واشنطن تعلن التصدي لصاروخ حوثي يستهدف على الأرجح سفينة ترفع العلم الأمريكي    أمريكا تضغط على إسرائيل على خلفية مزاعم بشأن قبور جماعية في مستشفيين بقطاع غزة    إيران وروسيا توقعان مذكرة تفاهم أمنية    بعثة الزمالك تسافر إلى غانا اليوم على متن طائرة خاصة استعدادًا لمباراة دريمز    فرج عامر يكشف كواليس «قرصة ودن» لاعبي سموحة قبل مباراة البلدية    عاجل.. أسطورة ليفربول ينتقد صلاح ويفجر مفاجأة حول مستقبله    بعد إعلان الرئيس السيسي عنها.. ماذا تعرف عن البطولة العربية العسكرية للفروسية؟    «أتربة عالقة ورياح».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف أماكن سقوط الأمطار    اخماد حريق هائل داخل مخزن أجهزة كهربائية بالمنيا دون إصابات بشرية (صور)    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بالصاغة    صندوق التنمية الحضرية يعلن بيع 27 محلا تجاريا في مزاد علني    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    تحظى ب«احترام غير مبرر».. اتهام مباشر لواشنطن بالتغاضي عن انتهاكات إسرائيل    تخصيص 100 فدان في جنوب سيناء لإنشاء فرع جديد لجامعة السويس.. تفاصيل    الليلة.. أدهم سليمان يُحيي حفل جديد بساقية الصاوي    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    "منافسات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    كرة السلة، ترتيب مجموعة الأهلي في تصفيات ال bal 4    منسق مبادرة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: الحملة امتدت لمحافظات أخرى بعد نجاحها..فيديو    الاحتلال يعتقل فلسطينيًا من بيت فوريك ويقتحم بيت دجن    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    "مربوط بحبل في جنش المروحة".. عامل ينهي حياته في منطقة أوسيم    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    ريهام عبد الغفور عن والدها الراحل: وعدته أكون موجودة في تكريمه ونفذت    30 صورة وفيديو من حفل زفاف سلمى ابنة بدرية طلبة بحضور نجوم الفن    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    الرئيس الموريتاني يُعلن ترشّحه لولاية ثانية    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    التطبيق خلال ساعات.. طريقة تغيير الساعة على نظام التوقيت الصيفي (بعد إلغاء الشتوي)    ما موعد انتهاء مبادرة سيارات المصريين بالخارج؟.. وزيرة الهجرة تجيب    وزيرة التضامن: المدارس المجتمعية تمثل فرصة ثانية لاستكمال التعليم    رئيس تحرير «أكتوبر»: الإعلام أحد الأسلحة الهامة في الحروب    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    ارتفاع الذهب اليوم الخميس.. تعرف على الأسعار بعد الزيادة    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    الصحة تفحص مليون و413 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن فيروس سى    مدير تعليم القاهرة: مراعاة مواعيد الامتحانات طبقا للتوقيت الصيفي    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حنان أبوالضياء تكتب: الثورة الملهمة
جعلت من «حسن فايق» ثائراً... و«نجيب محفوظ» آمن بها فى السابعة من عمره
نشر في الوفد يوم 08 - 03 - 2019

يبدو أن الثورات بمثابة نار الإبداع المقدسة التى تلهب خيال المبدعين، وتمنحهم طاقة النور التى ينفذون منها الى عالم الخلود، واكثر ثورات مصر اقترانا بمبدعين خرجوا من رحمها أو كانوا نتاج مخاض افكارها او استكمالا لفيض الالهام التى أعطته الى البشر كانت ثورة 19 فيا أيتها الثورة العظيمة شكرا على ما منحته ليبدع سيد درويش و بديع خيرى ومختار ومحمود سعيد ومحمد تيمور وأحمد رامى ومحمود طاهر لاشين وانتجت أيقونتها الوطنية نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم....وانتهاء بأحمد مراد صاحب رواية 1919.
تلك الثورة جعلت أعظم مثالى مصر محمود مختار يبدع تمثال «نهضة مصر» إيمانا بتلك الثورة؛ ومجسدا إياها فى تمثال أبوالهول، وفلاحة مصرية قوية مرفوعة الرأس متطلعة الى الأمام....وها هو سيد درويش يلتهب حماسا بثورة 1919 ويلحن نشيد (قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك)، وغنى بخلجات قلبه نشيد:
(أنا المصري كريم العنصرين.. بنيت المجد بين الأهرامين
جدودي أنشأوا العلم العجيب.. ومجرى النيل في الوادى الخصيب
لهم في الدنيا آلاف السنين... ويفنى الكون وهم موجودين).
بل إن بداية ظهور الأغنية الوطنية في مصر الممزوجة بتحديد هويتنا كانت بعد قيام ثورة 1919 حيث عبر سيّد درويش عبر ألحانه وصوته بنشيدنا الوطنى الحالي «بلادي بلادي» من تأليف الشيخ يونس القاضي، تلك الكلمات المتأثرة بخطاب الزعيم مصطفى كامل.
أما «بديع خيرى» فمنذ مارس 1919 عندما قامت الثورة جاءت استعراضات بديع فى تلك الفترة لتقف على قضايا العمل الوطنى واستطاع بديع خيري بكلماته وسيد درويش بألحانه أن يصنعا معادلة موسيقية حفلت بالوطنية، بل كانت سببًا من أسباب اندلاع ثورة 1919، وأثمرت تلك المعادلة عن مجموعة كبيرة من الأغاني أبرزها «قوم يا مصري». ومن ينسى كيف تحايل على منع الإنجليز ترديد اسم سعد زغلول ليكتب بديع خيرى ويلحن سيد درويش:
« يا بلح زغلول.. يا حليوة يا بلح
- عليك أنادى.. فى كل وادي
- قصدى ومرادى.. زغلول يا بلح
- سعدي وقال لى.. ربى انصرني
- وراجع لوطنى.. زغلول يا بلح»
تلك الأغنية التى غنتها المطربة «نعيمة المصرية» لتصبح سلاح المصرى فى وجه الإنجليز يا بلح زغلول.. يا زرع بلدى.. عليك يا ولدى.. يا بلح زغلول!.
أما المبدع محمود سعيد فكان شاهدا على تلك الثورة من باريس من خلال لوحاته الخالدة بنات بحري؛ وبائع العرقسوس؛ وبنت البلد؛ والشحاذ؛ والدراويش.
ومن المعروف أن أم كلثوم غنت قصيدة كتبها الشاعر أحمد رامي ومن ألحان محمد القصبجي يوم وفاة سعد زغلول يقول مطلعها «إن يغب عن مصر سعد.. فهو بالذكرى مقيم.. ينضب الماء..ويبقى بعده النبت الكريم.. خلدوه في الامانى.. واذكروه في الولاء.. واندبوه في الأغاني». بل ان أم كلثوم لم تكتف بتسجيل هذه الأغنية على أسطوانة بل غنتها في بيت الأمة في حضور زوجته صفية هانم زغلول في ذكرى مرور الأربعين على وفاته؛ ورفضت أيضا أم كلثوم إحياء حفلها الشهري قبل مرور أربعين يوما على وفاته الزعيم، وبعد فترة الحداد بدأت حفلها بنشيد الرثاء الذي كتبه رامي ولحنه القصبجي.
ولقد لعب حسن فايق دورا كبيرا فى الثورة. ففي عام 1911 اندلعت الفتنة الطائفية في مصر، لدرجة التفكير في تقسيم البلاد لدولتين شمال مسلم وجنوب مسيحي، كما بدأت الجماعات المتطرفة في أنشطة إجرامية، إذ اتجهوا للاغتيالات السياسية. ومع إعلان الحماية البريطانية على مصر كان لابد أن يصاحب ذلك موجه مقاومة، ومن هنا برز دور المقاومة الشعبية، وكان الزعيم سعد زغلول، والفنان حسن فايق من أفرادها.
كان لحسن فايق دور سياسي لا ينسى في مقاومة الاحتلال البريطاني ومكافحة خطر الفتنة الطائفية في مصر بفنه وإيمانه بأن قضية الاستقلال لا غاية سواها، وكان صديقا مقربا من الزعيم الراحل سعد زغلول، قائد ثورة 1919."أحمد وحنا"، كان أول عمل فني تمثيلي عن الوحدة الوطنية، وقدم للجمهور أثناء ثورة 1919، وذكر كتاب "أبيض وأسود" للكاتب أشرف بيدس، أن الفنان الراحل حسن فايق أول من قدم عملًا فنيًا يدعو للتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين أثناء ثورة 1919، وهو عبارة عن منولوجات تحث المصريين على مقاومة الاحتلال الإنجليزى. قامت ثورة 1919 وابدع حسن في تأليف المنولوجات والأزجال الحماسية التي تثير حماس الجماهير وطلب منه صديقه المقرب سعد زغلول مواصلة هذا العمل دعما للوحدة الوطنية ودعما لثورة الشعب في عام 1919.
وفى الواقع ان أكثر الاسماء الادبية ارتباطا بثورة 19 هو الأديب الكبير نجيب محفوظ، ولقد ركز على الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط، لأن ثورة 1919 التي آمن بها رفعت شعار
«وحدة الهلال مع الصليب». الى جانب اظهاره للمرأة انها كانت جزءا من المجتمع وشريكا في الثورة كما حدث في ثورة 1919، الأديب الكبير نجيب محفوظ وثق أهم لحظات ثورة 1919، فيكتب فى «أصداء السيرة الذاتية» قائلاً: «دعوت للثورة وأنا دون السابعة. ذهبت ذات صباح إلى مدرستى الأولية محروساً بالخادمة. سرت كمن يساق إلى سجن، بيدى كراسة وفى عينى كآبة، وفى قلبى حنين للفوضى، والهواء البارد يلسع ساقىّ شبه العاريتين تحت بنطلونى القصير. وجدنا المدرسة مغلقة، والفراش يقول بصوت جهير: بسبب المظاهرات لا دراسة اليوم أيضاً. غمرتنى موجة من الفرح طارت بى إلى شاطئ السعادة، ومن صميم قلبى دعوت الله أن تدوم الثورة إلى الأبد». ولقد رصد مصطفى بيومى فى كتابه «سعد زغلول فى الأدب المصرى»، ما قدمته ابداعات محفوظ عن ثورة 19فى الثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) ونراها مع بطل روايته «خان الخليلى» أحمد عاكف حين يقول عن سعد رغم حبه له واتخاذه مثلاً أعلى: «لقد مهد له صهره سبل النجاح، ولولا صهره ما كان سعداً الذى نعرفه»، وفى رواية «قشتمر» نجد طاهر الأرملاوى أحد شخصياتها، مرددا أن والده ليس معجباً بتاريخ سعد. وبينما لا يلقى ياسين عبدالجواد بالاً لسعد حين يذكر اسمه أمامه كأحد أعضاء الوفد الذى ذهب للتفاوض مع الإنجليز، يبدأ أخوه فهمى فى تكوين فكرة أولية عن الزعيم، فيعول عليه مع الأيام أن يكون مثل مصطفى كامل ومحمد فريد، لنصل إلى الشيخ هجار المنياوى أحد شخصيات «المرايا» الذى يعلم تلاميذه طرفاً من سيرة سعد، والشيخ متولى عبدالصمد، أحد شخصيات الثلاثية، الذى يضيف اسم سعد إلى دعائه المسترسل الدائم. ومع اندلاع الثورة ننتقل مع محمد عفت أحد شخصيات «الثلاثية» أيضاً إلى وضع مقدس لسعد، حين يقول عنه: «أثبت دائماً أنه جدير بإعجاب المعجبين، أما حركته الأخيرة فهى خليقة بأن تحله من القلوب فى أعز مكان»، بل يصل الأمر عند فهمى عبدالجواد إلى أن يشبه مهمة سعد بمهام الرسل الكرام، حين يقول: «سيعمل سعد ما كانت الملائكة تعمله»، ويطلب أحمد عبدالجواد من جميل الحمزاوى، العامل فى متجره، أن يعلق صورة سعد تحت البسملة، لأنه فى نظره صاحب كرامات. وفى «بين القصرين»، الرواية نجد ما ينم عن الدور المحدود لأفراد الشرطة المصريين، والهيمنة الكاملة للجيش الإنجليزي وقيادتهم المسيطرة على الشرطة. سيطرة إنجليزية يشارك فهمي أحمد عبدالجواد في المظاهرات الشعبية العارمة: «وفي ميدان السيدة زينب بدا له منظر جديد من مناظر ذاك اليوم العجيب. رأى مع الرائين جماعات من فرسان البوليس وعلى رأسها مفتش إنجليزي تتقدم ساحبة وراءها ذيولًا من الغبار، والأرض تضطرب تحت وقع السنابك». أما فى فيلم "بين القصرين"، بطولة يحيى شاهين وآمال زايد ومها صبرى وصلاح قابيل وعبد المنعم إبراهيم وهالة فاخر ونعمت مختار وسمير صبرى، نعيش مع معاناة الشعب المصرى مع الاحتلال الإنجليزى، ومشهد انضمام الأبناء مع الأب فى هتافات مشتركة تنادى بالحرية وتساند الزعيم سعد زغلول، وهى المشاهد الوطنية والحماسية التى ما زالت حاضرة ولم ينسها الجمهور حتى الآن. وفي قصة «نور القمر»، مجموعة «الحب فوق هضبة الهرم» نجد شخصية أنور عزمي، ضابط جيش متقاعد، وله دور سياسي محدود في ثورة 1919، وكان عند اشتعالها طالبًا في الكلية الحربية: «أضربنا وذهبنا إلى مدرسة الشرطة، هتفنا بالإضراب، ولما وجدنا ترددًا أطلقت رصاصة في الهواء». ونجده يقدم شخصية عشماوي جلال، في «المرايا»، على أنه أشد أعداء ثورة 1919 بل بأنه يقتل بلا رحمة، ويعذب ضحاياه فيربط الطلبة بجواده وينطلق به وضحيته يسحل خلفه مرتطما بالحصي والأسفلت حتى تفيض روحه. وفي روايته «حديث الصباح والمساء».والتى حولت الى مسلسل نجد مواقف متباينة من ثورة 19 فهذا حامد عمرو عزيز، ووقفة مهمة عند موقفهم الوطني في ثورة 1919، وهو طالب في مدرسة البوليس:
«ولما قامت ثورة 1919 كان حامد في السنة النهائية، وقد مال قلبه إليها بمجامعه، واتهم بالتحريض على الإضراب، وحوكم، وأنزل إلى السنة الأولى من جديد. كان الجميع يتسابقون في بذل التضحيات فلم يحزن عمرو أفندي كثيرًا، وحمدا لله على أنه لم يفصل ويلق به في الطريق». ينتمي حسن محمود المراكيبي إلى دفعة حامد عمرو: «وغمرته ثورة 1919 بعواطفها القوية وإن لم يتعرض بسببها للأذى كما حصل لحامد». ويختلف موقف حليم عبدالعظيم داود، الأحدث من حامد وحسن في الالتحاق بالكلية :«وقد مرت به ثورة 1919 وكأنها فيلم مثير يشاهد في إحدى دور العرض».
وإذا انطلقنا الى «عودة الروح»، للراحل الكبير توفيق الحكيم فإننا سنرى بوضوح لحظة المخاض التى عاشها الشعب المصرى إبان 1919، فصار كالجسد الواحد الذى عادت إليه الروح فى مواجهة اللحظات الفارقة، ملتفين حول رمز واحد وهو الزعيم سعد زغلول؛ حيث تندلع ثورة 1919 من أجل عودة سعد زغلول ورفاقه الذين نفوا بعيدًا عن الوطن، ويشارك «الشعب الصغير» وهم أبطال الرواية كما كان يسميهم الحكيم محسن وأعمامه والخادم فى المظاهرات التى تؤيد الثورة وكما بدأت الرواية بهم مرضى فى الفراش فى غرفة واحدة تنتهى بهم فى زنزانة واحدة فى السجن ثم فى غرفة واحدة فى مستشفى.
ولقد تعددت الاعمال الفنية التى تناولت ثورة 19 و كان فيلم «مصطفى كامل» أول فيلم يتناول أحداث ثورة 1919 في السينما المصرية، وتم إنتاج الفيلم عقب قيام ثورة 1952 بأيام، ورحيل قوات الاحتلال الإنجليزي عن مصر؛ مستخدما اسلوب الفلاش باك باعتراض أحد التلاميذ على الأوضاع السياسية عام 1919، مما يذكر المدرس بنفس الموقف ولكن كان بطله حينها الزعيم الوطني (مصطفى كامل).
ورغم ان فيلم البطل فيلم مصري من إنتاج 1997 بطولة أحمد زكي ومصطفى قمر، أخرجه مجدي احمد علي. إلا أنه قدم الإسكندرية عشية ثورة 1919 في مصر حيث جمعت الصداقة بين حودة النجار الذي يهوى الملاكمة، وبيترو الذي يهوى الغناء، وحسن عامل المطبعة الذي يؤمن بالثورة. تتبادل فاطمة شقيقة حودة الحب مع حسين، ويتزوجان. تقوم الثورة، ويحقق حودة حلمه في مصافحة زعيمها سعد زغلول، وفى هذا الفيلم جسد الفنان أحمد عبدالحليم، شخصية الزعيم سعد زغلول..وظهرت شخصية الزعيم سعد زغلول، في الحلقات الأولى من مسلسل «الملك فاروق»، وجسد شخصية زغلول الفنان الكبير عبدالرحمن أبو زهرة. ومن خلال أحداث مسلسل «جمهورية زفتى»، جسد الفنان الراحل حمدي غيث، شخصية الزعيم سعد زغلول، وعرض المسلسل الصعوبات التي تعرض لها لعرض مطالب المصريين على المجتمع الدولي، والمسلسل ومن تأليف يسري الجندي، وإخراج إسماعيل عبدالحافظ. وجسد الفنان جمال عبدالناصر، شخصية الزعيم من خلال أحداث مسلسل «قاسم أمين»، وعرض المسلسل دعم «زغلول» لقضية المرأة التي تبناها قاسم أمين، والصداقة الوطيدة التي جمعتهما، المسلسل بطولة كمال أبو رية، نادية رشاد، أحمد خليل، ميرنا وليد، ومن تأليف محمد السيد عيد، ومن إخراج إنعام محمد علي. وفى مسلسل «العملاق» يتناول قصة حياة الكاتب الكبير عباس محمود العقاد، وظهرت شخصية الزعيم الراحل من خلال أحداث المسلسل، وجسد الشخصية الفنان حمدي غيث، والمسلسل بطولة محمود مرسي، شيرين، شهيرة، ومن تأليف عامر العقاد، وإخراج يحيى العلمي. وللمرة الثالثة جسد الفنان حمدي غيث، شخصية الزعيم سعد زغلول، من خلال أحداث مسلسل «طائر في العنق»، من تأليف ثروت أباظة، أحمد الخطيب، وإخراج أحمد النحاس. وجسد الفنان نبيل الحلفاوي، شخصية الزعيم سعد زغلول، من خلال أحداث مسلسل «حواري وقصور» عام 2001، إخراج أحمد خضر. وجسد الفنان أحمد خليل شخصية الزعيم سعد زغلول، من خلال أحداث مسلسل «مصر الجديدة»، تأليف يسري الجندي، وإخراج محمد فاضل. وفى مسلسل «مشرفة رجل هذا الزمان»، ظهرت شخصية الزعيم سعد زغلول، حيث جسد الشخصية الفنان خليل مرسي، من تأليف محمد السيد عيد، وإخراج إنعام محمد علي.
أحمد مراد قدم للأجيال الجديدة رواية تحمل عنوان «1919» تدور فى إطار العمليات السرية للثورة، مستعرضا جهاد المصريين ضد الاحتلال البريطانى، وكشفت عظمة وقدرة الزعيم سعد زغلول على قيادة الأمة، وقدمت حكايات بديعة لأبطال حقيقيين ضحوا بأنفسهم من أجل مصر وثورتها ثورة 1919 ميلادًا حقيقيًا لمصر الحديثة. مؤكدا أنه فى تلك الرواية يقيس الأحداث وأهميتها من خلال نظرة عامة قبل الحدث ونظرة بعدها. وخاصة أن الثورة هى أول تحرك لأن يحكم مصر مصريون، منذ آلاف السنين ومصر محتلة من قوى غاشمة خارجية ولم نفكر فى حكم أنفسنا إلا بعد الثورة. هى دراما حدثت فيها تضحيات وتدبير ودهاء وفداء وانكسارات وانتصارات، وهى أرض خصبة لأى أديب أو فنان للكتابة. تغير البلد تماماً بعد الثورة وعرف الناس كل شيء. وعلى عكس الأعمال التى قدمت ثورة 19 نجد أن أحمد مراد توغل في التفاصيل الخاصة بسعد زغلول وحكي عن طريق التقطيع السينمائي المرتبط بفكرة الزمان والمكان، ولكن لم يبجل أحمد مراد شخصية زعيم الأمة سعد زغلول ولكنه رسم شخصية بطل ملحمي عظيم، ولكن له خطؤه المأسوي الذي ادي به الي السقوط. لم تكن الادانة هي النغمة التي التجأ اليها مراد ولكن كيف بحث وتخيل شخصية سعد زغلول وكيف تعامل مع معطيات الواقع المحيط به؟ كما تعكس الرواية صورة أخرى من صور التكافل والإنسانية وذلك فى أدوار بسيطة جسدتها كل من بديعة مصابنى وميشيل بولتس صاحب كافيه ريش. فكلاهما لم يكن مصرياً ووقفا بجانب القضية الوطنية والانسانية وهو الأمر الذى حدث فى بداية الثورة ومازال يحدث حتى الآن. وتوضح 1919 من يقاتل فقط من أجل مصلحته ورغبته فى الحصول على قطعة من الكعكة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.