رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    النيابة الإدارية تكرم القضاة المحاضرين بدورات مركز الدراسات القضائية بالهيئة    وزير الصحة: الدستور يلزم الدولة بالتحكم في معدلات الإنجاب    رئيس جهاز حماية المستهلك: انخفاض أسعار السلع بنسبة 20% في الأسواق المحلية    ما خطورة مبادرة بايدن لوقف الحرب في غزة؟.. طارق فهمي يوضح    وكيل كوناتيه: إذا قرر اللاعب الانتقال إلى الدوري المصري سيكون لهذا النادي    «توفر فرص عمل حقيقية».. 12 مدرسة للتكنولوجيا التطبيقية بعد الإعدادية (رابط رسمي للتقديم)    أستاذ اقتصاد: موازنة 2025 قاسية جدا وتمثل انعكاسات لسياسات خاطئة    13 مليون جنيه، القائمون على حفل ليلة النكد في ورطة بسبب أسعار تذاكر الحفل    شذى حسون تبدأ سلسلتها الغنائية المصرية من أسوان ب"بنادي عليك"    11 يونيو.. الطاحونة الحمراء يشارك بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية ال46 على مسرح السامر    تكريم هشام ماجد بمهرجان روتردام للفيلم العربي.. صور    نسرين طافش: "مالقيتش الراجل إللي يستاهلني"    داليا عبدالرحيم: التنظيمات الإرهابية وظفت التطبيقات التكنولوجية لتحقيق أهدافها.. باحث: مواقع التواصل الاجتماعي تُستخدم لصناعة هالة حول الجماعات الظلامية.. ونعيش الآن عصر الخبر المُضلل    لوكا مودريتش يوافق على تخفيض راتبه مع الريال قبل التجديد موسم واحد    نادي الصيد يحصد بطولة كأس مصر لسباحة الزعانف للمسافات الطويلة.. صور    رانيا منصور تكشف ل الفجر الفني تفاصيل دورها في الوصفة السحرية قبل عرضه    4 شهداء فى قصف للاحتلال على منزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة    حظك اليوم لمواليد برج الدلو    استمتع بنكهة تذوب على لسانك.. كيفية صنع بسكويت بسكريم التركي الشهي    مدير مستشفيات جامعة بني سويف: هدفنا تخفيف العبء على مرضى جميع المحافظات    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    سم قاتل يهدد المصريين، تحذيرات من توزيع "سمكة الأرنب" على المطاعم في شكل فيليه    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    "بشيل فلوس من وراء زوجي ينفع أعمل بيها عمرة؟".. أمين الفتوى يرد    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    متى إجازة عيد الأضحى 2024 للقطاع الخاص والحكومي والبنوك في السعودية؟    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    وكيل «قوى عاملة النواب» رافضًا «الموازنة»: «حكومة العدو خلفكم والبحر أمامكم لبّسونا في الحيط»    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    وزيرة التخطيط ل«النواب»: نستهدف إنشاء فصول جديدة لتقليل الكثافة إلى 30 طالبا في 2030    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    جامعة طيبة: امتحانات نهاية العام تسير في أجواء هادئة ومنظمة    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترى من هم الواهمون الخياليون؟
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 06 - 2020

هناك فرق كبير بين ممارسة النقاش أو الجدال وبين ممارسة المماحكة. الممارسة الأولى تعتمد المنطق والأخذ والعطاء والاحترام المتبادل فى التعبير عن الرأى، أما الممارسة الثانية فتعتمد النرجسية التى لا تعترف بحق الآخر والخصومة الجارحة فى الاختلاف وفى التعابير. الأولى محاولة للاقتراب من الحقيقة وللتقدم الفكرى والثانية هى إعلان حرب من أجل الانتصار العبثى. من هنا اعتبر البعض المماحكة أسوأ أنواع المحاثة بين البشر.
مناسبة التذكير بتلك البديهيات هى التعابير التى يستعملها بعض المثقفين العرب بحق من يخالفونهم الرأى فى المجال الفكرى السياسى وتفعيل إيديولوجياته المتنوعة.
فمنذ حدوث الانتكاسات والهزائم فى الحياة السياسية العربية، وفى طول وعرض الوطن العربى، ووصولها إلى القمم المأساوية الكارثية التى وصلت إليها أوضاع الأمة عبر العشر سنوات الماضية، اقتنعت والتزمت مجموعة من أولئك المثقفين العرب لا بالتخلى عن عقيدتها القومية العروبية الوحدوية فقط، وإنما أيضا، وبصورة غريبة بالإصرار على الدخول فى مماحكات لفظية مهينة مع كل من بقى متمسكا بتلك العقيدة القومية، فكرا وآمالا وأحلاما مشروعة وعلى الأخص لمبدأ ضرورة قيام نوع من الوحدة العربية كطريق مضمون يؤدى إلى نهوض الأمة العربية من تخلّفها ومهانتها وضعفها الحالى.
من التعابير المهينة التى يستعملها أولئك المثقفون ضد من يخالفونهم الرأى وصفهم بأنهم واهمون يمارسون أحلاما وخيالا طفوليا يتناقض مع واقع الحياة السياسية العربية. وهم بذلك، بقصد أو بدون قصد، يرددون نفس التعابير التى تستعملها الدوائر الإعلامية الاستعمارية الصهيونية فى محاربتها الدائمة لأى خطوة وحدوية عربية ولأى شعار أو تسمية وحدوية تساهم فى بناء هوية عروبية مشتركة بين مكونات وجماعات الأرض العربية. المطلوب لدى تلك الدوائر هو المسح من الذاكرة الجمعية العربية تعابير من مثل الوطن العربى ليحل محله الشرق الأوسط، أو المغرب العربى ليحل محله الشمال الأفريقى، أو الصراع العربى الصهيونى الوجودى ليحل محلُه النزاع «الإسرائيلى – الفلسطينى»، إلخ... من محاولات تدمير أو تشويه أو تقليل أهمية التاريخ العربى المشترك والثقافة العربية المشتركة والمصالح العربية المشتركة فى كل ساحات التكامل العربى الضرورى. فلا شىء يرعب تلك الدوائر أكثر من توحد هذه الأمة فى كيان قوى واحد قادر على مجابهة أعدائه ومتمكن من المحافظة على استقلاله الوطنى والقومى، ويحمل فى جوفه إمكانيات التنمية الإنسانية الشاملة.
لنعد إلى تلك القلة من المثقفين العرب لنؤكد أننا لسنا ضد حريتهم فى اختيار العقيدة الأيديولوجية التى تروق لهم، حتى لو خالفناهم الرأى وناقشنا ذلك الرأى معهم بموضوعية وهدوء، ودون مماحكات لفظية. ولذلك لنطرح على أنفسنا جميعا بعض الأسئلة.
فى موضوع الأمن العربى: هل هناك قطر عربى فى الوقت الحاضر غير مهدد فى أمنه إما من دولة غير عربية فى إقليم الشرق الأوسط من مثل الكيان الصهيونى التوسعى القائل علنا أنه يهدف إلى أن يكون القوة المهيمنة على كل دول الشرق الأوسط وعلى الأخص الدول العربية، أو من مثل إيران التى تفاخر بأنها تسيطر على أربع عواصم عربية، أو من مثل تركيا التى تخيط وتبيط فى الشمال الشرقى السورى والشمال العراقى وفى ليبيا مؤخرا، أو حتى من مثل الحبشة التى تهدد مخططاتها مصدر الحياة المائية للشعب العربى المصرى، وإما من دول خارجية طامعة فى ثرواته ومواقعه الجيوسياسية من مثل أمريكا أو روسيا؟
فى هذه الحالة من هم الواهمون والخياليون الطفوليون: الذين يصرون على إبقاء كل قطر عربى، فى ضعفه ومحدودية إمكانياته العسكرية، مسئولا لوحده عن أمنه المهدد أم الذين ينادون بنظام أمنى عربى واحد مشترك، غير مظهرى، يقف فى وجه كل تلك الأخطاء ويضمن الاستقلال والأمن الوطنى والقومى.
لنطرح سؤالا آخر: فى حقل بناء تنمية إنسانية شاملة، وفى قلبها الموضوع الاقتصادى والسوق المشتركة والتكامل العلمى والتكنولوجى والمعرفى، هل يستطيع أى قطر عربى، مهما كان حجمه أو غناه الرّيعى، أن يستغنى عن ضرورة وجود كتلة اقتصادية مترابطة ومتناغمة ومتكاملة وسوق عربية كبيرة لأربعمائة مليون من البشر، وهل يستطيع أى قطر الانتقال إلى اقتصاد انتاجى حديث لا يصنع البضائع الاستهلاكية فقط وإنما أيضا التصنيع العالى المنتج للآلات والتجهيزات التى بدورها تنتج البضائع الاستهلاكية الضرورية، والذى بدوره يحتاج إلى مراكز بحثية كبيرة متخصصة ومتناغمة فى إجراء البحوث العلمية والتكنولوجية التى تغنى عن الاعتماد على الخارج والاستمرار فى تمثيلية شراء العلم والتكنولوجيا من الخارج واستيراد القوى العاملة الفنية من الخارج أيضا... هل يستطيع أى قطر عربى أن يقوم بكل ذلك لوحده؟ أليس لنا فى السوق الأوروبية المشتركة مثالا يحتذى من قبل العرب؟
هنا أيضا، من هم الواهمون الخياليون الأطفال ومن هم العاقلون الذين يدرسون الواقع ويقترحون الحلول العربية الذاتية وليس الحلول المعتمدة على موائد الخارج غير الموثوقة من جهة وغير المضمونة فى الاستمرار من جهة أخرى؟
أوردنا المثلين، وهناك العشرات من الأمثلة الأخرى، لنقول لنا جميعا: دعنا من المماحكات والعنتريات السياسية العبثية ولنمارس النقاش الهادئ الرّصين، خصوصا بعد أن ساهمت تلك المماحكات فيما بين المثقفين فى خلق أجواء توترية وتلاسنات حقيرة مفرقة فى شبكات التواصل الاجتماعية العربية، وهو ما تريده وتخطط له دوما دوائر الاستخبارات الاستعمارية والصهيونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.