«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير المصري في برلين : قاتل مروة سينال عقابه وسنستمر في دعم أسرتها أمام القضاء
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 11 - 2009

منذ اليوم الأول بعد حادث مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربينى فى ألمانيا، كان السفير المصرى فى برلين رمزى عزالدين رمزى فى قلب الحدث، الذى أدمى قلوب المصريين وأثار ردات فعل واسعة واستنكارا فى معظم دول العالم، حتى انتهت المرحلة الأولى من القضية التى شغلت الرأى العام الألمانى يوم الأربعاء الماضى بصدور حكم بالسجن المؤبد على قاتل مروة.. أليكس فينس.
السفير المصرى عرف طوال الشهور الأربعة الماضية بتصريحاته المتوازنة وعدم الإسهاب فى الحديث عن القضية التى لها بالتأكيد عدة محاور بعضها قانونية والأخرى سياسية، لذلك حرصت «الشروق» على إجراء هذا الحوار معه لتقييم سير الأحداث منذ وقوع الجريمة وحتى صدور الحكم، مع إلقاء الضوء على تبعاته وتأثيره.
رمزى اعتبر أن الحكم يمثل العدالة القصوى فى القانون الألمانى، وأكد أن مصر مستمرة فى مساندة أسرة مروة حتى تحصل على حقها الجنائى والمدنى، ودعا الحكومة الألمانية لبذل المزيد من الجهد لتفعيل خطط اندماج الأجانب والمسلمين، موضحا أن محور القاهرة برلين لن يتأثر بمقتل مروة أو بمعارضة ترشيح فاروق حسنى لليونسكو.
بداية هل أنتم راضون عن الحكم الصادر فى قضية مقتل مروة؟
أرى أن الحكم عادل ومناسب فى ضوء القانون الألمانى الذى حوكم به المتهم، وقد كان هدفنا منذ البداية أن يحصل القاتل أليكس فينس على أقصى عقوبة ممكنة فى القانون الألمانى، وهذا ما حدث بالفعل دون الخلط بين هذه القضية الأساسية والقضايا الأخرى المرفوعة ضد 3 مسئولين ولم تحركها النيابة حتى الآن.
لكن البعض يشعر بالإحباط بسبب اختلاف مدة السجن المؤبد بين القانونين المصرى والألمانى؟
المتهم عوقب بالسجن المؤبد المشدد بمعنى أنه سيبقى فى سجنه لمدة 15 عاما دون أن تطبق عليه قواعد الإفراج، ثم يحق له التقدم بطلبات للإفراج عنه، لكن السوابق المعروفة فى ألمانيا بمثل هذ الحالة تؤكد بقاء المتهم فى سجنه 20 أو 25 عاما على أقل تقدير، وذلك بسبب أن المتهم لم يبد أى نوع من الأسف أو الندم، واتضح للمحكمة أنه ارتكب جريمته عن عمد بالتحدى للنظام العام فى ألمانيا.
البعض نادى بضرورة الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد دون منحه أى فرصة للخروج؟
هذا غير موجود فى القانون الألمانى إلا فى حالات لا تنطبق على المتهم، وبالتالى يجب أن يفهم الناس مواد القانون الألمانى ويستوعبوه قبل المطالبة بأمور لا ينص عليها من الأصل.
ساندت مصر ممثلة فى السفارة المصرية وأجهزتها فى ألمانيا أسرة مروة فى القضية، هل ستستمرون فى مساندتهم فى الدعاوى القادمة الفرعية التى لم تعرض على المحكمة حتى الآن؟
الدولة اتخذت القرار منذ البداية.. نريد حق مروة بالكامل لأنه جزء من حق مصر فى القضية، وسنستمر فى مساندة الأسرة فى دعاواها الثلاث ضد رئيس المحكمة التى شهدت الواقعة والضابط جونتر جريم الذى أطلق النار على زوج مروة، ورئيس محكمة دريسدن بسبب التقصير الأمنى، والتحقيقات فى هذه الدعاوى ما زالت مستمرة.
وماذا عن قضية الحصول على الحق المدنى والتعويضات؟
فى ألمانيا تختلف طريقة الحصول على الحق المدنى عنها فى مصر، فلا يلجأ الطرف المستحق للتعويض إلى المحكمة إلا بعد فشل مفاوضاته مع الحكومة.. وما زالت الأسرة تتفاوض مع الحكومة الألمانية بشأن التعويضات ويساعدهم فى ذلك محاموهم، لكن السفارة لا تتدخل إطلاقا لأنه حق أصيل لذوى مروة فقط.
ألا ترى أن رئيسة المحكمة أثناء قراءة الحيثيات خاضت فى أمور رفضت من قبل التعرض لها مثل تأكيدها سلامة موقف القاضى شاهد الواقعة والضابط؟
رئيسة المحكمة أسهبت فى سرد الحيثيات وبعض كلامها كان ردا على أمور أثيرت خلال جلسات المحاكمة، منها بعض التجاوزات من قبل المحامين، والخروج عن الإطار الأساسى للقضية، وهى لم تمنعهم أو تصادر على كلامهم فى المرافعات فردت عليهم فى الحيثيات، وليست لدى فكرة عن تأثير ذلك على القضايا القادمة.
أما عن مسألة قولها: «لو كنت مكان القاضى لما قمت بأكثر مما فعل» فهذا لأن القواعد والقرار الإدارى المطبق آنذاك كان يحظر وجود أى مظاهر أمنية بالمحاكم ولم يكن ممكنا تجاوز هذا القرار.
المحامون الألمان من هيئة محامى أسرة مروة رفضوا الحديث والتعليق على الحكم، لكنك تبادلت الحديث لفترة مع أحدهم وهو البروفيسور هاكوليش.. فماذا كان رأيه؟
ليش يرى أن الحكم جيد ويمثل العقوبة القصوى وبالمناسبة فهذا المحامى المخضرم لمس فى مرافعته نقطة فى منتهى الحساسية عندما قال إن المتهم هو أسوأ ما فى المجتمع الألمانى وأن ألمانيا لا تحتاجه بينما كانت تحتاج مروة كرمز لاندماج المهاجرين والأجانب.. وأعتقد أن كلامه مس عقيدة المحكمة وأضاف لتقرير الادعاء الذى كان متكاملا وخلا من الثغرات.
ما الدور الذى لعبته السفارة فى القضية؟
على المستوى القانونى لم نوكل أحدا، لكننا قمنا بمسح شامل لمكاتب المحاماة الكبيرة فى ألمانيا وعرضنا الأسماء على د. علوى عكاز زوج مروة الذى اختار من يمثله مع تكفل الدولة بسداد النفقات بالكامل.. فتولى مكتب ليش الشق الجنائى، وتولى مكتب آخر الشق المدنى، وباقى المحامين المتطوعين تم اختيارهم بمعرفة نقابة المحامين.
كيف ترى تأثير الحكم سياسيا على المجتمع الألمانى؟
دعنا نقول الحقيقة دون مبالغة هناك تيار عنصرى ضئيل الحجم والتأثير فى ألمانيا وجميع الساسة والمراقبين تحمسوا ووسائل الإعلام هنا رحبت بالحكم بعد نحو 4 أشهر من الصدمة التى سببها الحادث ذاته، والحقيقة أن قصة مقتل مروة الشربينى يجب أن تكون حافزا للجميع هنا فى ألمانيا لتسهيل عملية اندماج العرب والمسلمين فى المجتمع الألمانى، وتنصب هذه المسئولية على عاتق الحكومة والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
والحقيقة أن نموذج الاندماج الألمانى بدأ متأخرا بالنسبة للنماذج المشابهة فى فرنسا وإنجلترا، وتحديدا منذ 10 أو 15 عاما وبدأ الإعداد له بالتواكب مع الوحدة بين الألمانيتين والسبب وراء هذا التأخر هو أن معظم المهاجرين فى ألمانيا كانوا من تركيا، حيث كان يطلق عليهم وصف «العمالة الزائدة» وحرموا من الجنسية الألمانية بقرار سياسى ظل ساريا لسنوات عديدة.
فوجئ الألمانى بأن هذه العمالة لم تعد زائدة بل استقرت وتضاعف عددها وظهرت منها أجيال تعرف ألمانيا أكثر من وطنها الأصلى، فبدأ التفكير الجاد فى دمج هؤلاء وخصصت الحكومة الاتحادية وزارة لمتابعة خطة الاندماج ومشاكل المهاجرين، إلا أن قضية مروة الشربينى لابد أن تكون حافزا للإسراع فى تنفيذ هذه الخطة وتطويرها.
ما أهم محاور خطة الاندماج الألمانية؟
هى تعتمد على برامج طويلة الأجل تبدأ على مستوى المدارس والمعاهد والجامعات وتمتد لتشمل البالغين، حيث يتم العمل على إزالة «عدم الراحة» من وجود الأجانب من معتقدات الألمان، لكن هذه البرامج بطيئة وتتطلب عملا أكثر من الحكومة على المستوى الإعلامى والتفاعل مع المهاجرين.
فعلى سبيل المثال يجب أن تعرض الحكومة على رعاياها حقيقة أن ألمانيا ستعانى من قصور فى اليد العاملة يقدر ب2.5 مليون عامل عام 2025 والمحافظة على المستوى الاقتصادى المرتفع للمواطن الألمانى مرهون بتوفير أعداد ضخمة من العمالة الأجنبية، ولذلك يتوجب على المواطنين الأصليين استيعابهم وبشكل يضمن الاندماج وليس الصهر فهناك فرق كبير بين التعبيرين، وهذه التوعية تتطلب قرارات سياسية سريعة.
هل تستشير الحكومة الاتحادية سفارات الدول العربية والإسلامية فى إعداد برامج الاندماج؟
هذا ليس دورنا فالسفارة منوطة بمتابعة مصالح رعاياها فقط، وقد نتبادل الحديث مع الحكومة فى هذه المواضيع لكن دون الخوض فى التفاصيل، خاصة أن هناك آليات فى المستشارية الألمانية واجبها متابعة هذه البرامج مثل مجلس الاندماج الذى يشغل عضويته أحد المصريين المقيمين فى دوسلدورف وهو نشأت الفار.
وماذا عن الأحزاب التى اتهمها ناشطون إسلاميون باتخاذ موقف متخاذل بعد مقتل مروة؟
هذا غير صحيح، لأن معظم زعماء الأحزاب الرئيسية شجبوا الحادث وقدموا لنا العزاء مثل زعيم الحزب الاشتراكى الديمقراطى وزعيم حزب الخضر والأحرار وممثلة حزب المستشارة ميركل، كما حضر بعضهم حفل تأبين مروة، وبالنسبة لدعمهم الاندماج فكل الأحزاب فى العاصمة برلين بها ناشطون عرب، لكن على مستوى أقل من تواجد الأتراك الذين وصل بعضهم إلى مركز صنع القرار فى أحزاب مهمة بسببب انشغالهم بالعمل السياسى منذ فترة طويلة جدا، كما يتواجد بعض العرب فى المجالس المحلية للمدن عن طريق ترشيح الأحزاب لهم، ولكن ما زال الطريق طويلا لوصول هؤلاء إلى المجلس النيابى الاتحادى «بوندستاج».
بصراحة كيف تقيمون عدم شجب ميركل لجريمة مروة وتأخر وزير الخارجية السابق فى إدانتها أسبوعا كاملا؟
كنا ننتظر رد فعل أقوى من الألمان، الحكومة تأخرت بالفعل وكان بإمكانها التصرف بطريقة أفضل وأسرع، لكن قد يكون السبب هو أن الجريمة صدمتهم فعجزوا عن الاستيعاب حتى أنهم لم يتحركوا إلا بعدما اتصلنا بهم وأكدنا أن الحادث له خلفيات عنصرية، حيث كان الإعلام الألمانى فى البداية يتعامل مع الموضوع وكأنه مشكلة أمنية فى محكمة، لكن ميركل عادت وقدمت للرئيس مبارك عزاءها فى روما وتبادلت معه النقاش حول الموضوع.
ألم يؤثر رد فعل الألمان البطىء على العلاقات المصرية الألمانية بالسلب؟
الفترة الأولى شهدت أخطاء من كل الأطراف لكن الحكومة الاتحادية اتخذت إجراءات استثنائية إيجابية، بعد الجريمة، حيث وافقوا على نقل الجثمان يوم الأحد «نهاية الأسبوع» بعد اتصالات عالية المستوى، ثم ثار جدل حول حضانة نجل مروة لأن المحكمة أمرت فى البداية بإيداعه لدى أسرة ألمانية تنفيذا للقانون الألمانى، لكن الحكومة استجابت لتدخلاتنا ووافقت على تسليم الطفل لعمته أثناء غيبوبة والده، ثم أنهى المسئولون الإجراءات بعد شفاء الوالد من الغيبوبة، وهذه الإجراءات الاستثنائية لا تشهدها ألمانيا إلا فيما ندر.
ثم أجريت التحقيقات وأعد الادعاء قراره بشكل شفاف وواضح، وأدارت رئيسة المحكمة إجراءات القضية بمنتهى الصرامة والعدالة ورفضت محاولات التعطيل.. كل هذا يؤكد شفافية وإيجابية النظام.. رغم المآخذ على التعامل السياسى فى أول أيام الأزمة.
ألم تتأثر العلاقات بموقف ألمانيا الرافض لترشيح الوزير فاروق حسنى أمينا عاما لليونسكو؟
هذا الموضوع له أكثر من شق.. الأول أن ألمانيا كانت واضحة منذ البداية وأبدت رغبتها فى انتخاب أمين عام من أوروبا، على عكس بعض الدول التى وعدت مصر بمساندة حسنى ثم أخلفت، كما أن تصريحات الوزير بشأن اليهود زادت ألمانيا رفضا له بسبب حساسية الألمان الشديدة لهذه الأمور بسبب الماضى النازى، وبالتالى فقد كانوا واضحين فى رفضهم دون مواربة.
والعلاقات المصرية الألمانية أكبر وأرسخ من أن يؤثر فيها هذا الموقف الخلافى، ففى المقابل نحن أيضا نعارض مساعيهم فى الانضمام اليوم قبل غد لمجلس الأمن كعضو دائم، بسبب تمسك مصر بعدم إجراء توسيع للمجلس إلا بعد إصلاحه بالكامل، بينما ترغب ألمانيا فى انتزاع المقعد الدائم أولا ثم الحديث عن الإصلاح.. وهذا التباين فى الآراء لم يؤثر يوما على قوة العلاقات.
وما آخر المستجدات فى قضية استرداد تمثال رأس الملكة نفرتيتى؟
هذا الموضوع تتم متابعته على المستوى الفنى حتى الآن بين المجلس الأعلى للآثار والمتحف المصرى ببرلين، ولم تصل إلى المستوى السياسى، وآخر المعلومات لدينا أن د. زاهى حواس سيجتمع بالمسئولين الألمان فى مصر الشهر القادم، وأكد الألمان استعدادهم لتقديم جميع الأوراق لمراجعتها، وقد يصل الجانبان إلى اتفاق بنهاية المفاوضات التى ستبدأ قريبا.
ما مدى تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وألمانيا؟
الألمان يمتلكون اقتصادا هو الأكبر فى أوروبا والثالث على مستوى العالم، لكن علاقتنا الاقتصادية معهم لا ترتقى إلى مستوى العلاقات السياسية ولا تعكس إمكانيات الدولتين.. فألمانيا كانت تهدف فى السنوات الماضية إلى استيعاب ألمانيا الشرقية ودول أوروبا الشرقية الخارجة حديثا من عباءة الاشتراكية، ونجحت الحكومة الاتحادية بالفعل فى سياسة الاستيعاب إلى حد كبير واستطاعت تنمية أسواقها التقليدية فى أوروبا، وأعتقد أنها حاليا تبحث عن مجالات نوعية وجغرافية جديدة.. وهذه فرصة مصر الأساسية.
فالعلاقات الاقتصادية بين ألمانيا والعالم العربى كانت محدودة لفترة طويلة وتقتصر على بيع منتجاتها مقابل البترول، لكن العولمة فتحت آفاقا جديدة وظهرت مجالات واسعة تصلح للتعاون مع ألمانيا مثل الطاقة الجديدة والمتجددة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والمنسوجات، ولم تتحقق حتى الآن إلا خطوات بسيطة فى مشوار تعاون مصر وألمانيا فى هذه المجالات.
ما أهم معوقات الإسراع فى تنمية العلاقات الاقتصادية؟
الألمان لم يخاطروا بالاستثمار فى سوق غير مضمونة، لذلك يجب علينا العمل على التعريف بأنفسنا وإمكانياتنا، وفى الزيارة الأخيرة لوزير التجارة رشيد محمد رشيد إلى برلين اصطحب معه ممثلى 40 شركة مصرية عقدوا ورش عمل مع رجال أعمال للتعريف بإمكانياتهم ومحاولة تشجيع نظرائهم على تنمية استثماراتهم فى مصر، وهذه اللقاءات تعتبر البداية حيث يجب أن تتكرر على مستويات قطاعية وجغرافية كأن يتوجه رجال الأعمال المصريون المهتمون بالتجارة فى قطع غيار السيارات إلى الولايات الألمانية المعروفة بهذا النشاط، ولا يكتفون بزيارة برلين العاصمة.
أيضا يجب علينا أن نعمل على مستويات الشركات فى ألمانيا، فما لا يعرفه الكثيرون أن الاقتصاد الألمانى قائم بنسبة 80٪ على الشركات الصغيرة والمتوسطة.. وعندما كنت سفيرا لمصر فى البرازيل فوجئت بأن حجم استثمارات الشركات الصغيرة والمتوسطة الألمانية فى ولاية واحدة هى ساوباولو يتجاوز أى ولاية ألمانية، مما يدل على وجود قوة جذب ضخمة للاستثمارات، وعلينا الاقتداء بهذه السياسات سواء على المستوى الحكومى أو القطاع الخاص، فالحكومة عليها مد يد العون للشركات لتعرف إمكانيات السوق الألمانية، وعلى رجال الأعمال أن يعملوا على جذب الاستثمارات بشكل أكثر تنوعا ونشاطا.
ما أهم المجالات التى يسرى فيها تعاون البلدين اقتصاديا؟
ألمانيا أكثر دولة فى العالم استضافة للمعارض الدولية، ومصر تشارك بقوة فى أجنحة الصناعات الغذائية والمنسوجات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة التى تعتبر صناعة مستقرة ومتطورة للغاية، كما أن مجال الطاقة الجديدة والمتجددة قابل للتنمية لكون ألمانيا الدولة رقم واحد فى العالم من حيث الاهتمام بها، ومصر تمتلك إمكانيات ضخمة لاستغلالها فى توليد هذه الطاقات، وعلى الحكومة منح المستثمرين فى هذا المجال المزيد من حوافز الاستثمار حتى تستقر هذه الصناعة وتلقى الشركات الألمانية المتخصصة فيها بثقلها على أرض مصر.
كم يبلغ حجم الاستثمار الألمانى فى مصر؟
للأسف الرقم ضعيف جدا وهو 250 مليون يورو علما بأن ألمانيا من أكبر المستوردين والمصدرين والمستثمرين فى العالم، أى إنه يتوجب علينا تقديم صورة أفضل لأسواقنا.
وماذا عن التبادل الثقافى والتعليمى؟
من أنشط مجالات العمل المشترك بين البلدين، لدينا بعثة دراسية فى ألمانيا هى الأكبر فى أوروبا، وتقدر بما يزيد على ألف طالب معظمهم من دارسى الدكتوراه فى المجالات العلمية الحديثة والمتخصصة، كما أن هناك ربطا متزايدا بين الجامعات المصرية والألمانية، وأضافت الجامعة الألمانية فى مصر زخما إلى هذه الشراكة المثمرة.
كم عدد المصريين العاملين فى ألمانيا؟
لا نعرف على وجه التحديد بسبب حصول العديد منهم على الجنسية الألمانية وعدم قبول ألمانيا بازدواج الجنسية، وعندما يعود هؤلاء إلى مصر يستردون جنسيتهم دون إعلامنا، فلا نحصل على أرقام صحيحة.. خاصة أن العدد المعلن من قبل ألمانيا ضئيل جدا وهو 11 ألف شخص.
ما طبيعة المشاكل التى يعانون منها؟
منذ توليت منصبى لم تأتنى شكاوى تعكس وجود مشاكل مؤثرة، وقد يكون هذا سببه أن المصريين يتأقلمون بطبيعتهم مع المجتمعات الأجنبية، وتبقى معظم المشاكل شخصية الطابع ومعظمها أسرية خاصة بالمصريين المتزوجين من ألمانيات، حيث اعتدنا أن يتدخل القضاء الألمانى للفصل فيها.
ألم ترفع لك شكاوى عن رفض عمل المصريات المحجبات كما حدث ذات يوم لمروة الشربينى؟
لم يحدث، وموضوع رفض توظيف مروة سمعت عنه كما سمعتم تماما، وأعتقد أن هذا الرفض يكون سلوكا فرديا من صاحب عمل لا يستوعب الآخر ويحتاج لتقويم من الدولة حتى يشارك فى عملية دمج الأجانب.
وبالمناسبة.. أنا أعتبر مروة رمزا للاندماج.. كانت تعرف الألمانية وتعمل وتربى ابنها فى حضانة ألمانية.. وبالعودة لأزمة الاندماج فإن المهاجرين الروس الذين ينتمى إليهم قاتل مروة ويزيد عددهم على مليونين يعانون أيضا من مشاكل فى اللغة والتعليم.
ما وضع المدارس الإسلامية ومناهج تعليم العربية والدين الإسلامى تحت مظلة سياسة الاندماج؟
الوضع حاليا أفضل بكثير من الماضى، فالعربية باتت اللغة الثالثة والرابعة فى بعض المدارس، وتخصص للطلبة المسلمين مناهج جيدة، ويتم تسليط الضوء على الإسلام فى مناهج التاريخ بشكل أكثر تفصيلا من ذى قبل، فمنذ عشرات السنوات كان الطلاب فى الغرب يتعلمون فقط أن الإسلام كان عدوا للمسيحية.
ولعل سياسة الاندماج ستسغرق وقتا لتثمر بشكل ملموس، لكن المهم أنها تغرس فى عقل الطفل قبول الآخر وأن لا أحد فى العالم يمتلك الحقيقة المطلقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.