بعد قرابة 3 عقود على رحيله أبصرت (جائزة يحيى حقى للرواية) النور تخليدا لاسم أحد أبرز الكتاب المصريين الذين أثروا الأدب والدراما بمؤلفاتهم، الجائزة هى نتاج شراكة بين تحالف المصريين بأمريكا وكندا، وهى جمعية أهلية مسجلة فى الولاياتالمتحدة، وبين جمعية النهضة العلمية والثقافية (جزويت القاهرة) ويحصل الفائز بالمركز الأول على 150 ألف جنيه بينما يحصل الثانى على 70 ألفا. المنافسة على الجائزة كانت مفتوحة أمام الكتّاب المصريين دون الأربعين عاما، والذين يحق لهم فى الدورة الأولى التقدم بالمؤلفات الصادرة فى 2017 و2018 و2019 شريطة ألا تكون فازت بأى جوائز أدبية من قبل. وقال محمد أبوالغار، رئيس مجلس أمناء الجائزة، فى بيان: «اختار التحالف اسم يحيى حقى لكونه واحدا من أهم بُناء الأدب المصرى الحديث، وقد تم التواصل مع نجلته نهى حقى التى وافقت على الفور، وسوف تلقى كلمة باسم الأسرة فى حفل تسليم الجائزة»، وأضاف «يتحمل التحالف القيمة المالية للجائزة، على أن تستقبل الجزويت الأعمال المرشحة وإجراءات التحكيم، فضلا عن استضافة حفل إعلان وتسليم الجائزة فى إبريل». ويحيى حقى أحد أبرز فرسان القصة القصيرة، وروائى كبير، صاحب «قنديل أم هاشم»، و«أم العواجيز»، و«كناسة الدكان»، و«تراب الميرى»، و«امرأة مسكينة»، و«خليها على الله»، و«صح النوم»، وغيرها من روائع الأدب التى تحول بعضها إلى أعمال درامية تركت بصمة واضحة فى مسيرة وتاريخ الفن المصرى. ولد بحى السيدة زينب فى 7 يناير عام 1905، وهو الابن الثالث لأسرة متوسطة ترجع أصولها إلى جذور تركية، مؤمنة بالثقافة والتسامح. تلقى تعليمه الأول فى كٌتَاب السيدة زينب، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية لمدة 5 سنوات، أطلق عليها لقب «السنوات التعيسة»، وذلك بسبب رسوبه فيها، لكنه تدارك الأمر إرضاءً لوالدته، وتفوق بدراسته حتى حصل على شهادة «البكالوريا»، وكان ترتيبه ال40 من بين ال50 الأوائل على مجموع المتقدمين فى القطر كله، ولهذا فقد التحق بمدرسة الحقوق السلطانية العليا فى جامعة فؤاد الأول «القاهرة»، وكانت تمثل قمة التعليم العالى بمصر، وحصل منها على درجة الليسانس فى الحقوق، وكان ترتيبه ال14. عمل بعد تخرجه بالمحاماة فى القاهرة والإسكندرية 8 أشهر، التحق بعدها بوظيفة معاون إدارة لمدة عامين فى منفلوط بصعيد مصر، مما أكسبه معرفة كبيرة بالطبيعة الزراعية والريفية المصرية وأبنائها من الفلاحين، وبعدها انتقل إلى السلك الدبلوماسى، حيث عين أمينًا لمحفوظات القنصلية المصرية، ثم التحق بالقنصلية المصرية بإسطنبول، ثم قنصلية روما، وبعد إعلان الحرب العالمية الثانية عاد إلى القاهرة ليعمل موظفًا ساميًا فى وزارة الخارجية المصرية، لكنه أقيل من العمل الدبلوماسى بعد زواجه من سيدة أجنبية. قضى يحيى حقى سنوات عمله بالسلك الدبلوماسى فى القراءة والمعرفة والتعرف على الثقافات المختلفة فى البلاد التى زارها، وكان متأثرًا بالأدب الروسى، وبالكاتب الأمريكى إدجار آلان بو، ثم نشر أول قصصه فى جريدة الفجرعام 1927، ثم واصل نشر قصصة بصحف «المساء»، و«السياسة»، و«البلاغ»، ولفتت قصته «البوسطجي» التى نشرت فى «المجلة الجديدة» انتباه النقاد له، وقد أكد موهبته فى «قنديل أم هاشم» عام 1944، ليصبح من أعلام الأدب العربى، بأعماله التى استطاع فيها الاقتراب بالعامية المصرية إلى مستوى الفصحى، وقد تميزت كتاباته برائحة عطر تراب مصر، وغيب الموت عن عالمنا الأديب يحيى حقى فى صباح يوم الأربعاء الموافق 9 ديسمبر عام 1992.