فى بريطانيا يقولون إن مشكلة الاقتصاد البريطانى تتمثل فى أن الأفراد لا يعملون بجدية بما فيه الكفاية فالأغنياء دائما ينتقدون الفقراء. فبينما يتجولون بسياراتهم الفارهة والمكيفة ينظرون بتعال للعمال وقت راحتهم ويقولون إنهم لا يعملون بجد هذا ما يحدث فى بريطانيا وألمانيا ومصر وكل مكان بالعالم، هكذا وصف كريس هارمان، عضو حزب الأعمال البريطانى والمفكر الاقتصادى والصحفى ذو الخلفيات الاشتراكية العلاقة بين الأثرياء والفقراء. قراءة هارمان للأزمة المالية العالمية تتركز فى أن السبب فى الأزمة يعود إلى طبيعة النظام الرأسمالى ذاته، حيث يرى أنه مع انخفاض ربحية الشركات اتجهت الرأسمالية إلى تخفيض أجور العمالة، الأمر الذى دفع المؤسسات المالية لإقراض الطبقة العاملة بأكثر مما تحتمل لا يتفق مع فكرة نهاية الرأسمالية، «الرأسمالية ستستمر حتى تقضى عليها الجماهير». كما جاء على لسانه. الزومبى والعمال القطاع المصرفى بعد الأزمة «زومبى مفترس» فى نظر هارمان، والزومبى هم موتى عادوا للحياة فى إحدى الأساطير الأفريقية، وهو العنوان الذى اختاره هارمان لكتابه الأخير «رأسمالية الزومبى» على الرغم من أن الحكومات أنقذت المؤسسات المالية من الانهيار إلا أن هذه المؤسسات تتحكم الآن فى سياسات الحكومات، «تظن أنك قتلت الزومبى لكنه يعود من الموت ليقتلك». يتوقع هارمان أن تسعى الحكومات فى الفترة القادمة إلى استعادة ما أنفقته على خطط إنقاذ القطاع المالى من خلال تقليص الإنفاق العام على الخدمات والأجور. «هناك عدة سيناريوهات مستقبلية ربما تتكون فقاعات اقتصادية جديدة فى الفترة المقبلة أو أن يدخل الاقتصاد الأمريكى فى موجة ركود لفترة طويلة أو أن ينهار الاقتصاد، لكن الأمر المؤكد هو أن العمال هم الذين سيدفعون الثمن». من سيقود العالم بعد الأزمة؟ وعن الشعور الشائع بأن الصين مؤهلة لتكون القوة العظمى الاقتصادية، التى توجه الاقتصاد العالمى فى الفترة القادمة، يشير هارمان إلى أنه بينما نمت الصين بشكل كبير فى العقود الثلاث الأخيرة، فإن الاقتصاد الصينى يمثل 7.5% فقط من الاقتصاد العالمى لذا فهو ليس كبيرا بما يكفى ليحل محل الاقتصاد الأمريكى والأوروبى بعد الأزمة، تبعا لهارمان. ولكن من سيقود العالم إذن؟. «لا أمريكا ولا أوروبا ولا الصين تستطيع أن تقود الاقتصاد العالمى فى الفترة المقبلة فمنذ حقبة السبعينيات، وكل عقد يشهد نموا فى منطقة وركودا فى منطقة أخرى، فمنذ 18 سنة قيل أن الاقتصاد اليابانى سيهيمن على الاقتصاد الأمريكى ثم دخلت اليابان فى أزمة وكذلك شهدت الولاياتالمتحدة نموا كبيرا حتى دخلت فى أزمة فقاعة شركات تكنولوجيا المعلومات والآن يشهد الاقتصاد الأمريكى ركودا، والصينى نموا ولا أحد يعرف ماذا سيحدث فى المستقبل». وعن مستقبل الاقتصاد العالمى بعد خطط الإنقاذ الحكومية بضخ المليارات لتجنب الكساد الاقتصادى، قال هارمان: «لا أعتقد أن لدى صناع القرار استراتيجية للخروج من الأزمة، فهم ما زالوا خائفين من ضغط الإنفاق الحكومى حتى لا يدخل الاقتصاد فى أزمات جديدة». الفقراء يدفعون الثمن بالعودة إلى الوراء قليلا قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية فى سبتمبر 2008 كان الجدل فى مصر دائر عن أولويات النمو والسياسات الاجتماعية، هل نعطى الأولوية لتحسين دخول الأفراد أم نقدم الحوافز للمستثمرين لينعكس النمو على المواطن بعد ذلك؟ التاريخ يثبت تبعا لهارمان أنه عندما يزداد الأثرياء ثراء، يزداد الفقراء فقرا ضاربا المثل بالتجربة الأمريكية، حيث ازدادت الثروة الأمريكية فى الثلاثين عاما الأخيرة، وذهبت هذه الثروة إلى أفراد قليلين فى قمة المجتمع الأمريكى، بينما لم ترتفع متوسطات أجور العمالة خلال هذه الفترة.