قبل أيام من بدء مئات آلاف الحجاج مناسك الحج تكثف السلطات السعودية إجراءاتها الصحية الوقائية من فيروس أنفلونزا الخنازير الذي لا يبدو أن الحجاج يولونه الكثير من الاهتمام. وبدأت جموع حجاج بيت الله الحرام في التوافد منذ أيام على مكةالمكرمة للعمرة والطواف في انتظار انطلاق مناسك الحج الأربعاء بيوم التروية الذي يتوافدون فيه على مشعر منى استعدادا للوقوف بجبل عرفات يوم الخميس حيث يؤدون أعظم أركان الحج. ولا يبدي غالبية الحجاج قلقا واضحا إزاء المرض لكن عددا كبيرا من رجال الشرطة والأمن في داخل الحرم وفي محيطه وبعض الحجاج يضعون كمامات للوقاية من العدوى. ويشير الرازي وهو مدرس ماليزي (59 عاما) الى انه يضع كمامة على انفه وفمه "تحسبا من العدوى من مرض أنفلونزا الخنازير او حتى الرشح". وقال الحاج الفلسطيني إبراهيم كنعان ان قلة من الحجاج يضعون كمامات واقية من الفيروس. ويؤكد الحلاق المصري خالد الذي يقيم في مكةالمكرمة انه يستقبل الحجاج في محله "دون أية مخاوف من انتقال العدوى". في هذه الأثناء أعلن وزير الصحة السعودي عبد الله الربيعة أن 12 مصابا بفيروس "اتش1ان1" عولجوا تماما من هذا الوباء من بين 20 حالة اشتباه بالمرض سجلت. وأوضح انه تمت تهيئة 14 مستشفى في مكةالمكرمة والمناطق المقدسة التي يزورها الحجاج خصوصا منطقتي منى وجبل عرفات وتضم هذه المشافي المجهزة بكافة المعدات الطبية 2782 سريرا إضافة إلى 244 سريرا للعناية المكثفة. ووضعت لافتات ولوحات إعلانية في كل مكان لإرشاد الحجاج إلى طرق الوقاية من المرض بينما تم رفع غالبية السجاد من داخل الحرم تحسبا من انتشار العدوى. كما تم تزويد الحمامات في داخل الحرم والمرافق العامة بمعقمات ومواد صحية يحرص عاملون على تغييرها قبل أن تنفد إضافة إلى آلاف من قوارير مياه زمزم الصحية. غير انه يبدو أن الحجاج واثقين من أن خطر الإصابة بالفيروس ضعيف كما أن بعضهم يعتبر انه جرى تضخيم الأمر. وقالت أم سعيد وهي حاجة موريتانية "الحجاج يتولون العناية بأنفسهم بأنفسهم ولسنا بحاجة إلى كل هذه الإجراءات" مضيفة "أكثر من مليون حاج يصلون في الوقت نفسه إلى الحرم المكي ولا مؤشر على تفشي العدوى" معتبرة أن فيروس اتش1ان1 "كذبة أمريكية وخدعة لبيع اللقاح ونشر الخوف". بيد أن صالح الحاج البحريني تساوره مخاوف وقال "حين يعطس احدهم أحول وجهي إلى الناحية الأخرى" مضيفا أن الأمر في نهاية المطاف "بيد الله". ويضطر الحجاج القادمون من خارج مكة للوقوف عند عدد من حواجز الشرطة والأمن حيث يخضعون الى تدقيق في جوازات السفر وتأشيرات الدخول وفي بعض الأحيان ينتظرون ساعات عدة خصوصا في وقت الذروة مع ساعات المساء. وتقول آمنة (33 عاما) "توجهنا إلى مكة بعد وصولنا إلى مطار جدة وتوقفنا على حاجز الشميسي (بوابة مكة للقادمين خصوصا من جدة) ساعة ونصف الساعة بسبب الازدحام الكبير لمئات السيارات". وتضيف هذه المدرسة القادمة من قطر للحج والتي كانت بصحبة والدها "دققوا في تأشيرة الدخول قبل أن نمر بسهولة لكن المشكلة الانتظار والتعب". ويقول ضابط امن طلب عدم ذكر اسمه "نسعى لمساعدة الحجاج.. هذه إجراءات أمنية عادية ضرورية من اجل امن وسلامة ضيوف الرحمن". وينتشر أفراد امن في كل الطرقات والمداخل المؤدية خصوصا إلى الحرم المكي ومناطق المشاعر المقدسة. ولا يمنع الازدحام غير العادي عند دخول الحرم رجال الأمن من التدقيق وتفتيش الحقائب التي تثير شكوكهم وأحيانا تنشغل نساء يرتدين النقاب الأسود في تدقيق حقيبة إمراة. ويقول حيدر (30 عاما) وهو شاب إيراني تم تفتيش حقيبته عدة مرات لدى دخول الحرم "طلبوا (الأمن) مني فتح حقيبتي دون أن يسالوا عن جنسيتي أو أصلي وكان بداخلها حذاء وسجادة للصلاة" وتابع "التفتيش اعتيادي لأي شخص لا اشعر أنهم يقصدوني.. ونحن نحترم قوانين هذا البلد". ومن المتوقع أن تقيم البعثة الإيرانية تجمعا أثناء الوقوف على جبل عرفات لإعلان "البراءة من المشركين". وكان نائب رئيس البعثة الإيرانية علي قاضي عسكر قال أن "مراسم البراءة من الكفار والمشركين والظالمين، تقليد سنوي عادي ولن تكون مخالفة لقوانين وأنظمة الحكومة السعودية". وتزدحم طرق مكة بمئات آلاف الحجاج الذين يتوجهون إلى الحرم المكي بواسطة حافلات صغيرة غالبيتها قديمة يتعمد بعض سائقيها إلى رفع الأسعار من ريال واحد (0،28 دولارا) إلى خمسين ريالا (2،14 دولارا) في أوقات الصلوات رغم أن السيارات لا تكاد تسير من فرط الازدحام. في المقابل يطوف متصدقون من الأغنياء على سكن الحجيج خصوصا الفلسطينيين والعراقيين منهم لتوزيع صناديق فيها آلاف وجبات الطعام. ولا تخلو المدينة المقدسة من حوادث مرورية يسعى الدفاع المدني لمعالجتها سريعا في الوقت الذي يطرح فيه تواجد مئات الآلاف الحجاج في رقعة صغيرة نسبيا تحديا تنظيميا و امنيا. وخصصت السلطات السعودية حوالي 13750 عنصرا وضابطا للدفاع المدني في المشاعر المقدسة مزودين ب3000 من المعدات و900 سيارة حسبما يقول الفريق سعد التويجري مدير عام الدفاع المدني. ويشير وزير الشؤون البلدية والقروية حبيب زين العابدين إلى انه تم تركيب 600 كاميرا على الأقل في منطقة رمي الجمرات (منى) لمراقبة الحجاج وضمان سلامتهم.