بعد 3 أيام من اشتعال الصراع، هدأت المواجهات بين طرفي النزاع على إقليم ناجورنو- قره باغ، المتنازع عليه منذ 30 عاما، بين كل من جمهوريتي أذربيجانوأرمينيا، اللتان كانتا جزءا من الاتحاد السوفيتي السابق، في أعقاب سقوط عدد من الجنود بين قتيل وجريح في تبادل إطلاق النار اندلع يوم الأحد واستمر حتى أمس الثلاثاء على الحدود بين البلدين. واتهمت أرمينياوأذربيجان، بعضهما بانتهاك وقف إطلاق النار في منطقة حدودية مشتركة، تقع شمال المنطقة المتنازع عليها. وبحسب موقع "دويتشه فيله" الألماني، قالت وزارة الدفاع الأذربيجانية إن القوات المسلحة الأرمينية في منطقة تافوش (شمال شرق أرمينيا) الحدودية قصفت مواقع أذربيجانية، فيما أضافت شوشان ستيبانيان، المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية، أن الجيش الأذربيجاني هو الذي حاول كسر الحدود بسيارة تحت غطاء من نيران المدفعية. وقُتل 7 عسكريين ومدني أذربيجاني وعسكريان من أرمينيا الثلاثاء في اشتباكات حدودية في اليوم الثالث على التوالي، بحسب وكالة رويترز. وتقول "بي بي سي" إن نحو 16 شخصا قتلوا مؤخرا في النزاع الحدودي. وكان مسئولون أرمن قالوا إن طائرات مسيرة أذربيجانية شنت هجوما على بلدة بيرد في مقاطعة توفوش، واستهدفت البنية التحتية المدنية، وإن طائرة دون طيار أذربيجانية قد أسقطت، متهمين الجيش الأذربيجاني باستخدام المدنيين كدروع، وأنه قد وضع المدفعية بالقرب من قرية دوندار غوششو في منطقة توفوز على بعد حوالي 10 كيلومترات من الحدود. فيما نفى الجيش الأذربيجاني فقدان طائرة بدون طيار، وادعى بدوره أن قواته أسقطت طائرة بدون طيار أرمينية إنه دمر مدفعية أرمينية وألحق خسائر "بمئات" الجنود الأرمن. بحسب وكالة "أسوشيتد برس". وأعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية صباح اليوم 15-7 عن رصد 91 انتهاكًا من الجانب الأرميني لوقف إطلاق النار على الحدود خلال يوم أمس. بحسب موقع "دويتشه فيله" الألماني الذي قال إن وزارة الدفاع الأذربيجانية ردت على طلب لوكالة "إنترفاكس" الروسية إن الوضع على الحدود هادئ نسبيا في الوقت الحالي، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأرمينية عن حالة "هادئة نسبيًا" على الحدود، وكانت الوكالة الروسية قد ذكرت أمس أن "المدفعية لم تستخدم". وفرقت الشرطة في العاصمة الأذربيجانية باكو، ليلة أمس، مسيرة حاشدة لمتظاهرين مطالبين بالحرب مع أرمينيا المجاورة، بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع وتم اعتقال عشرات الأشخاص، ووفقا ل"دويتشه فيله" فهناك معلومات متضاربة حول عدد المتظاهرين، الذين شاركوا في مسيرة لدعم القوات المسلحة أمام البرلمان، حيث قدرتهم وسائل إعلام محلية بنحو 50 ألفا فيما تحدثت أخرى عن آلاف المتظاهرين. وتجمع المتظاهرون ساحة أزادليك (الحرية) وسط باكو طوال الليل مرددين: "قرة باغ لنا" و"المجد للجيش" "أعلنوا التعبئة"، واقتحموا مبنى البرلمان، فيما قامت الشرطة، بتفريقهم بالهراوات. - قلق دولي وإلى حد ما يشعر المجتمع الدولي بقلق إزاء تجدد هذا الصراع الذي يهدد بعدم الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز التي تمر عبرها خطوط أنابيب نقل النفط والغاز إلى السوق العالمية، حيث إن نشوب أي حرب بين البلدين يمكنها إغراق منطقة القوقاز بأكملها، حيث تتنافس كل من روسيا الحليف العسكري لأرمينيا، وتركيا الداعمة لأذربيجان على النفوذ الجيوسياسي في هذه المنطقة الاستراتيجية. وكان الأمين العام الأممالمتحدة أنطونيو جوتيريش، قد أعرب قبل يومين عن "قلقه البالغ إزاء التقارير التي تفيد بتبادل إطلاق النار، بما في ذلك بالأسلحة الثقيلة، على طول الحدود الدولية بين أرمينياوأذربيجان". وحثت روسيا الجانبين على وقف إطلاق النار والتحلي بضبط النفس. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين، إن موسكو"قلقة للغاية" ومستعدة لبذل جهود في الوساطة بين الجانبين. فيما دعت الولاياتالمتحدة، في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية يوم الاثنين بحسب "بي بي سي"، الجانبين إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، وقالت: "الولاياتالمتحدة تدين بأشد العبارات العنف على طول الحدود الدولية بين أرمينياوأذربيجان". من جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، على دعم بلاه لأذربيجان قائلا: "أدين بشدة الهجمات التي شنتها أرمينيا ضد أذربيجان الصديقة والشقيقة. تركيا لن تتردد أبدا في التصدي لأي هجوم على حقوق وأراضي أذربيجان".
وفي بيان للخارجية الفرنسية، أدانت فرنسا: "المواجهات العسكرية التي جرت، منذ يوم الأحد، على الحدود بين أرمينياوأذربيجان، وأسفرت عن مقتل عدد من الأشخاص". وقال متحدث باسم الوزارة إن "باريس تدعو كلا الطرفين إلى الالتزام بنظام وقف إطلاق النار واستئناف الحوار، تجنبا للتصاعد"، مشيرا إلى أن فرنسا، بصفتها رئيسا مشاركا (إلى جانب روسياوالولاياتالمتحدة) ل"مجموعة مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، تؤكد تمسكها بحل النزاع في قرة باغ على أساس القانون الدولي. - تاريخ المواجهات كان الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، قد علق على المواجهات التي جرت الأحد الماضي، بالقول إن "المغامرة العسكرية لأرمينيا تهدف إلى جر المنظومة السياسية-العسكرية التي تنتمي إليها، إلى النزاع"، في إشارة إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي، الحلف العسكري الذي تديره موسكو، وفقا ل"يورو نيوز". ويأتي تصعيد القتال بعد أيام فقط من انتقاد علييف للوسطاء الدوليين الذين يجرون مفاوضات سلام مع أرمينيا، واصفا العملية بأنها "لا معنى لها"، وفقا ل"بي بي سي"، نتيجة شعور أذربيجان بالإحباط لعدم التوصل إلى أي تقدم نحو تسوية الصراع بعدما يقرب من 3 عقود. وتسكن منطقة ناجورنو قره باغ المعترف بها دوليًا كجزء من أذربيجان أغلبية أرمنية، وهي معروفة للأرمن باسم أرتساخ، وقد ألحقتها السلطات السوفيتية بأذربيجان عام 1921، وعندما سقط الاتحاد السوفيتي في عام 1991، أعلنت استقلالها من جانب واحد بدعم من أرمينيا، وهو ما أشعل فتيل الحرب في ذلك الوقت، مخلفا أكثر من 30 ألف قتيل إلى أن تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار عام 1994، ومنذ ذلك الحين تتولى مجموعة "مينسك" التي تضم وسطاء دوليين وتشارك في رئاستها روسياوفرنساوالولاياتالمتحدة رعاية مفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق سلام؛ وفي العام 2016 تم كسر الهدنة خلال اشتباكات عنيفة منذ ذلك الحين تكرر الصراعات حول تلك المنطقة باستمرار وفقا ل"بي بي سي"، اقترح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إشراك الحكومة الانفصالية للمنطقة في مفاوضات السلام مع أذربيجان. لكن ذلك غير مقبول بالنسبة لأذربيجان التي تقول إن الخلاف مع أرمينيا وحدها. بعد أن أعلنت قرة باغ نفسها جمهورية مستقلة عام 1991، لم يتم الاعتراف بهذا الاستقلال حتى من أرمينيا، لكنها أصبحت الداعم المالي والعسكري للمنطقة، وفي ديسمبر 2006 وافقت المنطقة في استفتاء على دستور جديد اعتبرته أذربيجان غير شرعي، لكن قرة باغ تصر على حقها في تقرير المصير.