يتوجه الناخبون في السنغال إلى صناديق الاقتراع بعد غد الأحد، 24 فبراير، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، حيث يتعين عليهم اختيار واحد من خمسة متنافسين، أبرزهم الرئيس الحالي "ماكي سال". ويرى المحللون أن الرئيس سال /57 عاما/ يحظى بفرص كبيرة للفوز بفترة رئاسية ثانية، بعد حظر ترشح اثنين من الشخصيات المعارضة البارزة، وهما "خليفة سال"، العمدة السابق للعاصمة دكار، و"كريم واد"، وهو وزير سابق ونجل الرئيس السابق عبد الله واد. ويعد "إدريسا سيك" /59 عاما/، وهو رئيس وزراء سابق (2002-2004) ومرشح حزب "ريومي"، المنافس الرئيسي للرئيس ماكي سال. ويضم المرشحون أيضاً النائب البرلماني المعارض "عثمان سونكو"، وهو مرشح "الحزب الوطني السنغالي من أجل العمل والأخلاق والأخوة" (باستيف)، و"الحاج سال"، زعيم "حزب الوحدة والتجمع"، والمرشح المستقل "ماديك نيانج" وهو وزير خارجية سابق" وحظر المجلس الدستوري الشهر الماضي ترشح كل من "خليفة سال"، وهو لا يمت بصلة عائلية للرئيس الحالي، و"كريم واد" ، بسبب إدانتهما بسوء استغلال الأموال العامة. وتم في عام 2018 توقيع عقوبة السجن لمدة خمسة أعوام بحق "خليفة سال" الذي يعد أحد أكثر السياسيين شعبية في السنغال، بعد إدانته في قضية فساد، وهو حكم يصفه خليفة بأن له دوافع سياسية، وتم رفض طلب استئناف الحكم الذي قدمه هذا السياسي الذي يبلغ من العمر 63 عاما. أما "كريم واد" /50 عاما/ والذي تم إعداده لخلافة والده في سدة الحكم، وكان من المفترض أن يكون مرشح أكبر أحزاب المعارضة في السنغال وهو "الحزب الديمقراطي السنغالي"، فقد تلقى في عام 2015 عقوبة السجن لمدة ستة أعوام، بعد إدانته بتهمة "الكسب غير المشروع" عندما كان وزيراً أثناء فترة تولي والده رئاسة البلاد. وبعد ذلك بعام، أصدر الرئيس سال عفواً عن "كريم واد"، الذي كان قيد الاحتجاز منذ عام 2013. ومن المرجح أن يؤدي استبعاد هاتين الشخصيتين السياسيتين من المنافسة في الانتخابات الرئاسية، إلى إفساح الطريق أمام إعادة انتخاب الرئيس سال لفترة جديدة، وذلك وفقا لما يراه المحللون. وفي تقرير مشترك، يقول باولين توباني وأيساتو كانتي وأدجا فاي، المحللون ب "معهد الدراسات الأمنية" وهو منظمة أبحاث معنية بالشأن الأفريقي: "يُنظر إلى الأحكام القضائية باعتبارها تستهدف استبعاد المنافسين المهمين". ويضيف المحللون إنه "مع اقتراب يوم 24 فبراير، ما زالت الشكوك مستمرة، وتتزايد التوترات السياسية". ومنذ عام 2012، يقود الرئيس الحالي "ماكي سال" تلك المستعمرة الفرنسية السابق، والتي تتمتع حالياً باستقرار سياسي، وغالباً ما توصف بأنها إحدى نماذج الحكم الديمقراطي في أفريقيا. وخلال الفترة الأولى من رئاسة "ماكي سال"، زعيم ائتلاف "بينو بوك ياكار" ("متحدون من أجل نفْس الأَمَل") الحاكم، نال الرئيس إشادة واسعة بسبب تنفيذه إصلاحات اجتماعية واقتصادية تشمل الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والصحة، وتوفير المزيد من فرص العمل. وتمتعت حكومة الرئيس بالشعبية بين المواطنين السنغاليين نتيجة المنح الاجتماعية التي وزعتها على الأسر الفقيرة، ومن المرجح أن تسهم هذه السياسة في أن يحصد "الرئيس المرشح " الكثير من الأصوات في الانتخابات المقبلة، خاصة في المناطق الريفية. وقال المعلق السياسي عمر دينج لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من دكار، إن "كثيرا من المستفيدين من الإعانات الاجتماعية حريصون على الانتفاع بالإنجازات التي وعد بها سال، في المجالات الاجتماعية ومشروعات البنية التحتية، في إطار المرحلة الثانية من برنامجه الإصلاحي". ومن هنا، فإن تركيز الرئيس "ماكي سال" في حملته الانتخابية على التعهد بتنفيذ مرحلة ثانية من برنامجه للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، لا يكاد يثير قدراً من الدهشة. كما نال الرئيس مزيداً من الثناء لتشكيله هيئة وطنية لمكافحة الاحتيال والفساد، والتي تتمثل مهمتها في التحقيق في تهم الفساد بين كبار مسؤولي الحكومة، وقد أدت هذه التحقيقات إلى إدانة العديد من المتهمين بارتكاب وقائع فساد. غير أن كثيرا من الناخبين في هذه الدولة التي تقع في غرب أفريقيا، والذين يصل عددهم إلى سبعة ملايين ناخب مسجل، صار لديهم شكوك في الدوافع السياسية ل "ماكي سال". وذكر تقرير المحللين بمعهد الدراسات الأمنية أن رفض الرئيس تعيين وزير محايد للداخلية لتنظيم الانتخابات السنغالية يدعم هذا الشعور، فالوزير الحالي، وهو عضو في الحزب الحاكم، قال في فبراير من العام الماضي إنه سيبذل أقصى جهده لضمان فوز ماكي سال". ومن ناحية أخرى، تمكن المنافس "إدريسا سيك" من حشد تأييد كثير من أحزاب المعارضة والمعسكرات الموالية لكل من "كريم واد" و"خليفة سال"، وهي المعسكرات التي ساندت سيك رسمياً منذ تم حظر مشاركة السياسيين الاثنين في الانتخابات. وتعهد سيك، الذي خاض المنافسة على الانتخابات الرئاسية في عامي 2007 و 2012 ولكنه لم يوفق، بأن يركز على الحكم الرشيد وتحقيق النمو الاقتصادي والأمن، في حال فوزه بالرئاسة. غير أن سيك، مثله في ذلك مثل الكثير من كبار السياسيين في السنغال، له ماض مثير للشبهات، فقد تم احتجازه في عام 2005 بتهمة الفساد فيما يتعلق بتنفيذ مشروع للطرق، وهي اتهامات نفاها في حينها ولكن تم الإفراج عنه بسبب عدم كفاية الأدلة بعد مرور ستة أشهر على احتجازه. ومن المقرر أن تفتح مراكز الاقتراع، التي يبلغ عددها 15 ألفاً، أبوابها أمام الناخبين في أنحاء السنغال خلال الفترة بين الثامنة صباحا والسادسة مساء بتوقيت جرينتش. وستقوم بعثات من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) بمراقبة سير العملية الانتخابية. ومن المتوقع صدور النتائج الأولية للانتخابات في غضون ثلاثة أيام بعد نهاية الاقتراع، ويتعين على أي مرشح أن ينال أكثر من 50% من أصوات الناخبين لضمان الفوز بالرئاسة من الجولة الأولى.