المصريون في ألمانيا يواصلون الإدلاء بأصواتهم في أول أيام تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس النواب 2025    "الأزهر" تتصدر تصنيف شنغهاي للتخصصات العلمية البينية ضمن أفضل 2000 جامعة بالعالم    المصري الديمقراطي يطالب خطوات "الوطنية للانتخابات" لمنع تكرار مخالفات المرحلة الأولى    رئيس مياه القناة يتابع موقف المشروعات بمحافظة بورسعيد    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات والأتربة بمدينة ناصر بحى شرق سوهاج    28 سفينة ترسو على أرصفة ميناء دمياط خلال 24 ساعة    أصداء إعلامية عالمية واسعة للزيارة التاريخية للرئيس الكوري الجنوبي لجامعة القاهرة    الشيباني: الدبلوماسية السورية واقعية والشرع لا يعرف الاستسلام    مستشار ترامب: هناك خطة دولية جاهزة لوقف حرب السودان    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    قوات الاحتلال تقتحم بلدة صوريف شمال الخليل في الضفة الغربية    بنتابول الإسماعيلي بطلًا لكأس السوبر    تعادل طنطا مع وي وفوز بروكسي على الإنتاج الحربي في دوري المحترفين    الهلال السوداني يهزم مولودية الجزائر في افتتاح مجموعات دوري الأبطال    آآآلحين بث مباشر مشاهدة مباراة أهلي جدة والقادسية اليوم في دوري روشن السعودي 2025-2026.    مسار يخسر أمام مازيمبى ويكتفى بالمركز الرابع بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بأكتوبر، والتحريات: اختل توازنه    ضبط شخص بعد خلاف على ميراث أرض زراعية بدمياط    أول تعليق من نادية مصطفى على أزمة ملف الإسكان بنقابة الموسيقيين    غادة إياد العبادلة: فخورة بعرض فيلم من لا يزال حيا بمهرجان القاهرة    أشرف زكي يتراجع عن الاستقالة بعد زيارة مفاجئة من مجلس نقابة المهن التمثيلية (صور)    ميدو عادل: خشيت فى بعض الفترات ألا يظهر جيل جديد من النقاد    إقبال جماهيري كبير على حفل روائع عمار الشريعي بتوقيع هاني فرحات    العثور على صورة لشاب وفتاة بمقابر في الأقصر يشتبه في استخدامها لأعمال مؤذية    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    شوقي علام: الفتوى السديدة تقوم على الجمع بين النص الشرعي وفهم الواقع    يسرى جبر: عصمة الأنبياء والملائكة فى مرتبة واحدة والكمال المطلوب فى حقهما واحد    الصحة: تحويل طبيبتي النوبتجية والأسنان بمركز "63 " للتحقيق بمنطقة الشروق الطبية    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    انفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    الجالية المصرية بإيطاليا تشارك فى المرحلة الثانية بانتخابات مجلس النواب    كل ما تريد معرفته عن مواجهات الفرق الأربعة المصرية في البطولتين القاريتين    دعاء يوم الجمعة لأهل غزة بفك الكرب ونزول الرحمة.. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرّج عن أهل غزة فرجًا عاجلًا    فليك: ميسي أفضل لاعب في العقد الأخير.. وتدريبه ليس من اختصاصي    الحكومة الفرنسية: أطفالنا لن يذهبوا للقتال والموت فى أوكرانيا    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    في عيد ميلادها| قصة أغنية "حبيتك بالصيف" التي تحولت إلى اعتذار رومانسي من عاصي لفيروز    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    تعاون جديد بين هيئة الكتاب ومكتبات مصر العامة لتوسيع إتاحة الإصدارات في القاهرة    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بين عائلتين بقنا    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    وفاة القمص توماس كازاناكي كاهن كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بالإسماعيلية    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحديات السياسية للريع النفطى
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 11 - 2019

طرح الحراك الشعبى فى كل من لبنان والعراق شعارات مهمة وملحة بخصوص ماهية كل من الاستقلال الأول والثانى للبلاد: محاربة الفساد الذى أصبح مرضا سرطانيا متفشيا فى مجمل الجسم العربى، من أكبر المسئولين إلى أصغر الموظفين. وضرورة حصول الخريجين على وظائف ملائمة ومنتجة. فالبطالة أو الهجرة مستقبل معظم الخريجين، الأمر الذى يثير تحديا مهما للدول العربية النفطية منها وغير النفطية. إذ تشير موازنات معظم الدول العربية إلى أن حوالى 8090 بالمائة من الموازنات مخصصة لدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، الأمر الذى يترك حيزا ضئيلا للاستثمارات والخدمات الضرورية من الطبابة والتعليم. كان هناك مجال خلال العقود الماضية للاستثمار فى البنى التحتية وتشييد المستشفيات والمدارس والجامعات. وكان هناك فساد، لكن ليس متفشيا كما هو الآن، كما ليس بنفس الحجم الذى هو فيه الآن، إذ أخذت السرقات تتخطى بضعة مليارات من الدولارات فى بعض الحالات. كما توسعت الأهداف من الفساد، إذ لم يكتف الفاسدون بتمويل عائلاتهم فقط، بل أيضا تمويل موازنات دول مجاورة ودعمهم فى التشبت بكراسيهم رغم إرادة شعوبهم.
***
تطرح هذه التحديات أسئلة طرحها بعض الاقتصاديين العرب منذ عقود: إلى متى يمكن الاعتماد على هيمنة الريع النفطى على الاقتصاد العربى. وما هو المنفذ لتصحيح الوضع الاقتصادى العربى وتقليص دور هيمنة النفط الذى نحن فيه الان، ومتى؟ هل يمكن استيعاب الآلاف من الخريجين سنويا فى الوظائف الرسمية؟ هل هناك وظائف منتجة كافية فى الجهاز الحكومى؟ وهذا الأمر يطرح السؤال: ألم يحن الوقت لإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص للعب دور مهم فى الاقتصاد العربى، لكى يفتح المجال لاستثمارات أكبر فى البلاد، استثمارات وتجارة ووظائف، أعمال ليست من اختصاص الحكومات. لكن طبعا، وفى ظل الفساد المعشش، هل من الجدوى تشجيع القطاع الخاص، وهل من الممكن تنفيذ نظام حوكمة رصين ومشجع لاقتصاد منتج ومتساوى فى العدالة؟ فبدون هذه الحوكمة يصبح الحاكم تاجرا والتاجر حاكما، كما هو حاصل فعلا. هذه جميعا أسئلة بخصوص الاستقلال الثانى للبلاد.
وطرح الحراك الشعبى سؤالا اخرا بخصوص الاستقلال الأول: وهو الدعوة العلنية لدول أجنبية بالكف عن التدخل والتنفذ فى شئون بلادنا. والشعور العام هو أن دولنا التى من المفروض أن تكون مستقلة، قد أصبحت مستباحة من قبل دول كبرى وإقليمية وبأعذار مختلفة، الدين، الطائفة والمذهب، ادعاءات تاريخية تعود إلى آلاف السنين، أو إلى امبراطوريات سابقة، أو الطمع فى النفط. فقد تعددت الأسباب والحجج لاحتلال بلادنا فى ظل الوضع المزرى الذى نحن فيه الآن.
***
هيمن عصر النفط دون منازع على قطاع الطاقة خلال القرن العشرين. لكن بدأت الطاقات البديلة المستدامة (الشمس والرياح) تأخذ حصة فى قطاع الطاقة وإن لا تزال محدودة حتى الآن.
تدل المؤشرات المتوفرة أن النفط سيظل محافظا على نسبة عالية من سلة الطاقة العالمية حتى نهاية هذا القرن على الأقل، رغم أن نسبة استهلاك الطاقات المستدامة ستشهد ازديادا كبيرا فى نفس الوقت. فاستهلاك الطاقة عموما فى ازدياد عال وسريع.
هناك عوامل مهمة لازدياد استهلاك الطاقة العالمية، منها الارتفاع فى عدد سكان العالم، فقد ازداد عدد السكان العالمى، بحسب احصاءات الأمم المتحدة، من 5.3 مليار نسمة فى 1990 إلى 7.3 مليار فى 2015 ويتوقع أن يرتفع العدد بحسب معدلات الزيادة السنوية إلى 8.5 مليار نسمة فى 2030 و 9.7 مليار فى 2050 و11.2 مليار فى 2100، يصاحب هذه الزيادة السكانية فى نفس الوقت ازدياد حجم الطبقة الوسطى فى الدول الصناعية الناشئة فى العالم الثالث (الصين والهند وكوريا الجنوبية والبرازيل). ونجد، على سبيل المثال، أن الاستهلاك العالمى للنفط ينمو ما بين 25 بالمائة سنويا ليفوق مجمل الاستهلاك الحالى حوالى مستوى 100 مليون برميل يوميا، مقارنة بنحو 70 مليون برميل يوميا فى عام 2010.
فى نفس الوقت، نلاحظ أن الاهتمام يتزايد فى تشييد الطاقات المستدامة، بالذات الشمسية منها لتوليد الكهرباء، وذلك لتقليص انبعاثات ثانى اكسيد الكربون والحد من الآثار السلبية المترتبة على البيئة والمناخ. كما أن شركات السيارات تتنافس فى أبحاثها لتصنيع سيارة كهربائية أو هجينة (استعمال نوعين من الوقود). وقد بدأ فعلا الإنتاج التجارى للسيارات الحديثة (الكهربائية والهجينة) بدلا من السيارات القديمة ذات محرك الاحتراق الداخلى (التى تستعمل البنزين أو الديزل). لكن هذا الإنتاج للسيارات الحديثة لا يزال محدودا جدا مقارنة باستعمال السيارة القديمة. إذ لا تزال تواجه الأبحاث فى السيارة الحديثة مسألة تخزين الوقود. وإذا أخذنا مثالا على زيادة استعمال السيارة الحديثة فى ولاية كاليفورنيا، حيث نجد هناك أسرع معدل لزيادة استعمال السيارات الحديثة فى العالم، حيث بلغت مبيعات السيارات الحديثة فى كاليفورنيا نحو 5 بالمائة من مجمل مبيعات السيارات فى الولاية للنصف الأول من عام 2019، أو نحو 52 ألف سيارة. من الجدير بالذكر أن هناك خلال الفترة الراهنة حوالى 1.2 مليار مركبة تجوب شوارع العالم، والتوقعات تشير إلى ازديادها إلى 2 مليار مركبة بحلول عام 2035.
***
توقعت وكالة الطاقة الدولية فى تقريرها السنوى الدورى «بدائل الطاقة 2019» أن يرتفع مجمل إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقات المستدامة (البدائل) خلال الفترة المقبلة 2019 2024 بنحو 50 بالمائة. إذ تتوقع الوكالة أن تضاف نحو 1,200 غيغوات من الطاقة الكهربائية. وهذه الطاقة المضافة تعادل مجمل الطاقة الكهربائية المتوفرة حاليا فى الولايات المتحدة. وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن السبب الأول لهذه القفزة الكبيرة لاستعمال البدائل فى توليد الطاقة الكهربائية يعود إلى السياسات الحكومية لتقليص انبعاثات ثانى اكسيد الكربون كجزء من السياسات الداعمة للبيئة. والسبب الثانى هو الانخفاض المستمر لنفقات تشييد منشآت الطاقة البديلة. وقد بدأ بالفعل مسلسل انخفاض النفقات منذ فترة، مدعوما بالمعونات الحكومية (الإعفاء الضريبى أو القروض الميسرة). والمتوقع هو استمرار انخفاض تكاليف تشييد هذه المنشآت مستقبلا. وبناء على توقعات الوكالة، فإن حصة الطاقات المستدامة من مجمل الإنتاج العالمى للكهرباء سيرتفع من مستواه الحالى البالغ 26 بالمائة ليزداد إلى 30 بالمائة بحلول عام 2024 أو أقل من نسبة الفحم الحجرى (الهيدروكربون الأكثر تلوثا للبيئة) الذى يتوقع أن يشكل حجمه فى توليد الكهرباء عام 2024 نحو 34 بالمائة.
لا يشكل بروز الطاقات المستدامة فى توليد الكهرباء منافسة جدية للنفط. فمعظم المحطات الكهربائية العاملة فى العالم اليوم، بالذات الحديثة العهد منها، تحرق الغاز (الهيدروكربون الأكثر صداقة للبيئة). وفى نفس الوقت، لا تزال تعتمد ثلاث من أكبر الدول استهلاكا للطاقة (الولايات المتحدة والصين والهند) حرق الفحم (رغم مضاره البيئية) نظرا لتوفر احتياطات ضخمة من الفحم فى هذه الدول، حيث يشكل الفحم مصدرا طاقويا داخليا مما يقلص الحاجة إلى الاستيراد وما يترتب عليه من عجز فى موازين المدفوعات. هذا، ونظرا إلى أن هذه الدول الثلاث قد وقعت على اتفاقية باريس لتحسين المناخ لعام 2015، فهناك محاولات جادة وواسعة فى كل من الصين والهند لتوسيع الاعتماد على الغاز الطبيعى والطاقات المستدامة لتوليد الطاقة الكهربائية. أما الولايات المتحدة، فقد سحب الرئيس دونالد ترمب عضوية بلاده من الاتفاق الذى كان قد وافق عليه الرئيس السابق باراك اوباما. ويحاول ترامب بتصرفه هذا كسب تأييد نقابات عمال الفحم إلى جانبه فى الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
يشكل النفط مصدر الطاقة الأساسى لكل من قطاع النقل (المركبات والسفن والطائرات)، وبالفعل فإن قطاع المواصلات هو السوق الأكبر للنفط. كما يعتبر النفط المصدر الأساسى لصناعة البتروكيماويات. من ثم، فإن التحدى الأكبر لصناعة النفط هو توسع مبيعات السيارات الكهربائية والهجينة، إذ إن زيادة استعمال هذه المركبات سيشكل التحدى الأكبر للنفط. وبما أن السيارات الحديثة بدأت تستعمل فعلا فى دول عدة، وبما أن الأبحاث لتحسين نوعياتها وتقليص تكاليفها قائمة على قدم وساق، لذا لا يتوقع أن تشكل هذه السيارات الحديثة منافسة جدية لسوق النفط قبل النصف الثانى من هذا القرن، أو حتى الربع الأخير من القرن، اعتمادا على نتائج الأبحاث القائمة فعلا، بالذات فيما يتعلق بتخزين الطاقة فيها.
تأخرت الدول العربية فى استعمال الطاقات المستدامة لتوليد الكهرباء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.