نقيب الصحفيين يكشف خطوات النقابة لحذف المادة 12 من قانون الصحافة    "القومي لحقوق الإنسان" يكرم أبطال مسلسل لام شمسية    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد رسامة وتنصيب القس ملاك صدقي راعيًا لكنيسة داقوف    سعر الذهب اليوم السبت 31-5-2025 وعيار 21 الآن بعد انخفاضه (آخر تحديث)    أستاذ استشعار عن بعد: العاصفة الثلجية في الإسكندرية لن تكون الأولى وسنشاهدها كثيرًا الفترة المقبلة    ويتكوف: رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار «غير مقبول على الإطلاق»    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    منافس الأهلي.. بورتو يفوز على الوداد بهدف دون رد استعدادًا للمونديال    مدرب الزمالك: حققنا مكاسب عديدة من لقاء فاركو.. وجاهزون لموقعة نهائي الكأس    تفاصيل مأساة 3 ضحايا حاصرتهم النيران في عاصفة بالإسكندرية| صور    "الاقتصادية" تقضي بالحبس والغرامة للمتهمين بتعمد ازعاج ريهام سعيد    «سيبتك»| أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    "قومي حقوق الإنسان" يكرم أبطال "ولاد الشمس": دراما جريئة تنحاز للمُهمّشين    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    وزير الصحة: الاحتياطي الاستراتيجي من الدواء يكفي 3 أشهر.. والعلاج أمن قومي    وزير الصحة يتفقد أحدث غرف العمليات «الكبسولة» والأولى في مطروح بمستشفى العلمين النموذجي    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    وزارة الصحة تعلن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحى المبارك وموسم الاجازات الصيفية بجميع المحافظات    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    تجربته الأولى.. جون هيتينجا مدربا ل أياكس    ماركا: رودريجو أبلغ ريال مدريد برغبته في الاستمرار    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    محمد الريفي عن طليقته: ربنا يكرمها ويكرمني.. ومستحيل أتكلم عن الماضي    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    «كنت سندي في مواقف كتير».. نجم الأهلي يودع معلول برسائل مؤثرة    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطبل الأجوف
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 11 - 2009

بعد أن قيل كل ما يمكن أن يقال من حجج اعتذارية فى تبرير الأخطاء الفادحة التى وقعت فى أزمة الجزائر الكروية مع مصر، وتكشفت كثير من الأضاليل الإعلامية والتصريحات العنترية التى تبارى فى إطلاقها المسئولون فى مصر من ناحية، وأبواق الكذب والغوغائية فى الجزائر من ناحية أخرى، ووجدت الفضائيات وبعض أنواع رديئة من الصحف الفرصة السانحة لممارسة أكبر قدر من الإثارة والتمويه.. ربما يكون قد عاد الآن للأغلبية الذين تحركهم الانفعالات والفهم الخاطئ لمعنى الوطنية والانتماء، ما أهدرته من عقل وبعد نظر.. حتى لتقرأ ماروته إعلامية لامعة، أرادت أن تزرع فى قلب ابنها الصغير حب الوطن، فاصطحبته معها فى «نزهة» الخرطوم لتشجيع الفريق القومى، فلم تجد غير الحسرة وخيبة الأمل.. جراء سوء التنظيم والتخطيط. والوقوع ضحية السذاجة وضعف الحيلة من جانب المسئولين المصريين. والوهم الخاطئ بأن المصريين معصومون من الإساءة والتهجم من جانب أشقائهم الآخرين فى العروبة.
لقد قيل كل ما يمكن أن يقال فى وصف مشاعر المعاناة، تحت وطأة الملاحقة والمطاردة التى تعرض لها المصريون فى شوارع الخرطوم بعد انتهاء المباراة وفوز الجزائر، وكيف انهال المشجعون الجزائريون بأسلحتهم البيضاء على كل من صادفوه من المصريين، انتقاما لما قيل من سوء معاملة الفريق الجزائرى فى مصر. وكان طبيعيا أن تتباين مواقف السودانيين.. فلم يعد أحد يعرف فى عالمنا العربى أيهم أقرب إليه وأكثر تعاطفا، وسط دوامة الخلافات والمنازعات والانقسامات التى تجتاح العالم العربى. كما أن الاعتماد على ما كان لمصر من رصيد ومكانة ودور بين العرب، لم يعد مما يحسب حسابه، فى ظل التحولات التى جدت على الموقف العربى برمته، وتراجع مفاهيم الوحدة والتضامن، وبعد أن أصبحت أساليب المعايرة والادعاء وإثارة النعرات والتفاخر الكاذب، هى اللغة السائدة بين الشعوب العربية.
وفى مثل هذه الأزمات التى تتوالد نتيجة اختلاف الطبائع والأمزجة والثقافات، أو نتيجة رواسب قديمة فى العلاقات بين الشعوب، ولأسباب تبدو مع شىء من التأمل بالغة التفاهة.. كأن يكون التنافس أو التناحر من أجل الفوز بالبطولة فى «ماتش كورة» أو الحصول على منصب أو موقع مرموق، فإن النخبة سواء كانت ممثلة فى قيادات الدولة أو فى مثقفيها وأحزابها، لا ينبغى أن تترك للغوغائية وغرائز القطيع أن تحدد مصير العلاقات بين الدول والشعوب، فإذا وصلت الأمور إلى حد القطيعة أو المقاطعة وإثارة الكراهية، أو لدرجة صدام مسلح كما حدث بين السلفادور وهندوراس، فأنت بإزاء دول وأنظمة متخلفة، فشلت فى قيادة شعوبها وانساقت وراء الدهماء، وفى كثير من الحالات التى اندلعت فيها أعمال الشغب إثر مباريات كرة القدم فى أوروبا، سرعان ما تدخلت الدولة لكبح ثورة الغضب والإحباط التى عادة ما تقود إلى التدمير والتخريب.
وهنا تجدر الإشارة إلى الخطأ الجسيم الذى يسقط فىه كثير من قادة الرأى وبعض السياسيين، الذين يخلطون بين مفهوم الوطنية والانتماء وبين التحيز للفريق القومى فى مباراة للكرة وتمنى الفوز له. فالوطنية أو شعور الانتماء وحب الوطن، لا تعنى بالضرورة الانتصار لفريق الكرة بالحق أو الباطل.. بل إن التعصب الأعمى فى هذه الحالة، يكون بديلا عن حب الوطن، وتعويضا عن شعور عميق بأن المواطن لا يأخذ حقوقه، ولهذا السبب لم تأبه الدولة كثيرا لتوفير الحماية اللازمة لعدة ألوف من المشجعين الذين أرسلتهم بالطائرات إلى الخرطوم، وكانت كل الدلائل تشير إلى أن الخرطوم سوف تشهد ثأر الجزائريين الذى أعدوا العدة لكمين دولى انساق إليه المصريون بمنتهى البلاهة!
وفى الحديث الذى أدلى به السفير المصرى فى الخرطوم ل«المصرى اليوم» دلائل كافية على ضرورة محاكمة المسئولين فى القاهرة الذين كانوا على علم بما يجرى فى الخرطوم من استعدادات لاصطياد المصريين، ومع ذلك وضعوا أيديهم فى ماء بارد دون اكتراث بالنتائج، ظنا منهم أن إلقاء اللوم كله على الجزائريين شعبا وحكومة سوف يعفيهم من الحساب.
ولهذا السبب، جاءت نغمة التحريض والتهديد والوعيد على لسان جمال وعلاء مبارك، مثل طبل أجوف.. لأن التهديد بالانتقام من الجزائريين بحجة أن مصر دولة كبيرة، ولن تسكت على ما وقع من إساءة لها، ليس هو الأسلوب الأمثل فى الرد على عدوانية الغوغاء الجزائريين. وزاد وزير الإعلام المصرى الذى قاد حملة الدعاية والهجوم ضد الجزائر، فأعلن أنها اتخذت موقفا عدائيا من مصر.. حتى قبل المباراة المشئومة. وتوعد بقطع العلاقات الثقافية والفنية والسينمائية.. وهذه كلها تخبطات سياسية، لأن مصر لا تحتكر هذه العلاقات ولا تنفرد بها.
بل إن موجة التخبط طالت دولا عربية وإسلامية أخرى، اتهمت فيها قطر وإيران بأنهما وراء أحداث الكرة، للاستحواذ على الاستثمارات المصرية فى الجزائر. وهو كلام لا يصدقه عقل. بل يضاعف من عوامل التهييج والتأجيج التى تزيد من حدة الصراعات الإقليمية.. ولن يعيد لمصر كرامتها فى كل الأحوال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.