تجدد الخلاف مرة أخرى بين الصينوالهند حول ترسيم الحدود الممتدة على مسافة 4 آلاف كيلو متر، واشتد التوتر بين البلدين في الآونة الأخيرة بعدما عززت الهند من انتشارها العسكري على طول حدودها الشمالية الشرقية مع الصين، وهو ما أدى إلى إعادة التوتر المتعلق بالخلاف الحدودي في المنطقة الاستراتيجية ولاية أروناشال براديش. وقال مسؤول حكومي هندي، الجمعة 11 أغسطس: "تمت زيادة العتاد العسكري على طول الحدود مع الصين في مناطق سيكيم وأروناشال الهنديتين، مضيفا أنه تم أيضا رفع درجة استنفار الجنود، موضحًا أن الهند لم تنشر عددا إضافيا من الجنود في المنطقة الواقعة على الحدود بين الهندوالصين وبوتان، حيث يتواجد منذ نحو 7 أسابيع نحو 350 جنديا هنديا. وتقول الصين إن الهند أرسلت في يونيو الماضي جنودا إلى منطقة الهيملايا الاستراتيجية التي تعد جزءًا من ولاية أروناتشال براديش التي تتنازع حولها الدولتان، وكذلك بوتان لوقف أعمال شق طريق يقوم بها الجيش الصيني، إلا أن هذا الانتشار العسكري الهندي ساهم في زيادة التوتر، حيث عززت الصين وجودها في المنطقة، مطالبة بانسحاب القوات الهندية. حول المنطقة وتعد هذه المنطقة الاستراتيجية أخطر نقاط المواجهة بين الدولتين، فقد ضُمت المنطقة إلى الأراضي الهندية خلال حقبة الاستعمار البريطاني، وبعد أن نالت كل من الصينوالهند استقلالهما أواخر أربعينيات القرن الماضي، طالبت كل منهما بالسيادة على المنطقة، وتفاقم الصراع عام 1959 عندما لجأ القائد الروحي لمنطقة التبت الدلاي لاما إلى الهند، هرباً من السلطات الصينية. وفي عام 1962، اندلعت الحرب الصينيةالهندية، وانتصرت بكين انتصارا ساحقا، ورغم هزيمة الهند احتفظت بولاية أروناتشال براديش بعد انسحاب القوات الصينية وسط ضغوط دولية، لكن تجددت المواجهة مرة أخرى بين البلدين عام 1987، عندما أطلقت الحكومة الهندية لقب "ولاية" على منطقة أروناتشال براديش، الأمر الذي أغضب بكين، وأنذر بنشوب حرب، قبل أن يتوصل الطرفان إلى حل دبلوماسي حال دون ذلك. مناطق متنازع عليها هناك عدد من المناطق المتنازع عليها بين الصينوالهند في هضبة أروناتشال براديش: المنطقة الحدودية، التي تقع عند مفترق طرق بين الصين ومملكة بوتان وولاية سيكيم التي تقع شمال شرق الهند، وتطلق بوتان ونيودلهي على المنطقة اسم هضبة دوكلام، بينما تطلق عليها الصين اسم "جنوب التبت" وتؤكد أنها جزء من الأراضي الصينية، وتدعم الهند مطالب بوتان بالسيادة على المنطقة، وتقول إن الصين تحتل أجزاء كبيرة منها. المنطقة الأخرى المتنازع عليها هي أكساي تشين وتقع غرب جبال الهيمالايا، وتبلغ مساحتها نحو 38 ألف كيلومتر مربع، وهي خالية من السكان تقريبا، وتحتوي على العديد من البحيرات المالحة، وتخضع المنطقة للسيطرة الصينية، وتعدها الصين جزءا من إقليم شينجيانج، ولا تزال الهند تطالب بالمنطقة وتعدها جزءا من منطقة لداخ الواقعة في إقليم جامو وكشمير. الصراع يتجدد في يونيو عام 2017، تجدد الصراع بعدما أرسلت الصين جنود لحماية أعمال بناء في منطقة دوكلام المتنازع عليها، وذلك لشق طريق حدودي، لكن الهند ردت بنشر قوات عسكرية حالت دون استكمال المشروع. ودوكلام هضبة ضيقة تقع في نقطة تلاقي بين 3 دول هي بوتان والصينوالهند، وتقع على بعد نحو 15 كيلومتر من ممر ناثولا الذي يفصل الهند عن الصين. وقالت نيودلهي في تبريرها لنشر قوات تمنع إقامة المشروع أن السماح ببناء الطريق من شأنه أن يجعل الوصول إلى مناطق حساسة سهلاً بالنسبة للصينيين، مما يعني تحسين وضع الصين الأمني في حال نشوب نزاع مسلح، لكن بكين اتهمت القوات الهندية بأنها اجتازت الحدود الصينية، وطالبت وزارة الدفاع الصينيةالهند بسحب قواتها، وحذرت من الاستهانة بقدرات الجيش الصيني، مؤكدة أن قدرته على الدفاع عن سيادة الصين تتعزز باستمرار. ودعت الصين جارتها الهند إلى سحب قواتها من الجزء الصيني للشريط الحدودي بينهما، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو تشيان، إن على الهند اتخاذ خطوات عملية لتصحيح الخطأ والكف عن الاستفزازات، والعمل مع الصين من أجل استقرار وأمن المنطقة، وحذر وو، من الاستهانة بقدرات الجيش الصيني، مؤكداً أن قدرته على الدفاع عن سيادة بكين تتعزز باستمرار. وبعد 7 أسابيع من بداية الأزمة العسكرية، وكثرة المساعي الدبلوماسية لوضع حد لهذا الصراع ، يقول مراقبون إن الأزمة وصلت إلى «طريق مسدود»، الأمر الذي دفع وسائل الإعلام الصينية المملوكة للدولة إلى الحديث عن «إجراءات مضادة لا مفر منها» في منطقة الحدود غير المرسومة.