7 ساعات نقاش.. اللجنة الخاصة "للإجراءات الجنائية"توافق على تعديل المواد محل اعتراض الرئيس.. وتعد تقريرًا لعرضه على مجلس النواب    "أحكام التعدي اللفظي والبدني..التحرش نموذجًا" ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك" بأوقاف الفيوم    تصريحات تهدد مصير خطة ترامب.. نتنياهو: حماس ستلقي سلاحها بالاتفاق أو بالقوة العسكرية    كوكا رجل مباراة الاهلي وكهرباء الاسماعيلية    الداخلية تضبط منادي سيارات أجبر مواطن على دفع إتاوة لركن سيارته بالعجوزة    داليا عبد الرحيم تقدم التهنئة ل"هاني رمزي" على زفاف ابنه    غدًا .. عرض 4 أفلام نادرة مرمَّمة توثّق لنصر أكتوبر المجيد    السكة الحديد ترفع قيمة غرامات الركوب بدون تذكرة على القطارات فى هذه الحالات    100 ألف جنيه جدية حجز، تفاصيل التقديم على أراضى الإسكان المتميز    روسيا: إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على إيران "خطأ فادح"    حصاد ساكا في 200 مباراة بالدوري الإنجليزي    استعادت بريقها بعد 20 عامًا من الترميم |افتتاح مقبرة «فرعون الشمس» بالأقصر    اللواء أيمن عبد المحسن ل"الحياة اليوم": موافقة حماس تعكس الرؤية المصرية وتحطم طموحات نتنياهو    الحلو وثروت وهانى ب«الأوبرا»    شريف العماري: الزواج السري يجعل الزوجة تعيش في حالة خوف واختباء من أبنائها ومعارفها    نائب وزير الصحة يوفر سيارة إسعاف لنقل مريض للمستشفى ويتوعد المتغيبين عن العمل    هيئة الدواء لإكسترا نيوز: صدّرنا أدوية بأكثر من مليار دولار خلال 2024    مصطفى محمد على رأس تشكيل نانت أمام بريست في الدوري الفرنسي    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد القومسيون الطبي العام استعدادا لانتخابات مجلس الشعب    شبورة وسقوط أمطار.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الأحد    مات والدها فحاولت الانتحار حزنا عليه بالشرقية    افتتاح فرع جديد للخط الساخن لمكافحة الإدمان لأول مرة بالسويس لعلاج المرضى مجانا    لهذا المشروع.. الإسكندرية تفوز بجائزة سيول للمدن الذكية    نزال: خطة ترامب تؤجل الاعتراف بدولة فلسطين رغم دعم دول كبرى لها    أمل الحناوي: ترحيب عربي ودولي واسع بموافقة حماس على خطة ترامب    مركز الزرقا يروي المسطحات الخضراء ويُنعش وجه المدينة الحضاري    اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء: «أرض الفيروز 2030» مركز لوجيستى وتجارى عالمى    المدير الرياضى للأهلى ل «الأخبار»: احتراف الشحات مرفوض وعبدالقادر يرحب بالتجديد    الشوط الأول| بايرن ميونخ يضرب فرانكفورت في الدوري الألماني    بطلة مصر للسباحة بالزعانف: أحلم بحصد أكبر عدد من الميداليات ببطولة العالم    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    «النهر الجديد».. شريان أمل تشقه مصر في زمن المشهد المائي المربك    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي بين طلائع الجيش والجونة    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    أقوى عرض لشحن شدات ببجي موبايل 2025.. 22،800 UC مجانًا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    طوفان بشري.. مئات الآلاف يتظاهرون في برشلونة ضد الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي    أسعار البنزين والسولار السبت 4 أكتوبر 2025    أضرار الزيت المعاد استخدامه أكثر من مرة.. سموم خفية    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    المتحف المصري بالتحرير يبرز دور الكهنة في العصر الفرعوني    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    طرح النهر يغرق ومصر تُجيد إدارة الفيضان.. خطة استباقية تُثبت كفاءة الدولة في موازنة الأمن المائي وسلامة المواطنين    الرعاية الصحية ببورسعيد بعد إجراء جراحة دقيقة: التكنولوجيا الصحية لم تعد حكرا على أحد    ننشر أسماء المرشحين للفردى والقائمة للتحالف الوطني ببنى سويف للانتخابات البرلمانية 2025 (خاص)    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    مصرع سيدتين وإصابة 7 في حادث تصادم مروّع بالفيوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حنان أبوالضياء تكتب: الثورة الملهمة
جعلت من «حسن فايق» ثائراً... و«نجيب محفوظ» آمن بها فى السابعة من عمره
نشر في الوفد يوم 08 - 03 - 2019

يبدو أن الثورات بمثابة نار الإبداع المقدسة التى تلهب خيال المبدعين، وتمنحهم طاقة النور التى ينفذون منها الى عالم الخلود، واكثر ثورات مصر اقترانا بمبدعين خرجوا من رحمها أو كانوا نتاج مخاض افكارها او استكمالا لفيض الالهام التى أعطته الى البشر كانت ثورة 19 فيا أيتها الثورة العظيمة شكرا على ما منحته ليبدع سيد درويش و بديع خيرى ومختار ومحمود سعيد ومحمد تيمور وأحمد رامى ومحمود طاهر لاشين وانتجت أيقونتها الوطنية نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم....وانتهاء بأحمد مراد صاحب رواية 1919.
تلك الثورة جعلت أعظم مثالى مصر محمود مختار يبدع تمثال «نهضة مصر» إيمانا بتلك الثورة؛ ومجسدا إياها فى تمثال أبوالهول، وفلاحة مصرية قوية مرفوعة الرأس متطلعة الى الأمام....وها هو سيد درويش يلتهب حماسا بثورة 1919 ويلحن نشيد (قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك)، وغنى بخلجات قلبه نشيد:
(أنا المصري كريم العنصرين.. بنيت المجد بين الأهرامين
جدودي أنشأوا العلم العجيب.. ومجرى النيل في الوادى الخصيب
لهم في الدنيا آلاف السنين... ويفنى الكون وهم موجودين).
بل إن بداية ظهور الأغنية الوطنية في مصر الممزوجة بتحديد هويتنا كانت بعد قيام ثورة 1919 حيث عبر سيّد درويش عبر ألحانه وصوته بنشيدنا الوطنى الحالي «بلادي بلادي» من تأليف الشيخ يونس القاضي، تلك الكلمات المتأثرة بخطاب الزعيم مصطفى كامل.
أما «بديع خيرى» فمنذ مارس 1919 عندما قامت الثورة جاءت استعراضات بديع فى تلك الفترة لتقف على قضايا العمل الوطنى واستطاع بديع خيري بكلماته وسيد درويش بألحانه أن يصنعا معادلة موسيقية حفلت بالوطنية، بل كانت سببًا من أسباب اندلاع ثورة 1919، وأثمرت تلك المعادلة عن مجموعة كبيرة من الأغاني أبرزها «قوم يا مصري». ومن ينسى كيف تحايل على منع الإنجليز ترديد اسم سعد زغلول ليكتب بديع خيرى ويلحن سيد درويش:
« يا بلح زغلول.. يا حليوة يا بلح
- عليك أنادى.. فى كل وادي
- قصدى ومرادى.. زغلول يا بلح
- سعدي وقال لى.. ربى انصرني
- وراجع لوطنى.. زغلول يا بلح»
تلك الأغنية التى غنتها المطربة «نعيمة المصرية» لتصبح سلاح المصرى فى وجه الإنجليز يا بلح زغلول.. يا زرع بلدى.. عليك يا ولدى.. يا بلح زغلول!.
أما المبدع محمود سعيد فكان شاهدا على تلك الثورة من باريس من خلال لوحاته الخالدة بنات بحري؛ وبائع العرقسوس؛ وبنت البلد؛ والشحاذ؛ والدراويش.
ومن المعروف أن أم كلثوم غنت قصيدة كتبها الشاعر أحمد رامي ومن ألحان محمد القصبجي يوم وفاة سعد زغلول يقول مطلعها «إن يغب عن مصر سعد.. فهو بالذكرى مقيم.. ينضب الماء..ويبقى بعده النبت الكريم.. خلدوه في الامانى.. واذكروه في الولاء.. واندبوه في الأغاني». بل ان أم كلثوم لم تكتف بتسجيل هذه الأغنية على أسطوانة بل غنتها في بيت الأمة في حضور زوجته صفية هانم زغلول في ذكرى مرور الأربعين على وفاته؛ ورفضت أيضا أم كلثوم إحياء حفلها الشهري قبل مرور أربعين يوما على وفاته الزعيم، وبعد فترة الحداد بدأت حفلها بنشيد الرثاء الذي كتبه رامي ولحنه القصبجي.
ولقد لعب حسن فايق دورا كبيرا فى الثورة. ففي عام 1911 اندلعت الفتنة الطائفية في مصر، لدرجة التفكير في تقسيم البلاد لدولتين شمال مسلم وجنوب مسيحي، كما بدأت الجماعات المتطرفة في أنشطة إجرامية، إذ اتجهوا للاغتيالات السياسية. ومع إعلان الحماية البريطانية على مصر كان لابد أن يصاحب ذلك موجه مقاومة، ومن هنا برز دور المقاومة الشعبية، وكان الزعيم سعد زغلول، والفنان حسن فايق من أفرادها.
كان لحسن فايق دور سياسي لا ينسى في مقاومة الاحتلال البريطاني ومكافحة خطر الفتنة الطائفية في مصر بفنه وإيمانه بأن قضية الاستقلال لا غاية سواها، وكان صديقا مقربا من الزعيم الراحل سعد زغلول، قائد ثورة 1919."أحمد وحنا"، كان أول عمل فني تمثيلي عن الوحدة الوطنية، وقدم للجمهور أثناء ثورة 1919، وذكر كتاب "أبيض وأسود" للكاتب أشرف بيدس، أن الفنان الراحل حسن فايق أول من قدم عملًا فنيًا يدعو للتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين أثناء ثورة 1919، وهو عبارة عن منولوجات تحث المصريين على مقاومة الاحتلال الإنجليزى. قامت ثورة 1919 وابدع حسن في تأليف المنولوجات والأزجال الحماسية التي تثير حماس الجماهير وطلب منه صديقه المقرب سعد زغلول مواصلة هذا العمل دعما للوحدة الوطنية ودعما لثورة الشعب في عام 1919.
وفى الواقع ان أكثر الاسماء الادبية ارتباطا بثورة 19 هو الأديب الكبير نجيب محفوظ، ولقد ركز على الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط، لأن ثورة 1919 التي آمن بها رفعت شعار
«وحدة الهلال مع الصليب». الى جانب اظهاره للمرأة انها كانت جزءا من المجتمع وشريكا في الثورة كما حدث في ثورة 1919، الأديب الكبير نجيب محفوظ وثق أهم لحظات ثورة 1919، فيكتب فى «أصداء السيرة الذاتية» قائلاً: «دعوت للثورة وأنا دون السابعة. ذهبت ذات صباح إلى مدرستى الأولية محروساً بالخادمة. سرت كمن يساق إلى سجن، بيدى كراسة وفى عينى كآبة، وفى قلبى حنين للفوضى، والهواء البارد يلسع ساقىّ شبه العاريتين تحت بنطلونى القصير. وجدنا المدرسة مغلقة، والفراش يقول بصوت جهير: بسبب المظاهرات لا دراسة اليوم أيضاً. غمرتنى موجة من الفرح طارت بى إلى شاطئ السعادة، ومن صميم قلبى دعوت الله أن تدوم الثورة إلى الأبد». ولقد رصد مصطفى بيومى فى كتابه «سعد زغلول فى الأدب المصرى»، ما قدمته ابداعات محفوظ عن ثورة 19فى الثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) ونراها مع بطل روايته «خان الخليلى» أحمد عاكف حين يقول عن سعد رغم حبه له واتخاذه مثلاً أعلى: «لقد مهد له صهره سبل النجاح، ولولا صهره ما كان سعداً الذى نعرفه»، وفى رواية «قشتمر» نجد طاهر الأرملاوى أحد شخصياتها، مرددا أن والده ليس معجباً بتاريخ سعد. وبينما لا يلقى ياسين عبدالجواد بالاً لسعد حين يذكر اسمه أمامه كأحد أعضاء الوفد الذى ذهب للتفاوض مع الإنجليز، يبدأ أخوه فهمى فى تكوين فكرة أولية عن الزعيم، فيعول عليه مع الأيام أن يكون مثل مصطفى كامل ومحمد فريد، لنصل إلى الشيخ هجار المنياوى أحد شخصيات «المرايا» الذى يعلم تلاميذه طرفاً من سيرة سعد، والشيخ متولى عبدالصمد، أحد شخصيات الثلاثية، الذى يضيف اسم سعد إلى دعائه المسترسل الدائم. ومع اندلاع الثورة ننتقل مع محمد عفت أحد شخصيات «الثلاثية» أيضاً إلى وضع مقدس لسعد، حين يقول عنه: «أثبت دائماً أنه جدير بإعجاب المعجبين، أما حركته الأخيرة فهى خليقة بأن تحله من القلوب فى أعز مكان»، بل يصل الأمر عند فهمى عبدالجواد إلى أن يشبه مهمة سعد بمهام الرسل الكرام، حين يقول: «سيعمل سعد ما كانت الملائكة تعمله»، ويطلب أحمد عبدالجواد من جميل الحمزاوى، العامل فى متجره، أن يعلق صورة سعد تحت البسملة، لأنه فى نظره صاحب كرامات. وفى «بين القصرين»، الرواية نجد ما ينم عن الدور المحدود لأفراد الشرطة المصريين، والهيمنة الكاملة للجيش الإنجليزي وقيادتهم المسيطرة على الشرطة. سيطرة إنجليزية يشارك فهمي أحمد عبدالجواد في المظاهرات الشعبية العارمة: «وفي ميدان السيدة زينب بدا له منظر جديد من مناظر ذاك اليوم العجيب. رأى مع الرائين جماعات من فرسان البوليس وعلى رأسها مفتش إنجليزي تتقدم ساحبة وراءها ذيولًا من الغبار، والأرض تضطرب تحت وقع السنابك». أما فى فيلم "بين القصرين"، بطولة يحيى شاهين وآمال زايد ومها صبرى وصلاح قابيل وعبد المنعم إبراهيم وهالة فاخر ونعمت مختار وسمير صبرى، نعيش مع معاناة الشعب المصرى مع الاحتلال الإنجليزى، ومشهد انضمام الأبناء مع الأب فى هتافات مشتركة تنادى بالحرية وتساند الزعيم سعد زغلول، وهى المشاهد الوطنية والحماسية التى ما زالت حاضرة ولم ينسها الجمهور حتى الآن. وفي قصة «نور القمر»، مجموعة «الحب فوق هضبة الهرم» نجد شخصية أنور عزمي، ضابط جيش متقاعد، وله دور سياسي محدود في ثورة 1919، وكان عند اشتعالها طالبًا في الكلية الحربية: «أضربنا وذهبنا إلى مدرسة الشرطة، هتفنا بالإضراب، ولما وجدنا ترددًا أطلقت رصاصة في الهواء». ونجده يقدم شخصية عشماوي جلال، في «المرايا»، على أنه أشد أعداء ثورة 1919 بل بأنه يقتل بلا رحمة، ويعذب ضحاياه فيربط الطلبة بجواده وينطلق به وضحيته يسحل خلفه مرتطما بالحصي والأسفلت حتى تفيض روحه. وفي روايته «حديث الصباح والمساء».والتى حولت الى مسلسل نجد مواقف متباينة من ثورة 19 فهذا حامد عمرو عزيز، ووقفة مهمة عند موقفهم الوطني في ثورة 1919، وهو طالب في مدرسة البوليس:
«ولما قامت ثورة 1919 كان حامد في السنة النهائية، وقد مال قلبه إليها بمجامعه، واتهم بالتحريض على الإضراب، وحوكم، وأنزل إلى السنة الأولى من جديد. كان الجميع يتسابقون في بذل التضحيات فلم يحزن عمرو أفندي كثيرًا، وحمدا لله على أنه لم يفصل ويلق به في الطريق». ينتمي حسن محمود المراكيبي إلى دفعة حامد عمرو: «وغمرته ثورة 1919 بعواطفها القوية وإن لم يتعرض بسببها للأذى كما حصل لحامد». ويختلف موقف حليم عبدالعظيم داود، الأحدث من حامد وحسن في الالتحاق بالكلية :«وقد مرت به ثورة 1919 وكأنها فيلم مثير يشاهد في إحدى دور العرض».
وإذا انطلقنا الى «عودة الروح»، للراحل الكبير توفيق الحكيم فإننا سنرى بوضوح لحظة المخاض التى عاشها الشعب المصرى إبان 1919، فصار كالجسد الواحد الذى عادت إليه الروح فى مواجهة اللحظات الفارقة، ملتفين حول رمز واحد وهو الزعيم سعد زغلول؛ حيث تندلع ثورة 1919 من أجل عودة سعد زغلول ورفاقه الذين نفوا بعيدًا عن الوطن، ويشارك «الشعب الصغير» وهم أبطال الرواية كما كان يسميهم الحكيم محسن وأعمامه والخادم فى المظاهرات التى تؤيد الثورة وكما بدأت الرواية بهم مرضى فى الفراش فى غرفة واحدة تنتهى بهم فى زنزانة واحدة فى السجن ثم فى غرفة واحدة فى مستشفى.
ولقد تعددت الاعمال الفنية التى تناولت ثورة 19 و كان فيلم «مصطفى كامل» أول فيلم يتناول أحداث ثورة 1919 في السينما المصرية، وتم إنتاج الفيلم عقب قيام ثورة 1952 بأيام، ورحيل قوات الاحتلال الإنجليزي عن مصر؛ مستخدما اسلوب الفلاش باك باعتراض أحد التلاميذ على الأوضاع السياسية عام 1919، مما يذكر المدرس بنفس الموقف ولكن كان بطله حينها الزعيم الوطني (مصطفى كامل).
ورغم ان فيلم البطل فيلم مصري من إنتاج 1997 بطولة أحمد زكي ومصطفى قمر، أخرجه مجدي احمد علي. إلا أنه قدم الإسكندرية عشية ثورة 1919 في مصر حيث جمعت الصداقة بين حودة النجار الذي يهوى الملاكمة، وبيترو الذي يهوى الغناء، وحسن عامل المطبعة الذي يؤمن بالثورة. تتبادل فاطمة شقيقة حودة الحب مع حسين، ويتزوجان. تقوم الثورة، ويحقق حودة حلمه في مصافحة زعيمها سعد زغلول، وفى هذا الفيلم جسد الفنان أحمد عبدالحليم، شخصية الزعيم سعد زغلول..وظهرت شخصية الزعيم سعد زغلول، في الحلقات الأولى من مسلسل «الملك فاروق»، وجسد شخصية زغلول الفنان الكبير عبدالرحمن أبو زهرة. ومن خلال أحداث مسلسل «جمهورية زفتى»، جسد الفنان الراحل حمدي غيث، شخصية الزعيم سعد زغلول، وعرض المسلسل الصعوبات التي تعرض لها لعرض مطالب المصريين على المجتمع الدولي، والمسلسل ومن تأليف يسري الجندي، وإخراج إسماعيل عبدالحافظ. وجسد الفنان جمال عبدالناصر، شخصية الزعيم من خلال أحداث مسلسل «قاسم أمين»، وعرض المسلسل دعم «زغلول» لقضية المرأة التي تبناها قاسم أمين، والصداقة الوطيدة التي جمعتهما، المسلسل بطولة كمال أبو رية، نادية رشاد، أحمد خليل، ميرنا وليد، ومن تأليف محمد السيد عيد، ومن إخراج إنعام محمد علي. وفى مسلسل «العملاق» يتناول قصة حياة الكاتب الكبير عباس محمود العقاد، وظهرت شخصية الزعيم الراحل من خلال أحداث المسلسل، وجسد الشخصية الفنان حمدي غيث، والمسلسل بطولة محمود مرسي، شيرين، شهيرة، ومن تأليف عامر العقاد، وإخراج يحيى العلمي. وللمرة الثالثة جسد الفنان حمدي غيث، شخصية الزعيم سعد زغلول، من خلال أحداث مسلسل «طائر في العنق»، من تأليف ثروت أباظة، أحمد الخطيب، وإخراج أحمد النحاس. وجسد الفنان نبيل الحلفاوي، شخصية الزعيم سعد زغلول، من خلال أحداث مسلسل «حواري وقصور» عام 2001، إخراج أحمد خضر. وجسد الفنان أحمد خليل شخصية الزعيم سعد زغلول، من خلال أحداث مسلسل «مصر الجديدة»، تأليف يسري الجندي، وإخراج محمد فاضل. وفى مسلسل «مشرفة رجل هذا الزمان»، ظهرت شخصية الزعيم سعد زغلول، حيث جسد الشخصية الفنان خليل مرسي، من تأليف محمد السيد عيد، وإخراج إنعام محمد علي.
أحمد مراد قدم للأجيال الجديدة رواية تحمل عنوان «1919» تدور فى إطار العمليات السرية للثورة، مستعرضا جهاد المصريين ضد الاحتلال البريطانى، وكشفت عظمة وقدرة الزعيم سعد زغلول على قيادة الأمة، وقدمت حكايات بديعة لأبطال حقيقيين ضحوا بأنفسهم من أجل مصر وثورتها ثورة 1919 ميلادًا حقيقيًا لمصر الحديثة. مؤكدا أنه فى تلك الرواية يقيس الأحداث وأهميتها من خلال نظرة عامة قبل الحدث ونظرة بعدها. وخاصة أن الثورة هى أول تحرك لأن يحكم مصر مصريون، منذ آلاف السنين ومصر محتلة من قوى غاشمة خارجية ولم نفكر فى حكم أنفسنا إلا بعد الثورة. هى دراما حدثت فيها تضحيات وتدبير ودهاء وفداء وانكسارات وانتصارات، وهى أرض خصبة لأى أديب أو فنان للكتابة. تغير البلد تماماً بعد الثورة وعرف الناس كل شيء. وعلى عكس الأعمال التى قدمت ثورة 19 نجد أن أحمد مراد توغل في التفاصيل الخاصة بسعد زغلول وحكي عن طريق التقطيع السينمائي المرتبط بفكرة الزمان والمكان، ولكن لم يبجل أحمد مراد شخصية زعيم الأمة سعد زغلول ولكنه رسم شخصية بطل ملحمي عظيم، ولكن له خطؤه المأسوي الذي ادي به الي السقوط. لم تكن الادانة هي النغمة التي التجأ اليها مراد ولكن كيف بحث وتخيل شخصية سعد زغلول وكيف تعامل مع معطيات الواقع المحيط به؟ كما تعكس الرواية صورة أخرى من صور التكافل والإنسانية وذلك فى أدوار بسيطة جسدتها كل من بديعة مصابنى وميشيل بولتس صاحب كافيه ريش. فكلاهما لم يكن مصرياً ووقفا بجانب القضية الوطنية والانسانية وهو الأمر الذى حدث فى بداية الثورة ومازال يحدث حتى الآن. وتوضح 1919 من يقاتل فقط من أجل مصلحته ورغبته فى الحصول على قطعة من الكعكة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.