*أهلى احترموا لعبى فأصبحت فنانًا.. والمعرض بالنسبة لى مثل فيلم يتم تصويره فى غرفة. *عبارة «بلاش لعب عيال».. «تضيع أى موهبة فى العالم».. و«العالمية» لا تعنينى بحبة خردل. *دخلت التنظيم الطليعى على يد أحمد بهاء الدين.. والسباعى قال لى: «الشيوعيين ضاحكين عليك». *مدير «الاستعلامات» قال لنا بعد نقلنا إليها من دار الهلال: «أنتم كريمة المجتمع.. اقعدوا فى بيوتكم». من عنوان معرضه الذى يقام فى السابعة من مساء الجمعة المقبلة، «للنساء وجوه»، مرورا بجوانب شتى من تجربته الثرية الممتدة عبر أكثر من خمسة عقود، يروى الفنان التشكيلى الكبير حلمى التونى (1934) قصة ارتباط تجربته بالمرأة كموضوع فنى بارز فى تجربة الإنسان مع الفن عموما. وغير بعيد عن قاعة بيكاسو بحى الزمالك الشهير، حيث يقام المعرض الذى يستمر حتى الحادى والعشرين من الشهر الحالى، التقينا الفنان الكبير فى منزله، ووسط لوحاته، التى تقف خلف كل منها فكرة تضرب بجذورها فى التراث الذى يراه التونى معينا لا ينضب من الثراء والأصالة. ومن العيون الواسعة الجميلة فى لوحاته زاهية الألوان، إلى تجربته مع الصحافة والسياسة والحرب فى مصر ولبنان، يسرد التونى فى حواره مع «الشروق»، لأول مرة، الكثير من الحكايات، من دفتر ذكرياته البعيدة، فى سطور الحوار التالى: تظل المرأة الموضوع الأبرز فى عملك الفنى، لدرجة أن بعض النقاد رأوا أن عبارة مثل «مصر الأنثى» تمثل عنوانا لتجربتك.. فكيف ترى الأمر فى ضوء معرضك المقبل «للنساء وجوه»؟ (مبتسما) أعجبتنى فكرة مصر الأنثى. مصر كانت دائما موضع تخاطف من المعجبين عبر التاريخ. لا أرسم تقريبا إلا النساء، وأزعم أننى نصير المرأة. أشعر أنها مظلومة كما أشعر بأن كثيرا من الأقليات فى مصر مظلومة أيضا. المرأة موضوع الفن عبر التاريخ، وأول تمثال عرفته الإنسانية، منذ إنسان الكهوف، كان تمثالا صغيرا لامرأة حامل. المرأة هى الوطن وهى «ست الكل». الرجل يظهر فى أعمالى كمهرج، وهو موضوع معرضى بعد القادم، ومن الممكن أن أضع له كلمة «المهرج» كعنوان. على ذكر عنوان «المهرج».. كيف تختار عناوين معارضك؟ أحب اللغة العربية، وأختار العناوين بحرص، وأشعر بسعادة حين أوفق إلى عنوان له دلالة وبعد تاريخى أو أسطورى، وهذا صعب جدا. كون المرأة موضوعا ثابتا فى أكثر معارضك، ألا يمكن أن ينظر له البعض باعتباره تكرارا؟ الفنان دائما أمام تحد بألا يكرر نفسه، وأن يقدم جديدا. المعرض بالنسبة لى مثل رواية أو قصيدة، له عنوان وله موضوع.. تنويعات على لحن أساسى، مثل المرأة فى الأغنية، ووجه المرأة، والمرأة والفاكهة. وعندى معرض قادم أعد له كذلك بعنوان «الفاكهة المحرمة».. أشير إلى الأسطورة مع إسقاط على الحاضر، وهذا سر العنوان الناجح. تقصد أن يكون المعرض بمثابة قصة حتى لا يقع فى فخ التكرار؟ ليس فقط قصة، بل كفيلم تصوره فى غرفه، فتبحث عن تنويع الزوايا والرؤى. هذا هو التحدى، فالفن ابتكار وإتقان. وأى عمل فنى تشعر بأنك رأيته من قبل يعد عملا فاشلا. والمعرض ليس تركيبة هرمية، بل متجاورة. رسمت المرأة كثيرا جدا، ومن هنا جاءت فكرة معرضى «للنساء وجوه»، سيجد الناس الكثير من وجوه النساء، تختلف فى الملامح أو فى أسلوب الرسم. والأساليب المختلفة فى المعرض الواحد تعد عيبا فى العمل الفنى، لكن الموضوع يحتم استعراض أساليبى فى رسم وجه المرأة. ما العنوان الذى يعبر عن مدرسة حلمى التونى فى التناول الفنى؟ أنا معجب جدا بالواقعية السحرية التى ابتدعها جابرييل جارثيا ماركيز فى الأدب، وأنتمى إليها. أراها روح الفن، حيث ترتبط بالواقع وتقدم شيئا مدهشا وجديدا. شاعرى المفضل بابلو نيرودا تجده يتحدث عن الفراشات والنمل وهو يثير قضايا كبرى. قلت فى تصريح سابق إنك لا تخاطب عين المتلقى، وإنما تخاطب اللا وعى عنده، كيف ذلك؟ أخاطب ذكرياته أيضا. أتمنى أن تثير أعمالى ذكريات من يراها. ثروة الإنسان الحقيقية ليست المال، وإنما ذكرياته وتجاربه، الفن لابد أن يثير الدهشة والذكريات. هل وصلت إلى تفسير لكون الفن التشكيلى لا يزال بعيدا عن الجمهور؟ عندى تفسير وألم وحزن. الفن أبو العلم. الفن التشكيلى مظلوم فى بلادنا نتيجة عدم إدراك أهميته التى أدركها العالم المتقدم. حين تشيع الفن تخلق مواطنا قادرا على ما يميز الفن، وهو الاتقان والابتكار. هنا تأتى فضيلة عدم الرضا التى تدفعك للإتيان بما هو أفضل. كثير من المسئولين، إن لم يكن كلهم، غير مدركين لذلك. يتحدثون عن بناء الإنسان، كيف ستبنى إنسانا لا يتمتع بالإتقان والابتكار؟ ومن أين يتعلمهما؟ من الفن فقط. على ذكر مدى إدراك المسئولين لقيمة الفن، قلت مرة إن وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، حين كان فى منصبه، رد على اقتراح لك باستقدام أطفال المدارس إلى المتاحف بأنهم قد يتلفون الحوائط؟ هذه مشكلة أخرى، وهى النظرة المتعالية. فاروق حسنى، مع احترامنا له، قال هذا الكلام فى اجتماع معه، ولأننى «فتان» فقد قلتها لأنها أوجعتنى. كأن الفن لفئة معينة وبقية الشعب يروحوا فى ستين داهية. تقصد أن أبناء قرى الصعيد مثلا مخاطبون بالفن التشكيلى؟ هم أول من يخاطب. فمن يسافر إلى أوروبا تتاح له فرصة المشاهدة، لكن الشعب المصرى محروم من الغذاء الجيد، ومن المتعة الفنية التى تخلق منه إنسانا راقيا يتقن ما يفعل. ما الفرق بين رسم لوحة ورسم غلاف لكتاب؟ أحاول أن أجعله عالما واحدا.. أنت تثير قضايا مهمة جدا وخاصة فى المهنة. كثير من الفنانين الذين عملوا فى الصحافة والفن المطبوع تجمدوا، أو اعتمدوا على أفكار الآخرين. حين أرسم رواية لا أترجم النص وإنما أقدم عملا موازيا لكن فى نفس العالم، بما يثرى العمل نفسه. أدركت مبكرا خطورة الفخ المتمثل فى أن يعبر الفنان التشكيلى عن وجهة نظر الكاتب، وبالتالى أجعل الغلاف أقرب إلى اللوحة، لكن لا أجعل اللوحة غلافا. هذا هو سرى الذى أعترف به؛ أننى حاولت أن أجعل الغلاف لوحة. من أين كانت بدايتك مع الفن؟ معظم الفنانين، وأنا معهم، بدءوا فى الطفولة، إلا فيما ندر، مثل بول جوجان الذى رسم جزر ونساء تاهيتى. بدأ متأخرا لأن زوجته كانت تمنعه (يضحك). كان جوجان موظفا فى بنك، وكانت زوجته سيدة مجتمع ولديها صالون ثقافى، وكان جوجان يحاول الحديث فتمنعه، فتركها وسافر إلى باريس، وعاش فى الحى اللاتينى ثم سافر إلى جزر تاهيتى، ومات هناك، بعدما أنجز أعمالا فنية عظيمة. بدأت وعمرى سبعة أعوام، حيث رسمت بقرة، ورآها والدى، فقال لعمى الذى كان يدرس فى كلية الزراعة: «شوف يا عبدالعزيز، حلمى راسم بقرة انت متعرفش ترسمها». هنا تأتى قيمة التشجيع والتقدير. عبارة «بطل لعب عيال وقوم ذاكر» تضيع أى موهبة فى العالم. من الممكن للطفل أن يذاكر لكن أيضا «يعمل لعب عيال». أهلى احترموا «لعب عيالى» فالحمد لله أصبحت فنانا. ماذا عن قصة دخولك عالم الصحافة؟ عملت بالصحافة قبل تخرجى فى الجامعة. مات أبى صغيرا، وأمى كانت ناظرة وقف «يعنى من الباشوات»، ثم جاء الإصلاح الزراعى عام 1954، وانقطعت الموارد عن أمى، وكان معاش أبى 40 جنيها. كانت لدى «فيسبا» أذهب بها إلى كلية الفنون الجميلة، وتدفع أمى أقساطها 6 جنيهات شهريا، وفجأة وأنا فى السنة الأولى أو الثانية فى الكلية، فوجئت بأمى تمسك بذهبها فى يدها، وتقول لى: «خد بيع دول». هنا أدركت أنها فى أزمة، وقد كنت شابا طائشا وخاصة فى الثانوية، وكنت أرسب كثيرا، وبدأ النجاح مع الكلية، وهذا درس آخر. قلت لشقيقى أن يطلب من صديق له يدعى فيكتور، وكان يعمل مصورا فى السينما أن يبحث لى عن عمل، فساعدنى فى الحصول على فرصة بمجلة الكواكب، وعينونى بالفعل براتب يبلغ 14 جنيها شهريا. عملت كمخرج فنى ورسام. كنت أرسم قصصا لسيمون دى بوفوار، وفق مذهبى الأساسى برسم عمل مواز، وليس مطابقا للنص، وهو ما اعترض عليه كثيرون من مسئولى التحرير. كان المعتاد وقتها أن يكتب سكرتير التحرير للرسام عبارة مثل: ووقفت فى النافذة، وألقت إليه وردة، فقال لها: أحبك. ويطلب منه رسم هذا المشهد. أنا تمردت. وهذا التمرد سر التميز. عملت فى دار الهلال حتى عام 1973. هذا يقودنا إلى ملابسات الخروج من دار الهلال ومن مصر كلها إلى لبنان؟ تعرضت للرفت مع دفعة اسمها ال 104 بقرار من أنور السادات، عام 1973. كنت واحدا من المفصولين على الرغم من عضويتك السابقة بالتنظيم الطليعى فى الستينيات؟ كان الأستاذ أحمد بهاء الدين قد أبلغنى، ونحن فى زيارة للإسكندرية معا، أنه تم اختيارى لعضوية التنظيم الطليعى، وقال لى إن نظام الحكم يعتقد أن إسرائيل من الممكن أن تهاجمنا فى أى لحظة، وكان ذلك قبل 1967 بسنوات، ومن الممكن أن يتم القبض على القادة، فلابد أن يكون هناك صف ثان يدير البلد. وجدتها فكرة وطنية فاقتنعت، ثم اكتشفت أشياء أخرى. ما الذى كانت تفرضه عضوية التنظيم الطليعى على صاحبها؟ طلبوا منى مقابلة وزير الإعلام فى ذلك الحين. الأستاذ محمد فائق؟ بالضبط. ماذا كان دوركم كأعضاء فى التنظيم؟ أن نقول الكلام الذى لا يتم التصريح به رسميا، كأن تقرر الحكومة منح إفريقيا مبلغا بقيمة عشرين مليون جنيه، فيثور الناس ويقولون نحن أولى، فنقول لهم إن إفريقيا هى البعد الاستراتيجى لنا. كان علينا الإجابة عن الأسئلة التى لا يستطيع النظام التصريح بها. وكان هذا مغريا بالنسبة لى. كيف جرى إبلاغك بقرار الفصل من دار الهلال؟ كنت فى مكتبى ظهرا، وجاءنى عم محمود الساعى باكيا، حاملا ورقة لى مكتوبا فيها: «ممنوع تواجدكم فى المكتب من الآن»، فذهبت إلى رئيس مجلس إدارة دار الهلال يوسف السباعى فى مكتبه، وقلت له: «يوسف بيه.. إيه الورقة دى»؟ فسكت قليلا، ثم قال: «بص.. انت الشيوعيين ضاحكين عليك». ماذا كان الرد من جانبك؟ ولا حاجة.. ذهبت إلى منزلى. كان القرار يقضى بنقلنا إلى هيئة الاستعلامات، وكانوا يدفعون لنا الراتب الأساسى فقط، وكانوا أحيانا يماطلون فى دفع الرواتب. هل تسملتم عملكم بالفعل فى الاستعلامات؟ كنا نجلس بمقهى سيموندس فى شارع قصر النيل. وذات يوم، قلنا لنذهب إلى العمل. وكنا نحو أربعين شخصا. وكاد مدير هيئة الاستعلامات يقع من طوله حين رآنا. قال لنا: «تشربوا شاى؟» قلنا له: «آه.. نشرب». أحضروا لنا أربعين كوب شاى. وقلنا لمدير الهيئة: «عايزين نشتغل». فقال لنا: «لا.. أنتم كريمة المجتمع.. انتوا تقعدوا فى بيوتكم، ولما نحتاج لكم هنقولكم». كنت قد استفدت من دار الهلال، ومطبوعاتها ذائعة الصيت. كنا نطبع من مجلة المصور 90 ألف نسخة، توزع منها 40 ألفا فى مصر، و50 ألفا فى الخارج. لذلك، بعدما أخرجونى من دار الهلال، وجدت كثيرين من لبنان يعرضون على السفر إليها. بم شعرت بعد نقلك من دار الهلال إلى الاستعلامات؟ بالخذلان. نعتبر أنفسنا وطنيين ومن أكثر المحبين للبلد، فقد كنا ننام ونصحو فى 1967 فى دار الهلال، ونرسم ملصقات ونضعها على الجدران. كنا متمسكين بالأمل. ما الذى أحدثه هذا الخذلان فى عالمك الفنى، خاصة أنه جاء بعد سنوات من صدمة هزيمة يونيو 1967؟ ردة فعلى تمثلت فى التمسك بالوطن أكثر، والعودة إلى التراث. كنت فى لبنان عام 1982 حين اجتاحت إسرائيل بيروت. وكان رد فعلى إنجاز مائة رسمة لكتاب ألف حكاية وحكاية من الأدب العربى من تأليف حسين أحمد أمين، ومن إصدار دار الشروق. أنجزت الرسومات بقلم جاف، على ورق عادى، ونحن محاصرون، لمدة اقتربت من الشهرين، فى بيروتالغربية، بلا ماء ولا أكل، كما لو كنا فى القرون الوسطى. وكنا وقتها فى انتظار النجدة العربية التى لم تأت. كل هذا جعلنى أكثر تمسكا بتاريخى انطلاقا من رغبة فى الدفاع عن النفس، وبألا أنهزم، وألا أصبح «خواجة».. وقد استعرضت تاريخنا الحضارى وأدركت أن عندنا ثراء كبير. كان لك بيت فى لبنان وتعرض للضرب خلال الحرب، واقترح عليك البعض إقامة معرض هناك للوحاتك الممزقة ورفضت.. لماذا؟ نصحنى صحفى ناصرى لبنانى من أصل فلسطينى، هو إلياس سحاب، بعمل معرض للوحاتى الممزقة، فقلت له: «لن أتاجر بآلامى.. طظ فى اللوحات.. فيه ناس بتموت كل يوم». يبرز فى مسيرتك الفنية توظيف التراث الفرعونى والقبطى والإسلامى، وحتى الفلكور الشعبى.. إلى أى مدى ترى تلك الدوائر متكاملة أو فيها بعض القطيعة أو المشكلات؟ فيها مشكلات، وهو ما دعانى لعمل معرض للفن القبطى. محاولة إنصاف سبعمائة سنة حضارة. حضارة أنتجت حتى الأرابيسك اسمه الأرابيسك الكنائسى. عندى حب شديد لأقباط مصر، وأشعر بأن هناك قدرا من عدم الإنصاف لهم. وماذا عن تجربتك فى إصدار كتب للأطفال؟ أعتز بها.. عندما تخرجنا فى الفنون الجميلة فى الستينايت، اكتشفنا عدم وجود جمهور للفن، فكان القرار بالعمل للأطفال، وكان هناك تركيز على ذلك من جانب فنانين مثل بهجت عثمان ومحيى الدين اللباد وأنا. كنا نحاول إنشاء أجيال مدركة لقيمة الجمال، لكن للأسف لم نصل إلى الجمهور الأساسى، فكتب دور النشر يشتريها القادرون، لكن الكتب الرسمية للتربية والتعليم تصل إلى أيدى الملايين. كتب قبيحة ومتخلفة. توجد فى كتب الوزارة صفحات مطموسة بالألوان بشكل يمثل جرائم فى حق الطفل المصرى، والمال الوطنى. أثرت الأمر ذات مرة فى ندوة كان يحضرها وزير التربية والتعليم الأسبق حسين كامل بهاء الدين، فى وجود سوزان مبارك أيضا، قبل سنوات، فانبرى بهاء الدين مدافعا عن الكتاب الحكومى، وأطلعنا فى الوزارة على كتب سيئة للغاية. الأزمة أنه كمسئول لم يستطع التفرقة بين الجيد والسيئ. ينشغل فنانون كثيرون بفكرة «العالمية».. فكيف تنظر لذلك؟ لا تعنينى العالمية بحبة خردل. حصلت على جوائز فى كتب الأطفال من إيطاليا وألمانيا، أما اللوحات فلا يهمنى. ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع. الناس فى مصر يحتاجون إلى معارض أكثر. مع من تدور معارك الفنان فى الحياة؟ تدور معركة الفنان مع نفسه ومع المجتمع. اللوحة الفنية عندى ميتة، وتولد حين يراها الناس. أرى أن الفن لكل الناس. حاولت بعدما نقلونى من دار الهلال إلى هيئة الاستعلامات، إقامة معرض، فرفضت جميع القاعات استضافتى، عدا قصر ثقافة فى أسيوط. وكان من أسعد ما فعلته فى حياتى. رأيت أناسا لم يشاهدوا لوحة فى حياتهم. كانوا منبهرين ومستمتعين أكثر من ذوى الياقات البيضاء. شعرت بالجوع والحرمان فى عيونهم، وهم يرون اللوحات لأول مرة. وشعرت بأن قضيتنا حق، وأننا نحاول الوصول إلى الناس لكن لا إمكانية لهذا الوصول. متى تتوقع الوصول إلى «مصر» التى ينشدها الفن؟ حين ينتبه الناس إلى الطريق الصحيح وهو التعليم، والاهتمام بالثقافة الفنية ضمن التعليم.