قدرات مدهشة على مقاومة التفاعلات الالتهابية: منها القمح والشعير والشوفان. يمكنك تناولها كمخبوزات أو السيريال فى الصباح. إضافة الحبوب الكاملة للزبادى فيها فائدة جمة لعمل البكتيريا الحميدة فى الأمعاء. منتجات الصويا متوافرة الآن فى بلادنا مثل التوفو، وشراب الصويا فى أشكاله المختلفة مع اللبن، فول الصويا مع حبوب الصويا فى صورتها الخضراء التى تشبه البسلة. الأعشاب والتوابل الكركم والقرفة، الثوم، الجنزبيل، الزعتر، عصير الليمون والأورجنو كلها توابل مفيدة للغاية لها قدرات متقاربة على مكافحة الالتهاب. الزيوت النباتية المفيدة هناك العديد من الزيوت الممحتوية على الحامض الدهنى ألفا لانولينك منها زيوت الأفوكادو وزيت الزيون والزيت الحار وزيت عين الجمل وزيت اللوز. يمكن استخدامها فى أنواع السلطات فإلى جانب الطعم والمذاق المميز فالفائدة بالفعل جمة. البروبيوتك الزبادى من أهم ما يمكن أن يتناوله الإنسان فإلى جانب محتواه من الكالسيوم إلا أنه الرصيد الطبيعى المتجدد لما تحتويه الأمعاء من بكتيريا حميدة. إضافة الحبوب الكاملة للزبادى تجعل منه بالفعل عاملا سحريا لمقاومة التفاعلات الالتهابية إلى جانب دعم باكتيريا الأمعاء فى عملها من تسهيل الهضم وإنتاج الفيتامينات. خطوة للخلف يجب أن ننتبه إليها: إذا قررت أن تتبع خطة (أ) لمكافحة التفاعلات الالتهابية والتى تقود إلى الالتهابات المزمنة عليك أن تتفادى تناول ألوان الطعام التى تفسد عليك خطتك: زيت عباد الشمس، زيت الذرة، زيت السمسم، زيت بذور العنب كلها للأسف تزيد التفاعلات الالتهابية لذا يجب إما تجنبها أو الاقلال منها قدر الإمكان. اللحوم الحمراء خاصة المختلطة بها الدهون. منتجات الألبان كاملة الدسم. كل اللحوم المصنعة بلا استثناء (اللانشون، السجق، هوت دوج، بسطرمة). العيش الأبيض والأرز المقشور. البطاطس خاصة المقلية. السكر والملح. أنواع الحلويات المختلفة التى يستخدم فيها السمن المهدرج والمحاليل السكرية. كل أنواع المشروبات الغازية المحلاة بالمحاليل السكرية. الأمراض المزمنة تبدأ بالتفاعلات الالتهابية. تلك حقيقة يعترف بها العلم الآن وهناك من الأدلة ما يؤكدها ويشير إليها بوضوح لا يقبل الشك. أمراض الصدفية، أمراض اللثة، النقرس، التهاب المفاصل المزمن، أعراض سوء الهضم، الاكزيما إلى آلام الدورة الشهرية القاسية كلها أمراض مزمنة تبدأ بتفاعلات التهابية تتفاقم حتى تصير أعراضا مزمنة. هناك أيضا العديد من الأمراض التى تبدأ بالتفاعلات الالتهابية وقد يساعد كثيرا أن ينتبه الإنسان إلى أهمية الاختيارات الغذائية التى قد تتدخل بكفاءة لتقلل من سرعة الإصابة بالمرض كعرض مزمن وربما أيضا كان لها دور فى تخفيف حدة مضاعفاته مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم وأمراض الحساسية. لذا يجب دائما التوقف لمراجعة ما نأكل علنا نهتدى لما قد يقينا شر الأمراض المزمنة ومضاعفاتها. أو على أقل تقدير المساهمة فى تقليل حدتها ويسر التعامل معها إذا دامت.