تعد العملات الإلكترونية المشفرة، واحدة من أكبر الظواهر المالية في الآونة الأخيرة، فبعدما فجّرارتفاع قيمها السوقية الصاروخي أواخر العام 2017 أحلام الثراء السريع لدى الكثير من المستثمرين على صعيد الأفراد والمؤسسات، توسعت قاعدة انتشارها وصولًا إلى البلدان، لاسيما العربية كالإمارات والسعودية، رغم المخاوف المحاطة لها كانفجار فقاعة المضاربة الضخمة في سوقها جراء تذبذب قيمها السوقية، ومن ثم أسعار تداولها. وتستعرض "الشروق" أنواع هذه العملات والتسلسل الزمني لظهورها، وانتشار تداولها تباعًا وصولًا إلى السعودية والإمارات، بنهاية يناير الماضي في السطور التالية: * بوادر ظهورها ربما تعود أصول فكرة العملات الإلكترونية إلى العام 1996، مع ظهور ما سمي ب"الذهب الإلكتروني" الذي تأسس مدعومًا بالذهب، ثم تبلورت الفكرة بظهور موقع "ليبيرتي ريسرف" لتحويل الأموال عام 2006؛ عبر السماح للمستخدمين وتحويلها إلى عملة رقمية لتسهيل تداولها، مقابل رسم 1٪، لكن الخدمتين المطورتين كانتا مركزيتان؛ إلا أن الحكومة الأمريكية أغلقتهما، جراء اشتباهها في غسيل الأموال من خلالهما. * 2009 أولى العملات الرقمية "بيت كوين BTC" كان تداول أولى العملات الإلكترونية الافتراضية المشفرة، في 3 يناير2009، تحت اسم "بيت كوين"، أو BTC، بعدما صممها شخص مجهول في الفضاء الإلكتروني يدعى ساتوشي ناكاموتو، عام 2007، داعيًا إلى التخلص من فكرة السلطة المركزية للنظام المالي العالمي؛ فهي عملة تخضع فقط لسلطة الأفراد الذين يمتلكونها ويتعاملون بها عبر الفضاء الإلكتروني. كانت عشرة الآلاف وحدة من البتكوين تساوي 50 دولارا، أو كما يسخر الأميركيون قطعتين من بيتزا بابا جونز(2)، ولم يكن أحد يرغب في التعامل بها، مع ظهورها لكنها ظلت تنمو، وشهدت قيمتها الشوقية قفزات قياسية لامست ال3000% بقدم 2017. لذا داعبت الفوائد المصحوبة بها إلى جانب سهولة وسرية التعامل، أحلام الثراء السهل والسريع لدى الكثير من المستثمرين؛ فحظت بانتشار واسع في فترة قياسية. * ساتوشي: دعوة لنشر العملات المرقمنة أتاح ساتوشي الكود البرمجي للعملة كمصدر مفتوح، ومن ثم فيمكن لأي شخص أن يأخذه أو يعدله أو يستخدمه لإطلاق عملاته الرقمية الخاصة، وهو ما حدث بالفعل لتتوالى العملات الرقمية بعد ذلك. ويعد ساتوشي المبتكر الأكثر غموضًا؛ إذ لم يتمكن أحد من الكشف عن هويته الافتراضية، لكن الدراسات تتبعت أن ثروته جراء تداول "بيت كوين" بنحو10 تريليون و112 مليارو42 مليون دولار أمريكي بحسب شبكة (Crypeto Arabe) لتداول العملات الإلكترونية. * 2011: لايت كوين لتلافي غموض "ساكوشي" لتفادي التخوفات التي صحبت "بيت كوين" جراء غموض أصول مكتشفها، ساكوشي، أصدر تشارل لي، المهندس السابق لدى "جوجل" عملة لايت كوين ، في 7 أكتوبر 2011 وأطلقت للتداول بشكل رسمي في 13 أكتوبر 2011. ورغم استناد العملتين إلى الكود البرمجي نفسه، فإن تسجيل التحولات والمعاملات تتم في بلوك تشين منفصلة تماما، مما يعني أنهما عملتان مختلفتان بالكلية. ولم تستطع (LTC) زحزحة ال"بيتكوين" من مكانتها كأولى وأشهر وأعلى العملات الالكترونية المشفرة من حيث القيمة السوقية والانتشار، ولا يوجد عملة معماة أخري استطاعت فعل ذلك. * 2013: كندا تطلق ال"ريبل" ووفي العام 2012 بدأت العملات الإلكترونية تعرف طريقها إلى كندا، فأصدر رجلي الأعمال، كريس لارسن، وجيد ماكالاب، ال"ريبل"، بكندا، ومع بداية إطلاقها سمي ب (Opencoin Ripple)، على ان تديرها شركة (Opencoin). ثم انفصل، ماكالب، المؤسس المشارك للشركة، وأسس الريبل الحالية، ثم أطلقها للتداول بشكل رسمي عام 2013، وفي نهاية العام 2014 أعترفت بها بعض المؤسسات المالية والبنوك؛ لتحتل بعد ذلك المرتبة الثالثة في عالم العملات الرقمية من حيث السيولة والقيمة السوقية. وتدعم"الريبل" النظام المصرفي المركزي التقليدي، حيث يدير التداول بها شركة (OpenCoin) بشكل مركزي، بينما تهدف "بيت كوين" إلى هدمه. عُملة "الريبل" الكندية واحدة من بين الأصول الرقمية الأكثر استقرارًا، إذ حققت نجاحًا قياسيًا خلال عام 2017، بعدما ارتفعت قيمتها السوقية بنسبة 3000%. وتخطى أداؤها أنذاك البيتكوين والإثيريوم، بحسب شبكة أفاتريد لتداول العملات الرقمية. * 2014: الصين تلحق بالركب وتصدر 3عملات لحقت الصين بركب العملات الرقمية بعدما أحدثت ثورة في النظام المالي العالمي، فأطلقت عملتين في العام 2014؛ ففي يناير أصدر ،إيفان دوفيلد، عملة (Dash)داش، وهي نسخة أكثر سرية من "البتكوين"، تلتها في أبريل 2014، عملة"المونرو"، وفى العام ذاته أطلقت الحكومة الصينية العملة الرقمية "نيو" من أجل تدعيم الاقتصاد الصيني. * 2015: الإيثيريوم ETH وفي أواخر عام 2013 كشف الباحث في العملات الرقمية والمبرمج الروسي "فيتاليك بوتيرين"، عن الإيثيريوم، وأصدرت للتداول بشكل رسمي في يوليوعام 2015، هي ثالث أكبر العملات الرقمية للاستثمار من حيث الحجم والقيمة السوقية، أحدثت ضجة بالعالم بعدما قفزت خلال أول خمس شهور من العام الحالي من مستوى 10 دولار الى أكثر من 400 دولار للوحدة الواحدة، بارتفاع يقدر بنحو4000%. وزاد انتشارها بعد ذلك، واعتمدت من العديد من شركات التكنولوجيا أبرزها "مايكروسوفت"، لكونها تدار بشكل شبه مركزي، إذ يدعمها نحو 500شركة دولية، بعدما اجتمعت هذه الشركات في عام 2016 لمناقشة توحيد القوة على تطوير شبكة تكنولوجيا الإيثريوم. * 2017: إيوس"EOS الصين تضرب من جديد" ومع ارتفاع القيم السوقية للعملات الرقمية بنسب لامست ال4000% واصلت الصين إصدار العملات الإلكترونية المعماة فأطلقت رابع العملات الصينية"إيوس EOS" التي اتخذت من "هونج كونج" مقرًا لها، وسرعان ما أخذت ال"إيوس" الصينية مكانها بين العملات الرقمية العشرة الأكثر انتشارًا وتداولًا والأعلى من حيث القيمة السوقية، وفي أكتوبر من العام ذاته قامت اليابان بإصدار العملة "كاراندو". * فبراير 2018: فنزويلا تطلق ال "بيترو" ولكون هذه العملات غير مركزية، يمكن استخدامها للإفلات من قيود الأنظمة المالية العالمية، طرحت فنزويلا، في فبراير 2018، 38.2 مليون من عملة "بترو" الإلكترونية، وأعلنت دعمها بالاحتياطات النفطية الفنزولية الضخمة، للإفلات من العقوبات الاقتصادية الأمريكية عليها بحسب وكالة رويترز. * بيتكوين كاش BCH :2018 أغسطس "وفي مطلع أغسطس 2018، ظهرت "بيت كوين كاش" وهى عملة ناتجة عن الانقسام على أولى العملات المعماة "بيت كوين"، وهي نوع من الأصول الافتراضية الجديدة التي تسمح بتقليل الوقت المستغرق في إجراءات التعاملات بالعملة الإلكترونية عبر تقسيم سجل بلوكشين (دفتر الحسابات العمومي للمناقلات الماليةالمتعلقة بعملة بيت كوين)، وتحديث قواعد الاتفاق عبره. وتجاوزت القيمة السوقية لعملة بيتكوين كاش في الوقت الحالي 24 مليار دولار، حيث تحتل المركز الرابع، وتسبقها في القيمة السوقية عملة البيتكوين ثم "الإيثريوم" ثم "الريبل". * 2019:"للعملات الإلكترونية مآرب أخرى" ويبدو أن هدف "ساكوتشي" مبتكر أولى العملات المعماة، بالتخلص من مركزية الأنظمة المالية العالمية في طريقه للتحقق؛ فبعدما استخدمت فنزويلا تقنية العملات المعماة للإفلات من العقوبات الأمريكية، ذكرت وكالة "مهر" الإيرانية، في نهاية يناير2019، أن طهران اتخذت خطوات فعالة للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، عبر إطلاق عملة رقمية معماة، في ظل محاولات واشنطن إقصائها عن النظام المالي العالمي. * يناير2019: الإمارات والسعودية تطلقان "عابر" لم يحل تحريم المؤسسات الدينية العربية دون انتشارها؛ ففي 29 يناير 2019 أطلقت مؤسسات مالية سعودية وإماراتية، مشروع تجريبي، لإطلاق أولى العملات الإلكترونية العربية التي حملت اسم"عابر". وبناءا على ما سبق، يبدو أن قاطرة العملات الرقمية تمضي قدمًا لتحجز مكانها في المستقبل، رغم تزايد التحذير من مخاطرها.