شهدت المنطقة الحدودية بين الصينوالهند مناوشات دموية جديدة بين القوات الحدودية للبلدين، وكان ذلك بسبب اعتراض الجيش الصيني على قيام القوات الهندية بدورية في منطقة لداخ الحدودية. وبدأت الأزمة تتصاعد، إذ يقول الجيش الهندي إن ثلاثة من جنوده، بينهم ضابط برتبة عقيد، قتلوا في قتال بالأيدي والهراوات مع القوات الصينية. وفي يوم 15 يونيو، اندلعت مواجهات قوية بين القوات الصينيةوالهندية، في أعنف مواجهة بين الدولتين منذ حوالي نصف القرن. وأسفرت الاشتباكات بين الدولتين النوويتان، التي دارت بسبب المناطق الحدودية المتنازع عليها بين البلدين، عن مقتل 20 جنديا هنديا وإصابة أكثر من 70 آخرين بينما لم تعلن الصين عن خسائر في صفوف جيشها حتى الآن. وفي هذا التقرير تستعرض "الشروق" كل الأسئلة والإجابات الخاصة بالأزمة الحادثة بين الصينوالهند. ما هي أسباب النزاع الحدودي الأخير بين البلدين؟ يعتبر الموقع الذي اشتعلت فيه الأحداث هو خط الحدود المفروض في الواقع وليس المتفق عليه بين البلدين، ويسمى خط السيطرة الفعلية في وادي جالوان في ولاية لداخ الهندية. وكان وادي جالوان موقعا للعديد من الحوادث بين دوريات صينية وهندية، ومنذ أبريل نشر الجانبان دبابات ومدفعية وصواريخ وقوات عسكرية في محيط الوادي، ودعمت القوات على الأرض بطائرات مروحية هجومية ومقاتلات جوية. وفي مطلع شهر مايو، اشتعلت التوترات بعد أن تحدثت وسائل إعلام هندية عن أن الصين نقلت معدات عسكرية ثقيلة لمسافة عدة كيلومترات داخل المنطقة التي تعتبرها الهند جزءا من أراضيها. وجاءت هذه الخطوة بعد قيام الهند بمد طريق يمتد مئات من الكيلومترات للوصول إلى قاعدة جوية تقع على مكان مرتفع أعيد تفعيلها في عام 2008. ما هو تاريخ الصراع بين البلدين؟ ويتمحور الخلاف الرئيسي بين الصينوالهند حول عدم ترسيم حدودهما، ويعتبر مصير ولاية أروناتشال براديش الهندية أخطر نقاط المواجهة، فقد ضُمت المنطقة إلى الأراضي الهندية خلال حقبة الاستعمار البريطاني، ولكن بعد أن نالت كل من الصينوالهند استقلالهما أواخر أربعينيات القرن الماضي طالبت كل منهما بالسيادة على المنطقة. وتفاقم الصراع عام 1959 عندما لجأ القائد الروحي لمنطقة التبت الدلاي لاما إلى الهند هربا من السلطات الصينية، وعام 1962 اندلعت الحرب بين الصينوالهند ومنيت الأخيرة بهزيمة قاسية، ورغم ذلك احتفظت بولاية أروناتشال براديش بعد انسحاب القوات الصينية وسط ضغوط دولية. واندلعت مواجهة أخرى بين البلدين عام 1987، عندما أطلقت الحكومة الهندية لقب "ولاية" على منطقة أروناتشال براديش، الأمر الذي أغضب بكين وأنذر بنشوب حرب، قبل أن يتوصل الطرفان إلى حل دبلوماسي. لماذا بدأت المناوشات بالحجارة والهراوات بدل الأسلحة؟ ذكرت وسائل إعلام هندية أن الجنود استخدموا الأحجار وأعمدة من الخيزران التي تم تثبيت المسامير عليها، وهراوات ملفوفة بأسلاك. ويؤكد الخبراء أن اختيار هذا النوع من الأسلحة البدائية "مقصود ورمزي". وذكر هابيمون جاكوب، الأستاذ المساعد في تخصص "نزع السلاح والدبلوماسية" في جامعة جواهرلال نهرو في دلهي بالهند: "حين يشتبك الجنود فيما بينهم بأسلحة بدائية، فذلك يظهر مستوى منخفضا من الصراع.. لكن عندما يطلقون النار، فالأمر تكون له آثار مختلفة جدا". وأضاف: "كما أن القتلى الذين لقوا حتفهم في اشتباكات بأسلحة بدائية تكون لهم رمزية مختلفة عن القتلى الذين توفوا من جراء طلقات نارية". هذا وأشار الخبراء أيضا إلى قواعد الاشتباك التي حددتها اتفاقية عام 1996 بين البلدين التي تمنع الطرفين من استخدام الأسلحة أو بنذقيات الصيد أو المواد الكميائية أو المتفجرات ضد الآخر. ما هي المناطق المتنازع عليها؟ تكمن المناطق المتنازع عليها بين الدولتين على الشريط الحدودي بينهم والذي يصل طوله قرابة 3500 كيلومتر أول تلك المناطق هي هضبة أروناتشال براديش وهي منطقة حدودية، تقع عند مفترق طرق بين الصين ومملكة بوتان وولاية سيكيم التي تقع شمال شرق الهند. وتعتبر منطقة أكساي تشين متنازع عليها بين الطرفين غرب جبال الهيمالايا، تبلغ مساحتها حوالي 38 ألف كيلومتر مربع، وهي خالية من السكان تقريبا، وتحتوي على العديد من البحيرات الملحية، وتخضع المنطقة لسيطرة الصين التي تعتبرها جزءا من إقليم شنجيانج، وما تزال الهند تطالب بالمنطقة وتعتبرها جزءا من منطقة لاداخ الواقعة في إقليم جامو وكشمير. هل يمكن أن تتفاقم الأزمة إلى حرب عسكرية على نطاق أوسع؟ أفادت وكالة أسوشيتد برس بأن الصين أعلنت الاتفاق مع الهند على حل التوترات الحدودية بعد الاشتباكات التي وقعت بينهما، في حين قال رئيس الوزراء الهندي إن مقتل جنوده في الاشتباكات لن يمر، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية. وفي وقت سابق، دعت الصينالهند إلى الهدنة والتوقف عن الأنشطة الاستفزازية على الحدود بين البلدين، وقالت إنها لا ترغب في مزيد من الاشتباكات على حدودها، وإن البلدين يحاولان حل المسألة عن طريق الحوار. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جاو لي جيان إن الوضع العام بشأن الخلاف الحدودي مع الهند مستقر وقابل للسيطرة. كما أكد خالد الغرابلي المتخصص في الشؤون الدولية ل فرانس 24 أن المناوشات تحدث منذ سنوات طويلة وأن ردة الفعل الصينية توضح رغبتها في استيعاب الأمور.