«مهرجان حكومى» بهذا الوصف عبر أحد ضيوف مهرجان القاهرة للإعلام العربى عن حالة الملل التى تسربت إليه من حضور حفل الافتتاح الذى أقيم فى مدينة الإنتاج الإعلامى، نظرا لطول الكلمات الرسمية التى ألقاها رؤساء الوفود، وفترة التكريم الطويلة التى استمرت لما يقترب من الساعة. جاء هذا الوصف فى الوقت الذى نجح فيه المهرجان فى خلق حالة من الإبهار لدى رواد حفل الافتتاح الذى حضره حشد كبير من نجوم الفن لم يتوافر لأى مهرجان مماثل. والإنفاق بسخاء على كل المفردات التى جعلت أوبريت «عالم واحد» الغنائى يخطف الأنظار معلنا عن انطلاق الدورة الجديدة، وهو الأوبريت الذى وضع كلماته الشاعر جمال بخيت، ولحنه الموسيقار عمار الشريعى، وشارك فى تقديمه نخبة من نجوم الغناء فى الوطن العربى مثل: خالد سليم ومروان خورى وجنات وهيثم شاكر وكارول سماحة ورحاب مطاوع. خرجت هذا العام أصوات لتشكك مبكرا فى نتائج لجان التحكيم قبل إعلانها، استنادا إلى أن اللجنة العليا للمهرجان مشكلة من رؤساء القطاعات وأن الأمين العام للمهرجان هو رئيس شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، وبذلك يرأس كل منهم مؤسسة من المؤسسات المتنافسة على جوائز المهرجان. ويضاف إلى ذلك الاستعانة بالإعلامى يوسف شريف رزق الله رئيسا للجان تحكيم مسابقات التليفزيون رغم أنه يحمل صفة وظيفية فى مدينة الإنتاج الإعلامى، وكذلك اختيار تهانى حلاوة نائبة له رغم أنها رئيس قطاع الإنتاج البرامجى فى المدينة، وهو ما طرح علامات استفهام حول حيادية لجان التحكيم، والتى يرد عليها شريف رزق الله بقوله: «إن رئيس لجان التحكيم ونائبه عملهما تنظيمى، وهناك لجنة لكل قسم تضم خبراء فى تخصصها وهم الذين يختارون الأعمال الفائزة، وتدخلنا يكون فى أضيق نطاق». فى المؤتمر الصحفى الذى سبق انعقاد الدورة الخامسة عشرة، تلقت إدارة المهرجان متمثلة فى المهندس أسامة الشيخ رئيس المهرجان وإبراهيم العقباوى الأمين العام، وعبداللطيف المناوى أمين لجنه الإعلام والندوات، أسئلة حول تكرار أسماء أعضاء لجان التحكيم فى كل الدورات، وكيفية تخليص المهرجان من السمعة السيئة التى تلاحقه بسبب وجود توازنات فى مسألة منح جوائز المهرجان، وغض الجميع البصر عن جزء كبير من السؤال، واكتفت المنصة بالرد على جزء من السؤال بإعلان رئيس المهرجان عن المضى فى مشروع قاعدة بيانات للمهرجان ستحل كل المشكلات المتعلقة باختيار لجان التحكيم وضيوف المهرجان وغيرها من الأمور الأخرى. ولكن لم يقترب أحد من المشكلة الأساسية، وهى أن هذا المهرجان الذى يتم الإنفاق علية 8 ملايين من ميزانية الدولة كل عام، تلاحقه سمعة سيئة، وأنه مهرجان حكومى له توازناته وحساباته السياسية، وهى المشكلة التى يرى عدد كبير من الإعلاميين أن حلها فى إنشاء مؤسسة غير حكومية تدار من خلال مجلس أمناء مكون من خبراء فى مختلف المجالات، وتكون مهمة هذه المؤسسة تنظيم وإدارة المهرجان تحت الرعاية المباشرة لوزارة الإعلام، ليكون له فى ذلك أسوة بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى استطاع أن يستمر 33 سنة بخطوات ثابتة، وتمكن من انتزاع الصفة الدولية من الاتحاد الدولى للمهرجانات. تعامل المهرجان بسخاء مع كل مفرداته بداية من حفل الافتتاح الضخم مرورا بلجان التحكيم التى تضم 24 لجنة، ووفر لها كل الإمكانات لتنجز عملها على أكمل وجه قبل انطلاق أعمال الدورة 15 رسميا مساء الأربعاء الماضى، وكذلك الندوات التى تستضيف خبراء فى الإعلام والدراما والرياضة والسياسة، وتحمل عناوين تمثل الموضوعات التى شغلت الرأى العام على مدار عام مضى. ووصولا إلى توفير جسر من السيارات لربط مبنى ماسبيرو بمقر المهرجان فى مدينة الإنتاج الإعلامى، ولكنه أصدر كتابا هزيلا عن المكرمين لا يليق بأسمائهم، كما لا يليق بحجم مهرجان اقترب من سن الرشد، فالواضح أن الكتاب تم إنجازه على عجل وقبل ساعات فقط من انطلاق هذه الدورة بسبب إضافة العديد من الأسماء لقائمة المكرمين فى اللحظات الأخيرة، مما تسبب فى أخطاء كثيرة منها أن اللواء أحمد أنيس من مواليد عام 1964. ورغم إعلان الأمين العام إبراهيم العقباوى أن ميزانية المهرجان هى 8 ملايين جنيه فإن المتابعين يؤكدون أن حجم الإنفاق فى الدورات السابقة تجاوز 12 مليون جنيه، ينتظر أن تزيد هذا العام بنسبة تصل إلى 10%، لافتين إلى أن قطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون تضخ من ميزانياتها فى المهرجان من خلال إنتاج الحفلات والأنشطة الموازية للمهرجان. بلغت قيمة عائدات المهرجان، هذا العام، 310 آلاف دولار نظير اشتراك الأعمال التليفزيونية والإذاعية المتنافسة فى مسابقاته، دفع منها اتحاد الإذاعة والتليفزيون والجهات التابعة له 142.450 ألف نظير الأعمال التى تمثل مصر فى مسابقات المهرجان.