المفتي والأزهري والمسلماني يشاركون محافظة الإسماعيلية الاحتفال بعيدها القومي (فيديو وصور)    المنصورة تتصدر الجامعات المصرية في تصنيف التايمز العالمي 2026 لمؤشر البعد الدولي    تداول 48 ألف طن و928 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    قطع المياه عن مركز ومدينة منية النصر بالدقهلية 4 ساعات غدا لأعمال التطهير    تخفيضات جديدة على سيارات ام جى الصينية فى مصر خلال أكتوبر 2025    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 اكتوبر 2025    السياحة والآثار تشارك فى معرض TTG Travel Experience 2025 بإيطاليا    إسرائيل تحدد أسماء 250 أسيرا فلسطينيا للإفراج عنهم وفق اتفاق شرم الشيخ    شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف يعزون المهندس إبراهيم محلب فى وفاة شقيقته    فرنسا: اتفاق شرم الشيخ خطوة تاريخية ونجاحه يجعله مشروعا للسلام الدائم    غياب المدير الرياضي للأهلي عن مؤتمر تقديم ياس سوروب المدير الفني الجديد    تعرف على موعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر وغينيا بيساو فى تصفيات كأس العالم    خالد مرتجي وطارق قنديل يزوران حسن شحاتة للاطمئنان على صحته    هالاند لاعب شهر سبتمبر في الدوري الإنجليزي    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو تهديد المارة بسلاح أبيض في القاهرة    حبس قاتل تاجر العسل بالغربية على ذمه التحقيق    لهو الأطفال يتحول إلى مشاجرة دامية في البحيرة.. وضبط الطرفين    محافظ الجيزة يوجه بحصر وترقيم مركبات التوك توك لضبط المنظومة    "مصر جميلة" برنامج يفتح نوافذ الإبداع أمام شباب الوادي الجديد (فيديو)    مراسل القاهرة الإخبارية يرصد مشاهد مؤثرة من عودة النازحين لمدينة غزة.. فيديو    خلال 9 أيام عرض.. إيرادات فيلم «فيها إيه يعني» تتجاوز ال30 مليون جنيه    فرنسا: العنانى قاد بحملته الدقيقة تحديد رؤية دولية لدور يونسكو والإصلاحات اللازمة    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    بعد انتهاء الصيانة، استئناف العمل بوحدة مناظير الجهاز الهضمي بمستشفى ميت غمر العام    اليونيسيف تحث على تدفق المساعدات إلى غزة    9 خطوات لحماية «الراوتر» من الاختراق    الموسم السابع والأخير من "المؤسس عثمان" ينطلق أكتوبر 2025    «قلبي قالي».. ياس سوروب يتحدث عن سبب اختياره تدريب الأهلي    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    الثنائي المحترف الملاح وحسنين ينضمان إلى معسكر منتخب مصر 2007    بمشاركة 22 جامعة مصرية حكومية وخاصة.. اختتام برنامج محاكاة قمة المناخ COP30    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    هيبتا 2 يحتل المركز الثاني في شباك التذاكر وإيراداته في يومين تصل إلى 7 ملايين و365 ألف جنيه    إصابة 9 أشخاص وأضرار واسعة بأنحاء كييف بسبب غارات روسية    معاريف: نتنياهو يسعى لاستثمار زخم اتفاق وقف النار لتقديم موعد الانتخابات    في مؤتمر القاهرة.. وزراء الزراعة الأفارقة يتبنون خارطة طريق قارية للاكتفاء الذاتي من الأرز وتطوير آليات تمويل صغار المزارعين    الصحة: الكشف الطبي على 3521 مرشحا لانتخابات مجلس النواب بجميع المحافظات    مطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    «الخريف موسم العدوى».. كيف تحمي نفسك من الفيروسات الهوائية؟ (فيديو)    "إدارة الصراع والضغوط والقلق النفسي" ندوة توعوية لجامعة قناة السويس بمدرسة أم الأبطال    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    إعلام إسرائيلى: الحكومة ستجرى تصويتا هاتفيا على استبدال أسماء 10 أسرى فلسطينيين    قرارات جمهورية مهمة وتكليفات قوية ورسائل نصر أكتوبر تتصدر نشاط السيسي الأسبوعي    الداخلية تكشف حقيقة صور تعاطي المخدرات والتحرش بالفتيات في الدقهلية    لليوم الثالث.. لجان تلقي أوراق انتخابات مجلس النواب تستقبل طالبي الترشح    إقبال ملحوظ في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية ببنها    قرار جديد من الوطنية للانتخابات بشأن شروط ممثل القائمة الانتخابية    المغرب تضرب موعدا مع الولايات المتحدة فى ربع نهائى مونديال الشباب.. فيديو    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    طولان يقرر عودة ثنائي منتخب مصر الثاني إلى القاهرة بعد تعرضهما للإصابة    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    خوفاً من السنوار.. لماذا صوت بن جفير ضد قرار انتهاء الحرب في غزة؟    أهم 30 دقيقة أعقبت إعلان إنهاء الحرب.. لماذا تأخر القرار حتى منتصف الليل؟    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل نعوم يكتب: اتمهرج
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 02 - 2021

يوم الجمعة 29 يناير الماضى، وفى الثامنة مساء، وعبر شبكات الإنترنت، كان من الممكن ولمرة واحدة، مشاهدة العرض الغنائى الراقص اتمهرج «Itmahrag»، من تصميم مصمم الرقص الفرنسى العالمى أوليفييه ديبوا. واعتمد العرض على تراث المهرجانات الشعبية التى نبعت فى الأحياء الشعبية فى مصر على يد شباب تقوم أغانيهم (المهرجانات) على مزيج من «الراب» المحلى القائم على كلمات مستعملة يوميا، وخليط من الموسيقى الإلكترونية مع إيقاعات من موسيقى الرقص الشرقى أو حتى دقات الزار. وقد انتشرت هذه الفرق الشابة فى الكثير من الأحياء الشعبية لإحياء حفلات الزفاف كوسيلة للترفيه معقولة التكاليف، وقد احتفل بها الكثير من الجماهير الشعبية وانتشرت عبر وسائل البث المتعددة، وأصبح لها نجوم ونجمات على شهرة كبيرة، بالرغم من اعتراض وتأفف جزء آخر من المجتمع، وخاصة المتمسكين فقط بتراث الماضى العريق من الغناء المصرى لأم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش وغيرهم، والذين قرروا عدم الاعتراف بهذا النوع الجديد الشاب من الموسيقى، بل اتهامها بالانحطاط وتخريب الذوق والحس الموسيقى الراقى. وكان ذلك أحيانا لغرابة أداء هؤلاء الشباب، وأصولهم الشعبية البعيدة كل البعد عن الأوساط الاجتماعية الأكثر رخاء أو تعليما أو تعاليا. كما أن أسماء بعض هؤلاء الفنانين صدمت هذه الفئة من المجتمع (الراقى) بأسمائهم كشاكوش، ومن قبل أوكا وأورتيجا ووزة، كما فى الفيلم التسجيلى الرائع «اللى يحب ربنا يرفع إيده لفوق» 2013 للمخرجة المبدعة سلمى الطرزى.
وفى الفيلم يقول أوكا، وأورتيجا إنهما يغنيان للطبقات الشعبية (الفقيرة واللى أقل من الفقر)، والكلام المستعمل هو كلام كل يوم العادى والمستعمل، ولكن للأسف تعتبره الإذاعة «فن درجة تانية». وحسب قول «وزة» إن أغانيهم تماثل الراب فى الخارج والذى له جذور شعبية ونبع فى وسط الطبقات الفقيرة. ومن المعروف أن فى تلك الفترة ومع بداية انتشار هذا النوع من الغناء الشعبى، لاقى مهرجان «هاتى بوسة يا بت» نجاحا شعبيا ومحليا، وبالطبع استمعت إليه ورقصت الطبقات العليا ولكن على حياء وأحيانا فى السر.
وبالعودة إلى ذلك العرض (اتمهرج)، قد تبدو الكلمة وكأنها فى صيغة الأمر من المصدر مهرجان، وإن كانت هنا لا تعنى بالضرورة صيغة الأمر اللازم تنفيذه، بقدر اقتراح الفعل المحبب القيام به. وكلمة مهرجان وهى كلمة فارسية مركبة من كلمتين: الأولى مِهْر، ومن معانيها الشمس والوفاء، والثانية، جان، ومن معانيها الحياة أو الروح. والمقصود بها احتفال عظيم بعيد أو ذكرى. والفعل اتمهرج هنا يعنى ادخل فى عالم المهرجانات أو قم بها أو اقبلها.
هذا هو عنوان العرض الذى كان من الممكن مشاهدته لليلة مجانا فى التليفزيون وهو من ضمن جولة فى الأشهر القادمة بمسارح متعددة فى أنحاء فرنسا (بالطبع مع اعتبارات الحظر المعمول بها حاليا)، منها مثلا مسرح شايو الوطنى المتخصص فى الرقص فى باريس، والمطل على برج إيفيل، والمعتبر من أهم مسارح الرقص فى العالم.
وفى هذا العرض ينتقل بنا أوليفييه ديبوا إلى جو بعض الشوارع الخلفية بموسيقاها وجوها الخاص، عبر رقص هؤلاء الشباب المملوء بالحيوية والمشتعل بالطاقة، وأغنية المهرجان التى أُعدت خصيصا لهذا العرض، والتى وضع موسيقاها الموسيقى الفرنسى فرنسوا كوفين، والمصرى على الكابتن. وقام بالرقص على عبدالفتاح، محمد قادر، مصطفى جمى ومحمد توتو، وبالغناء أو الإنشاد كل من على الكابتن، إبراهيم إكس وشبرا الجنرال. وفى نهاية العرض بإمكاننا تخيل الطاقة الإيجابية وغير المسبوقة للشباب المصرى الذين قاموا بثورة 25 يناير، والشباب هنا ليس بمقياس العمر ولكن بمقياس الرغبة فى حلم «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»؛ حيث نرى المسرح وقد تحول إلى كتلة من اللهب والدخان والضباب فى جو بالغ النجاح على يد مدير الإضاءة البارع إيمانويل جارى. ومما يذكر أن إلى جانب العديد من الهيئات الثقافية والفنية الدولية التى ساهمت فى إنتاج هذا العمل الضخم، نجد معهد العالم العربى فى باريس وبالطبع مركز بساريا للفنون والثقافة بالإسكندرية.
وللقارئ الذى قد يتساءل كيف أجرؤ أنا من كتب من قبل عن فيلب جلاس وأخناتون وفردى وماتيس أن أتعرض لمثل هذه الظاهرة المسماة بالمهرجانات، والتى تظل إلى الآن محسوبة على الفن الهابط، أود أن أذكر هذا القارئ أن تنوع الرؤيا واتساع القبول لأنواع متعددة من الفنون هو إثراء لمفهوم الثقافة والفن، ولنتذكر أن فى أثناء الحكم النازى كانت هناك قائمة بأسماء العديد من الفنانين الذين اعتبروا وقتها من منتجى الفن الهابط أو السيئ أو المنحط، وكان ذلك بناء على اعتبار وجهة نظر هتلر نفسه، وكان منهم كاندينسكى، كوكوشكا، أوتو ديكس، ماكس أرنست وموهولى ناجى، والذين تحتفل الآن أهم متاحف العالم بعرض أعمالهم.
وإذا أيضا رجعنا إلى بعض أنواع الغناء والرقص الشعبى الذى لاقى فى أول الأمر الكثير من الاعتراض من الطبقات العليا، وهو الفلامينكو الذى ارتبط فى أول الأمر بالغجر، الأسفل ترتيبا فى الطبقة الاجتماعية فى إسبانيا. وكما المهرجانات، وُلدت فنون الفلامينكو من غنائيات تتميز بالحزن، وكتعبير عن الظلم الاجتماعى ومشاق الحياة والبؤس، والذى ترجع بعض المصادر اسمه إلى «فلاح منهم، أو فلاح منكوب». ولا يمكن أن نغفل عن تأثير الموسيقى العربية الشعبية والرقصات الأندلسية على الفلامنكو والذى يرفع الآن رأس إسبانيا عاليا فى سماء الموسيقى والأداء الحركى؛ حيث أصبحت عروض الفلامنكو مطلوبة فى أنحاء العالم. وقد ألهم فن الفلامنكو الشاعر السورى الكبير نزار قبانى فى قصيدته بقايا العرب المستوحاة من رقصة الفلامنكو التى تعيده إلى أزمنة قديمة فيها كان أجداده يقيمون للسعادة مملكة للفرح:
فلامنكو
فلامنكو
وتستيقظ الحانة الغافية
على قهقهات صنوج الخشب
وبحة صوت حزين
يسيل كنافورة من ذهب
وأجلس فى زاوية
ألم دموعى
ألم بقايا العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.