علن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته، يوم الثلاثاء، إثر التظاهرات التي دخلت أسبوعها الثاني للمطالبة باستقالة الحكومة اللبنانية، وكل من يتصدر المشهد السياسي في لبنان. وكانت تظاهرات قد خرجت في جميع أرجاء لبنان من الجنوب إلى الشمال، دون انتماء لحزب أو جماعة معينة؛ اعتراضًا على الضريبة التي كانت ستفرضها الحكومة على برنامج محادثات "واتس أب" وضد الإجراءات التقشفية بشكل عام. وكان لحزب الله موقفًا معارضًا ضد الشارع منذ اندلاع التظاهرات، وفي خطاب له على الهواء، صرح زعيمه حسن نصرالله بتهديدات واضحة بأنه في حال اضطر الجو العام أنصار الحزب الى النزول في الميادين العامة "فسوف يكون لهم وجود خاص يأثر على مستقبل لبنان" على حد قوله، أعقبه إطلاق النار من بعض العناصر الملثمة التابعة لحركة أمل الموالية للحزب، على المتظاهرين لتسقط قتيلًا في مدينة بنت جبيل، حتى صار هتافهم "كلكن يعني كلكن"، أي ضرورة أن يرحل كل من يتصدر المشهد السياسي الحالي في لبنان. وفي تصريحات خاصة ل"الشروق" تحدث الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، عن موقف حزب الله بعد الاستقالة، والسيناريوهات القادمة للشارع اللبناني، وما إذا كان الخيار العسكري للحزب مطروحًا في الوقت الحالي. * موقف حزب الله بعد استقالة الحريري يقول الدكتور محمد أبو النور، إن استقالة الحريري أتت بعد استخدام العنف من قبل حزب الله ضد المتظاهرين، وبالتالي فإن الحريري قد وضع حزب الله في موقف حرج، خاصة وأن الحزب يرفض التظاهرات منذ بدايتها، ولفت إلى أن الاستقالة وضعت نصر الله على رأس قائمة الخاسرين. وأشار إلى أن الحريري استقال خوفًا من أن يلقى نفس مصير والده الذي اغتيل على يد جماعات يحتمل بنسبة كبيرة انتمائها لحزب الله. * احتمالية التحرك العسكري لحزب الله على الأرض أوضح أبو النور أنه من المتوقع أن يلجأ حزب الله للسيطرة على الشارع بقوة السلاح، لما يملكه من ترسانة أسلحة كبيرة جدا، وبالتالي سينشر عددًا من عناصرة المسلحة، بحجة استرداد الأمن وفتح الطرقات المقطوعة بين المدن، ومن ثم توسيع صلاحياته في أية حكومة مقبلة. أما فيما يتعلق بالحل العسكري فهو صعب جدًا وله خيارات معقدة، ولكن حزب الله الذي يستجيب لتوجهات إيران ربما يلجأ له في حال تطورت الأوضاع في صالح الشارع اللبناني، لفرض السيطرة واستغلال التظاهرات للحصول على مكتسبات سياسية. وأشار الى أن خطابات الحزب القائمة على القول بأن المحاصصة -اشراك الفئات المختلفة في الحكم- تقف ضد الاستقرار في لبنان، يمكنها أن تطيح بكافة المسؤولين السنيين والمارونيين والطوائف الدرزية في الحكومة القديمة، وتشيكل حكومة تكنوقراط جديدة تابعة لحزب الله وحركة أمل، ما يتيح للحزب السيطرة الكاملة على الدولة، وتحقيق هدف سامي غير مسبوق في تاريخه منذ إنشائه في عام 1983. * هل سيصمد الشارع اللبناني أمام سطوة حزب الله؟ أضاف أن الشعب اللبناني أثبت قوته هذه المرة، وقدرته على الصمود والبقاء في الشارع دفاعًا عن مطالبه، بالإضافة لوحدة الشارع اللبناني التي ظهرت منذ اليوم الأول للتظاهرات، بتكاتف السنة والشيعة والدروز والمارونيين، لذلك فإن تجربة الشعب قد تنجح بقدر كبير على المدى المتوسط في حال واصل المواطنون الضغط على الرئيس اللبناني ميشيل عون للاستجابة للمطالب، وتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة تضم كافة فئات الشعب، وهو مطلب جماهيري يؤيده النخب السياسية وكتاب ومثقفو وفنانو لبنان. * احتمالات تراجع موقف حزب الله المضاد للشارع أوضح ابو النور أنه حتمالين سيؤديان لتراجع حزب الله عن موقعه ضد الشارع، الأول هو أن تمتلئ جميع ربوع لبنان بالمتظاهرين وبالتالي الضغط على جميع الأطراف للانسياق لمطالب الشعب، والثاني هو أن يتلقى حزب الله توجيهات من إيران بوقف التعنت ضد الشارع، وهذا من الصعب حدوثه لأن إيران تريد القفز على الثورة اللبنانية لاستغلالها في السيطرة على السطلة كما فعلت مع ثورة اليمنية والسورية، حيث استفادت من الثورتين على المدى البعيد، بجعل الحوثيين فصيلًا قويًا تابعًا لها، وفي سوريا بالابقاء على بشار الأسد رئيسًا والقضاء على الأطراف الأخرى المعارضة للحكم العلوي. ويتلخص المشهد الحالي بلبنان، في المتظاهرين من كل الأطياف والأديان (سنة شيعة مسيحيين) انضم اليهم الجيش مؤخرًا، في مواجهة الحكومة وحزب الله على وجه الخصوص، الذي تسبب في إفساد الحياة السياسية، حسبما يزعم المتظاهرين.