في صباح أحد أيام شهر نوفمبر الماضي في العاصمة الأفغانية كابول، سمعت هيلا أشنا أثناء تواجدها في أحد قاعات الدراسة بجامعة كابول صوت طلقات نارية، عندئذ صاح الأستاذ المحاضر قائلا: "أنبطحوا أرضا!.. لا ترفعوا رؤوسكم!". وفجأة.. دخل رجل مدجج بالسلاح القاعة، وفتح النار على العشرات من الطلاب قبل أن يهرول لإطلاق النار على أخرين في القاعة المجاورة. وقالت أشنا، وهي تتذكر ما حدث وتصف أسوأ تجربة مرت بها في حياتها: "حاول أحد زملائنا الهروب.. عاد المهاجم وفتح النيران على الجميع وألقى قنبلة يدوية". وقد قتل 14 من زملائها في هذا الهجوم. وأصيب سبعة أخرون بينهم الأستاذ المحاضر، ولكن أشنا نجت بأعجوبة دون أن تتعرض لإصابة، لقد قامت بالاختباء تحت الكراسي وأجساد زملائها. وقالت قبل أن تملأ الدموع عينيها: "زملائي كانوا في وضع سيئ للغاية". وتشعر أشنا، منذ ذلك الحين باحساس "مروع" في كل مرة تدخل فيها الجامعة، على الرغم من أنه ليس لديها خيار سوى استكمال دراستها. ويعد الهجوم الإرهابي الذي وقع في جامعة كابول مطلع نوفمبر الماضي أحد أعنف الهجمات التي تقع في أفغانستان المضطربة العام الماضي. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الذي يزداد نشاطه في أفغانستان بجانب حركة طالبان، مسؤوليته عن مقتل 22 شخصًا بينهم 18 طالبًا. وقد هرب مئات آخرون من الحرم الجامعي، معظمهم عن طريق تسلق الأسوار المسيجة، قبل أن تتمكن قوات النخبة الأفغانية من قتل المهاجمين. وأعلنت أفغانستان اليوم التالي يوم حداد عام. واليوم، يواجه الناجون من الهجوم وضعا غامضا. فعلى الرغم من بدء مباحثات السلام بين الحكومة المدعومة دوليا في كابول وحركة طالبان، ما زال الصراع مستمرا. وبالإضافة إلى الهجمات التي تستهدف القوات المسلحة، تتعرض أفغانستان لموجة جديدة من التفجيرات وحوادث الاغتيال، خاصة في العاصمة كابول. ويساورأشنا "22 عامًا" التي بلغت هذا العمر في ظل الحرب الشك إزاء عملية السلام. وتقول: "لنرى ما إذا كانت المباحثات سوف تحقق نتيجة أم لا". ويشار إلى أن أفغانستان، تشهد صراعًا منذ أكثر من أربعة عقود. وتواصل حركة طالبان رفضها لوقف إطلاق النار، حيث تخشى من أنه في حالة قبوله، سوف يفقد مقاتلوها روحهم المعنوية، وأهم سلاح لديهم وهو التهديد بالعنف. وقد نجا جاليل أميري وسودابا أدينا من الهجوم، ولكن لقى اثنان من زملائهما في الهجوم. ويقول أميري "21 عامًا"، الذي نجا يوم الهجوم من خلال القفز من نافذة يجب أن تركز مباحثات السلام على الحفاظ على الديمقراطية. وأضاف: "مثل جميع الشباب، أشعر بالقلق بشأن المستقبل لأن قواعد طالبان تمنعنا من التقدم"، موضحا: "هم لا يسمحون لنا بتحقيق أحلامنا". ويذكر أن حركة طالبان، حكمت أغلبية أفغانستان في الفترة من 1996 حتى 2001. ولم يسمح للنساء بالعمل أو الدراسة في ظل النظام المتشدد. كما كانت هناك عقوبات صارمة بحق من يستمع للموسيقى أو يشاهد الأفلام، كما حرم الكثيرون من حقوقهم الأساسية حتى وقوع الغزو الأمريكي لأفغانستان الذي أطاح بنظام طالبان. وتعتزم أدينا "21 عامًا" الدراسة من أجل الحصول على درجة الماجستير في القريب العاجل. ومثل الكثير من الشابات في كابول، واجهت صعوبات من أجل أن تشق طريقها. وتقول أدينا: "لا أريد أن أبيع حريتي مقابل أي ثمن أو بسبب أي شخص"، مضيفة: "لقد ناضلنا نضالا شاقا في حقيقة الأمر لنتمكن من دخول الجامعة". ويقول الناجون، إن الهجوم على جامعتهم كان هجوما يستهدف جيلا جديدا يتطلع للتعليم والمعرفة. ولكن سلسلة الهجمات الارهابية الاخيرة المستهدفة تركت بصماتها. وتريد أدينا الاستمرار في الدراسة، ولكن تجد صعوبة في تخيل مستقبل لنفسها في أفغانستان. وتقول: "لا أعرف شيئا بشأن أمنياتي لأننا لا نعرف شيئا عن المستقبل.. ولا نعرف ما إذا كنا سوف نبقى أحياء".