في الوقت الذي يبدأ فيه العالم في الاستعداد لانتقال جو بايدن إلى البيت الأبيض، يتحرك عدد قليل من القادة، مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بسرعة لأن الشواهد تشير إلى أنه من المتوقع أن يكون التعامل مع الأوضاع في السنوات الأربع المقبلة أكثر صعوبة من السابقة. وذكرت وكالة "بلومبرج" للأنباء، في تقرير لها حول ما تتوقعه تركيا في المستقبل في عهد بايدن، أن الرئيس التركي ومستشاروه على دراية تامة بشخصية نائب الرئيس الأمريكي السابق، لكن هذا ليس بالضرورة ميزة بالنظر إلى العقوبات الأمريكية الجاهزة ضد تركيا وحال دون فرضها حتى الآن رونالد ترامب فقط. وعندما غادر بايدن منصبه في عام 2017، كان قد أشرف على انهيار في العلاقات مع تركيا من الشراكة الوثيقة إلى انعدام الثقة المتبادل. ووصف بايدن في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، نُشرت في شهر يناير، أردوغان بأنه شخص "مستبد"، وقال إن "الولاياتالمتحدة يجب أن تدعم المعارضين للإطاحة به في صندوق الاقتراع"، مضيفا: "يتعين عليه أن يدفع الثمن". وقد يكون هذا الثمن باهظا، فبالإضافة إلى التهديد بفرض عقوبات، فمن المحتمل أن يتم فرض عقوبات شديدة على بنك تركي حكومي، كما أن هناك أيضا خلافات لم يتم حلها حول وضع المقاتلين الأكراد في سوريا، والمطالب البحرية التركية في البحر الأبيض المتوسط ومناطق أخرى فيما يتعلق بعمليات التنقيب عن الغاز والنفط. وتضيف "بلومبرج" أن القلق بشأن ما قد يحدث لاحقا قد يساعد في تفسير قرار الزعيم التركي بتهنئة بايدن وقبول فوزه على النقيض من الزعماء الأقوياء الآخرين الذين استفادوا من ولاية ترامب، مثل البرازيلي جاير بولسونارو أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقبل قمة الفيديو الافتراضية لمجموعة العشرين يومي السبت والأحد الماضيين، تحدث أردوغان في مكالمة هاتفية مع المضيف السعودي الملك سلمان، وأثار كلا البلدين غضب مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن ولكنهما حظيا بالحماية من جانب ترامب. وفي خطاب ألقاه يوم السبت الماضي "21 نوفمبر"، رفض أردوغان الفكرة التي مفادها أن صداقة تركيا الأخيرة مع روسيا كانت "بديلاً لعلاقاتنا الراسخة منذ فترة طويلة مع أمريكا"، وفي اليوم التالي، دعا إلى تعاون أوثق مع أوروبا التي في خصومة معه منذ عدة أشهر. وقال داميان مورفي، مستشار الشؤون التركية للعضو الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب مينينديز، إن أردوغان استطاع أن يفعل ما يحلو له على مدار أربع سنوات "أساسا لأنه كان له صديق في البيت الأبيض". وأضاف "من المؤكد أن كل هذا سيتغير من وجهة نظر الولاياتالمتحدة، عندما يكون لديك إدارة تسلك نهجا يتسم بقدر أكبر من المسؤولية تجاه المنطقة وتجاه أردوغان. ويبدو أن أردوغان يعد العدة للأسوأ، فقد وافق البرلمان التركي يوم الخميس الماضي -التاسع عشر من الشهر الجاري- على تشريع يعيد إلى تركيا شركات الطاقة والتعدين التركية التي تم تأسيسها في الخارج، ووصف مسؤول بوزارة الطاقة التركية هذه الخطوة بأنها احترازية تحسبا لاحتمال فرض عقوبات. ويخضع قرار أردوغان الخاص بشراء منظومات الدفاع الجوي الصاروخية روسية الصنع إس 400 في عام 2019، لعقوبات تبناها الكونجرس الأمريكي. وقال جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، إن ترامب "لا يريد معاقبة تركيا وهذا واضح تمامًا"، مضيفا أنه يقبل حجة أردوغان بأن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما منع تركيا من شراء صواريخ باتريوت، ولذا لم يكن أمامه خيار سوى شراء إس -400 ، وهذا هراء". وبايدن، الذي كان نائبا للرئيس أوباما في وقت المحادثات الخاصة بمنظومة باتريوت، من غير المحتمل أن يتبنى هذا الخط، وهناك تعديل يشق طريقه في الكونجرس من شأنه على أي حال أن يجبر الرئيس على اختيار ما لا يقل عن خمس عقوبات لفرضها على تركيا من قائمة تضم 12 عقوبة. وتتراوح الخيارات من رمزية إلى استبعاد الكيانات الخاضعة للعقوبات من جميع المعاملات المالية بموجب السلطة القضائية الأمريكية، مما يصيب هذه الكيانات بالشلل. ثم هناك دعوى قضائية ضد بنك خلق التركي المملوك للدولة، الذي وجهت إليه في العام الماضي اتهامات تتعلق بما تردد أنه احتيال وغسل أموال بما يصل إلى 20 مليار دولار بهدف مساعدة إيران على التهرب من عقوبات أمريكية، وفي يونيو، أجبر ترامب المدعي العام الرئيسي في القضية على الاستقالة. ونفى بنك خلق هذه الاتهامات وسوف تنظر القضية أمام المحكمة في شهر مارس المقبل، أي بعد مرور شهرين على تنصيب بايدن. وذكرت بلومبرج أن المسؤولين الأتراك يقولون إنهم يرون في سوريا أهم تحد محتمل لبايدن، الذي قال خلال الحملة الانتخابية إنه يفضل إبقاء القوات الخاصة الأمريكية هناك، كان ترامب قد سحب بعضها في عام 2019 وفسح المجال للقوات التركية لتطهير المناطق الحدودية من المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين، لكنهم حلفاء للولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم داعش. ولا يلوح في الأفق حل واضح لبعض الخلافات الأمريكية التركية، وربما تكون هناك حدود للمدى الذي يمكن أن يصل إليه أردوغان في تقديم التنازلات، حتى لو أراد الإقدام على هذه الخطوة، وتعتمد حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على ائتلاف مع حزب الحركة القومية القومي، الذي من المرجح أن يقاوم تقديم أي تنازلات للولايات المتحدة. وقال دولت باهتشلي، زعيم حزب الحركة القومية في خطاب ألقاه مؤخرًا: "لا نؤيد بايدن ولا نحب ترامب"، مضيفا: "نحن ننتظر مستعدين، في حالة من الحذر والشكوك".