احتفلت دار الكتب والوثائق القومية، اليوم الخميس، بمرور مائة عام على ميلاد مطرب الشعب، سيد درويش، التي تتزامن مع مئوية ثورة 1919، ومرور عام على إنشاء قاعة الموسيقى الشرقية، بدار الوثائق، بجضور كل من هشام عزمي، رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق، واحتفت دار الوثائق بفنان جيله وكل جيل سيد درويش، عبر تناول كلمات عن قيمته الفنية والإنسانية، فضلًا عن القيمة السياسية التي شكلها فنه بالنسبة لواحدة من أعرق الثورات المصرية"ثورة 19129" حتى أنه سمي ب"أيقونة ثورة 1919"، وجاءت فعاليات الاحتفال بكلمات ألقائها مجموعة من الأكادمييين، ثم اختتمت بألحانه وقصائد قيلت فيه. أيقونة الثورة والأشد أثرًا رغم قصر عمره أفتتح الدكتور هشام عزمي، رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق، أولى فعاليات الافتتاح بكلمة تناول فيها الارتباط الوثيق بين فنان الشعب سيد درويش وثورة 1919، قائلًا: "يعد سيد درويش أيقونة ثورة 1919 فلم تقتصر مشاركته في الثور ة على فنه فحسب، بل تصدر المشهد في التظاهرات برفقة صديقه بديع خيري". وأضاف عزمي: "كان درويش الأكثر إنتاجًا والأشد أثرًا رغم قصر عمره الذي لم يتجاوز ال31 عامًا، إذ رسخت ألحانه في أذهان المصريين، ووجدت طريقها إلى المصريين ورددوها قبل ظهور الإذاعة بأعوام، حتى أن مصر اتخذت من ألحانه نشيدها الوطني، غير أن أعماله التي صنفت بأنها غير وطنية كانت تحمل رسائل واضحة في اتجاه التضامن مع الشعب، أو في اتجاه مقاومة الاحتلال؛ ولذلك سمي درويش صاحب الرحلة الفنية القصيرة، وال75 عملًا ب"ملحن الشعب"، كما لقبه العقاد ب"أمير الملحنين". كان مولعًا بالإسكندرية وودعها قبل وفاته وتناول الدكتور إبراهيم حجي، الرئيس السابق لجمعية أصدقاء موسيقى سيد درويش، وكيف أحب فنان جيله وكل جيل الإسكندرية، حتى أنه جالها من أقصاها إلى أقصاها قبيل وفاته مباشرة، ثم تطرق إلفى موته بطريقة غامضلة بعدما دعته أسرة سكندرية على الغداء، وقبل دعوتهم، لكنه وعلى فور خروجه من بيتهم، أغشي عليه وغاب عن الوعي، وتعرف إليه «عربجي الحنطور»، واقتاده إلى منزل أخته، ثم توفي بعد يومين. وأضاف حجي، أن درويش أعد لحنين لاستقبال سعد زغلول، وهما "بلادي بلادي" و "مصرنا وطننا" وغنى هذين اللحنين كورال سكندري، أثناء استقبالهم لسعد زغلول، موضحًا أن ألحان سيد درويش ظلت وثيقة الصلة بالقضايا الوطنية، فغني "دنجي دنجي" مناديًا بالوحدة بين مصر والسودان، وفي مناهضته للغلاء. ثم تطرق الأستاذ الدكتور زين نصار، أستاذ النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون، إلى انتاج سيد درويش الفني الغزير؛ أذ كان نتاج 9 أعوام فقط 30 مسرحية غنائية و40 موشح و100 طقطوقة، وكيف ظلت ألحانه شابة خالدة رغم مرورها على جيل بعد جيل، ودعى "نصار"، إلى إحياء تراث سيد درويش، وحث على ضرورة إحياء مسرحياته الغنائية لتحسين الذوق والوعي العام، كما استنكر كيف أن أعمال السيد درويش التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه لا تحظى بالاهتمام الكافي رغم قيمتها. وأشار إلى أن سيد درويش، اعتمد على قوة ألحانه، وأسس لمدرسة "فن المعنى"، التي تعتمد على القيمة إلى جانب الصوت والأداء، وأنه خلق حالة وطنية فريدة ألهبت مشاعر الجماهير، لأن أعماله عنت بمعالجة مشكلات الطوائف، كما تطرق إلى تأثيره على موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، الذي رافقه آخر سنوات حياته. أما الدكتور محمد سعد حسن، المستشار الإعلامي، للإذاعة التعليمية، بالإذاعة والتلفزيون، فقال إن الجوانب الحياتية والنضالية لسيد درويش يجب أن تدرس إلى جانب الجوانب الموسيقية، فهو نموذح للتفوق والمصابرة، والتغلب على اليأس، وإعلاء القيم، إذ تغلب على كامل الخلعي وداود حسني نجما جيله، وكيف كانت رحلته الفنية شاقة وغنية أيضًا، فطالما رفض العمل في المسرحيات الهزلية وأسس فرقته الخاصة رغم تسبب ذلك في إفلاسه؛ إذ قدم نموذجًا لعشق مهنته. وأضاف حسن، أن سيد درويش سعى في عز مجده إلى تزويد الوعي الموسيقي، إذ كان يسعى لكتابة مقالات للتوعية بالعلوم الموسيقية، ويمضيها ب«خادم الموسيقى» وأن ألحانه لا تزال شابة رغم مرورها على الأجيال المتعاقبة. وتحدثت الإعلامية الاء أنور، متناولة الإضافة التي شكلها سيد درويش للفن المصري، وكيف استحدث نغمة "العجم" و"الحجاز كار" وكيف ظل أثره الفني باقيًا حتى أن رائد القصيدة العامية، فؤاد حداد كتب فيه "ماتصدقيش غير اللي فنان بحق..أسمر وجيه اللون..وفيه شبه من أربعين مليون.. وفي إيده حنة وريشة ومسطرين وسلاح.. كان مصري كامل وكان عامل وكان فلاح.. وكان سيد وكان درويش.. وكان واحد وكان الكل". وعقب الكلمات، جائت ثاني فعاليات الاحتفال، عبر أغنيات فرقة «تراث سيد درويش»، بقيادة حفيده محمد حسن سيد درويش، إذ تغنت الفرقة بمجموعه من أغنياته و ألحانه ك"شدالحزام على وسطك" و"يابلح زغلول" ن بينها دنجي دنجي، طلعت يا محلا نورها، قوم يا مصري و نشيد بلادي بلادي الذي توفي قبل أن يعزفه أمام سعد زغلول وأصبح بعد النشيد الوطني لجمهورية مصر العربية بعد ثورة يوليو 1952، و"أنا المصري" و"أهو دا اللي صار"، واختتمت الفعاليات بمجموعة قصائد كتبت للوطن.