أعد مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لحزب مستقبل وطن، برئاسة المهندس محمد الجارحي الأمين العام المساعد لشئون اللجان المتخصصة، تقريرا حول ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، واستهدف التقرير بحث وتحليل العوامل المؤثرة في سعر صرف العملة الأجنبية والاتجاهات المستقبلية المتوقعة له، ومدى قدرة الاقتصاد المِصري على توفير العملة الأجنبية لتلبية الطلب عليها للحيلولة دون حدوث موجة من التراجعات في سعر صرف العملة المحلية. وأكد التقرير، أن الأسبوع الأخير من يناير 2019 شهد تراجعًا هو الأعلى منذ شهور في سعر صرف الدولار، حيث هبط الدولار بقيمة 27 قرشًا في 3 أيام، ولكنه عاود الاقتراب من معدلاته الطبيعة، ثم عاود للتراجع يوم 5 فبراير مرة أخرى بنحو 5 قروش، وبالرغم من أن ذلك لن يخلق حالة من التخوف بين العُملاء للتخلي عن العُملة الأمريكية. وأشار التقرير إلى تحركات العملة الوطنية بعد تعويمها، حيث بعد أشهر من الاضطرابات التي شهدت أسعار الصرف العملة المحلية خلال عام 2016، نجحت خُطوة تحرير أسعار صرف الجنيه في القضاء على السوق السوداء للعملة، وبات من المتاح تحديد الأسعار من قبل عوامل السوق "العرض، والطلب" في ظل جهود تعزيز الأصول من النقد الأجنبي وتوجه التعاملات النقديَّة التي كانت مُتسربة للسوق السوداء نحو القطاع المصرفي، وبالتالي حدوث تحسن كبير في موارد النقد الأجنبي لدى الجهاز المصرفي. ورصد التقرير مراحل تذبذب قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فبعد أشهر من الاستقرار في سعر الصرف للعملة المحلية، شهد الأسبوع الأخير من شهر يناير 2019 انخفاضًا ملموسًا في سعر صرف الدولار أمام الجنيه، في تراجع يومي هو الأكبر منذ نحو عامين، حيث انخفض حوالي 27 قرشًا، ثم عاود الارتفاع ثم تراجع مرة أخرى، والواقع أن هذا التذبذب ارتبط بمجموعة من العوامل المباشرة وغير المباشرة التي أدت إلى هذا الارتفاع، ويتمثل أبرزها في السياسة النقدية وتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي، واستهداف زيادة القبول لأدوات الدين الحكومية، وانخفاض الدولار عالمياً في ضوء تحركات إنهاء الهيمنة. تناول التقرير الاتجاهات المستقبلية لسعر صرف العملة المحلية، موضحاً أن تذبذب سعر صرف العملة المحلية يعني أن "آلية تحويل الأموال"، كان تأثيرها محدوداً على سوق سعر الصرف؛ لأن المستثمرين الأجانب كانوا مهيئين بالفعل للإلغاء التدريجي للآلية، بعد أن أصبحت مكلفة بشكلٍ أكبر عقب فرض رسوم 1% عليها في ديسمبر 2017، وعقب الإجماع بين المستثمرين على تلاشي مخاوف تحويل أرباح المُستثمرين، إلا هذا لا يعني أن تلك القرارات التي تستهدف إعادة الثقة عديمة الفائدة، بل تخلق حالة معنوية جيدة لَدى المُستثمرين الأجانب بشأن الاقتصاد المِصري وقدرته على توفير السيولة، وأن البنك المركزي المِصري مُلتزم بنظام التعويم الحر ويتفق مع توجيهات صُندوق النقد الدولي التي أوصت بإنهاء هذه الآلية، وهو ما تكلل بموافقة الصندوق على منح مصر الشريحة الخامسة من قرض ال12 مليار دولار، ومن أجل خلق حالة من الاستقرار الدائم في أسعار الصرف، بل ورفع قيمة الجُنيه مُقابل العُملات الرئيسة، يجب التعول على تدعيم المصادر المُستقرة لتدفقات النقد الأجنبي المُتعلقة بميزان المدفوعات المِصري. وكشف التقرير العديد من النقاط الإيجابية في هذا الشأن، حيث تراجع العجز في حساب المعاملات الجارية بنحو 8.4 مليارات دولار خلال العام المالي 2017/2018 ليقتصر على نحو 6 مليارات دولار (مُقابل نحو 14.4 مليار دولار خلال العام المالي السابق)، وذلك نتيجة ارتفاع تحويلات المِصريين العاملين في الخارج بنسبة 5.7% إلى نحو 23.3 مليار دولار في أول 11 شهرًا من عام 2018، هذا إلى جانب تعافي قطاع السِّياحة، الذي سيقود إلى مساهمة القطاع ب 15% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي. واختتم التقرير بأن القضاء على العجز المزمن في الميزان التجاري حجر عثرة أمام زيادة تدفقات النقد الأجنبي الأقل تأثرا بالتطورات والمتغيرات العالمية، بحيث لا يصبح احتياطي النقد الأجنبي، معتمدا على تدفقات أدوات الدين، حيث شهد في ديسمبر 2018 تراجع بقيمة 1.963 من مستواه البالغ 44.5 مليار دولار حتى نهاية نوفمبر 2018، بعد أن وجهت لسداد التزامات خارجية. وبالرغم من أن هذا التراجع يعني بشكل آخر التزام البنك المركزي بسداد التزاماته تجاه العالم الخارجي، لكن يظل الطموح بتعزيز موارد الاحتياطي الأجنبي بعيدا عن التدفقات المرتبطة بارتفاع المديونية الخارجية، التي بلغت 92.6 مليار دولار في نهاية يونيو 2018، هي الأمل الرئيس لرفع سعر صرف العملة المحلية في المستقبل.