دخل الأعضاء الجمهوريون والديموقراطيون في سجال حاد حول التقرير الذي أنجزه المحقق الخاص روبرت مولر بشأن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية والذي لم يطّلعوا بعد على محتواه، ما يعكس اختلافا كبيرا في كيفية مقاربة هذا الملف. ومن فلوريدا حيث يمضي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عطلة نهاية الأسبوع، قال متحدّث باسمه إن ترامب لم يُبلّغ بمحتوى تقرير مولر حول ما إذا حصل تواطؤ بين حملته وروسيا. ومنذ الإعلان عن إنجاز التقرير وتسليمه للمدعي العام وليام بار لم يتطرّق ترامب على تويتر لهذه القضية. كما لم يصدر ترامب أي تعليق علني بشأن التحقيق الذي طالما وصفه أنه "حملة مطاردة" سياسية. ومن المتوقّع أن يُطلع الأحد، المدعي العام، الذي تسلّم الجمعة التقرير، كبار شخصيات الكونجرس على محتوى التقرير، إلا ان أي إعلان بهذا الخصوص لم يصدر بعد. من جانبها، أكدت وزارة العدل الأمريكية أن مولر لا يوصي في تقريره بتوجيه اتهامات جديدة. بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وقد انعكس ذلك ارتياحا في البيت الأبيض، لأن عدم التوصية بتوجيه مزيد من الاتّهامات يعني أن شخصيات قريبة من الرئيس بمن فيهم ابنه دونالد ترامب جونيور وصهره جاريد كوشنر غير متّهمة. إلى ذلك، اعتبر الجمهوريون أن الوقت قد حان لكي يتخلى الديموقراطيون عن تحقيقاتهم الخاصة ولكي يمضوا قدما. بوره، كرر النائب الجمهوري داج كولينز عضو اللجنة القضائية في مجلس النواب عبارة ترامب الشهيرة "ليس هناك تواطؤ". وقال لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية ما أن يكشف عمّا يتضمّنه التقرير "آمل أن يكون بإمكاننا البدء بالمضي قدما". لكن رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف، قال لشبكة "إيه بي سي" إنه حتى إن "لم يوصِ مولر في تقريره بتوجيه اتّهامات جديدة، بالكاد يبدو لي ذلك تبرئة". من جهته، قال رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيري نادلر لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية "نعلم أن هناك تواطؤا"، مضيفا "لا نعلم لمَ لا توجد (توصية بتوجيه) اتّهامات". وشيف ونادلر من أبرز وجوه الحزب الديموقراطي المطالبة بنشر تقرير مولر كاملا، وعدم الاكتفاء بملخّص النائب العام الذي عيّنه ترامب. وقال شيف إن الكونجرس سيطلب أولا ببساطة نشر التقرير كاملا، لكنّه مستعد لاستخدام سلطته في الاستدعاء أو "الملاحقة أمام القضاء إذا اقتضى الأمر من أجل الحصول على المعلومات". وأضاف شيف "سنفوز في ذلك النزاع القضائي"، وقد وافقه نادلر الرأي مؤكدا أن "الأمر لن يستغرق أشهرا". وكان ديموقراطيون كثر يأملون بأن يتضمّن التقرير أدلة يمكن أن تدعم التوجّه لعزل الرئيس وقد أصروا على نشره كاملا. لكن شيف ونادلر شددا الأحد على ضرورة الاطّلاع على التقرير كاملا قبل النظر في إمكانية المضي قدما بإجراءات العزل. وقال نادلر إن التحقيق الذي أجراه مولر "محدود الإطار ويقتصر على الجرائم"، مضيفا "على الكونجرس أن ينظر إلى الصورة الأشمل". وتحظر توجيهات وزارة العدل على النائب العام توجيه الاتّهام للرئيس، وبالتالي لا يمكن استنتاج ما إذا كان التقرير يبرئ الرئيس أو يدينه. لكن التقرير يمكن ان يسلّط الضوء على ارتكاب ترامب مخالفات جرمية يمكن أن تشكّل أساسا لمحاولة عزله. وفي حين تترقّب الولاياتالمتحدة كشف محتوى التقرير قال بار إنه "ملتزم بأكبر قدر من الشفافية". وقال نيل كاتيال المسؤول السابق في وزارة العدل وواضع الأنظمة التي تحدد عمل المحققين الخاصين إن لا ذريعة تسمح لبار أن يبقي تقرير مولر سريا. وكتب في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية "ليس هناك في القانون أو الأنظمة على الإطلاق ما يمنع نشر التقرير". وخلال التحقيق الذي أجراه، وجه مولر اتهامات إلى 34 فردا بينهم ستة مقرّبين من الرئيس هم المدير السابق لحملته بول مانافورت ومساعده ريك غيتس ومايكل فلين مستشار ترامب السابق للأمن القومي ومايكل كوهين محامي ترامب السابق وجورج بابادوبولوس مستشاره الدبلوماسي السابق ورودجر ستون مستشاره السابق وصديقه القديم. وقد دين خمسة منهم بجرائم مختلفة. ولكن المثير للاهتمام أن أيا منهم لم يتهم بالتآمر للتواطؤ مع الروس. وتحدثت وثائق المحكمة عن جهود مستمرة بذلتها موسكو للتأثير على انتخابات 2016 وتعطيل النظام الديموقراطي في البلاد. وتحدث مولر عن قراصنة تحركهم الحكومة الروسية ويتحركون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عملوا لتعزيز فرص ترامب على حساب هيلاري كلينتون. وعمل مولر (74 عاما) وهو محارب قديم في حرب فيتنام ومدير سابق لمكتب التحقيقات الفدرالي، في سرية شبه تامة لمدة عامين، وقد أصدر تقريرا يشرح فيه مقتضيات توجيه الاتّهام لمن شملهم التحقيق من عدمه. وبعد تبين وجود عشرات الاتصالات غير المبررة بين حملة ترامب وشخصيات روسية، أطلق مكتب التحقيقات الفدرالي التحقيق في تواطؤ محتمل. عندها، أقال ترامب رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، ونتيجة لذلك تم وضع التحقيق في يد مدع خاص مستقل، هو مولر. لكن مولر الذي تولى إدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي على مدى 12 عاما يحظى باحترام الديموقراطيين والجمهوريين على السواء وبدعمهم كمحقق محايد ونزيه وعادل.