الدولار ب50.6 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 7-5-2025    باكستان: أسقطنا طائرتين عسكريتين للهند وألحقنا بها خسائر جسيمة    ترامب: لا خطط لزيارة إسرائيل الأسبوع المقبل.. وربما أزورها مستقبلًا    أول زيارة له.. الرئيس السوري يلتقي ماكرون اليوم في باريس    طارق يحيى ينتقد تصرفات زيزو ويصفها ب "السقطة الكبرى".. ويهاجم اتحاد الكرة بسبب التخبط في إدارة المباريات    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    ملف يلا كورة.. الزمالك يشكو الأهلي.. مصير بيسيرو.. وإنتر إلى نهائي الأبطال    فيديو خطف طفل داخل «توك توك» يشعل السوشيال ميديا    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    مستقبل وطن يطالب بإعادة النظر في مشروع قانون الإيجار القديم للوحدات السكنية    "اصطفاف معدات مياه الفيوم" ضمن التدريب العملي «صقر 149» لمجابهة الأزمات.. صور    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    تصعيد خطير يدفع "PIA" لتعليق رحلاتها الجوية وتحويل المسارات    التلفزيون الباكستاني: القوات الجوية أسقطت مقاتلتين هنديتين    ترامب يعلّق على التصعيد بين الهند وباكستان: "أمر مؤسف.. وآمل أن ينتهي سريعًا"    الهند: شن هجمات جوية ضد مسلحين داخل باكستان    وزير الدفاع الباكستاني: الهند استهدفت مواقع مدنية وليست معسكرات للمسلحين    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    عاجل.. الذهب يقفز في مصر 185 جنيهًا بسبب التوترات الجيوسياسية    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    قرار هام في واقعة التعدي على نجل حسام عاشور    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    ارتفاع مستمر في الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة بالمحافظات من الأربعاء إلى الاثنين    موعد إجازة نصف العام الدراسي القادم 24 يناير 2026 ومدتها أسبوعان.. تفاصيل خطة التعليم الجديدة    سحب 45 عينة وقود من محطات البنزين في محافظة دمياط    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    مهرجان المركز الكاثوليكي.. الواقع حاضر وكذلك السينما    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    بعد نهاية الجولة الرابعة.. جدول ترتيب المجموعة الأولى بكأس أمم أفريقيا للشباب    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    بدون مكياج.. هدى المفتي تتألق في أحدث ظهور (صور)    نشرة التوك شو| الرقابة المالية تحذر من "مستريح الذهب".. والحكومة تعد بمراعاة الجميع في قانون الإيجار القديم    لحظات حاسمة لكن الاندفاع له عواقب.. حظ برج القوس اليوم 7 مايو    كندة علوش: الأمومة جعلتني نسخة جديدة.. وتعلمت الصبر والنظر للحياة بعين مختلفة    سيصلك معلومات حاسمة.. توقعات برج الحمل اليوم 7 مايو    معادلا رونالدو.. رافينيا يحقق رقما قياسيا تاريخيا في دوري أبطال أوروبا    رحيل زيزو يتسبب في خسارة فادحة للزمالك أمام الأهلي وبيراميدز.. ما القصة؟    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذى قد يحدث فى حال أقامت السعودية علاقات رسمية مع إسرائيل؟

نشرت مدونة الديوان التابعة لمركز كارنيجى مقالا للكاتبة ياسمين فاروق.. نعرض منه ما يلى.
تمارس إدارة الرئيس الأميركى دونالد ترامب ضغوطا شديدة على المملكة العربية السعودية لتنضم إلى قافلة الدول العربية التى وقّعت اتفاقات من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن الرياض قد لا تقرّر المضى قدما فى هذه الخطوة، على الأقل ليس بعد. صحيحٌ أن الاتفاقات التى وُقِّعت مؤخرا بين إسرائيل وعددٍ من دول الخليج نالت تأييدا فى صفوف وسائل إعلام سعودية وأمراء ورجال رسميين، ما يشى بتحوّل تدريجى ومستمر فى مقاربة المملكة لهذه القضية. لكن الخطاب الذى ألقاه العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 23 سبتمبر 2020 أظهر مقاربة أكثر تقليدية. أتى هذا الخطاب بعد سلسلة من التصريحات السعودية الرسمية الرامية إلى وضع شروط حول إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، على أساس بنود «مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية».
سلسلة من الوعود المشكوك فيها
إن إضفاء طابع رسمى على العلاقات السعودية الإسرائيلية من شأنه أن يساعد كلتا الدولتين على تحقيق أهداف استراتيجية وعسكرية. لكن، إذا ما نجحت السعودية وإسرائيل فى إقامة علاقات رسمية، فلن يفضى ذلك بالضرورة إلى تحولات جذرية كما يزعم الجانبان. لا بل واقع الحال أن هذه التحولات قد لا تصب فى صالحهما. ثمة ستة أهداف كبرى يعتبر مناصرو الاتفاق أنه سيحققها، لكنها تبدو فى الحقيقة بعيدة المنال.
أولا، التطبيع لن يحقق السلام أو الاستقرار فى الشرق الأوسط. يجادل مؤيّدو شكل من أشكال التطبيع الإسرائيلي الخليجى بأن هذا الاتفاق سيحقق السلام الإقليمى فى «أقل مناطق العالم سلاما». لكن اتفاقيات التطبيع العربية الأخيرة لن تعالج «مكامن الضعف الأساسية» التى تتسبّب بالعنف واللا استقرار فى المنطقة. فى العقد المنصرم، شهدت غالبية الدول العربية تظاهرات ضد الحوكمة الفاسدة والقمعية. وانسحب ذلك أيضا على إسرائيل وفلسطين. وقد تخلّل الكثير من هذه التظاهرات لجوء الدول إلى العنف، لكن لم يتم التصدّى للتفاوتات الاجتماعية العميقة التى أطلقت شرارة الاحتجاجات وحرّكتها، إلا فى حالة تونس نسبيا. الحقيقة أن الأنظمة العربية بحاجة إلى الدعم الأمريكى والإسرائيلى لاحتواء اللا استقرار فى المنطقة، وليس لإنهائه.
على الرغم من صورة السلام التى ترسمها اتفاقيات التطبيع الأخيرة، تتوقع السعودية من الولايات المتحدة وإسرائيل تعزيز تعاونهما الدفاعى والأمنى معها، ومن واشنطن غضّ الطرف قليلا عن مسألة الاستخدام النهائى للأسلحة الأمريكية. ومن أجل الدفاع عن نفسها فى وجه الاعتداء الإيرانى، يمكن للمملكة حتما الاستفادة من هذا التعاون المعزّز ومن خبرة إسرائيل فى الحروب غير النظامية. لكن سجلَّ كلٍّ من إسرائيل والسعودية إشكاليٌّ للغاية فى هذا النمط من الحروب. لذا، هذا النوع من التعاون لا يبشر بتحقيق السلام.
ثانيا، قد لا يصب الاتفاق الإسرائيلي السعودى بالكامل فى صالح الولايات المتحدة، لأن الجانبين يريدان من واشنطن تدخّلا فى الإقليم يفوق نطاق صلاحياتها. فلدى الجانبين الإسرائيلى والسعودى مصلحة فى أن تبقى واشنطن قوة عسكرية مهيمنة بشكل نشط فى المنطقة، وبالتالى يريدان تفادى خفض القوات العسكرية الأمريكية فى الشرق الأوسط أو التحوّط من هذا السيناريو المحتمل.
يودّ كلٌّ من المملكة وإسرائيل أن تستخدم الولايات المتحدة تفوقها العسكرى لإلحاق الهزيمة بالتهديد الإيرانى. فالجانبان يسعيان بشكلٍ نشط من أجل إبرام اتفاق أميركي إيرانى شامل يصعب تحقيقه، يخلط بين الأولويات الأمريكية المتمثلة فى وضع حد للبرنامج النووى الإيرانى ووقف اعتداءات طهران على المصالح الأمريكية من جهة، وبين مواجهة المدّ الإيرانى الجيوسياسى الأوسع فى المنطقة، من جهة أخرى.
ما ترغب به إسرائيل والسعودية هو أن تظل واشنطن منخرطة بشكل نشط فى الحرب على الإرهاب فى الشرق الأوسط. وفى الوقت نفسه، يعمد كلٌّ من إسرائيل والسعودية على توطيد علاقاتهما مع منافسين استراتيجيين للولايات المتحدة كروسيا والصين. وحتى الآن، لا يزال هذا التعاون محدودا ومحصورا بالشق الاقتصادى فى الغالب، غير أنه لا يتّسم دائما بالشفافية ويمكن أن يتحوّل إلى تعاون استخباراتى وعسكرى أوسع.
فى هذا الإطار، تأمل واشنطن بإعادة توزيع العبء الدفاعى على شبكة دفاعية أكثر تكاملا من الحلفاء الإقليميين. لكن لا إسرائيل ولا السعودية تملكان القدرة على تولى قيادة الإطار الأمنى الإقليمى الذى تطمح له واشنطن. فإضافةً إلى انعدام الثقة والمنافسة المتجذرين فى المنطقة، لا تتفق معظم الدول مع الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل فى كيفية التعامل مع إيران.
ثالثا، ما من دليل دامغ على أن الشعب السعودى موافق على هذه الخطوة. لكن ثمة سردية سعودية جديدة تصوّر التطبيع مع إسرائيل كجزء من الدولة السعودية الجديدة المعتدلة قيد الإنشاء.
فى المقابل، لم تطالب الأطراف الاجتماعية الفاعلة فى المملكة بإقامة علاقات مع إسرائيل بالطريقة نفسها التى طالبت فيها بتطبيق إصلاحات أخرى، على غرار تمكين المرأة أو حتى مكافحة الفساد. علاوةً على ذلك، ليست فلسطين مسألة تتداخل فيها اعتبارات سياسية عليا وحسب، بل هى أيضا موضوع نقاشات عامة، وتعبئة شعبية سابقا.
مثل هذه الخطوات التى لا تحظى بدعم شعبى تشوّه الخطط الاجتماعية والاقتصادية والدينية التقدمية الواعدة التى تشتدّ الحاجة إليها فى المملكة، وتغذى السردية المتطرفة بأن إصلاحات ولى العهد نابعة من دوافع سياسية ضدّ الإسلام. كما أن التسرّع فى تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل يسيّس الخطاب السعودى الجديد والضرورى حول التسامح الدينى. يُضاف إلى ذلك أن بإمكان المواطنين السعوديين ملاحظة التراجع عن المواقف السابقة فى وسائل الإعلام وفى خطب رجال دين رسميين لإضفاء الشرعية على علاقة علنية مع إسرائيل.
لا بدّ من الإشارة إلى أن العلاقات مع إسرائيل ستبقى دائما رهينة حسابات العائلة المالكة السعودية لما يضمن صمود النظام. وفى حال تم تطبيع العلاقات، فإن النظام السعودى سيكون مضطرا، فى كل مرة يستخدم الجيش الإسرائيلى القوة المفرطة ضدّ الفلسطينيين أو يحدث تغيير سياسى ما فى فلسطين، إلى الرد وإن رمزيا على هكذا خطوات، نظرا إلى التعاطف الشعبى فى السعودية مع القضية الفلسطينية.
رابعا، لن يعنى التطبيع أن الشعبين السعودى والإسرائيلى سيصبحان صديقين. يعتبر عدد كبير من الكتّاب ورجال الدين السعوديين أن إسرائيل لا تُشكّل تهديدا لدول الخليج. وتأتى هذه السردية فى خضم حملة تُشَنّ برعاية الحكومة دعما للهوية الوطنية السعودية، وتضع هذه الحملة الهوية السعودية فى مرتبة أعلى من الهوية العربية أو حتى الإسلامية. وتعتبر هذه السردية أيضا أن الشباب السعوديين، أو «السعوديين الجدد» المتأثّرين بالغرب والمتعلّمين وذوى الذهنية المنفتحة، يريدون إقامة علاقات مع إسرائيل.
لكن ليس واضحا أن هذا الخطاب عن الهوية يلقى رواجا فى المجتمع السعودى. فقد ظهر رد فعل مناوئ لمجمل هذه الحجّة القومية المتشددة التى غزت مواقع التواصل الاجتماعى فى المملكة خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وتؤكّد استطلاعات الرأى الأخيرة الصادرة عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومركز زغبى للخدمات البحثية أن العلاقة مع إسرائيل فى الوقت الراهن لا تتمتع بشعبية فى أوساط المواطنين السعوديين بصورة عامة.
أضف إلى ذلك أن التعاون الإسرائيلى مع النظام السعودى فى المجالَين السيبرانى والاستخبارى يعطى المواطنين السعوديين مصلحة سياسية مباشرة للاعتراض على توطيد العلاقات مع إسرائيل من منطلقٍ تتخطى تعاطفهم مع الفلسطينيين، إذ إن هذا التعاون يعزّز قدرات الرياض على مراقبة مواطنيها وتعقّبهم.
خامسا، يسود اعتقادٌ فى الرياض بأن العلاقات الجيدة مع إسرائيل سوف تؤدّى إلى تصويب الضرر الذى لحق مؤخرا بالعلاقات الأمريكية السعودية. لقد كانت إسرائيل مصدرا أساسيا لمعارضة الكونجرس والرأى العام الأمريكى توطيد العلاقات مع السعودية، على الرغم من النفوذ الواسع الذى تمارسه المملكة فى الأوساط المعنيّة بصنع السياسات الأمريكية.
ولكن هذا الاعتقاد نابعٌ، فى جزء منه، من النظرة الخاطئة السائدة راهنا بأن مشكلات الرياض فى واشنطن ناجمة عن تحيّز الديمقراطيين ضد المملكة. تُقلّل هذه النظرة من شأن التعقيدات التى تتصف بها العلاقات الأمريكية السعودية، فضلا عن المسائل الخلافية التى تتجاوز القضايا المطروحة فى إطار الأجندة الدبلوماسية الثنائية، وتشكّل جزءا من النقاشات بشأن السياسات الخارجية والمحلية فى داخل الولايات المتحدة. وهذه النقاشات تشمل مثلا استعادة الولايات المتحدة قيادتها العالمية مع العمل على وضع تصوّر جديد لاستخدام الأدوات العسكرية، وإرساء توازن أفضل بين القيم الديمقراطية الليبرالية للولايات المتحدة ومصالحها فى الخارج. سوف يكون لجميع تلك المسائل تأثيرٌ على العلاقات الأمريكية مع السعودية وإسرائيل على السواء.
سادسا، ربما تتطلع القيادة السعودية إلى الحصول على أكثر من «الثمن الباهظ» التقليدى الذى تناقشه الدوائر المؤيّدة للفلسطينيين فى الرياض، والذى يتمثّل تقليديا فى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. بإمكان ولى العهد السعودى استخدام الدعم الأمريكى فى مواجهة أعدائه، ليس فى السعودية فحسب إنما أيضا فى واشنطن. يكتسى هذا الدعم فعالية مثبَتة تاريخيا فى منطقة الخليج. ففى العام 1995، لعب الدعم الحاسم الذى قدّمته واشنطن للأمير القطرى الجديد والمختلف عليه، الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، دورا «حاسما» فى ترسيخ سلطته ضد خصومه المحليين والإقليميين. وقد بنى الشيخ حمد على هذا الدعم من خلال تطبيق أجندة ليبرالية وتوطيد العلاقات مع إسرائيل.
ليس الأمر مستحيلا، إنما يجب استيفاء عدد كبير من الشروط من أجل تحقيق السيناريو نفسه فى السعودية. أولا، يجب أن يفوز ترامب فى الانتخابات المقبلة. ثانيا، يجب أن يفى ترامب بالوعد الذى قطعه بدعم القيادة السعودية فى مواجهة خصومها المحليين على الرغم من تحذيرات الخبراء من مغبّة التدخّل فى الشئون الداخلية السعودية. ثالثا، تحتاج القيادة السعودية الجديدة إلى استمرار هذا الدعم، حتى فى ظل أى إدارة ديمقراطية فى المستقبل.
الآفاق المقبلة
إنه لأمرٌ مفهوم أن الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان إضفاء طابع رسمى على الاعتراف السعودى ب«حق [الإسرائيليين] فى أن تكون لهم أرضهم». فالسعوديون، بحسب قول ترامب نفسه، «نافذون.. يتمتعون بقوة حقيقية بسبب آثارهم الدينية». ولكن السياسات التى تنتهجها الدول الثلاث راهنا قد تتسبب بفقدان السعودية النفوذ الاستثنائى الذى تتمتع به فى العالم الإسلامى بحكم مكانتها هذه.
وليست القوة الإقليمية للسعودية نابعة فقط من اقتصادها، بل الأهم أنها نابعة من القبول الشعبى لنفوذها فى مختلف البلدان ومن ثم قدرتها على رسم توجهات سياسية معينة خارج حدودها. وحين تلقى سياسات الرياض استحسانا شعبيا، تغدو قوّتها الناعمة مضاعَفة.
ليس من مصلحة واشنطن أو تل أبيب أو الرياض دفع السعودية إلى اعتماد سياسات من شأنها أن تشكّل تحدّيا إضافيا لهذا النوع من القيادة الإسلامية والعربية ومن الشرعية الداخلية التى تتمتع بهما الرياض. فهذه السياسات لا تُهدّد بالقضاء على النفوذ العالمى الاستثنائى للمملكة بشكل يصب فى مصلحة جهات دولتية وغير دولتية أكثر عدائية فحسب، بل من شأنها أيضا أن تُبدّد قدرة السعودية على قيادة دول أخرى ذات غالبية عربية ومسلمة نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، عندما يحين الوقت لإرساء سلام عادل مع الفلسطينيين عن طريق المفاوضات.
النص الأصلى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.