قبل ساعات من توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، إلى لبنان، للمرة الثانية في أقل من شهر، اعتبرت صحيفة "لكسبريس" الفرنسية، أن رهان ماكرون محفوف بالمخاطر، لأنه يراهن على حقبة سياسية جديدة في هذا البلد، بعد الانفجار الهائل الذي ضرب قلب بيروت، زاعما بأن زيارته من أجل إخراج لبنان من الأزمة. وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن ماكرون يستغل النفوذ التاريخي لفرنسا في لبنان، وفي المنطقة من خلال التظاهر بالوقوف إلى جانب اللبنانيين بعد الانفجار المزدوج في بيروت، مشيرة إلى صور زيارته الأولى إلى موقع الإنفجار، بعد يومين من الكارثة التي دمرت أحياء بأكملها في بيروت، والتي انتشرت حول العالم. وتابعت: "دعا ماكرون، الذي أشاد به اللبنانيون الغاضبون من قادتهم، إلى وضع سياسة جديدة وإصلاحات عاجلة". ولفتت الصحيفة إلى صيحات اللبنانيين، أثناء تجول ماكرون في العاصمة اللبنانية، قائلين:" تحيا فرنسا" باللغة الفرنسية، ووعد ماكرون بالعودة "لتقييم" التقدم الذي تم إحرازه في الأول من سبتمبر، وهو نفس اليوم الذي سيُحتفل فيه بالذكرى المئوية لتأسيس دولة لبنان الكبير (لبنان الحديثة)، ثم تحت الانتداب الفرنسي. ووفقا "لكسبريس" فإن ماكرون، الذي ساعد بالفعل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري في عام 2017 للعودة من السعودية، يعد جزءا من علاقة تقليدية قوية للغاية بين فرنساولبنان. ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مدير معهد فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية في بيروت، جوزيف باحوط، قوله: "سيعود ماكرون ليرى عدم التقدم. إنها مخاطرة سياسية لأنه التزم بكلمته"، مضيفا أن النخبة السياسية التي يندد اللبنانيون بإهمالها وفسادها، بقيت صماء عن أوامر ماكرون، وشعاره بأنه "لا مساعدات مالية دولية بغير إصلاحات". ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أن الإشارة الوحيدة الملحوظة هي المشاورات البرلمانية التي انعقدت الاثنين، لتعيين رئيس حكومة جديد خلفا لحسان دياب، وذلك قبل ساعات قليلة من عودة الرئيس الفرنسي إلى بيروت. وتابعت: "لا يزال الرئيس الفرنسي وحده على المسار الصحيح في الملف اللبناني"، موضحة أن الولاياتالمتحدة بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تنتهج استراتيجيتها الخاصة بالضغط الأقصى ضد إيران وحزب الله، تبتعد تماما عن الملف". بدوره، اعتبر مصدر دبلوماسي في بيروت أن "تعيين رئيس للوزراء قبل زيارة الرئيس الفرنسي، لا يعني أن تشكيل الحكومة سيكون سلسا"، موضحاً أنه رغم طرح اسم مصطفى أديب حاليا ليشغل منصب رئيس الوزراء (تم تكليفه رسميا) إلا انه قد تستغرق هذه العملية شهورًا بسبب الخلافات السياسية العميقة وألعاب المصالح بين العشائر الطائفية، وبالتالي رفض أي احتمال للإصلاح. من جانبها، رأت صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية، أنه رغم حصول مصطفى أديب، الأستاذ الجامعي، وسفير لبنان في ألمانيا، على دعم القوى السياسية، لكنه غير المعروف نسبيًا لدى الجماهير، كما أنه مقرب من رئيس الوزراء الأسبق والملياردير نجيب ميقاتي، وهو ما سترفضه حركة الاحتجاج الشعبية. من جهته، قال الأستاذ في الجامعة الأمريكية في باريس، زياد ماجد: "في ظل هذه النخبة السياسية،لا يمكن إجراء إصلاح جاد لأن سبب وجودها هو المحسوبية والطائفية والفساد"، مضيفا: "إنهم يريدون فقط الوضع الراهن، الأموال التي تأتي حتى يتمكنوا من تهدئة بعض الغضب قليلا، وانتظار الانتخابات الأمريكية"، بحسب صحيفة "لكسبريس". وربط الباحث اللبناني بين انتصار المرشح الديمقراطي جو بايدن، وبين الوضع في لبنان، موضحا أنه حال فوزه سيؤدي الأمر بالتبعية إلى استرخاء العلاقات بين الولاياتالمتحدةوإيران وبالتالي تعزيز حزب الله اللبناني الشيعي القوي الموالي لإيران. ويسيطر حزب الله وحلفاؤه على الأغلبية في البرلمان ويحتفظ بحكم الأمر الواقع بنفوذ كبير في النظام السياسي اللبناني. في المقابل، تكافح حركة الاحتجاج الشعبي التي ظهرت في خريف عام 2019 لسماع صوتها، على الرغم من السخط الذي أحدثه الانفجار. فيما قال مصدر دبلوماسي آخر: "إنهم راضون تماما عن رؤية الفرنسيين يتجهون إلى الخطوط الأمامية، فيما تخشى دول المنطقة من تزايد ثقل منافستها الإيرانية في لبنان". وتابع: "في نهاية المطاف، إذا لم يحصل على نتائج ملموسة، قد يضطر ماكرون إلى الابتعاد عن الملف اللبناني لفترة طويلة".