تفاصيل اجتماع أعضاء الهيئة العليا لحزب الوفد المعارضين لسياسات عبدالسند يمامة    وزير الكهرباء: نستهدف رفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى أكثر من 42% بحلول 2030    بالأسماء والدول، قائمة المشاركين في قمة شرم الشيخ للسلام    شريف إكرامي يقود تشكيل بيراميدز لمواجهة وي وديًّا    إحالة عامل خردة إلى المفتي لاتهامه بالاعتداء على ابنته في القليوبية    أحمد مراد بعد تعيينه في مجلس الشيوخ: مسؤولية كبيرة أتعهد بأن أكون جديرًا بها    في اليوم العالمي لمرض التهاب المفاصل، أهم أعراضه وأسباب الإصابة به    تدريبات تأهيلية لثلاثي الزمالك خلال مران اليوم    الخارجية الفلسطينية تؤكد أهمية ربط خطة ترمب للسلام بمرجعيات القانون الدولي    زيلينسكي: بحثت مع ترمب تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك وأنظمة باتريوت    عضو بالحزب الجمهوري الأمريكى: السيسي أنقذ الشعب الفلسطيني من التهجير    وائل جسار يُحيى حفلا غنائيا فى لبنان الأربعاء المقبل    الصحفي الذي لم يغادر الميدان إلا شهيدًا.. من هو صالح الجعفري الذي اغتيل على يد ميليشيات مسلحة في غزة؟    وكيل صحة الدقهلية يتابع تنفيذ خطط الحوكمة ويجتمع بالكوادر المؤهلة من بنك القيادات    «مدبولي» يتلقى مكالمة هاتفية من نظيره الجزائري لمتابعة تحضيرات اللجنة العليا المصرية الجزائرية المشتركة    التحريات تكشف تفاصيل جديدة في حادث سقوط السقالة بمدينة السادات في المنوفية    أحمد موسي: كانت هناك محاولات لإفشال مفاوضات شرم الشيخ لكن ترامب ضغط لإجرائها    خطوات إضافة مواليد على بطاقة التموين 2025    نتائج اليوم الثاني لمنافسات الكبار ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    بيحبوا يصحوا بدري.. 5 أبراج نشيطة وتبدأ يومها بطاقة عالية    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    أسامة الجندي: القنوط أشد من اليأس.. والمؤمن لا يعرف الإثنين أبدًا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أول الحذر..ظلمة الهوى000؟!    إصابة أولمو تربك حسابات فليك قبل مباراة جيرونا    تعرف على تشكيل كرواتيا ضد جبل طارق بتصفيات المونديال    قافلة طبية بجامعة الإسكندرية لفحص وعلاج 1046 مواطنًا بالمجان في الكينج مريوط (صور)    بسبب عدم مشاركته ضد بلغاريا.. حارس تركيا يترك المعسكر دون إذن    بعد حادث الوفد القطري.. رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري يستقبل سفير مصر في الدوحة    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    20 أكتوبر.. انطلاق جولة «كورال وأوركسترا مصر الوطني» بإقليم القناة وسيناء    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    تأجيل الدعوى المقامة ضد إبراهيم سعيد لمطالبته بدفع نفقة ابنه    رئيس وزراء لبنان يطلب من الخارجية تقديم شكوى ضد إسرائيل في مجلس الأمن    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    مصر تدين الهجوم على مركز لإيواء النازحين بمدينة الفاشر السودانية    تأجيل إستئناف المتهم الرئيسي ب " تظاهرات الألف مسكن "    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    سويلم يلتقى نائب وزير البيئة والزراعة السعودى ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    نجوم الأهلي في زيارة حسن شحاتة بالمستشفى للاطمئنان على حالته الصحية    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    إصابة 5 فى تصادم سيارة ملاكى وتوك توك وتروسكيل بطريق برج نور أجا بالدقهلية    مستشفيات مطروح تقدم 38 ألف خدمة طبية وتجرى 206 عمليات جراحية خلال أسبوع    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع حي شرق المنصورة وقرار عاجل بشأن النظافة والإشغالات    رئيس الضرائب: التعامل بالفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني يعزز الشفافية    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    محمود ياسين من نادى المسرح فى بورسعيد إلى ذاكرة الوطن    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    غدًا.. عرض أفلام مهرجان بردية السينمائي في ضيافة المركز القومي للسينما بالهناجر    «كفى ظلمًا».. حسام المندوه: أدخلنا للزمالك 800 مليون جنيه    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد في زمن الكورونا وما بعد الكورونا
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 04 - 2020

حسب بيانات منظمة الصحة العالمية المنشورة 9 إبريل 2020، أى بعد مائة يوم من أول إخطار من الصين (31 ديسمبر 2019) عن حالات مصابة بفيروس كورونا المستجد، بلغ عدد المصابين على مستوى العالم حوالى 1,5 مليون حالة وبلغ عدد الوفيات، التى تُنسب للفيروس، 85 ألف وفاة، 65% منها فى أربعة دول فقط، كلها دول رأسمالية «متقدمة»، وهى إيطاليا وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وفى الصين بلغ عدد الوفيات 3344، وفى مصر كان هناك 103 وفيات من 1560 حالة شُخصت على أنها مصابة بفيروس كورونا المستجد. وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فالإنفلونزا الموسمية تحصد ما بين 290 و650 ألف إنسان كل عام على مستوى العالم، وفى سنة 2016 كان هناك 15,2 مليون وفاة من أمراض القلب، وتوفى 3 ملايين شخص من الانسداد الرئوى و1.6 مليون من مرض السكرى.
وفى 23 يناير الماضى اجتمعت لجنة الطوارئ لمنظمة الصحة العالمية لمناقشة إعلان حالة طوارئ صحية عالمية، ثم تطور النقاش لتحديد إذا كانت جائحة (pandemic) أم وباء (Epidemic)، وفى 21 فبراير استقر الأمر على أنها جائحة، ولأول مرة سمع الكثير عن مصطلح «الجائحة». ثم تواترت الأحداث وانتقل الفيروس من بلد لآخر وظهر بكثافة فى إيطاليا وإسبانيا وإيران ثم فرنسا والولايات المتحدة، وأُعلنت حالة الطوارئ القصوى فى بلد بعد الآخر. وبدأ الهلع والفزع وتزايد الحديث عن أسباب الفيروس ومصدره وإن كانت هذه حرب بيولوجية موجهة ضد دول بعينها، أو حرب بيولوجية تجريبية غير معلنة من قوى دولية كبرى، لتقييم جاهزية حكومات ومجتمعات دول العالم وقدرتهم على صد والتعامل مع حرب بيولوجية حقيقة (social experiment)، وأصبح انتشار والسيطرة على هذا الفيروس هو الموضوع الرئيسى إن لم يكن الأوحد لكل وكالات الأنباء ووسائل الإعلام فى العالم أجمع، ثم تكاثر الكلام عما إذا كانت هذه مؤامرة أم صدفة؟ وخرج المحللون والعلماء والمثقفون والأطباء وحتى غير المتخصصين يدلون بآرائهم ونصائحهم وفتاواهم، فريق يحاول أن يشير إلى أنها مؤامرة وفريق آخر يستخف بآراء الفريق الأول ويتهمهم بأنهم من مبدعى «نظرية المؤامرة»، وأنهم يستخفون من خطر حقيقى كاسح.
وبغض النظر عما إذا كانت مؤامرة أو حربا غير معلنة أو هى بالفعل وباء مميت وكاسح نتيجة فيروس لم يستنسخه إنسان، فالأمر الواقع أن ما يحدث الآن أمر غير مسبوق ولم يشهد العالم مثيلا له من قبل، فيما سبق كانت هناك حرب أو مجاعة أو وباء هنا أو هناك، والإنتاج يتوقف وخطوط التنقل تتقطع هنا أو هناك، ولكن الآن فهى حالة ذعر وفزع وهلع جامعة وشاملة فى كل العالم وفى نفس الوقت، فمعظم دول العالم، إن لم يكن كلها، اتخذت إجراءات احترازية قصوى، وكل شعوب العالم تحت حظر تجول بدرجة أو بأخرى، وصلت إلى ما يقرب 23 ساعة فى اليوم فى معظم دول أوروبا، والتنقل بين الدول وداخل كل بلد تقريبا متوقف، والعالم كله فى شلل شبه تام.
***
والآن ماذا عن الاقتصاد العالمى، والأهم بالنسبة لنا الاقتصاد فى العالم النامى (الهش أصلا حتى قبل الكورونا)؟ فالاقتصاد بالتبعية يمر بحالة غير مسبوقة لم يشهدها من قبل حتى فى أثناء الحروب العالمية أو الكساد الاقتصادى العظيم فى ثلاثينيات القرن الماضى، أو الأزمة المالية فى آسيا فى أواخر القرن السابق أو الأزمة المالية العالمية فى 2008. ومن المتوقع أن تكون الأضرار الاقتصادية للإجراءات التى اتُخذت للسيطرة على الفيروس، فادحة وغير مسبوقة، وتتجاوز أضعاف أضعاف الأضرار المباشرة للفيروس، وذلك ليس فقط لأنها أزمة غير مسبوقة ولكن الأهم لأن السياسة الليبرالية الجديدة المتوحشة، التى لا تخضع لأى ضابط أو رابط حكومى، هى التى تسير اقتصاد العالم. وليس من المتوقع أن تتراجع الليبرالية الجديدة عن سيطرتها بل العكس قد تزداد سطوتها للاستفادة من الفراغ الاقتصادى فيزداد الأثرياء ثراء والفقراء فقرا وتزداد تبعية التابعين.
وغالبا سيستمر التأثير السلبى للأضرار الاقتصادية لسنتين أو أكثر بعد السيطرة على الفيروس، وسيكون التأثير أكثر حدة وفتكا فى الدول النامية والفقيرة، التى كانت نسبة الإصابة بالفيروس فيها منخفضة أصلا. ومن المرجح أن تُنتج الآثار الاقتصادية الضارة أعداد من الوفيات فى الدول النامية أضعاف تلك المنسوبة للفيروس بشكل مباشر (ومعظمها فى الدول الغربية الغنية)، وذلك نتيجة تزايد الفقر وسوء التغذية وتناقص القدرة على الحصول على الرعاية الصحية.
فالاقتصاد العالمى والتجارة الدولية شبه متوقفين، وخطوط النقل البرى والجوى والبحرى شبه مشلولة، وقد يكون أكثر من نصف الطاقة الإنتاجية للقطاع الزراعى والصناعى وحتى الخدمى على مستوى العالم معطلة، وحركة تنقل العمالة بين الدول وفى داخل كل دولة تقريبا متوقفة.
***
وبالنسبة لاقتصادات البلدان النامية، وهذا ينطبق على الوضع فى مصر، سيتراجع الإنتاج والناتج المحلى الإجمالى وستزداد البطالة وبالأخص فى القطاع الخاص ويزداد الفقر وبالأخص بين العمالة التى تتقاضى الأجر باليومية. وستتراجع الإيرادات الحكومية مع تزايد الإنفاق وتتراجع الصادرات من السلع والخدمات مما يزيد عجز كل من الميزانية الحكومية وميزان المدفوعات. وستتقزم الإيرادات من العملات الصعبة الآتية من السياحة والنقل والتجارة الدولية (حركة الملاحة وقناة السويس) والتصدير وتحويلات العاملين بالخارج والبترول والغاز (تراجعت أسعارهم حتى قبل الفيروس). وفى نفس الوقت، نظرا للخوف من المخاطرة ومحاولة تفاديها، سيتراجع دخول الدولارات من الاستثمار الأجنبى المباشر وسيزداد خروج الدولارات مع هروب استثمارات الحافظة (الأموال الساخنة) التى كانت تُستثمر فى أذونات الخزانة الدولارية (ديون الحكومة الدولارية)، وسيكون هناك حاجة لتوفير الدولارات لسداد أقساط الدين الخارجى (بلغت ديون مصر بالعملات الصعبة 109 مليارات دولار فى آخر سبتمبر 2019 البنك المركزى المصرى). كل هذا سيضغط بشدة على الجنيه ومعظم عملات العالم الثالث، وبالأخص أن المنافسة للحصول على الديون بالدولار ستزداد حدة، الأمر الذى قد يؤدى فى آخر الأمر إلى تخفيض سعر العملات الوطنية مقابل الدولار وتعويم آخر للجنيه المصرى.
فى هذه الظروف هل هناك حل؟ بالطبع هناك ولكنه يتطلب من حكومات العالم الثالث أن تُظهر إرادة قوية فى مواجهة السياسات الليبرالية الجديدة التى يوصى بها الصندوق والبنك الدوليين، هناك توصيات على المستوى الدولى وأخرى على المستوى الوطنى. على المستوى الدولى يجب على الدول النامية أن تدفع الدول الغربية الغنية والصندوق والبنك على زيادة السيولة المالية الممنوحة للعالم الثالث، وكذلك على تبنى برنامج جاد وفعال لتخفيض أعباء ديون البلدان النامية. وفى تقرير أُصدر فى 30 مارس الماضى، أوصى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) بتوفير 2,5 تريليون دولار لبلدان العالم النامى: تريليون دولار من صندوق النقد الدولى وذلك بإعادة تخصيص «حقوق السحب الخاصة»؛ وتريليون دولار أخرى لتخفيف أعباء ديون الدول النامية؛ ونصف تريليون دولار كمنح تنموية. وهنا على المفاوض المصرى أن يلعب دورا رياديا فى كل المحافل الدولية مع البلدان النامية لتحقيق التوصيات الثلاث السابق. الأمر الذى يمكن أن يساعد على توفر السيولة الدولارية، وبالتالى رفع الضغوط على الجنيه وتجنب تعويمه.
وعلى المستوى الوطنى، فكما اتضح أن السياحة والبترول والغاز، والنشاطات الرعوية الأخرى، هى أول ما يتأثر بالأزمات العالمية (على الرغم من أهمية هذه النشاطات)، يجب الاعتماد أكثر على الطلب والاستهلاك المحلى بدلا من الطلب الخارجى (التصدير)، وذلك بوضع برامج لدعم الفقراء والطبقة المتوسطة وبرامج لإعادة توزيع الدخول، بما يزيد من قدرة الطبقات المتوسطة وتحت المتوسطة من زيادة الاستهلاك والطلب على المنتجات المحلية، وفى نفس الوقت يجب وضع برامج لدعم الزراعة والصناعة والمنتجات الوطنية. وكذلك يجب اللجوء، بشكل مدروس ومؤقت، إلى بعض معايير التحكم فى حركة رءوس الأموال، للأفراد والشركات، وذلك لوقف نزيف خروج العملات الصعبة خارج البلاد ودعم الجنيه.
هذا المقال يعكس رؤية الكاتب وليس بالضرورة رؤية المنظمة التى يعمل بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.