«الفنية للحج»: السعودية تتخذ إجراءات مشددة ضد أصحاب التأشيرات غير النظامية    أبو الغيط: لا بد من لجم جماح العدوان الإسرائيلي بشكل فورى    عمرو أديب يكشف حقيقة تمرد إمام عاشور على حسام حسن (فيديو)    "شاومينج " ينتصر على حكومة السيسي بتسريب أسئلة التربية الوطنية والدين مع انطلاق ماراثون الثانوية العامة    iOS 18 .. تعرف على قائمة موديلات أيفون المتوافقة مع التحديث    تزاحم الجمهور على خالد النبوى فى العرض الخاص لفيلم أهل الكهف    مندوبة بريطانيا بمجلس الأمن: نحن فى أشد الحاجة لتلبية الحاجات الإنسانية لغزة    محافظ الغربية يتابع أعمال تأهيل ورصف طريق كفور بلشاي    نصائح يجب اتباعها مع الجزار قبل ذبح الأضحية    التضامن توضح حقيقة صرف معاش تكافل وكرامة قبل عيد الأضحى 2024    سهرة خاصة مع عمر خيرت في «احتفالية المصري اليوم» بمناسبة الذكرى العشرين    دبلوماسي روسي: تفاقم الوضع في شبه الجزيرة الكورية بسبب واشنطن    «القاهرة الإخبارية»: سرعة الموافقة على مقترح وقف إطلاق النار أبرز مطالب بلينكن من نتنياهو    وزير خارجية الأردن يشدد على ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة    ملخص وأهداف مباراة أوغندا ضد الجزائر وريمونتادا محاربى الصحراء.. فيديو    متحدث «الشباب والرياضة»: سلوك معلم الجيولوجيا مخالف لتوجه وزارة التربية التعليم    متحدث "الرياضة": سلوك معلم الجيولوجيا مخالف لتوجه وزارة التربية التعليم    سيف زاهر: مصطفى فتحي كان بديلًا لمحمد صلاح ولكن!    تضامن الدقهلية تختتم المرحلة الثانية لتدريب "مودة" للشباب المقبلين على الزواج    "فضل يوم عرفة" أمسية دينية بأوقاف مطروح    افتتاح مدرسة ماونتن فيو الدولية للتكنولوجيا التطبيقية "IATS"    إبراهيم عيسى: تشكيل الحكومة الجديدة توحي بأنها ستكون "توأم" الحكومة المستقيلة    سعر الذهب اليوم الإثنين.. عيار 21 يسجل 3110 جنيهات    محمد لطفي يروج لشخصية الشربيني في فيلم ولاد رزق 3    قصواء الخلالي: الصحافة الفلسطينية قدمت 145 شهيدا حتى الآن    غدا.. "ليتنا لا ننسى" على مسرح مركز الإبداع الفني    هل يجوز الأضحية بالدجاج والبط؟.. محمد أبو هاشم يجيب (فيديو)    «الإفتاء» توضح حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة    الأفضل للأضحية الغنم أم الإبل..الإفتاء المصرية تحسم الجدل    وزير الصحة: برنامج الزمالة المصرية يقوم بتخريج 3 آلاف طبيب سنويا    عادة خاطئة قد تصيب طلاب الثانوية العامة بأزمة خطيرة في القلب أثناء الامتحانات    تفاصيل قافلة لجامعة القاهرة في الصف تقدم العلاج والخدمات الطبية مجانا    لفقدان الوزن- تناول الليمون بهذه الطرق    لميس الحديدي تكشف عن سبب إخفائها خبر إصابتها بالسرطان    محمد ممدوح يروج لدوره في فيلم ولاد رزق 3    ميدفيديف يطالب شولتس وماكرون بالاستقالة بعد نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي    "وطني الوحيد".. جريدة المصري اليوم تكرم الكاتب مجدي الجلاد رئيس تحريرها الأسبق    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    مصر تتربع على عرش جدول ميداليات البطولة الأفريقية للسلاح للكبار    ختام الموسم الثاني من مبادرة «طبلية مصر» بالمتحف القومي للحضارة المصرية    موعد محاكمة ميكانيكي متهم بقتل ابن لاعب سابق شهير بالزمالك    جامعة أسيوط تطلق فعاليات ندوة "الهجرة غير الشرعية: أضرارها وأساليب مكافحتها"    الرئيس الأوكراني يكشف حقيقة استيلاء روسيا على بلدة ريجيفكا    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    أفيجدرو لبيرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    الدرندلي: أي مباراة للمنتخب الفترة المقبلة ستكون مهمة.. وتحفيز حسام حسن قبل مواجهة غينيا بيساو    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد خالد توفيق ظاهرة بديعة فى الأدب المصرى.. وأب روحى لجيل كامل
قراؤه ومريدوه الذين تحولوا من قراء إلى كتَّاب يجمعون:
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 04 - 2019

كانت زيارة سريعة خاطفة، قطعها الدكتور أحمد خالد توفيق، من منزله بمدينة طنطا، إلى القاهرة، تلك العاصمة التى لم يحبها يومًا ولم يعتدْ زحامها، ففر منها إلى «طنطا» ليسكن فيها وإليها، ممزقًا تذكرة العودة إلى القاهرة نهائيًا، قبل أن يضطره قلبه المريض إلى العودة مرة أخرى، أملًا فى العلاج، لتصبح تلك الزيارة هى الأخيرة له، ليس إلى القاهرة فقط، بل الأخيرة فى عالمنا بأكماله، وليودع فيها تلاميذه ومحبيه وأجيالًا تربت على مؤلفاته، وتعلقت بعالم الأدب والكتابة من خلال كتاباته. أجمع كثيرون ومنهم المهندس إبراهيم المعلم رئيس مؤسسة الشروق أنه ظاهرة بديعة، والأديب المؤثر فى أجيال وأجيال من القراء والأدباء الجدد فى عالمنا العربى الفتى الجديد لا القديم ومثقف المرهف، وطبيب حكيم، وإنسان مفطور على الصدق والإخلاص ونبل التواضع.
هذه الأيام تمر الذكرى الأولى لرحيله، فتواصلت «الشروق» مع عدد من محبى وتلاميذ د. أحمد خالد توفيق، من الذين أحبوا الأدب وصاروا على خطى مُعلمهم وأبيهم الروحى، فأصبحوا كُتّابا اليوم، وأصبح لهم ولمؤلفاتهم مكانة متميزة فى المكتبة العربية.
====
أحمد مراد: حتى هذه اللحظة أستشيره ويسألنى وأسأله
الكاتب والروائى والسيناريست أحمد مراد، صاحب «فيرتيجو» و «تراب الماس» و«الفيل الأزرق»، و«أرض الإله» و«موسم صيد الغزلان»، وغيرها من الأعمال الأدبية المتنوعة قال إنه لا يزال غير مستوعب فكرة مرور عام على رحيل كاتبه وأستاذه وصديقه الأعز أحمد خالد توفيق، فضلًا عن عدم استيعابه لفكرة رحيله من الأساس.
وتابع مراد: باستثناء تواصلى المستمر مع أسرته، فمازلت أتجنب الحديث حول خبر وفاته، للدرجة التى تجعلنى أتحاشى أى حديث من الممكن أن يقودنا ولو بالمصادفة إلى هذه النقطة. بل حتى هذه اللحظة أستشيره ويسألنى وأساله وآخذ برأيه، وأردد فى نفسى، أنه كان لابد سيفكر بهذه الطريقة ويختار ذلك الحل. لكن أيضا بعد مرور سنة لا يزال عندى غضب، وما زلت أسأله فى كل لحظة، كيف رحلت عنا دون وداع؟، ولماذا هذا الرحيل المتعجل عن أجيال تعلمت منك وتأثرت بك وبكتابتك الملهمة.
وقال مراد: هناك نوعان من الكُتّاب: من يستطيع إمتاع قارئه، ونوع آخر يستطيع أن يكون ملهما لقرائه، ود. أحمد خالد توفيق جمع بين الاثنين، المتعة والإلهام، ولهذا تأثرت بكتاباته الجميلة المليئة بعوالم من الخيال، كما تأثر ومتع بها جيل الثمانينيات من أمثالى، وجيل التسعينيات الذى لاحقنا، وفى النهاية لن أقول له سوى «د.أحمد خالد توفيق ربنا يخليك لنا».
====
عماد العادلى: جعل الشباب يحبون القراءة
عماد العادلى المستشار السابق لدى مكتبات «أ» حاور د. أحمد خالد توفيق، حول مجمل مؤلفاته الأدبية، فى لقاءات مختلفة شملت محافظات مصر المختلفة، قال إن خالد توفيق حقق معادلة لم يحققها سوى عدد قليل جدًا من الأشخاص على مستوى العالم، وهى محبة كل الناس على اختلافهم، ومقدرته على خلق حب القراءة لدى أجيال من الشباب، كانوا قراء الأمس، ثم صاروا كُتّابا ونجوما اليوم.
وأضاف العادلى أن أبرز مثال على ذلك هو لحظة وفاته، رحمه الله، حيث كانت اللحظة ظاهرة حب لم تحصل من قبل فى تاريخ الثقافة المصرية، وربما العربية أيضًا، وهو ما أظهر إلى أى مدى كان شخصا محبوبا، لديه حضور قوى وطاغٍ لدى الناس بخاصة الشباب. واللافت للنظر أن كل تلك المحبة الجارفة والشهرة والانتشار الذى حصل عليها د. توفيق، جاءت إليه طوعًا ومحبة، فهو لم يسع إليها مطلقًا، بل على العكس كان شخصًا خجولًا وليس اجتماعيا.
واستكمل العادلى: من الأمور المثيرة للدهشة والاحترام أيضًا، هى غزارة إنتاجه الأدبى مقارنة بإنتاج أقرانه، رغم انشغاله كأستاذ فى كلية الطب، لافتًا إلى «كان يملك شيئا ربانيا لم أستطع وصفه»، ولكن هذا الشيء الربانى هو ما جعله يخلق تلك المحبة الجارفة فى قلوب الناس، وينال الخلود فى عقولهم، وسيظل لفترة طويلة هكذا.
====
حسن كمال: رجل له حكايات مع جيل بأكمله
الكاتب والروائى الدكتور حسن كمال، صاحب «كشرى مصر» و«نسيت كلمة السر» و«المرحوم» و«الأسياد» وغيرها من الروايات والقصص القصيرة المتنوعة، قال: «من الصعب جدا عند الحديث عن الدكتور أحمد خالد توفيق أن نرثيه بالشكل اللائق، فما المختلف الذى يمكن أن تحكيه عن رجل له حكايات مع جيل بأكمله؟ ربما عليّ فقط أن أحاول ألا أتحدث عن علاقتى الشخصية به وأن أترك المساحة للحديث عنه هو فقط، فهو لم يترك كاتبا ولا قارئا من هذا الجيل إلا وكانت له معه لفتة رقيقة كملامحه وابتسامته وأنا منهم، لابد أن الكثيرين يمتلكون أفضل من حكايتى معه، فأنا لم ألتق به سوى خمس مرات، وبيننا مكالمة هاتفية واحدة جاءت منه لى وكانت من أجمل مفاجآت حياتى».
وأضاف: «يحكى اسمه كل شيء، فقد كان يملك أحمد الصفات التى يمكن أن تجدها فى كاتب لامع مثله، لاشك أنه يستحق بأن يوصف بأنه «الكاتب النبيل»، أحمد خالد توفيق كان البيست سيلر الأكبر بالتأكيد، لكنه لم يصف نفسه بأى شيء سوى أنه كاتب، لم يحمل فى قلبه سوى الحب والتسامح والهدوء، أما اسمه الثانى فهو خالد، وبالفعل سيظل ذلك الرجل خالدا بالتأكيد، فى كل سطر يكتبه الكثيرون من الأجيال التى تلته ستجد شيئا من كلماته أو أسلوبه الذى علمه للجميع، وعلى قبره كتبت الكلمة الخالدة التى طلبها، «جعل الشباب يقرأون»، لتكون شهادة على شاهد قبره تتوارثها الأجيال واحدا تلو الآخر فى محبة ذلك الرجل، أما الاسم الثالث فهو توفيق، وحياته كانت مليئة بالتوفيق بكل تأكيد، ذلك الطبيب النابه والأستاذ الجامعى والكاتب الجاذب والجذاب، والذى كان قليل الظهور فى التجمعات لكنه كان يتمتع بحضور طاغٍ وبغير صخب ولا إزعاج.
الدكتور أحمد خالد توفيق، هو الرجل الذى عاش فى هدوء، ونجح فى هدوء، وانسحب من الحياة فى هدوء، كما لو كان طيفا رقيقا بدا واختفى فتحول حلما رقيقا عاشاه الجميع واستيقظ منه ليجدوا على شفاهم ابتسامات استمتاع باللحظات التى عاشوها معه. وعندما جاءت الثورة بكل ما لازمها من فوران وتغيرات، التزم الصدق ودافع عن موقفه ورأيه بنبل الفرسان.
ويختتم صاحب «نسيت كلمة السر»: أن الأمر صعب بالتأكيد، فكيف يمكن أن ترثى رجلا رثى نفسه فى كتاباته، واختار ما يكتب على قبره، وانتقى لنفسه مكانا فى قلوب الشباب الذين أصبحوا رجالًا يحملون رائحة ما كتبه فى صدورهم، ليتابع: «وداعا أيها الغريب، لقد كانت إقامتك قصيرة لكنها كانت رائعة».. رحمة الله على النبيل أحمد خالد توفيق.. وإذا أردتم منى أن أختصر حكايته فى قصة قصيرة طويلة فليكن، «مات الرجل الذى أحب ما يكتب وأحب من يكتب لهم، فأحبوه، مات الرجل الذى أحبه الجميع».
====
محمد هشام عبية: فتح أمامى فنونا جديدة من الأدب
الكاتب الصحفى محمد هشام عبية، قال إن الدكتور أحمد خالد توفيق، فتح عينيه على فنون جديدة من الأدب، لا تتعلق فقط بفكرة أدب الرعب، بل تعدت ذلك بكثير، مشيرًا إلى دور «توفيق» الكبير فى مجال الترجمة، قائلًا: «قام بدور كبير لم يلتفت إليه الكثيرون، وهى كتب الترجمة، حيث ترجم كتب وروايات مهمة ومعاصرة، قد سبق بها حركة الترجمة فى مصر».
وتابع هشام عبية: بالنسبة لى ولكثيرين فالدكتور أحمد خالد توفيق، هو من عرفنا على عالم الكاتب الأمريكى ستيفن كينج الثرى، كما كان أول من أطلعنا على عالم الرواية الغربية الجديدة. كما أن الأسلوب الجذاب الذى تميزت به مؤلفاته كان له الأثر الأكبر على الأجيال المتلاحقة من الكُتاب الشباب، وهو ما خلق لديهم قناعة، بأن الكتابة لابد من أن تكون ممتعة وجذابة بالدرجة الأولى، قبل أن تقدم فكرة عميقة؛ لأن الفكرة المهمة والعميقة إذا قُدمت بأسلوب ممل فهذا يعنى أنها لن تصل، وبالتالى لن تحقق رسالتها والهدف من ورائها.
====
أحمد عبدالمجيد: أحببناه لأنه كان إنسانًا حقيقيًا
الكاتب والروائى أحمد عبدالمجيد، صاحب «ترنيمة سلام» و «التابع» و «عشق» وغيرها من الأعمال الأدبية، قال :«أقرأ له منذ كنت فى الثانية عشرة من عمرى، أجمل لحظات طفولتى وشبابى الأول قضيتها وأنا أقلّب الصفحات التى كتبها هذا الرجل فى سلاسله وكتيباته، وعندما كنت أكتب قبل وصولى سن العشرين كنت متأثرًا بأسلوبه وأكتب به، فكيف لا نحبه بعد كل هذا؟. الموضوع ليس موضوع كاتب كبير أثّر بكتاباته فى أجيال عبر ربع قرن، المسألة أنه إنسان حقيقى ملهم، كل من التقاه تعرف عن قرب على جماله وطيبته وتواضعه».
عرفته بشكل شخصى فى ربيع 2003، أصابنى سقوط بغداد فى يد الجيش الأمريكى بالإحباط، ولسبب ما قررت أن أرسل للدكتور أحمد خالد توفيق رسالة على بريده الإلكترونى الذى ينشره دومًا فى نهاية مقالاته، وأنا متيقن أنه لن يرد، أردت فقط الفضفضة كى لا أنفجر، أن أتحدث مع نفسى فى رسالة موجهة لشخص أحبه وأحترمه، وأنا أعرف أن أحدًا لن يطّلع عليها غيرى. ثم فوجئت به يجيب بعد أيام على رسالتى، واسانى وحاول أن يخفف من وقع الأحداث عليّ، ثم ترك لى رقم هاتفه الأرضى وطلب منى أن أحدثه فى أى وقت بعد الحادية عشرة مساءً!
أسرعت فى اليوم التالى واشتريت كارت ميناتل، واتصلت به الساعة الحادية عشرة بالضبط، وبعد بضع رنات جاءنى صوته متسائلًا. ذكّرته بنفسى وتحدثت معه لما يقرب من ثلث ساعة، ما أذكره الآن من المكالمة أننا كنا نتهكم على آرييل شارون، الذى تناوله أحمد خالد توفيق فى أحد أعداد سلسلته «سافارى».
وبعدها كنت أتصل به كل بضعة أسابيع، بعد أن أشحذ ذهنى لأجد موضوعًا للكلام، وكنت أفاجأ به يتكلم معى بأريحية عما ينوى أن يفعله فى الأعداد القادمة، أو ظروف كتابته لبعض الأعداد، وكنت أباهى أصدقائى وقتها بأنى أعرف ما سيحدث فى العدد الذى لم يصدر بعد، أو أننى أعرف ما الخطة التى وضعها لإنهاء سلسلة ما وراء الطبيعة، وهكذا».
ويختتم: «فى عزائه، قابلت أشخاصًا لا أقابلهم ولا يجتمعون عادة سوى فى معرض الكتاب فقط، كل الأحباب كانوا هناك على شرفه وفى وداعه. ورأيت لأول مرة محمد ابنه، وتمنيت لو أمتلك الشجاعة لأقترب منه وأخبره أننى أحد تلاميذ والده وأنه يجب عليه أن يفخر بالأثر الذى أحدثه، أقول له إنك تعتقد أنه ذهب، لكن هذا غير صحيح، والدك موجود وسيظل موجودًا فى قلوبنا، سنظل نقرأ له ونتحدث عنه ونحبه، الفراق فقط صعب، لكن ما دون ذلك فكل شيء كما هو، وأفضل. لكنى لم أمتلك الشجاعة، لأنى لو فعلت ففى الغالب كنت سأجهش فى البكاء، وأنا لا أحب البكاء أمام الناس، مضيفًا هذا هو أحمد خالد توفيق الذى نحبه، أحببناه لأنه اهتمّ وكتب لنا، وأحبنا، ولم يتعالَ علينا، أحببناه لأنه كان إنسانًا حقيقيًا».
====
شريف عبدالهادى: عرفنا على الأدب الغربى
الكاتب والروائى شريف عبدالهادى، صاحب روايات «ملكوت» و «أبابيل» و «تستروجين» وغيرها من الأعمال الأدبية، يرى أنه قدم توليفة نادرة التكرار، تجمع بين الفلسفة، والرعب، والإثارة والتشويق، والسخرية، بالإضافة إلى أنه فتّح أعين وعقول قرائه على عوالم لم يكن لهم أن يعرفوها سوى من خلاله، فجعلنا نتعرف على مختلف الثقافات والحضارات، سواء الغربية، أو التى تنتمى للشرق الأقصى، بكل ما بها من تراث وطقوس وقصص عجيبة، فضلا عن أنه كان سببًا لنعرف كتابا كبارا أشار لهم فى أعماله مثل دوستويفسكى وإدجار آلان بو وشكسبير وغيرهم.
====
شريف سعد: جميعنا مواطنون فى مملكته
الكاتب والروائى شريف أسعد صاحب «حواديت السعادة» و «غير قابل للنشر» و «اعترافات جامدة» وغيرها من الأعمال الأدبية المتنوعة، قال: «لم يكن دكتور أحمد خالد توفيق مجرد كاتب، كان ملكا متوجا، وكنا جميعا مواطنين فى مملكته، نعيش فى سعادة ورضا، ننتظر إطلالته علينا من خلال كتبه وسلاسله وأسلوبه الذى أثرى ثقافتنا، وبزغ جليا فى كل سطر نسطره ونحن نحاول أن نحذو حذوه». ليختتم كما قال أقول: «حين أموت أتمنى أن يقول عنى الناس، كان يحاول رسم الابتسامة على شفاه البشر».
====
نورا ناجى: وجوده معنا كان يتجاوز علاقة كاتب بقرائه
الكاتبة نورا ناجى صاحبة روايات «الجدار» و«بنات الباشا» و«بانا»، وغيرها قالت: «تواجهنى صعوبة كبيرة عند الكتابة عن د.أحمد خالد توفيق، وتتنازعنى الكثير من المشاعر، أفكر أولا أن الرجل لم يكن يحب كل هذا الصخب والانتباه، فأشعر بالقليل من الذنب وأخشى أن أزعجه فى عالمه الجديد، لكنى أوقن بعدها أن الكتابة هى كل ما كان يحبه، وأننى إن شاركت بمثل هذا الفعل، عنه وإليه، أكون أقرب ويكون أقرب، ربما يختفى الحد الفاصل بين الحياة والموت بالكلمات، فأستعيد ذكرى بعض لحظات تحدثنا فيها ذات مساء عن محمد عفيفى وترانيم فى ظل تمارا، أو ذات نهار عن تشيكوف وديستوفيسكى.
وأضافت: من الغريب أن كل لحظة مهمة فى حياتى كان له فيها وجود ما، أول ذكرى لى مع القراءة كانت أسطورة النداهة، أول مرة أكتب فيها خطابا كان إليه فى بريد القراء، أول ندوة أحضرها كانت له، أول مرة أقع فى الحب كانت فى وجوده، حضر زواجى وتعب الحمل وتعافى الولادة، حضر انفصالى وشهور اكتئابى وتفاصيل حياتى، وكانت نصائحه دائما المنقذ والمهدئ».
ومن الغريب أن وجود هذا الرجل فى حياة محبيه كان يتجاوز العلاقة بين كاتب وقارئ، كان هناك نوع غريب من الألفة، لهذا يعتبره الجميع أباهم الروحى، يعتبرونه فردا من العائلة، تجد صوره على حوائط بيوتهم، ورفوف مكتباتهم، وحساباتهم على الفيسبوك، لا أعتقد أن كاتبا حظى بمثل هذه المحبة، وهذا القرب.
====
محمد عصمت: ستظل محبته فى قلوبنا للأبد حتى تحترق النجوم وتفنى العوالم
الكاتب محمد عصمت، صاحب روايات أدب الرعب، ومنها: «الممسوس» و«صائد الذكريات» و«التعويذة الخاطئة» وغيرها من المؤلفات الأخرى، قال: «رحل الذى كان سببًا رئيسيًا فى حبى للقراءة، وكان سببًا أساسيًا فى اتجاهى للكتابة يومًا، رحل دون أن أقابله أو أتحدث إليه لأخبره مدى حبى له ومدى عشقى لشخصيته وكتاباته، رحل وتركنا بمفردنا نشعر بالخوف والرعب والألم على فقدانه». وبالرغم من رحيله ستظل محبته فى قلوبنا للأبد، حتى تحترق النجوم و حتى تفنى العوالم، رحمك الله وغفر لك ياكاتبى المُفضل.
====
أحمد مهنى: عظيم لأنه لم ينافق أو يتملق
الكاتب والروائى أحمد مهنى، صاحب «سوف أحكى عنك»، و «اغتراب» و «مذرات الثانية عشرة ليلًا»، وغيرها من الأعمال الأدبية، أشار إلى أن الدكتور أحمد خالد توفيق، كان مخلصا لمشروعه، كتب عما يراه مناسبا للواقع بما يناسب الواقع، أخلص لقلمه ولأفكاره ولم ينافق أو يتملق أو يسايس الأمور، ولذا كان رائعا. وكان رجلا يبحث عن فرصة للخلاص وسط الخراب دون محاولات للمزايدة أو التنظير أو التخوين، وضع كل الاعتبارات خلف ظهره وكتب عما يؤمن به حقا فكان قلمه صادقا، ترك أثرا باقيا مع الشباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.