أمريكا تتهم إديسينا بالفساد وتحشد المساهمين من دول الشمال ضده نيجيريا تواجه ضغط واشنطن بتكتل أفريقي للدفاع عن وزيرها السابق للزراعة
قبل 3 أشهر تقريبا، فجأة، وجد دكتور إكينوامي إديسينا، الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الإفريقي، نفسه رمزا وأداة لصراعين حادين، شمالي جنوبي وأمريكي صيني، يهددان إعادة انتخابه ليشغل نفس المنصب 5 سنوات أخرى، وذلك في شهر أغسطس المقبل. في نهاية شهر مارس الماضي، اتهمت الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهي ثاني أكبر مساهم في البنك، إديسينا بارتكاب نحو 16 مخالفة انتهكت قواعد العمل في البنك، وتحقيق مكاسب شخصية، وطالبت بإجراء تحقيق في تلك الاتهامات، وحشدت عددا من دول الشمال المساهمين في البنك، مثل فرنسا وفنلنده والسويد والنرويج والدنمارك، لدعمها في هذا الاتجاه، بحسب وكالة بلومبرج. بناء على ذلك، أجرت لجنة الحوكمة والقيم في البنك، والتي يرأسها الياباني تاكوجي يانو، تحقيقا في تلك الاتهامات، انتهى بتبرئة أديسينا تماما. رفضت أمريكا التبرئة وطالبت بلجنة تحقيق مستقلة من خارج البنك، وهو ما دعي نيجيريا لحشد الدول الأفريقية للتصدي للتكتل الذي تقوده أمريكا، في صراع يبدو كحلقة في سلسلة الصراع القديم والمتجدد بين شمال الأرض وجنوبها. إديسينا، يبلغ من العمر 60 عاما، وكان وزيرا للزراعة في بلاده نيجيريا، التي تعد أكبر مساهم في البنك، ووصفته «بي بي سي» في تقرير نشرته نهاية مايو الماضى، بأنه صاحب ملابس مميزة، وروابط عنق "كرافتات" ذات عدد من الألوان لا نهاية لها، ويعد المرشح الوحيد لهذا المنصب، وفقا لموقع دايلي تراست النيجيري، مشيرة في تقرير به كثير من الإشادة بأداء إديسينا في البنك، بدليل أن مؤسسة ستاندرد اند بورز منحت البنك في شهر يونيو الماضي تصنيف ائتماني مرتفع عند AAA/A_1+. « دايلي تراست» ترى أن هذا التصنيف يعني أن البنك مستقر وقوي وذو مرونة مالية مرتفعة. لكن أمريكا، وبحسب بي بي سي، ترى إديسينا فاسدا، استغل نفوذه لتحقيق مكاسب شخصية، كما اتهمته بمنح أجور ضخمة لبعض الموظفين في البنك، قبل استقالة غامضة بمدة قصيرة، وفوق ذلك تتهمه بمعاملة أبوجا، التي تضم المقر الرئيسي للبنك، معاملة تفضيلية في التمويل. "اتهام اديسينا بنيجيرية البنك ليس له محل من الإعراب، فعدد الموظفين النيجيريين به لا يتناسب إطلاقا مع حصة بلاده في رأسمال البنك"، قال أحد العاملين في البنك في تقرير بي بي سي. ورصد التقرير أكبر 10 مساهمين في البنك، ونسب الملكية، وهي نيجيريا 9.1٪، أمريكا 6.5٪، مصر 5،5٪، اليابان 5.4٪، الجزائر 4.1٪، ألمانيا 4٪، ساحل العاج 3.7٪، وأيضا كندا 3،3٪. ويصل عدد مساهمي البنك إلي 81 دولة، منهم 54 دولة أفريقية. إديسينا انكر التهم الأمريكية مرارا، وفي لقاء مع رئيس بلاده، محمد بخاري، والذي يدعمه كرئيس وبشكل شخصي كونه واحدا من كبار المساهمين الأفراد في البنك، قال إن الادعاءات الامريكية لا تستهدفه، ولكن تسعي لضرب قواعد العمل في البنك، خاصة انها بدون دليل أو وثائق تثبتها، "لقد قدمت دفاعي في 250 صفحة للجنة الحوكمة التي اثبتت براءتي" أضاف إديسينا لرئيس بلاده، بحسب موقع بريميوم تايم النيجيري. ومع ذلك أعلن البنك الاسبوع الماضي عن تشكيل لجنة محايدة من الخارج، تتكون من 3 شخصيات مرموقة عالميا، برئاسة، ماري روبنسن، المحامية البارزة في مجال حقوق الإنسان، ورئيس وزراء أيرلندا السابق، لمراجعة ما توصلت له لجنة البنك التي برأت اديسينا. بعض المحللين في الدول المختلفة، أشاروا إلي أن أمريكا لا تستهدف إديسينا، ولكنها ترغب في محاربة التوغل الصيني في القارة، خاصة أن هناك بعض الأصوات التي طالبت الفترة الماضية، وفي فترة رئاسة الوزير النيجيري السابق، بدخول الصين وبعض الدول الغنية بالنفط كمساهمين في البنك. وفي منتصف يوليو المااضي، قال أديسينا في مؤتمر دولي، إن الصين لا تحاول أن تستدرج الدول الأفريقية إلى فخ ديون، وأنها تقدم استثمارات مهمة مع الدول الأخرى لسد فجوة تمويل مشروعات البنية التحتية الحيوية في القارة، بحسب رويترز، وهو مايعني ترحيب الرجل بالوجود الصيني في القارة. دايلي تراست، ترى أن الإدارة الأمريكية منذ تولي دونالد ترامب رئاسة البلاد، تعمل على تغيير العالم جيوسياسيا، وتحارب التوغل الصيني في المؤسسات الدولية. لكن البعض يرفض هذا المنطق، ويرى ان اديسينا، صاحب الخطاب الفصيح، والماهر في جذب التبرعات، يتكلم اكثر مما يعمل، وأنه كما أن أداءه يكون جيدا في مواقف، يكون غير ذلك في أخرى، وانه في حالة عدم تعيينه مجددا ستعمل أمريكا على تحسين علاقتها مع إدارة البنك اللاحقة. وقال دانيال راند، رئيس الدراسات الدولية في البنك، إن التنمية الإفريقي الذي يقرض الحكومات بالقارة السمراء، يمثل احد المؤسسات القليلة التي لا تشارك فيها الصين وتمولها الغرب لتنمية القارة. وأضاف أن الصين ستسعي للتواجد في البنك بعد القضاء على وباء كوفيد 19، وتدرك أمريكا ذلك لذا ستسعي لضبط علاقتها بالإدارة بعد إديسينا. يذكر ان المساهمين وافقوا على رفع رأسمال البنك في أكتوبر الماضي من 100 مليار دولار الى 208 مليارات. ويساهم البنك في تمويل عدد كبير من المشروعات في مصر، من أهمها محطة توليد الطاقة الشمسية بنبان في اسوان.