''زوروني كل سنة مرة.. حرام تنسوني بالمرة'' بذلك المقطع الغنائي أشتهر الشاعر سيد درويش، وقدم لنا العديد من الألحان والتى مازالنا نرددها حتى الأن ، كما جدد الموسيقى، وباعث النهضة الموسيقية في مصر والوطن العربي، غلب الطابع الوطنى على معظم الحانه فقد كانت الحانه تختلف كثيرا عن الالحان السائدة فى عصره، وله رصيد ضخم من الالحان رغم انه رحل وهو فى الثلاثنيات من عمره. "درويش العامل المتغني بكفاح العمال " ولد الشيخ ''سيد درويش'' في 17 مارس 1892 بحي ''كوم الدكة'' بالإسكندرية، وتعلم في الكتاب إلى أن التحق بالمعهد الديني السكندري عام 1905، قبل أن تتفجر ينابيع الإبداع الموسيقي الشعبي من وجدانه لتسري في وجدان مصر وقت ثورة 1919. تزوج في سن مبكرة، وأضطر أن يعمل ''عامل بناء''، وكان الغناء رفيقه الأبدي، فكان ينشد في وصف طلوع الشمس، وكفاح العمالن والسخط على المحتل الإنجليزي، وعندما بدأت الحركة الوطنية في مصر تشتعل عقب ''حادث دنشواي''. اقتبس "سيد'' كلمات ملهمة من إحدى خطب الزعيم الراحل ''مصطفى كامل''، ''بلادي بلادي.. لكي حبي و فؤادي'' لتصبح هي النشيد الوطني لمصر حتى يومنا هذا. يذهب سيد درويش في رحلة فنية للقدس والشام، يصقل فيها موهبته الفنية بتعلم كتابة النوتة الموسيقية، وأصول العزف على العود، و يعود في مطلع 1917 مع بداية اشتعال ثورة 1919، ليقدم ''قوم يا مصري مصر دايما بتناديك'' ليصبح ''درويش'' صوتا للشعب و''فنان الثورة'' الأول، وعند نفي ''سعد زغلول'' ورفاقه كان يغني في المسارح '' يا بلح زغلول'' لتسري بين الشعب المصري ويتخذونها ''نكاية و سخرية'' من ''عساكر الإنجليز'' في شوارع مصر. لحن ''درويش'' لمعظم الفرق الفنية والموسيقية في عهده مثل ''فاروق الريحاني وجورج أبيض وعلي الكسار''، وقدم فن ''الأوبريت الشعبي'' بأسلوب راق بعيدا عن الإسفاف، ليلقى رواجا بين الجمهور المصري المتذوق للموسيقى. "الحب والدلال والموشحات الخالد ..نكهه درويش في الشعر " تميزت مواضيع الأغاني التي يختارها سيد درويش بأنها غير تقليدية فلم ينساق وراء أغاني الحب والهجر، بل اندمج فى الحياة اليومية للشعب ولحن أغاني لجميع الطبقات مهما كانت بسيطة ولكنها عبرت عنهم، و لم يمنع ذلك من تعرضه لأغاني الحب والدلال، فقدم مزيج ما بين الاثنين. قدم العديد من الألحان والتي وصل عددها إلى أكثر من 80 لحن من خلال عدد من المسرحيات الغنائية، لكل من جورج أبيض، ونجيب الريحاني، وعلي الكسار من المسرحيات الغنائية التي قام بتلحينها رواية "فيروز شاه" لجورج ابيض، كما قام بتلحين عدد من الروايات لنجيب الريحاني كانت أولها هي رواية "ولو" وعدد من الروايات الأخرى التي قام درويش بتلحينها. كما قدم درويش الأغنية الوطنية والثورية التي أشعلت الحماس في ذلك العصر الذي كان المواطن المصري محتاج لمثل هذا النوع من الغناء، ومن الأغاني الوطنية الشهيرة النشيد الوطني المصري " بلادي بلادي"، أنا المصري كريم العنصرين ،قوم يا مصري ،مصرنا وطننا سعدها أملنا، دقت طبول الحرب يا خيالة. ونذكر من ألحانه ايضا أغنية البرابرة، أغنية الصنيعية، الحماليين، يا بلح زغلول ،ياورد يا فل يا ياسمين قدم ''سيد درويش'' الموشحات والألحان الغرامية مثل ''زوروني كل سنة مرة''، كما قدم ''الطقطوقة''، وأشهر من غنت أعماله هي ''منيرة المهدية''، وبلغت أعماله الفنية العشرات من الأدوار وأربعين موشحا ومائة طقطوقة و 30 رواية مسرحية وأوبريت. ورغم سجله الحافل وإنتاجه الغزير، إلا أن الموت اختطفه في عمر 31 عاما، ويصادف القدر أن يكون رحيله في نفس يوم رجوع زعيم الأمة ''سعد زغلول'' من منفاه بعد نجاح الثورة.