نتناول بعض المسائل التى يقابلها المؤمنون فى الطهارة والصلاة: يقول الله تعالى فى بيان الطهارة التى تجب على المؤمن إذا أراد القيام إلى الصلاة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة 6. والمسألة الأولى هنا فى قوله تعالى (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ) حيث اختلف الأئمة فى تفسيرها، بعضهم فسر الملامسة فى الآية بمس اليد أو نحوها، وعليه يكون مس المرأة ناقضا للوضوء. وفسرها آخرون بالمخالطة الخاصة، وعليه يكون المس باليومنه المصافحة ناقضا للوضوء، وهذا الرأى يتفق معه الشيخ محمود شلتوت ودليله الأسباب التالية: أولا: القرآن استعمل المس فى المخالطة (وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ) آل عمران 47 (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) الأحزاب 49، كما استعمل المباشرة (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِى الْمَسَاجِدِ) البقرة 187، والملامسة كالمباشرة والمس. ثانيا: أنه بتفسير الملامسة بالمخالطة تكون الآية (السادسة من سورة المائدة) قد استوعبت جميع أنواع الطهارة الواجبة بالنسبة لأسبابها، فبينت طهارة الوضوء بقوله (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ... إلخ)، وبينت طهارة الغسل بقوله: (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا)، ثم بينت الطهارة بالتيمم حين العذر عن استعمال المياء بدلا من الوضوء بقوله: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ)، وبدلا من الغسل بقوله (َأو لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ). ثالثا: وردت أحاديث صحيحة دالة على بقاء الوضوء بعد المس باليد ونحوها. رابعا: أن عدم نقض الوضوء بالمصافحة هو ما يقتضيه اليسر الذى بنيت عليه الشريعة وختمت به آية الطهارة (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). والمسألة الثانية الخاصة بتطهير الإناء الذى ولغ فيه الكلب (شرب ومد لسانه). إن من أبرز خصائص الإسلام العناية بالطهارة والنظافة للإنسان فى جسمه، وفى ثوبه، وفى مكانه، وفى آنيته التى يأكل ويشرب فيها. وكثرت أحاديث الرسول التى توصى بالعناية فى الطهارة وأمرت بغسل مواقع القذر فأمرت بغسلها وتطهيرها، نظرا لما لها من أثر سيئ على صحة الإنسان، وعملا على سلامته من الجراثيم الفتاكة التى تذهب بصحته وتقضى على حياته. وكان من ضمن هذه الأحاديث ما ذكر للإناء الذى ولغ فيه الكلب عن أبى هريرة رضى الله عنه أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طُهورُ إناءِ أحدكم إذا ولَغ فيه الكلبُ أن يغسله سبعَ مرَّات، أُولاهن بالتراب» أخرجه مسلم. وقد فهم كثير العلماء أن العدد فى الغسيل مع الترتيب مقصودان لذاتهما فأوجبوا غسل الإناء سبع مرات على أن تكون أولاهم بالتراب، ولكن الرأى الذى يفهمه الشيخ محمود شلتوت هو رأى غيرهم من العلماء وهو أن المقصود بالكثرة التى يتطلبها الاطمئنان على زوال أثر لعاب الكلب من الآنية، والمقصود من التراب استعمال مادة مع الماء من شأنها تقوية الماء فى إزالة الأثر وذكر التراب لأنه ميسور لعامة الناس، وكان معروفا فى ذلك الوقت أنه مادة قوية فى التطهير واقتلاع ما عساه يتركه اللعاب فى الإناء من جراثيم. ومن هنا نستطيع أن نقرر الاكتفاء فى التطهير المطلوب بما عرفه العلماء من مطهرات قوية وإن لم تكن ترابا ولا من عناصرها التراب. المسألة الثالثه الخاصة بغطاء الرأس فى الصلاة وهو أن الصلاة تصح فى حالة الصلاة برأس مغطاة وبرأس مكشوفة، ولا يشترط إذا غطيت بنوع خاص من الغطاء فللمسلم أن يصلى بعمامة وبطاقية وبقبعة مادامت لا تمنعه من وضع الجبهة على الأرض. والإسلام لا يعرف زيا خاصا للرأس، والزى وغطاء الرأس من الأمور التى يتركه الإسلام للعرف الذى يجرى عليه الناس.