في الوقت الذي تعاني فيه نيجيريا من أزمة كورونا وتراجع إيرادات النفط، سوف تواجه قوات الأمن عبئا إضافيا في معركتها ضد جماعة بوكو حرام. ويقول الخبير الأمريكي جون كامبيل، وهو سفير سابق للولايات المتحدة في نيجيريا، أنه حتى في وسط المعاناة من جائحة كورونا، رفضت جميع فصائل بوكو حرام فكرة الموافقة على هدنة مع الحكومة النيجيرية، التي تعتبرها مصدر الشر. وترى بوكو حرام أن فيروس كورونا المستجد هو عقاب من الله لأعدائها. وليست هناك معلومات مؤكدة عن انتشار الفيروس بين الجهاديين أنفسهم. ويعتبر الهجوم الذي قامت به عناصر حركة بوكو حرام في قرية بولاية بورنو بشمال شرق نيجيريا يوم الثلاثاء الماضي، وراح ضحيته ما لا يقل عن 69 شخصا مجرد مثال صارخ على استمرار مثل هذه الهجمات أثناء أزمة كورونا. ويقول كامبيل في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، وهو مركز أبحاث مستقل، إنه منذ يوليو 2018 حدثت زيادة كبيرة للغاية في أعمال العنف التي يقوم بها الجهاديون في نيجيريا، وغيرها من دول حوض بحيرة تشاد، والموجهة في الغالب ضد أجهزة الأمن وليس ضد المواطنين. وقد شهدت تلك الفترة عددا كبيرا للغاية من الهجمات ضد العسكريين في المنطقة تسببت في وقوع ضحايا كثيرين. ومع ذلك، فإنه على الرغم من أن فصائل بوكو حرام تسعى لاستغلال أزمة كورونا ، لم يسفر انتشار المرض عن احراز أي منها لإنجاز كبير حتى الآن. وهناك على الأقل ثلاثة فصائل لبوكو حرام، تضم عدة آلاف من المقاتلين معا، وتربط كل منها علاقات مختلفة مع تنظيم القاعدة ومختلف العصابات الإجرامية. وتمارس هذه الفصائل نشاطها بحرية في ولايتي بورنو ويوبي، وفي أجزاء مجاورة من الكاميرون، وتشاد، والنيجر. وتشترك هذه الفصائل في هدف القضاء على الدولة العلمانية النيجيرية وإقامة نظام جديد على أساس تفسيرها الخاص للتعاليم الإسلامية والذي يرجع للقرن السابع عشر. وتردد أن بعض هذه الفصائل تفدم خدمات في بعض المناطق على طول الحدود مع النيجر؛ ورغم أنها خدمات محدودة، فإنها تفوق في بعض الأحيان ما تقدمه الحكومة. ويضيف كامبيل أن قوات الأمن النيجيرية تبذل جهدا كبيرا في ظل انهيار القانون والنظام. وقد أدت جائحة كورونا والتداعيات الاقتصادية لمواجهتها إلى تفاقم ضعف الأمن. والحقيقة هي أن الجيش النيجيري مرهق بالفعل حتى قبل وصول فيروس كورونا؛ حيث تعاني البلاد من الصراع في منطقة شمال شرق البلاد، التي تنشط فيها بوكو حرام. فقد أدت المواجهات بسبب الخلاف على الأرض والمياه إلى هجمات متبادلة بين القبائل، كما زادت عمليات الاختطاف وسرقة الماشية، وبالإضافة إلى ذلك، ما زالت منطقة دلتا النيجر المنتجة للنفط مضطربة. ويرابط الجيش في كل ولايات نيجيريا وعددها 36 ولاية، ويقوم في بعض الحالات بعمل قوات الشرطة التي تعاني من ضعف التدريب وقلة الموارد والإرهاق. ومع تفشي فيروس كورونا، تحمل الجيش أيضا مسؤولية فرض الإغلاق في أنحاء البلاد. وحتى الثامن من يونيو كانت هناك حوالي 12800 حالة إصابة مؤكدة بكورونا، و361 حالة وفاة، وذلك حسب الأرقام الرسمية، ولكن معظم المراقبين يرون أن عدد الحالات أكبر من ذلك بكثير. ويشير التقرير إلى أنه يعتقد أن انخفاض أسعار النفط كان له تأثير كبير على معركة الحكومة ضد الجهاديين . فأكثر من 60% من دخل الحكومة وأكثر من 90% من العملة الأجنبية في نيجيريا مصدرهما النفط. فهذا الانخفاض من شأنه أن يفاقم النقص المزمن في تمويل الأجهزة الأمنية، مما يحد من قدرتها على محاربة الجماعات الجهادية. وفيما يتعلق بما إذا كانت القوات الأوروبية والأمريكية ما زالت تساعد في جهود غرب افريقيا الأوسع نطاقا في محاربة الإرهاب، قال كامبيل إن فرنسا ما زالت تشارك بقوة في حوض بحيرة تشاد، وكذلك في مالي وبوركينا فاسو. كما أن هناك قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في مالي، تتعرض بانتظام لهجمات من جانب الجهاديين. ويبلغ حجم القوات الأمريكية في غرب أفريقيا حوالي 1200 جندي ، يوجد حوالي 800 منهم في النيجر. ويقوم الأمريكيون في الغالب بتدريب القوات المحلية ، وبتبادل المعلومات الاستخباراتية وتقديم الدعم اللوجستي. وفي أعقاب الكمين الذي اسفر عن مقتل عدد من الجنود الأمريكيين عام 2017 في النيجر، توقف العسكريون الأمريكيون بدرجة كبيرة عن القيام بعمليات قتالية مباشرة في غرب أفريقيا. ومع ذلك، شاركت القوات الأمريكية في شهر مارس الماضي في قتال إلى جانب قوات من النيجرونيجيريا ضد من يشتبه أنهم مسلحون تابعون لبوكو حرام في ديفا، بالنيجر. ووفقا لاستراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية لعام 2018 التي حددت تحولا نحو التركيز على احتمال وقوع مواجهة دول كبرى، اقترحت إدارة الرئيس دونالد ترامب خفضا كبيرا في عدد قوات محاربة الإرهاب في غرب أفريقيا. وقوبلت هذه المقترحات بمعارضة قوية من جانب فرنسا، والدول الفرانكوفونية في غرب أفريقيا وبعض أعضاء الكونجرس الأمريكي، خاصة وأن النشاط الجهادي كان يتصاعد. وكانت فرنسا، بوجه خاص، تشعر بالقلق إزاء احتمال فقدان الحصول على التعاون الأمريكي في مجال المخابرات والمراقبة. وعلى سبيل المثال، كان الدعم الأمريكي مهما في العملية التي قادتها فرنسا والتي قتلت فيها زعيم القاعدة في المغرب الإسلامي. وعلى أية حال، لم يحدث أي انسحاب أمريكي، وتقول وزارة الدفاع الأمريكية إن مثل هذه المقترحات ما زالت محل دراسة.