ستكون الانتخابات التشريعية بعد غد الأحد بمثابة اختبار لمدى قدرة الأحزاب التقليدية في تونس على الاستمرار في السلطة، وتصدر المشهد السياسي في ظل نتائج استطلاعات غير مطمئنة لمستقبلها. وبدأ الناخبون خارج أرض الوطن بالتوجه إلى صناديق الاقتراع اليوم الجمعة، فيما تفتح مكاتب الاقتراع للناخبين داخل تونس بعد غد الأحد 13 منذ الساعة الثامنة وتستمر حتى الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (الخامسة بتوقيت جرينيتش). ويفترض أن تعلن هيئة الانتخابات النتائج الأولية خلال اليومين التاليين من الإقتراع. ومن الناحية السياسية، تحظى الانتخابات التشريعية بأهمية رئيسية كون النظام السياسي في تونس برلماني (معدل) إذ سيتولى حزب الأغلبية تشكيل حكومة. وتقف الأحزاب الكبرى وفي مقدمتها حركة النهضة الاسلامية و"حزب نداء تونس" و"حركة تحيا تونس" وغيرها من الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي منذ أول انتخابات ديمقراطية بعد الثورة عام 2011، على قدم واحدة انتظارا لما ستفرزه صناديق الاقتراع. وعزز هذا الموقف الصعب نتائج الدور الاول للانتخابات الرئاسية والتي دفعت بمرشحين إلى الدور الثاني من خارج الطبقة السياسية الحاكمة منذ 2011. كما كانت حصيلة مرشحي الأحزاب الرئيسية لنسب الأصوات مخيبة ومزلزلة. وكشفت نتائج استطلاعات الرأي لنوايا التصويت التي سبقت الفترة الانتخابية عن صعود قوى سياسية جديدة في الصدارة بدلا عنها، بينما حافظ حزب النهضة الحزب الأكبر في البلاد، على موقعه في مراتب متقدمة لكنه شهد تراجعا ملحوظا في حصته من الناخبين. وتلوح فرص حزب حركة نداء تونس، الذي فاز في انتخابات 2014 وحزب حركة تحيا تونس الذي يضم الكثير من قياديي النداء المستقيلين ومن بينهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد، صعبة لنيل الأغلبية في البرلمان. وقال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي لوكالة الانباء الألمانية (دز ب. أ) "أتوقع تركيبة مختلفة تماما للبرلمان الجديد. الاحزاب التي حكمت في السابق ستتعرض الى هزة قوية بما في ذلك حركة النهضة التي قد تخسر نصف مقاعدها بينما سيصبح حزب نداء تونس حزبا صغيرا". وأوضح الجورشي "في المقابل سيكون هناك صعود لقوى جديدة مثل حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة بزعامة سيف الدين مخلوف والقائمات المستقلة لمنظمة عيش تونسي". لكن في ظل قانون انتخابي يعتمد التمثيل النسبي مع أكبر البقايا، فإنه يصعب تحقيق أغلبية صريحة في البرلمان ويعني ذلك أنه من المهم عقد تحالفات بين قوى سياسية متقاربة من أجل تكوين حكومة. ودفع هذا الأمر في السابق حزبي حركة نداء تونس وحركة النهضة الاسلامية الى التحالف بعد انتخابات 2014 ،على الرغم من تعارض خطيهما السياسيين. لكن في انتخابات 2019 ،فإن الصراع محتدم بين "حزب قلب تونس" الناشئ الذي يرأسه رجل الأعمال الموقوف في السجن نبيل القروي وحركة النهضة الاسلامية. وكلا الحزبان تعهدا بعدم التحالف مع الآخر حال فوزه في الانتخابات التشريعية. وسيخوض نبيل القروي الدور الثاني من السباق الرئاسي رغم ايقافه في السجن، فيما أعلنت حركة النهضة عن دعمها للمرشح المستقل قيس سعيد. ويبلغ عدد القوائم المشاركة في الانتخابات التشريعية لعام 2019 أكثر من 1500 ،من بينها 673 قائمة حزبية و312 قائمة ائتلافية و518 قائمة مستقلة. وتتوزع هذه القوائم على 33 دائرة انتخابية من بينها 27 دائرة داخل تونس، وأخرى في الخارج لانتخاب ممثلين في البرلمان عن الجاليات التونسية، من أصل 217 نائبا. وقال الجورشي "التركيبة الجديدة للبرلمان الجديد ستجعل منه مؤسسة محدودة التأثير وسيكون هناك الكثير من التجاذبات السياسية من أجل التوصل لتكوين حكومة. وقد يكون التحالف هذه المرة بين أربعة أو خمسة أحزاب". وأضاف الجورشي "هذه الحكومة ستكون ضعيفة وقابلة للاهتزاز وقد تسقط في لحظة".