«الخط العربى» هو محطتنا التالية للعمل العربى المشترك، ويسير القطار مسرعا لتصل رسالتنا الهامة؛ أننا أمة عظمى ثقافيا.. اختارت الدول العربية أن تعبر عن نفسها من خلال تسجيل ملف عربى مشترك على قوائم اليونسكو عن فنون الخط العربى، والحق أقول إننى حتى وصلنى تكليف وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم الواعية بالدور الذى تقوم به مصر إقليميا ودوليا، حتى هذه اللحظة كان موقفى من الخط العربى موقف الباحث الأنثروبولوجى المحايد، الذى ما كنته أبدا ولا رضيت به إذ عودت نفسى منذ اختيارى لهذا العلم تخصصا على عادة لم تفارقنى ألا وهى «الحب»، حب الموضوع الذى أختاره أول خطوة فى الطريق، وإلا فأنا لست مضطرة، وبتكليفى بأن أكون الخبير الممثل لمصر فى الملف العربى الثانى بعد أن كان نجاح الملف الأول وهو «النخلة وما يرتبط بها من تراث فى دولنا العربية»، كان القرار هو النزول إلى الميدان ليكون المختبر والحكم الأول. ذهبت ولم أعد، أى طاقة إيجابية يمتلكها هؤلاء الأفراد بمختلف مشاربهم؟ وعرفت من أول زيارة ميدانية أننى سأقع فى الحب.. وقررت أن أدخل البيوت من أبوابها فتواصلت مع خبير الخط العربى محمد بغدادى الذى فاجئنى بأن الشرط الأول لإتقان الخط العربى عندما سألته عن الشروط فإذا به يقول «الحب»، أولى الخطوات أن يحب الخطاط الخط العربى وطفق يحكى حكايات عن أناس قابلهم كانوا أبعد ما يكونوا عن أن يصبحوا خطاطين ولكنهم أحبوا الخط فبرعوا فيه، وأهدانى هدية قيمة هى أن قدمنى إلى شيخ الخطاطين «خضير البورسعيدى» ذلك الرجل الذى يلزمك أن تقضى فى محاورته وقتا طويلا ليفتح لك مغاليق نفسه ويقترب وتعرف فيه صوفية محبة الخط العربى كيف يأتيه الإلهام بالعبارة التى يكتبها وكيف يعبر بلوحات من الخط العربى عن معانٍ تحتاج إلى كثير من الشرح بعبارة من كلمتين يختار نوع خطها وإيقاعها بإبهار: تركيب من الصوفية والإتقان والالتزام، الوحيد فى مصر الذى يعطى إجازات فى الخط العربى ويتعامل معه تلاميذه الذين أجازهم معاملة المريد لشيخ الطريقة. وبدأ طريق الحب وانفتحت أبوابه، لأشارك فريقا من باحثين مدربين تدريبا رفيعا على هذا العمل يعمل بأرشيف الحياة والمأثورات الشعبية المصرية الذين قرروا المشاركة وأن يتخذوا مواقعهم فى الصفوف الأولى بلا كلل، ولمصر فى كل ميدان جيش وأنتم جيش التراث المقاتل وتحت السلاح متى شاءت بلادكم وبلا صخب.. هنقدر يا شباب؟ نعم.. فكان الزحف. وصلت إلى الرياض أمثل مصر فى اجتماع تنسيقى للملف فى الفترة من 2 6 فبراير الحالى، استضافته الجمعية السعودية للتراث التى اختارت لنفسها شعارا أنيقا «نحن تراثنا»؛ حيث أخذت المملكة العربية السعودية على عاتقها مسئولية التنسيق للملف بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» لأفاجأ بأن الطاقة الإيجابية قد سرت فى المكان والناس والوفود وجمعنا محمد بغدادى فى ورشة تعريفية بفنون الخط العربى وأنواعه وأدواته وأخذ يرد على أسئلتنا العميقة والساذجة بهدوء المعلم ورصانته، خمسة أيام من العمل الجاد نباهى فيه بما تملكه دولنا من فنون للخط العربى يضيق بها الملف، ستة عشر دولة عربية تجلس حول طاولة تعد وتناقش ويطوقها حماس ومهنية وجدية من فريق الجمعية، شباب هم بدرجة سفراء لبلادهم على قدر عالٍ من التعليم والخلق والمهنية وحب العمل، أوصيكم بالحب منهجا للعمل لم يخذلنى أبدا.