القرية تنتج 90% من الكتان وتعانى من وقف التصدير بسبب جائحة كورونا.. والمراعين ؟؟؟؟وأصحاب المصانع: 5 آلاف عامل يعانون بسبب الخسائر الفادحة أصحاب المصانع: يستخدم فى صناعة الأقمشة والبنكنوت وكان يستخدمه المصريون القدماء لحفظ المومياوات بعد إتمام عملية التحنيط.. ويطالبون الحكومة بتوفير المعدات والآلات لتحويله إلى أقمشة لتوفير العملة الصعبة الكتان حرفة وصنعة لا يتقنها إلا من يعرف أسرارها ويغوص فى أعماقها زراعة وتصنيعا وتصديرا، ليبقى الكتان من المحاصيل القليلة التى يتم تصديرها من مصر إلى أكثر من 10 دول أوروبية، بخلاف المنتجات التى يتم استخراجها من بذرة الكتان وتستخدم فى العديد من الصناعات، وتنتج قرية شبراملس التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية ما يقرب من 90% من الكتان فى مصر، ويعمل فى هذا المجال ما يزيد عن 5 آلاف منتج ومزارع ومصنع. الكثيرون من أهالى هذه القرية لا يعرفون غير صناعة الكتان، فهى مهنة توارثوها أبا عن جد، ورغم ضعف الإمكانات، إلا أنهم نجحوا فى جعلها إحدى قلاع الصناعة فى الشرق الأوسط، وبوابة العبور إلى الأسواق الأوروبية، ورغم ذلك يعانى العاملون فى هذا المجال من خسائر كبيرة يتعرضون لها بسبب وقف تصدير منتجاتهم بسبب جائحة كورونا. وللكتان المصرى استخدامات لا حصر لها منذ زراعته على يد الفراعنة قبل آلاف السنين؛ حيث استعان القدماء المصريون بمنتجات الكتان فى الكثير من الاستخدامات التى لم تقتصر على الملابس فقط، وإنما استخدموه أيضا فى صناعة حبال من الكتان، لرفع كتل الصخر التى أقاموا بها مبانيهم. وبذلك كانت الأشرطة التى تلف حول مومياوات الفراعنة المصنوعة من الكتان لحفظ المومياوات بعد إتمام عملية التحنيط التى اشتهر بها المصريون فى ذلك الوقت وما زالت سرا حتى الآن. يروى أهالى قرية شبراملس التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية، حكايتهم مع زراعة وصناعة الكتان، وتحدث محمد عن مراحل زراعة وتصنيع الكتان، وقال تتم الزراعة فى شهرى أكتوبر ونوفمبر، ويتم متابعته ورعايته بشكل متقن حتى موسم الحصاد أو «التمليخ» كما يطلقون علية فى مارس، ثم يبدأ بعد ذلك تجميع أعواد الكتان ونقله إلى المصانع للبدء فى مرحلة التصنيع؛ حيث يتم «تشوين» الكتان ثم دهسه بالجرارات الزراعية حتى يتم فصل البذور عن الأعواد، وتسمى هذه المرحلة ب«الهدير»؛ حيث تجمع البذور فيما بعد لتدخل فى صناعة الزيوت والأعلاف. وأكمل: بعد ذلك تأتى مرحلة «التعطين» وخلالها تُنقع أعواد الكتان فى «المعطنة»، أو ما يشبه بركة المياه لمدة تصل إلى 10 أيام؛ لفصل الخشب عن العود، ثم يتم نشر الكتان لتجفيفه ليدخل إلى الماكينات على 3 أجزاء هى: «كتان شعر» و«العوادم» و«الساس». واختتم عبدالرحمن محمد حديثه قائلا: إن الكتان الشعر هو الهيئة المبدئية له قبل التصنيع؛ حيث يتم تصديره إلى الصين وأكثر من 10 دول أوروبية لاستكمال مرحلة التصنيع الثانية بتحويله إلى أقمشة، أما «العوادم» و«الساس» فيستخدمان فى صناعة الخشب الحبيبى. ونبه أيمن إبراهيم صاحب مصنع، أن استخدام الكتان لا يقتصر فقط على الصناعات التقليدية كما هو معروف عنه على مر العصور المختلفة، وإنما يدخل الكتان فى صناعة البنكنوت أيضا؛ حيث يتم استخدام الكتان فى إعداد عجينة الأوراق المالية وصناعتها. وأضاف السيد حماد، أحد المزارعين، أن زراعة الفدان الواحد تتكلف نحو 11 ألف جنيه وبإضافة البذور، والرى، والعمالة، والكيماوى، والرش، والأسمدة، حتى يصل لمرحلة التصنيع تصل التكلفة إلى 15 ألف جنيه، وينتج الفدان نحو 500 طن. وأشار عمرو أحمد برغوث، صاحب مصنع، إلى أن المنتجات التى يتم تصنعيها من الكتان كانت تُصنع فى مصر من خلال شركتين تابعين للدولة الأولى الشركة الشرقية للكتان وتوقف إنتاجها عقب بيعها، وشركة طنطا للكتان والتى تم بيعها هى الأخرى، وتوقف النشاط على الزراعة وإنتاج المواد الخام لتصديرها للخارج لتصنع فى عدة دول وتعود للسوق المصرى لتباع بأعلى الأسعار، هذا بخلاف المنتجات الأخرى المستخرجة من بذرة الكتان، مشيرا إلى أن صناعة الكتان كانت فى السابق الصناعة الوحيدة التى يتم تصديرها للخارج وكانت تُدر دخلا كبيرا لمصر يصل إلى مليار دولار سنويا. وألقى على عبدالعزيز ريشة، مزارع بالقرية، الضوء على المشكلات التى يعانى منها المزارعون، مؤكدا أن مزارعى الكتان هذا العام تعرضوا لخسائر فادحة؛ حيث لم يستطع المزارعون جمع تكاليف الزراعة والإنتاج، فى ظل انخفاض التصدير إلى النصف تقريبا بسبب الاحتكار واستغلال المصدرين، مضيفا: خسرت فى 75 فدانا ما يزيد عن مليون و400 ألف جنيه؛ حيث جمعت 400 ألف جنيه من إجمالى مليون و800 ألف جنيه التكلفة الفعلية، وكذلك الأمر بالنسبة لآلاف المزارعين. وتابع: هناك المئات من المزراعين أحجموا هذا العام عن زراعة الكتان، بسبب الخسائر الكبيرة، متوقعا أن يقل عدد الأفدنة المنزرعة بالكتان 2000 فدان من أصل 40 ألف فدان فى مختلف محافظات الجمهورية كانت تصب جميعها فى قرية شبراملس. وذكر عبدالله محمود حسين أحد مزارعى الكتان بالقرية، عددا من المشكلات التى تواجههم ولعل أهمها عدم انتظام العمالة، وكثرة المصانع التى تعمل بدون رابط أو محاسبة فى ظل رفض الحكومة منح التراخيص الرسمية لإقامة المصانع مقابل الرسوم التى تحددها، الأمر الذى فتح الباب لكل من «هب ودب» لإنشاء مصنع على قطعة أرض يملكها ومعها أحواض غسيل الكتان، حتى بلغ إجمالى المصانع الموجود بالقرية 40 مصنعا، ورغم عدم الاعتراف بتلك المصانع يتم تحصيل ضرائب وتأمينات. وأضاف رضا السيد عبيد مزارع، أن تفشى فيروس كورونا كان له أثر كبير على المزراعين حيث توقفت الدول المستوردة للمواد الخام وفى مقدمتها الصين، عن طلب الكتان الأمر الذى تسبب فى خسائر فادحة للمزارعين وأصحاب المصانع، مشيرا إلى أن مزارعى شبرا ملس باعتبارهم متخصصين فى تلك الزراعة لا يكتفون بزراعة 3 آلاف فدان بالقرية ولكنهم ينتشرون فى 9 محافظات يزرعون فيها بما يزيد عن 30 ألف فدان سنويا، ويتم نقل كل الإنتاج للتصنيع واستخراج الألياف وبذور الكتان وصناعة الخشب داخل شبرا ملس. وأكد أحمد السيد صاحب مصنع، أن طن الكتان كان يتم تصديره بنحو 70 ألف جنيه، وانخفض فى ظل جائحة كورونا ووقف التصدير ليصل إلى 23 ألف جنيه للطن، وأصبحت المصانع مهددة بالتوقف وتشريد ما يزيد عن 5 آلاف عامل. ولفت رضا عبيد مزارع، النظر إلى إحدى المشكلات التى تواجههم وهى أن غالبية المزارعين وأصحاب المصانع لا يجيدون التعامل مع الحرائق التى تندلع بين وقت وآخر وتسرى بسرعة شديدة لطبيعة الكتان، منبها إلى أن الأمن الصناعى ألزم أصحاب المصانع بتوفير طفايات وخراطيم للحريق ولكنهم لا يجيدون التعامل معها ولم يتدربوا عليها، وهو ما يتسبب فى خسائر كبيرة. وطالب عبدالرحمن محمد، صاحب مصنع كتان بقرية شبراملس، الحكومة بتوفير الآلات والمعدات التى تساعدهم على التصنيع لتحويل الكتان إلى أقمشة، خاصة فى ظل امتلاك القرية المئات من المهنيين المحترفين فى هذا المجال، ولا يوجد مثلهم فى أى مكان فى العالم، وهو ما سيعود بالنفع على الدولة وتوفير العملة الصعبة؛ حيث نضطر لتصدير الكتان نصف مصنع «شعر»، ثم نستورده مرة أخرى على هيئة قماش مصنع، وهو ما يكبد الدولة خسائر كبيرة. تصدر عن مرحلة تعطين الكتان (النقع) رائحة عفنه يتعايش معها الأهالى، بل ويعتبرونها مصدرا للشفاء من الأمراض كما أكد السيد إبراهيم وآخرون أن هذه المياه تعالج الصدفية، وحمو النيل، والإكزيما، كما تساعد بذور الكتان فى التقليل من حدة الصداع، وتصلح الشعر، وتعالج المياه آلام العضلات، وعرق النسا، ويأتى إلى القرية يوميا المئات من القرى المجاورة بل والعديد من المحافظات ليأخذوا الماء المعطن للاستشفاء به. فى المقابل أكد استشارى أمراض الجلدية والتجميل الدكتور محمد محمود جامع أن المياه المنقوعة بالكتان تضم بكتيريا وجراثيم فضلا عن رائحتها الكريهة، ناصحا المواطنين الذين يعانون من أى أمراض بالتوجه للطبيب للحصول على العلاج الصحيح. من جانبه قال على بيومى وكيل وزارة الزراعة بالغربية ل«الشروق»: إن مديرية الزراعة ليست طرفا فى الخسائر التى يتعرض لها مزارعو الكتان وأصحاب المصانع بقرية شبراملس، مرجعا ذلك إلى وقف التصدير بسبب جائحة كروونا، حيث كان يحقق العاملون بهذا المجال أرباحا كبيرة. وأوضح محمد مصلح رئيس الغرفة التجارية بالغربية، أن الغرفة التجارية بالمحافظة ليس بها شعبة مصدرين حاليا، حيث تم إلغاؤها منذ فترة ولم يتبق إلا شعبة المصدرين الأساسية بالقاهرة، مؤكدا أنه لم تصل للغرفة أية شكاوى من المزارعين أو أصحاب المصانع ليتسنى لها بحثها ودراستها وإعداد تقرير وعرضه على الجهة المختصة. من جانبه، محافظ الغربية طارق رحمى، فى تصريحات صحفية، اهتمامه بالقرى المنتجة والتى تنفرد فى إنتاجها بالمنتجات التصديرية، وعلى رأسها قرية شبراملس ووعد بإعداد دراسات جادة للاستفادة القصوى من تلك الزراعات والصناعات.