*اندلاع حرب الرسائل والخطب بين ناصر وخروشوف يهدد الصداقة الوليدة بين القاهرةوموسكو. *جمال يبدأ حملة اعتقالات للشيوعيين.. ويتهم السوفييت بمساندة أعدائه فى سوريا والعراق. *عبدالناصر: حاربنا إسرائيل وبريطانيا وفرنسا وحدنا بدون السوفيت.. وخروشوف: أنتم تنتهجون طريق إنكار الحقائق الجلية للعيان. *الرئيس السوفيتى لعبدالناصر: أنت متهور ومندفع.. ونخشى أن يدفعكم دعمنا اللا محدود لميولكم المفعمة بروح القتال إلى إشعال الأعمال القتالية. *الرئيس المصرى: ولولا الحماس والاندفاع اللذان يعايرنا بهما خروشوف لكانت بلادنا اليوم فيها القواعد الصاروخية ضد الاتحاد السوفيتى. *موسكو تنفى ضلوعها فى محاولة اغتيال جمال وتتهم المخابرات الفرنسية والإسرائيلية. *السفير السوفيتى فى رسالة سرية: الانطباع العام عن الحديث مع عبدالناصر يتلخص فى أنه كان يريد تبرير هجومه وأن يبقى نظيفا بريئا وكأنما لم يفعل شيئا. لم يمضِ من الزمن الكثير حتى تسارعت الأحداث وتعقدت وتشابكت أطرافها؛ ما أسفر عن سقوط أطرافها الرئيسين فى لجةِ الملاسنات اللفظية، فها هو الرئيس جمال عبدالناصر يبدأ حملة اعتقالات الشيوعيين المصريين فى عام 1958، ردا على ما أعتبره «جنوح القيادة الحزبية السوفيتية صوب تبنى مثل توجهات وتأييده لأولئك الذين ناصبوا عبدالناصر العداء من جانب الشيوعيين السوريين، وكذلك الرئيس عبدالكريم قاسم والشيوعيين العراقيين»، حتى إن ناصر كتب «إن الشيوعيين يتبعون سياسة معادية للحكومة فى «ج ع م»؛ سواء فى الإقليم الجنوبى أو الشمالى. وتتلخص هذه السياسة فى استغلال العلاقة مع الاتحاد السوفيتي؛ لتوسيع نشاط الحزب الشيوعى فى مصر وسوريا، وتأييد السياسة الخارجية، والتأكيد على صداقة الاتحاد السوفيتى». ويفتح ناصر النار على الاتحاد السوفيتى فى خطابه الشهير فى 23 ديسمبر 1958 فى بورسعيد بمناسبة ذكرى الانتصار على العدوان الثلاثى، ليرد الزعيم السوفيتى خروشوف بانتقاد سياسات عبدالناصر ومواقفه من الشيوعيين العرب والمصريين فى تقريره الذى قدمه إلى المؤتمر الحادى والعشرين للحزب الشيوعى السوفيتى فى 27 يناير 1959. قامت دنيا الشيوعيين فى كل مكان، واهتزت أرجاء المنطقة العربية وما حولها، فى الوقت الذى راح فيه كثيرون يصبون المزيد من الزيت فى أتون نيران الحملة ضد الشيوعيين؛ ما زاد من حدة التوتر وتلبد الغيوم فى سماء العلاقات المصرية السوفيتية. وتتصاعد الحملات الإعلامية بين موسكووالقاهرة إلى الحد الذى كادت تعصف فيه بما جرى التوصل إليه من إنجازات على طريق بناء. «علاقة تاريخية متميزة» بعد زيارة عبدالناصر لموسكو. وعن رد فعل جمال عبدالناصر عقب خطاب خروشوف، يستشهد سامى عمارة، فى هذا الشأن بما قالته هدى عبدالناصر فى معرض استعراض «الرسائل السرية بين ناصر وخروشوف» فى 14 نوفمبر 2013: «وجد عبدالناصر نفسه فى موقف لا يحسد عليه؛ فقد أصبح خصما للشيوعية، ودارت بينهما معارك فى الصحافة والإذاعات، وهو فى نفس الوقت عدو للغرب الذى يهاجمه إعلاميا بشراسة.. وكان من الطبيعى أن يقلق عبدالناصر من هذا الصراع الإعلامى بينه وبين خروشوف، الذى سبق أن أعلن فى 23 أكتوبر 1958؛ أن الاتحاد السوفيتى سيقدم قرضا بمبلغ 400 مليون روبل إلى «ج ع م» للمساهمة فى تمويل السد العالى، وتم فعلا البدء فى تنفيذ المشروع فى 26 نوفمبر 1959. وفى نفس الوقت كان الاتحاد السوفيتى يمول برنامج التصنيع المصرى». على أن ما أعقب ذلك من رسائل متبادلة بين ناصر وخروشوف والتى ثمة ما يشير إلى أنها كانت نتاج جهد هائل بذله الطرفان من أجل احتواء ما كان يمكن أن يدمر العلاقات ويجنح بالتاريخ إلى مجرى مغاير، يقول بتدارك الزعيمين لمغبة التصعيد وضرورة إعلاء العام على الخاص، وهو ما تحقق فى أعقاب الجدل الذى احتدم بين الزعيمين وما بلغ ذروته فى الرسالة التى بعث بها خروشوف إلى عبدالناصر فى 19 فبراير 1959 فى إطار حرص الجانبين على رأب الصدع والحيلولة دون السقوط فى شرك المزيد من الخلافات بين الجانبين، حيث مضى خروشوف فى رسالته ليؤكد أن «القوى الإمبريالية لن تألو جهدا من أجل إفساد علاقة الصداقة القائمة بين البلدين.. وإنهم لن يتورعوا إزاء تزوير الوثائق التى تتحدث عن نشاط الشيوعية العالمية».. وتوقف خروشوف عند شائعة تدبير الاتحاد السوفيتى محاولة اغتيال عبدالناصر: «إننا نعلم أن الصحافة الفرنسية والإنجليزية روجت منذ زمن غير بعيد ونقلا عن مصادر يوغوسلافية أخبارا تقول بأن هناك من يدبر محاولة اغتيالكم.. وقد أغفلوا الإشارة إلى واقع أن عملية الاغتيال كانت من تدبير المخابرات الفرنسية والإسرائيلية». وتعلقت الآن الأنظار بالقاهرة فى انتظار ما قد يرد به الرئيس عبدالناصر على رسالة خروشوف التى كانت تتضمن الكثير من الاتهامات التى طالت شخص عبدالناصر، وإن تضمنت أيضا الجسور التى يمكن عبرها تجاوز الأزمة، والتى نختار منها ما قاله خروشوف حول أن: «الاتحاد السوفيتى لا يتغير تبعا للظروف السياسية المؤقتة أو أى تحولات أخرى. ونحن نعرفكم شخصيا كشخصية بارزة لحركة تحرر الشعوب العربية من اضطهاد المستعمرين». وقال:«إن الاتحاد السوفيتى وبكل الإخلاص أيد ويؤيد وسوف يؤيد هذا النضال». عبدالناصر يرد وخروشوف يعقب لم يكن عبدالناصر ليلتزم الصمت إزاء ما تناثر من اتهامات فى خطاب «صديقه الجديد» نيكيتا خروشوف. وبرغم كل ما تضمنه من «عبارات» يمكن البناء عليها، واستهل خطابه الذى ألقاه فى دمشق فى 22 مارس 1959 ردا على انتقادات نيكيتا خروشوف لحملة الاعتقالات ضد الشيوعيين المصريين، بقوله: «إننا حينما نعبر عن قوتنا فنحن نستمد هذه القوة من بلدنا لا من بلد أجنبى.. وإننا أيها الإخوة لم نكن بهذا نعبر عن صغر السن أو الحماس أو الاندفاع كما يقول «خروشوف» إن عبدالناصر رجل صغير السن متحمس ومندفع وأنا أحب أن أقول اليوم إن عبدالناصر ليس وحده المتحمس المندفع، ولكن الشعب العربى كله متحمس ومندفع، ولولا هذا الاندفاع ما استطعنا أن نحقق هذه المعجزات الكبار». ويضيف جمال: « حينما بدأ العدوان على مصر أيها الإخوة فى يوم 29 من أكتوبر سنة 56 قمنا لندافع عن بلدنا تسعة أيام نحارب إسرائيل وبريطانيا وفرنسا وحدنا.. لم يكن هناك اتفاق بيننا وبين الاتحاد السوفيتى.. كان يدفعنا إلى هذا الحماس والاندفاع، ولولا الحماس والاندفاع لكانت بلادنا اليوم فيها القواعد الصاروخية ضد الاتحاد السوفيتى.. وهذا الاندفاع الذى يعايرنا به السيد خروشوف». وتمضى الأيام تباعا، فيما تتصاعد الحملات الكلامية التى باتت تهدد أكثر من ذى قبل تطور العلاقات المصرية السوفيتية؛ وهو ما دفع الزعيم السوفيتى نيكيتا خروشوف على ما يبدو إلى معاودة الكتابة إلى عبدالناصر على نحو أكثر تفصيلا، فى 12 إبريل 1959، والتى يمكن وصفها بأنها حملت فى طياتها حدة ملحوظة، حيث ذكر عبدالناصر بما قاله فى خطابه عن أن «الاتحاد السوفيتى لم يكن يعتزم بشكل جدى تقديم المساعدة إليكم سواء خلال العدوان الثلاثى (..) لن أخفى عليكم أن أكثر ما أدهشنا كان إعلانكم فى خطابكم فى 22 مارس الذى قلتم فيه إنكم اعتمدتم على الله وعلى أنفسكم فقط.. وإنكم كنتم وحدكم حتى نهاية القتال، وإنكم لم تروا أى تلميح بالمساعدة من جانب الاتحاد السوفيتى.. هنا سيادة الرئيس أنتم تنتهجون طريق إنكار الحقائق الجلية للعيان». واستعرض خروشوف ما قامت به الحكومة السوفيتية من خطوات فى مواجهة العدوان الثلاثى، فيما أشار الإنذار السوفيتى، فضلا عن تأكيده على ما قدمه الاتحاد السوفيتى وتشيكوسلوفاكيا قبل ذلك من خطوات للاستجابة لطلب مصر إمدادها بالأسلحة. وفى موضع آخر يقول خرشوف: «ولما كنا نعلم مدى اندفاعكم (سرعة انفعالكم) فقد كنا نخشى أن يكون دعمنا اللا محدود لميولكم المفعمة بروح القتال يمكن أن تدفعكم إلى إشعال الأعمال القتالية». «إننا ندرك أنكم تواجهون صعوبات جدية ونحن نرى هذه الصعوبات. غير أننا نعتقد من جانبنا بعدم صحة الاعتماد على إمكانية تجاوزها من خلال إعلان الحرب على الشيوعيين و«الشيوعية العالمية.. إن الطريق الذى اخترتموه لذلك طريق خاطئ. ولن يفضى بكم، لا إلى المجد ولا إلى الصواب». واختتم خروشوف رسالته بالإعراب عن يقينه فى تجاوز كل عوارض الحاضر التى قال إنها تحول دون رؤية الأشياء على حقيقتها، بما يمكن معه تطوير التعاون والصداقة شأن ما كان الحال فى الماضى، ليس فقط بين شعوب «ج ع م» والاتحاد السوفيتى وحسب بل مع كل الشعوب المحبة للسلام. رسالة عبدالناصر السرية و«انحسار الأزمة» «أرسل عبدالناصر الرد على رسالتى خروشوف، فى 12 مايو 1959 فى خطاب سرى لم ينشر من 63 صفحة قال خلاله موضحا: « لقد قلت فى خطاب ألقيته فى دمشق: إننا كنا نقف فى مواجهة العدوان الثلاثى فى ميدان القتال وحدنا، لا ننتظر معونة أحد (..) إن الإنذار السوفيتى الذى لا يستطيع أحد أن ينكر أثره قد صدر من موسكو مفاجأة لنا، بعد أن مرت 9 أيام كنا فيها فى ميدان القتال وحدنا، وكان كل شىء حتى الإنذار السوفيتى يتوقف على صمود هذا الشعب، واستعداده للتضحية.. ولقد كان الأمر الذى استوجب التصريحات التى لم تقع منكم موقع الرضا عن الحقيقة فى أمر العدوان الثلاثي؛ أن إذاعات تنطق باسمكم، وصحفا تصدر فى بلادكم، راحت وسط مناقشات بيننا وبين الحزب الشيوعى السورى تعود بالفضل كله إلى هذا الإنذار! وكان واجبا أن أضع دور الشعب المصرى فى مكانه الصحيح. وفى موضع أخر من الرسالة يقول عبدالناصر :» أدهشنى أنك فى خطابك ناقشت ما قلته فى إحدى خطبي؛ من أن الشيوعيين أتباع يتلقون التعليمات من الخارج! ولقد كان توحد الأحزاب الثلاثة الشيوعية الموجودة فى مصر، هو الذى فرض عليَ، يوم الاحتفال بالجلاء عن بورسعيد فى 23 ديسمبر الماضى، أن أشير إلى النشاط المعادى للوطن الذى تقوم به المنظمات الشيوعية.. وقد شرحنا أن هجومنا لا يتجه إلى الشيوعية كعقيدة؛ لأن ذلك ليس من شأننا، كذلك كان هجومنا لا يتعدى هؤلاء الذين يدعون الشيوعية فى بلادنا، ولكن محاولاتنا لم تكن كافية لشرح وجهة نظرنا! ». وتشتد نبرة الخطاب :» يتلخص الموقف الآن فيما يلى: أننا وجدنا أنفسنا مرغمين على الدفاع عن بلادنا ضد نشاط المنظمات الشيوعية داخل حدود «ج ع م»، وضد مساندتك شخصيا لهذا الحزب، ثم فى وجه الحرب العنيفة من جانب الأحزاب والمنظمات الشيوعية فى العالم». هذه كانت الرسالة التى تضمنت ردَ عبدالناصر على اتهامات وانتقادات خروشوف فى رسالتيه السابقتين. لكنها لم تكن لتكون وبطبيعة الحال القول الفصل فى علاقات أبدى الجانبان تمسكهما بضرورة تطويرها وإعادتها إلى سابق عهدها، فى إطار الصداقة والتعاون المتكافئ والتفاهم المتبادل، بعيدا عن التدخل فى الشئون الداخلية. وذلك ما أكدته الكثير من وثائق أرشيف وزارة الخارجية السوفيتية التى اطلع عليها المؤلف ومنها رسالة السفير يفجينى كيسيليوف إلى موسكو حول لقائه فى القاهرة مع محمد أبونصير وزير الشئون البلدية والقروية فى 30 مايو 1959، تحت رقم 172 بتاريخ 5 يونيو 1959 تحمل خاتم «سرى». فى هذه الرسالة أشار السفير السوفيتى إلى أن الوزير المصرى فَسَرَ النبرة الحادة لخطاب عبدالناصر فى بورسعيد بقوله: أن البلدان الغربية تحاول إبعاد ناصر عن الاتحاد السوفيتى، وأن عبدالناصر يجنح نحو الانفراد باتخاذ القرار بعد إبعاد مجلس قيادة الثورة عمليا، وفى ظل تدهور العلاقات بين الجمهورية العربية المتحدة مع البلدان العربية وتزايد الضغط الغربى عليها. وفى رسالة اخرى للخارجية السوفيتية حملت رقم 176 بتاريخ 5 يونية، يوجز السفير السوفيتى تفاصيل زيارته لعبدالناصر بتكليف من موسكو فى الاول من يونيو 1959 موضحا أن عبدالناصر تلقى معلومات تفصيلية من السفير القونى حول حديثه مع خروشوف. وأن القونى نقل للرئيس السوفيتى «الكثير من الملاحظات المهمة والتى تستحق النظر؛ ومنها أن ناصر شأن خروشوف، يرى ضرورة تجاوز فترة الاتهامات المتبادلة والتوجه صوب المستقبل. غير أنه وحتى لا توجد انطباعات غير صحيحة نتيجة معلومات خاطئة، يرى أنه من الضرورى أن يشرح مرة أخرى بعض ما يتعلق بالماضى القريب». ومضى السفير، ليضيف: وقال عبدالناصر: صدقنى أنه لا توجد أى اتصالات مع الولاياتالمتحدة حول الحصول منهم على أى أموال مقابل الحملة ضد الشيوعية. واستطرد ناصر ليقول: أعتقد أن خروشوف حين بعث برسالته إليَ أخطأ من جانبه فهم كلامى، وكأنما اعتزم مهاجمة الدول العربية المجاورة عسكريا. وخلص السفير السوفيتى بعد استعراضه لآراء عبدالناصر إلى القول: «إن الانطباع العام عن الحديث مع عبدالناصر يتلخص فى أنه كان يريد تبرير هجومه، وأن يبقى نظيفا بريئا، وكأنما لم يفعل شيئا». وينتقل سامى عمارة بعد ذلك إلى ما يمكن اعتباره مرحلة تجاوز الخلافات، و«زوال الغمة»، والذى يتجلى ذلك فى زيارة نوفيكوف وزير المحطات الكهربائية فى حكومة الاتحاد السوفيتى إلى القاهرة حاملا رسالة من الزعيم نيكيتا خروشوف إلى الرئيس عبدالناصر فى يناير 1960، فبحسب رسالة من يروفييف إلى الخارجية السوفيتية فى 25 يناير 1960 حملت خاتم «سرى» تحت رقم 33، قال فيها: «قال عبدالناصر للوزير نوفيكوف إنه طلب رسميا من الحكومة السوفيتية من خلاله، المشاركة فى المرحلة الثانية لبناء السد العالى. وقد أبلغنا الحكومة السوفيتية، التى قررت الاستجابة لهذا الطلب، وهو ما تضمنته رسالة رئيس الحكومة نيكيتا خروشوف. وبعد ذلك سلمنا الرئيس ناصر رسالة خروشوف مع ترجمة غير رسمية بالإنجليزية. وبعد قراءة الرسالة أعرب ناصر عن ارتياحه لما تضمنته من رد إيجابى وسرعة تلبية طلبه. وقال إن الشعب المصرى يقدر عاليا مساعدة الاتحاد السوفيتى فى بناء السد العالى، ويعرب عن شكره للاتحاد السوفيتى الذى أعلن استعداده للمشاركة فى المرحلة الثانية لبناء السد العالى». وهكذا تحركت المياه الراكدة بفضل توفر الإرادة السياسية لدى الجانبين، انطلاقا من مبادئ المصالحة المتبادلة والاتفاق على ثوابت راسخة للعلاقات المتكافئة. ومضى قطار العلاقات يواصل مسيرته من خلال الجديد والمثمر من الاتصالات والزيارات المتبادلة على أعلى المستويات، ومنها زيارات المشير عبدالحكيم عامر إلى الاتحاد السوفيتى. عند هذا الحد يبدو الجانبان وقد جنحا صوب التهدئة؛ إدراكا من جانب كل منهما لمغبة المضى بعيدا على طريق «مواجهة إيديولوجية» لا طائل من ورائها، فى الوقت الذى تشير فيه الشواهد إلى حرص واضح من جانب الزعيمين خروشوف وعبدالناصر على الحيلولة دون القطيعة، التى كان يبتغيها كثيرون من ممثلى الجانبين، ولا سيما من جانب خصوم عبدالناصر من رفاقه القدامى الذين كشفت الأحداث اللاحقة عن توجهاتهم الحقيقية.