قبيل عيد الأضحى بأسابيع قليلة، سجلت أسعار اللحوم رقما قياسيا جديدا ليرتفع سعر الكيلو 5 جنيهات دفعة واحدة خلال شهرين فقط «من رمضان وحتى عيد الأضحى»، بعد أن كانت الزيادة السنوية لا تتجاوز الجنيهين وسط توقعات بزيادة جديدة بمعدل 5٪. خمسون جنيها للكيلو هو السعر الجديد للحوم فى معظم أحياء القاهرة، أما فى الأحياء والضواحى الراقية والهايبر فالسعر يتراوح بين 55 و60 جنيها، وقد أضفت الحكومة الشرعية على هذه الزيادة من خلال رفع أسعار لحوم المجمعات التى تمثل حائط الصد الأخير للمواطنين فى حرب اللحوم. فقد رفعت الشركة القابضة للصناعات الغذائية السعر هى الأخرى بواقع 5 جنيهات لكيلو الكندوز البلدى ليرتفع من 33 إلى 38 جنيها، وكذلك الحال بالنسبة للحوم الضأن التى ارتفعت بواقع 5 جنيهات لتتراوح بين 21 و27 جنيها للكيلو.. وبينما اتفق الجزارون والمجمعات على أن الموردين هم سبب الزيادة، ألقت جمعيات حماية المستهلك المسئولية على الحكومة التى لم تحاول برأيهم إيجاد حلول لمشكلة نقص اللحوم، وتخلت عن المشروعات التى بدأتها فى هذا المجال، ولم تكتف بذلك بل ساهمت فى المشكلة برفع أسعار المجمعات وأسعار صندوق التأمين على الماشية التابع لوزارة الزراعة لتصبح هذه الزيادة مبررا مثاليا للجزارين. 60٪ عجزاً فى الإنتاج «الثروة الحيوانية قلت والحكومة منعت استيراد العجول الحية» هذه بعض مبررات محمد غنيم «جزار» لزيادة أسعار اللحوم الأخيرة والذى يقول إن الحكومة لا تسمح إلا بدخول العجول المذبوحة خشية الأمراض وهناك مستورد وحيد للعجول الحية يمتلك مجزرا فى ميناء العين السخنة وهو لا يورد سوى للسلاسل الكبرى والهايبر، مشيرا إلى أن الحكومة أوقفت مشروع البتلو الذى كان يمثل أحد المصادر المهمة لسد جانب من حاجة السوق، ومع كل زيادة نطالب بإحياء المشروع دون جدوى وهو ما ترتب عليه نقص المعروض «أشتريه بالغالى وأبيعه بالغالى» يلخص غنيم القصة لافتا إلى أن سعر كيلو اللحم زاد نحو 9 جنيهات فى العامين الأخيرين وبتفاصيل أكثر يقول سعر «القائم» يتراوح الآن بين 25 و26 جنيها وكيلو اللحم الخام من المجزر ارتفع سعره من 27 إلى 33 جنيها أما أسعار البيع للمستهلك بحسب غنيم فتتراوح الآن بين 50 و56. ويقدر محمد وهبة رئيس شعبة القصابين فى الغرفة التجارية الزيادة فى استهلاك اللحوم بسبب عيد الأضحى بنحو 500% فى حين أن عجز الإنتاج يصل إلى 60% وأسباب ارتفاع أسعار اللحوم بحسب وهبة معروفة للحكومة وتتكرر كل عام وتمت إثارتها فى الشعبة قبل عشرة أيام وفى حضور ممثلين لوزارتى الزراعة والتجارة وطالبنا بعودة مشروع «البتلو» الذى كانت وزارة الزراعة تتولاه وكان يمكن أن يصل بنا إلى الاكتفاء الذاتى كما طالبنا بأن تستورد وزارة الزراعة بنفسها العجول الحية بعد الكشف عليها والتأكد من سلامتها وطرحها للبيع فى السوق مما يزيد من المعروض ويسد فجوة الإنتاج، لكن عادة ما تنتهى الاجتماعات على وعود طيبة فقط. يشير «وهبة» إلى أن الحكومة قامت بزيادة أسعارها سواء فى المجمعات أو الأماكن التابعة لوزارة الزراعة، حيث يبيع صندوق التأمين على الماشية التابع لوزارة الزراعة الكندوز الجاموسى بواقع 47 جنيها للكيلو وهذا اعتراف منها بزيادة التكلفة. ويتوقع رئيس شعبة القصابين بأن تشهد اللحوم زيادة جديدة قدرها 5% بحلول العيد. لا أكسب مليماً واحداً «لا أكسب مليما واحدا فى اللحم» هكذا يؤكد إبراهيم الدسوقى نائب رئيس الشركة القابضة الغذائية الذى يلقى بالمسئولية على الموردين الذين رفعوا الأسعار 20% ويقول «حاولنا الضغط عليهم وأوقفنا الشراء لمدة أسبوعين حتى يتراجعوا عن الزيادة دون فائدة، تدخل بعض الوزراء ولم يسفر التدخل عن شىء، فالمسألة عرض وطلب.. فى النهاية اضطررنا للتعامل مع الموردين واشترينا بالسعر الجديد» والشركة اضطرت لرفع أسعار اللحم الكندوز والضأن يضيف الدسوقى لكن البتلو ظل كما هو دون زيادة ليظل عند 26 كيلو. فى المجمعات تكتمل الصورة.. يقول «أصبح عبدالرحمن» مدير فرع سومانيل الألفى: «نتسلم حصتنا من اللحوم من الشركة المصرية للحوم وفى الشهر الماضى لم نتسلم لحوما بعد زيادة أسعار الموردين بواقع 5 جنيهات لأول مرة فقد كانت الزيادة السنوية بمناسبة عيد الأضحى لا تزيد على جنيه وفى ظل زيادة الأسعار عند الجزارين إلى مستوى 50 جنيها تقرر البيع بالزيادة الجديدة ورغم ذلك فالفارق فى السعر بين المجمعات والجزارين يصل إلى 12 جنيها وأحيانا أكثر. «لا يوجد أى فارق فى النوع بين لحم المجمعات والجزارين، فالمورد واحد والمجزر واحد» هذا ما يؤكده مختار محمد مدير مجمع الأهرام بالعتبة، مشيرا إلى أن لحوم المجمعات مضمونة أكثر من الخارج والشركة لا تحقق أى مكاسب رغم زيادة الأسعار بواقع 5 جنيهات للحوم البلدى والضأن فهى تهدف إلى إحداث نوع من التوازن بين الأسعار فى السوق أمام المستهلك وبحسب محمد فإن العجول المستوردة من البرازيل والتى تذبح بميناء العين السخنة أقل تكلفة من اللحوم البلدية وهى تباع بأسعار مرتفعة فى الهايبر، بينما يمكن أن تباع بأسعار أقل فى المجمعات لو نجحت الشركة القابضة فى الحصول عليها. مصدر مسئول فى الشركة القابضة أكد ما يقوله مختار محمد بشأن لحوم السخنة، مشيرا إلى أن الشركة تبحث عمن «يتوسط» لها لدى المستورد «دانى خلف» المورد الأساسى للحوم الحية والمذبوحة فى ميناء السخنة لكى يوافق على البيع للشركة. التعاونيات هى الحل جمعيات حماية المستهلك حاولت حل مشكلة ارتفاع أسعار اللحوم على طريقتها وكما يقول جمال زقزوق رئيس جمعية حماية المستهلك فى الإسكندرية، فإن الجمعية اتفقت مع شركة الإسكندرية للمجمعات الاستهلاكية على عمل منافذ لبيع اللحوم الكندوز والضأن بالمناطق الشعبية وأماكن التجمعات مثل الصالحية وسوق باكوس ومنطقة الرمل وسوف نوفر الأماكن بالتنسيق مع المحافظة، بينما توفر شركة المجمعات اللحوم التى تباع بنفس أسعار المجمع. وتوقع زقزوق حدوث إقبال كبير على هذه المنافذ خاصة بعد الارتفاع الكبير فى أسعار اللحوم. الجمعيات التعاونية هى الحل بحسب سعاد الديب نائب رئيس الاتحاد العام للمستهلك العربى وعضو مجلس إدارة حماية المستهلك التى ترى أن الجمعيات التعاونية سند للمجمعات، ودورها مكمل لها فى توفير السلع بسعر مناسب للمستهلك، وتؤكد أن الفترة القادمة سوف تشهد دورا إيجابيا للتعاونيات بالتنسيق مع جمعيات حماية المستهلك لتوفير جميع السلع وليس اللحوم فقط. تشير الديب إلى أن رحلة صعودأسعار اللحوم بدأت مع شهر رمضان واستمرت طوال الأسابيع الأخيرة لتقفز قفزة كبيرة فى ظل تجاهل تام من جانب الحكومة التى ساهمت هى الأخرى فى جانب من المشكلة ليس فقط بزيادة أسعار المجمعات 5 جنيهات مرة واحدة ولكن من خلال إيجاد المبرر القوى للجزارين لرفع الأسعار «على حس الحكومة». فكرة المقاطعة لم تجد قبولا كبيرا تبعا لما تقوله سعاد الديب، فالمستهلك يخشى ارتفاع أسعار أنواع الغذاء الأخرى مثل الدجاج والأسماك وحتى البقوليات.. وانتقدت الديب غياب الحكومة عن القيام بدورها سواء فى مراقبة الأسواق والحد من الارتفاع العشوائى وغير المبرر لأسعار بعض السلع مثل اللحوم أو من خلال توفيرالمعروض منها محليا أو عن طريق الاستيراد بواسطة هيئة السلع التموينية بالتنسيق مع الزراعة مما يقلل التكلفة.