«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسائية على الحدود الملتهبة " الأرمينية - التركية - الأذربيجانية.. " نزاع تاريخى على الاسلائك الشائكة .. ومزارع العنب شاهدة على الاراضى المغتصبة
نشر في المسائية يوم 15 - 10 - 2014

جبل " أرآرآت " حيث رست " سفينة نوح " أسير لدى الاتراك .. والارمن ينتظرون عودته
- "ناجورنو كاراباخ".. ولاية الحكم الذاتي ..ونزاع المصالح بين روسيا وامريكا وتركيا وايران
من على الحدود : عبد النبى النديم
طريق طويل امتد الى اكثر من 100 كليو متر .. مسافة قطعناها للوصول الى الحدود الملتهبة وخطوط المواجهة .. بدأت تلوح من بعيد مزارع العنب التى تغطيها .. والجبال يكسوها اللون الاخضر الذى يتناقض مع ما تعانيه من احداث ملتهبه على الحدود مع اذربيجان من جهه ومع تركيا من جهه اخرى .. فالوضع هناك اشبه بالنار تحت الرماد .. الكل متحفز ..الكل يتخذ الحذر الشديد عند الاقتراب منها .. واصوات طلقات الرصاص من القناصة لا تكاد تخلو منها هذه المنطقة الحدوديه بين ارمينيا اذربيجان ولا يمر وقت طويل الا وسقط ضحايا .. والطريق الموازى للحدود قامت ارمينيا بعمل ساتر ترابى بعلو حوالى اربعة امتار على جانب الطريق لحماية المواطنين الارمنين واصحاب السيارات الماره على الطريق من نيران القناصة الاذربيجانية ..
جبل أرآرات
وصلت السيارة التى تقلنا الى اقرب نقطة حدودية من جبل ارارات حيث لا يبعد اكثر من 4 كليو متر ومن فوق الجبل الذى يعلوه كنيسة خور فيراب الاثرية المواجه لجبل ارارات التى تعد مزار تاريخى بالاضافة الى الزيارة لرؤية جبل ارارات .. الذى يحمل له الشعب الارمينيى فخرا وتقديرا وينظرون اليه من داخل حدودهم بكل حسرة وألم .. فالجبل يمثل قيمة دينية وقومية مثل الاهرامات فى مصر كما قال خاتشيك جوزيكيان المرافق لنا فى الرحلة .. تطلعنا الى قمة جبل ارارات حيث رست سفينة سيدنا نوح .. واول قدم وطئت الارض بعد الطوفان كانت على ارضها .. لا يعتقد احد انها ستكون منطقة نزاع
"أرارات".. جبل ذو ارتفاع شاهق يغطي قمته الثلوج فى هذا الوقت من العام ، تمر من جانبه السحب، يفصل بينه وبين الحدود الأرمينية كيلو مترات ، والذي يقع داخل الحدود التركية الحالية، ضمن 40 % من الأراضي التركية التي يطالب الأرمن بضمها لأرمينيا نظرًا لأنهم هُجروا قصرا منها قبل مائة عام , حيث كانوا يسكنون ستة ولايات قبل أن تتم إبادة مليون ونصف أرمني، وتهجير باقيهم إلى مختلف البلاد.
بداية التاريخ
"من هنا بدأ الإنسان".. هكذا أوضح خاتشيك معنى كلمة أرارات موضحا من خلال جملته سر زيادة تمسك الأرمن بأراضيهم المحتلة، حيث رست سفينة نوح عليه السلام قبل آلاف السنين على قمة جبل أرارات، مفسرًا أن الشعب الأرميني يطلق على كثير من الأماكن هذا الاسم باعتباره واقع داخل الدولة الأرمينية الكبري، وأنه من ضمن المناطق المحتلة التي سيستردونها يومًا من الأيام , فلم يخلو شارع من شوارع أرمينيا إلا وتجد فيه اسم أرارات سواء المحلات أو المطاعم والفنادق او مختلف المنتجات ، ويطلق الاسم على اكبر وأجود مصانع النبيذ في العالم، حيث تشتهر أرمينيا بزراعة العنب من أجل صناعته، ويعد ذلك دليلًا على اعتزاز الأرمن بالاسم على الرغم من عدم وقوع الجبل داخل حدودهم الحالية.
وعلى يسار جبل أرارات، وبجوار مزارع العنب المنتشرة في المكان تقع منطقة "ناخ تشيفان" داخل الأراضي الأذربيجانية، التي يضمها الأرمن للمناطق المحتلة بعد التهجير، حيث تحمل هذه المنطقة أيضًا خلفية دينية أيضًا، ووفقًا لما قاله خاتشيك أن "ناخ تشيفان" تعني المنطقة الذي نزل منها لأول مرة نوح من السفينة على اليابسة، لذلك تعد المنطقتين من المواقع المهمة لدى الأرمن،
وتقول وزيرة الهجرة والمغتربين الأرمينية "هرانوش هاكوبيان"، عن المنطقة "إن الثقافة العالمية بدأت من المنطقة التي رست بجوارها سفينة سيدنا نوح، حيث أول قدم نزلت الى الارض من السفينة، فكانت أرمينيا مدخل الثقافة"، متناولة أهمية الأرض التي تعد منبعًا لثقافة العالم بعد الطوفان .
المواطنين بارمينيا لا ينسون ابدا .. كل يوم مئات منهم يقفون بالقرب من المنطقة الحدودية الجبلية ولكنها خضراء ويغطي معظم مساحتها مزارع العنب يتطلعون بكل شوق الى رمزهم الذى يقدسونه جبل ارارات .. ينظرون الى سلك الحدود الشائك الذى اقامته تركيا والذى يخترق قلوبهم قبل ان يغتصب حدودهم وأبراج مراقبة القوات التركية المتحفزة من جهة، ومن الجهة الأخرى وعلى مسافة قصيرة لا تتجاوز الكليو مترات تقع وحدات عسكرية تابعة للقوات الأذربيجانية تنتظر الاقتراب من الحدود ليكون الحديث لطلقات رصاص القناصة .. أراضيهم محتلة قبل ما يقرب من مائة عام بعد المذابح التي نفذتها تركيا العثمانية في عرقهم الأرمني، واجبرتهم على التهجير القسري، أماكن يبعث ذكراها في نفوس الشعب الارمينيى الذي لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، والمهجر في أنحاء العالم أثر الإبادة بعدما كانوا يسكنون ستة ولايات في منطقة شرق تركيا فروا هاربين من المذابح إلى الدول العربية التي استقبلتهم لتحتضنهم مائة عام ومازالت وارمينيا الشرقيه ما زالت تحت الاحتلال التركى .
ابراج المراقبة التركية
تجولنا بأبصارنا على الحدود نرصد ابراج المراقبة التركية والاسلاك الشائكة التى تربط بين الابراج هبطنا من فوق الجبل لنواصل رحلتنا الى الحدود الارمينية الاذربيجانية نزلنا من السيارة عند مدخل الحدود .. قصدنا الطريق المؤدى الى بوابة الحدود ..وبكلمات شديدة اللهجة أمرنا خاتشيك بعدم الاقتراب اكثر " القناصة تنتظر الاذربيجان فوق الجبال " مشيرًا إلى أن من يقترب على من الحدود الأذربيجانية دخل منطقة القنص،
وفضل ان نعود الى السيارة .. وفى الطريق وجدنا بجوار الطريق ساتر ترابى على الطريق الذى يفصل عن حدود أذربيجان داخل الحدود الأرمينية حتى يسير من خلفه الأرميني مطمئنًا دون أن ترصده القناصة الأذربيجانية الكامنة على أبراج المراقبة، حتى يصل إلى كنيسة "خور فيراب" الواقعة على الحدود الأرمينية التركية لزيارة الأماكن المقدسة ..وفي طريقنا تجاه الحدود الأذربيجانية فى اتجاه منطقة "ناخ تشيفان"، رغم تحذيرات خاتشيك، اصرينا على النزول لتصوير المناطق والسكنات العسكرية الاذربيجانية على مرمى النظر إلا أن قاطعتنا القوات الأرمينية، مهرولة تجاهنا قاطعة الطريق متحدثة بالأرمينية "ما الذي أتى بكم إلى هنا.. أنتم الآن تحت خطر القناصة الأذربيجانية"، مانعة التصوير تجنبًا للاستهداف، وطلبت القوات سرعة العودة بعد توضيح خطورة التواجد بهذه المنطقة
ناجورنو كاراباخ
والأزمة الحدودية بين أرمينيا وأذربيجان ترجع الى النزاع مع جمهورية "ناجورنو كاراباخ" ذات الأغلبية الأرمنية، والتي ضُمت لمقاطعة أذربيجان في فترة تفكيك الاتحاد السوفيتي، والتي سعت وقتها إلى الحكم الذاتي، وعلى إثر ذلك قامت الحرب بينهم لرفض أذربيجان انفصال كاراباخ، قبل أن تقوم أذربيجان بتهجير الأرمن، وتنفيذ مذابح "سومغاييت" 1988 ضدهم، فضلًا عن تهجير 400000 ألف مهاجر أرمني إلى كاراباخ وأرمينيا، ومازالت المناوشات الحدودية مستمرة حتى الآن بين أذربيجان وكاراباخ التي تمتلك برلمان ورئيس جمهورية بدعم كامل من أرمينيا من منطلق أنهم من نفس الشعب الأرمني على الرغم من ان الاعتراف الدولى بكراباخ لم يتم على المستوى الدولى حتى الان .
جذور الصراع
حصدت الحرب بين أرمينيا وأذربيجان بسبب إقليم ناغورني قره باغ، التي امتدت طوال الفترة من 1992 حتى 1994 حوالي خمسة وثلاثين ألف شخص، وتسببت في تشريد حوالي مليون. ولا تزال الدولتان حتى الآن في حالة حرب رغم قرار وقف إطلاق النار بين الحين والآخر تحدث مناوشات على الحدود ويسقط جراءها قتلى وجرحى وفي قلب القوقاز وقريبا من منابع نفط بحر قزوين حيث يدور الصراع على إقليم لا تزيد مساحته عن نصف مساحة لبنان تتشابك وتتصادم المصالح الإقليمية والدولية بين الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا فضلا عن اللاعبين الأساسيين في الأزمة أرمينيا وأذربيجان وقادة كره باغ كلمة روسية تعني مرتفعات الحديقة السوداء ويطلق الأرمن الذين يعيشون في الإقليم عليها اسم "آرتساخ" وتعني غابة أو كرمة الإله "آرا" وتبلغ مساحته حوالي 4800 كيلومتر مربع وهو إقليم فقير في موارده ويعتمد على الزراعة التي يعمل بها أغلب سكانه كما يعتمد على تصنيع بعض الأغذية وبعض الصناعات الخفيفة ويقدر عدد سكان ناغورني قره باغ ب145 ألف نسمة، 95% منهم أرمن وال5% الباقية من أعراق أخرى. ونظرا لموقع ناغورني قره باغ وكونها نقطة التقاء بين الإمبراطورية العثمانية والفارسية والروسية فقد شهد هذا الإقليم عددا كبيرا من الحروب وتنقلات وعمليات هجرة ونزوح بين السكان، لذا فليس مستغربا في التاريخ الديمغرافي لناغورني كارابخ أن تكون إحدى الجماعات العرقية أو الشعوب في قرن من القرون أغلبية وفي قرن آخر أقلية.
وقبل اشتداد العداوات بين العرقين الأذري والأرمني كان الأرمن يسكنون العاصمة ستبانا كيرت ويمثلون أغلبية السكان، في حين كانت مدينة شوشا -مركز قره باغ فيما قبل العهد السوفياتي- تضم غالبية أذرية. لكن بعد حرب عام 1992 بين أذربيجان وأرمينيا وبعد أن سيطر الجيش الأرمني على ناغورني قره باغ أجبر سكان الإقليم من الأذر على الرحيل.
وناجورني كره باغ جمهورية غير معترف بها دوليا. تأخذ بالنظام الرئاسي منذ نوفمبر عام 1994. والرئيس هناك هو رأس الدولة ويتمتع بسلطات واسعة، فهو الذي يختار رئيس الوزراء الذي يشكل الحكومة، ومدة الرئاسة خمسة أعوام تجدد لفترة واحدة فقط. والرئيس في قره باغ هو الذي يحدد السياسات الخارجية والدفاع , الرئيس الحالي هو باكو سهاكيان وقد خلف أركاد غوكاسيان بعد أن انتهت فترة رئاسته للإقليم.
وفي ناغورني قره باغ كذلك برلمان يطلق عليه المجلس التشريعي، يتكون من 33 عضوا بعد أن كان 81 عضوا قبل عام 1991، وقد جرت أول انتخابات لهذا المجلس في أبريل عام 2000. ومدة عضوية النائب خمسة أعوام. ويختار الأعضاء رئيس البرلمان باقتراع سري.
الصراع
واختلف الكثيرين على التنافس البعض اكد أنه تنافس جيوبوليتيكي لا يشمل الأرمينيين والأذربيجانيين وحدهم بل يتعداهم إلى الأتراك والروس والولايات المتحدة وإيران والاتحاد الأوربي أنه استمرار لعداء تاريخي محمل بإرث كبير من الكراهية الدفينة بين الأرمن وكل من الأذر والأتراك وروح العداء بين الأرمن والآذر في منطقة القوقاز قديمة ولها أسبابها العرقية والدينية والتاريخية، وبالأخص إبان بسط الإمبراطورية العثمانية سيطرتها على تلك المناطق قبل عدة قرون. لكن بوادر تفجر الصراع في إقليم ناغورني قره باغ تحديدا تعود إلى العشرينيات من القرن الماضي وكانت سياسة رئيس الاتحاد السوفيتي السابق جوزيف ستالين تقوم على بث الفرقة بين الجماعات العرقية داخل جمهوريات الاتحاد المترامية الأطراف، لتظل تلك الأعراق بحاجة دائمة إلى حماية الحكومة المركزية في موسكو.
الاستقلال
ولأن أذربيجان وأرمينيا كانتا جمهوريتين تابعتين للاتحاد السوفيتي فإن ستالين أقدم عام 1923 على ضم إقليم ناغورني قره باغ إداريا إلى جمهورية أرمينيا، وفى عام 1988 وتحديدا في العشرين من فبراير كان إقليم ناغورنو كاراباخ بأكمله يقف عند مفترق طرق , في ذاك اليوم طلب المجلس السوفيتي القره باغي من موسكو الموافقة على انضمام الإقليم نهائيا إلى أرمينيا. هنا سارع النواب الأذر الممثلون في المجلس إلى الاعتراض، فتوترت الأجواء وتحول الحقد التاريخي المكتوم إلى أعمال عنف سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية في الإقليم سقط فيها مئات القتلى وآلاف الجرحى من الطرفين , وفي العام التالي (1989) ذهب الأرمن بصراع ناغورني قرع باغ خطوة إلى الأمام وذلك حينما اتخذ المجلس السوفيتي الأرميني قرارا بإعلان اتحاد قره باغ مع جمهورية أرمينيا , في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1991 تفكك الاتحاد السوفيتي وانفرط عقد جمهورياته، وفي أوائل عام 1992 أعلنت كل من أرمينيا وأذربيجان استقلالهما، وعلى الدرب نفسه فاجأ القادة السياسيون في إقليم ناغورني قره باغ العالم بإعلان استقلالهم ورغبتهم في قيام جمهورية مستقلة غير تابعة لا إلى أذربيجان ولا إلى أرمينيا.
صراع المصالح
أذربيجان اعترضت على إعلان استقلال قره باغ واعتبرته انفصالا وتمردا، بل ذهبت أبعد من ذلك واعتبرت ما قام به الانفصاليون هناك "مسرحية" تمت بالاتفاق المسبق مع أرمينيا , من جهتها أعلنت أرمينيا دعمها للقادة السياسيين الأرمن ومدهم بالمال والسلاح، وهو ما نظرت إليه أذربيجان على أنه بمثابة إعلان الحرب، فاندلع القتال بينهم بالفعل واستمرت الحرب طوال الفترة من 1992 حتى التوصل لوقف إطلاق النار عام 1994، وكانت نتائج تلك الحرب -خاصة على الجانب الأذري- فوق الاحتمال.
وتدخلت تركيا لتقف مع أذربيجان في تشديد الحصار على أرمينيا، ويساعد على توثيق العلاقات الأذرية التركية ويزيد من حساسية الدور التركي العداء بين الأرمن والأتراك بسبب اتهام الأرمن تركيا بارتكاب المذابح بحقهم في الحرب العالمية الأولى حين ثاروا على الدولة العثمانية عام 1915 , اما روسيا فتقف في صف أرمينيا رغم أنها أحد الوسطاء الدوليين لحل الأزمة وقامت إيران بدعم أرمينيا في أزمة قرة باغ لأسباب اقتصادية، أولها أن أرمينيا تحتاج إلى النفط الإيراني، بينما أذربيجان تبيع النفط كإيران وثانيها أن أذربيجان، في بداية استقلالها، تحالفت مع تركيا لترويج مشروع الجامعة الطورانية، الذي كان يعني نجاحه إزاحة إيران كلية عن المنطقة. هذا في الوقت الذي تمثل فيه إيران شريان الحياة لأرمينيا في ظل محاصرة الأخيرة من الشرق بأذربيجان ومن الغرب بتركيا.
اما موقف الولايات المتحدة من الصراع متناقض بين رغبتها في المحافظة على مصالحها الحيوية هناك، ففي الوقت الذي تنظر فيه واشنطن إلى أذربيجان على أنها شريك سياسي واقتصادي إستراتيجي في المنطقة، وبوابة بين أوروبا وموارد وأسواق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وأحد الموردين الرئيسين للنفط والمنتجات النفطية في أوروبا في القرن الحادي والعشرين،
أما الدور الأوروبي فيهتم بحل مشكلة قرة باغ أو على الأقل استمرار تجميدها، لضمان الأمن والاستقرار على هوامش أوروبا من ناحية، وضمان وصول النفط من قزوين إلى السوق الدولية، وبصفة خاصة بعد مد خط الأنابيب باكو-تبليسي-جيهان من ناحية ثانية.
و أسفرت الحرب التي اندلعت بين أرمينيا وأذريجان بسبب ناغورني قره باغ في الفترة من 1992-1994 عن مقتل ما بين 30 إلى 35 ألفا من الأذر والأرمن وتشريد حوالي مليون إنسان , وأغلب الخسائر البشرية تركزت في الجانب الأذري وذلك لأن أذربيجان خرجت من هذه الحرب منهزمة، فقد خسرت 6 مقاطعات إضافة إلى إقليم ناغورني قره باغ وهو ما يمثل في مجموعه 20% من مساحة أذربيجان الكلية
وأعداد القتلى الأرمن غير معروفة على وجه الدقة لكن أعداد النازحين جراء حرب 1992- 1994 تقدر بنحو 300 ألف نازح، معظمهم جاء من مناطق كانوا يسكنونها داخل أذربيجان.
أرمينيا وأذربيجان من الناحية الرسمية في حالة حرب رغم توصلهما إلى وقف لإطلاق النار عام 1994 في أعقاب الصراع على ناغورني قره باغ. وعلى مدى 14 عاما تغيرت أوضاع واستجدت أمور دفعت البعض إلى التفاؤل بقرب حل النزاع والتوصل إلى تسوية سلمية، لكن دواعي التفاؤل وسيناريوهات الحل الكثيرة المعروضة تقف أمامها عراقيل ليست هينة.
السيناريو الأميركي
سيناريو الولايات المتحدة لحل الصراع يتأسس على أن تعترف جمهورية أذربيجان باستقلال إقليم قره باغ وتتعامل معه على أنه دولة مستقلة ذات سيادة، وتؤول السيادة المطلقة على ممر لا تشين إلى أرمينيا وينتهي النزاع حوله ويتوقف القول بأنه أرض محتلة من قبل الجيش الأرميني، وفي مقابل ضياع هذه المساحة من الأراضي الأذرية تعوض أرمينيا أذربيجان بمنحها السيادة على منطقة "مِغْرِي" وهي المنطقة المهمة إستراتيجيا لأذربيجان لأنها تفصل بين أراضيها ومنطقة ناختشيفان الأذرية الواقعة في قلب الأراضي الأرمينية مع منح أرمينيا حق المرور عبر هذه المنطقة إلى إيران.
ولم يكتب النجاح والقبول لهذه الخطة حيث شعرت أرمينيا بأن وصل ناختشيفان بأذربيجان سيحول بينها وبين إيران وبالتالي ستخسر أرمينيا الممر الوحيد والمنفذ الحيوي لها للفكاك من سيطرة أذربيجان- تركيا فضلا عن ذلك فإن منح أذربيجان منطقة مغري ومنح الأرمن حق المرور عبرها إلى إيران غير كاف بالنسبة لأرمينيا، لأن منطقة مغري ستخضع في النهاية إلى سيطرة وتحكم الأذر. كذلك لم يكتب النجاح لهذه الخطة لأنها من وجهة نظر أرمينية منحت أذربيجان أراضي كانت بحوزة أرمينيا ولم تحصل في المقابل على ما يغريها بالتنازل.
لكن هذه التصورات لم يكتب لها النجاح حتى الآن نظرا للتعقيدات والمحاذير السابقة وتداخل وتشابك المصالح الإقليمية والدولية، ولا يزال هذا الصراع الطويل بين أرمينيا وأذربيجان على ناغورني قره باغ ينتظر انعطافة تاريخية تكسر دورة توريثه للأجيال القادمة
تأخر الوقت .. وكان لازما العودة قبل حلول الظلام لخطورة السير ليلا بمنطقة الحدود الملتهبة تحت عيون القناصة الاذربيجانية بين ارمينيا واذربيجان من جهه وارمينيا وتركيا من جهه اخرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.