تمخضت العملات الرقمية الافتراضية، على رأسها "بيت كوين" من رحم الفضاء الرقمي، متجاوزة كل النظم المالية التي عرفها العالم، منذ وجد طريقه للتعامل بالنقود، ومع خروجها للأضواء عام 2009، أحيطت بجدل غير منتهي وحذرت العديد من المنظمات المحلية والدولية من عواقب انتشارها والتعامل بها على الاقتصاد العالمي؛ لكونها عملة غير خاضئة لجهة مركزية. ولكون ازدهار تلك العملات الرقمية مرهونًا باتساع دائرة تداولها والسماح باستخدامها، «الشروق» تستعرض جانبًا من الجدل الدائر حولها، بعدما أباحت السعودية والإمارات التعامل بها اليوم، بالتزامن مع إعلان إيران اعتزامها إطلاق عملة إلكترونية للتحايل على العقوبات الأمريكية. - السعودية والإمارات تعترفان بها أعلن كلاً من مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، في بيانٍ مشترك، اليوم، إطلاق مشروع تجريبي لإصدار عملة رقمية تحت اسم "عابر" ليتم استخدامها بين البلدين في التسويات المالية. وجاء في البيان، أن الهدف وراء هذا المشروع "التجريبي"، هو تأهيل الكوادر على التعامل مع "تقنيات المستقبل"، وفهم أبعادها، ومعرفة آثارها على تحسين أو خفض تكاليف عمليات التحويل، إلى جانب تقييم المخاطر التقنية وكيفية التعامل معها، حسبما أوردته صحيفة سبق السعودية. - وسيلة للإفلات من العقوبات الاقتصادية على صعيد متصل، ذكرت وكالة "مهر"، اليوم، أن إيران اتخذت خطوات فعالة للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، عبر إطلاق عملة رقمية، وذلك في ظل محاولات واشنطن إقصاء طهران عن النظام المالي العالمي. وتعتزم إيران الإعلان عن "العملة الرقمية"، خلال مؤتمر حول أنظمة الدفع الإلكتروني والمصرفي، كان مقررًا له أواخر الشهر الجاري، بحسب ما أوردته وكالة مهر، ونقلته عنها وكالة روسيا اليوم. وطرحت فنزويلا، في فبراير 2018، 38.2 مليون من عملة "بترو" الإلكترونية، وأعلنت دعمها بالاحتياطات النفطية الفنزولية الضخمة، للإفلات من العقوبات الاقتصادية الأمريكية عليها بحسب وكالة رويترز. - تعريفها ونشأتها ظهرت أولى العملات الإلكترونية الافتراضية المشفرة، للعالم في 3 يناير2009، تحت اسم "بيت كوين"، أو BTC، بعدما صممها شخص مجهول في الفضاء الإلكتروني يدعى ساتوشي ناكاموتو عام 2007، داعيًا إلى التخلص من فكرة السلطة المركزية في العملات والاقتصاد بشكل عام، وهي عملة تخضع فقط لسلطة الأفراد الذين يمتلكونها ويتعاملون بها عبر الفضاء الإلكتروني. توالت إصدارات العملات الرقمية بعد ذلك، ففي 2011 أصدر تشارل لي، المهندس السابق لجوجل، عملة إلكترونية تحت مسمى"ليت كوين" أوLTC، ثم في 2013 "الريبيل" XRP، وفي 2014 ظهرت "كاش BCH"، ثم في 2015 الإثريوم Eth، ثم "بيترو" الفنزويلية عام 2018، وصولاً إلى "عابر" السعوإمراتية. - حجم تداولها في السوق العالمية يبلغ حجم سوق أشهر العملات الإلكترونية "بيتكوين"، نحو 233 مليار دولار، وتجاوزت 15 ألف دولار، تليها الإيثريوم بقيمة تداول تبلغ 46 مليار دولار، ثم الريبل بنحو 11 مليار دولار، وتليهم بعد ذلك باقي العملات، بحسب شبكتي "أرينسن"، و"ريتش" للتداول. - قفزات قياسية بأسعار صرفها تضاعفت أسعار صرف العملات الإلكترونية، وحققت قفزات قياسية، قبل أن يمر العقد الأول على نشأتها، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر "بيت كوين" من بضع سنتات عند بدء التعامل بها عام 2009؛ لتتجاوز 3.458 ألف دولار في تعاملات اليوم، الأمر الذي دفع شركات كثيرة للاستثمار بها، وأجبر بعض الأسواق والبورصات العالمية على تداولها، لكن ذلك لم يمنع خبراء الاقتصاد من التحذير من كون العملات الرقمية شديدة التقلب. - ما لذي يحكم التداول بها يحكم التداول عبرها سجلات المستخدمين الرقمية قاعدة البيانات الخوارزمية "Block chain"، وهي عبارة عن برنامج معلوماتي موحد، يرصد كل المعاملات على الشبكة، وهو سلاح ذو حدين ففي حين تتميز الحسابات بكونها فائقة الخصوصية، تعد أيضًا الاختيار الأمثل للخارجين على القانون. - الجدل الدائر حولها يكمن الجدل الدائر حول العملات الإلكترونية هو مجهولية مصدرها، وإلى أي غطاء تستند أسعارها أو قيمها؛ فهي شديدة التقلب. - مخاطرها على الأفراد والدول وبحسب التيار الاقتصادي الرافض للعملات الرقمية، فهي تشكل مخاطرة على المستويين الفردي والعالمي. - مخاطر على المستوى الفردي لمتداوليها: * عدم وجود آليات لسلامة الأرصدة، ففي بدء التعامل بها تحصل على شفرة تمكنك من استخدام "بلوك تشين" لكن في حال فقدان تلك الشفرة يختفي رصيدك تمامًا. * أسعارها شديدة التقلب، مما يعني زيادة المخاطرة وضعف تصنيفها الائتماني. - أما مخاطرها على مستوى الاقتصاد العالمي: * تغيير طبيعة النظام المالي والاقتصادي للدول؛ لأنه لا توجد حكومة واحدة يمكنها السيطرة عليها بشكل كامل. * تؤثر سلبًا على التحويلات المالية الخارجية؛ التي تعتمد عليها الدول؛ لضبط ميزان مدفوعاتها ودفع النمو. ورغم تحذيرات زعماء العالم، من تداول العملات الإلكترونية في مؤتمر دافوس الاقتصادي عام 2018، إلا أن بعض كبار الاقتصاديين أعلنو تقبلهم لتداولها، فقالت جانيت يلين، رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إن أخطارها تقتصر على مستخدميها، وأشارت إلى إيجابياتها كالخصوصية، وتسهيل العمليات المالية، بحسب "فايننشال إكسكيوتفز". كما أن جلسة مجموعة العشرين المنعقدة في إبريل الماضي، ناقشت تطور العملات الرقمية في سوق العملات الآجلة، وطرح المزيد من المنتجات المالية بها، بحسب شبكة "عربي24". - دول شرعت لتداولها وأخرى لحظرها لم يحول الجدل الدائر حول مخاطر العملات الرقمية، بين توسع قاعدة مستخدميها على مستوى الأفراد والشركات والمؤسسات المالية الكبرى، وفيما حظرت الولاياتالمتحدة والصين استخدامها، شرعت كلاً من ألمانيا، والنمسا، والهند، في سن قوانين لضبط تداولها، وفي مارس 2018 صادقت المكسيك على تشريع ينظم تداول العملات الرقمية، وفي يونيو طبقت هيئة تنظيم الخدمات المالية بأبو ظبي لوائح تنظيمية للعملات الرقمية في المنطقة المالية الحرة، وفي سبتمبر أطلقت سويسرا مبادئ توجيهية لتعزيز التعاون بين شركات العملات الرقمية والبنوك. - توسع دوائر مستخدميها توسعت دائرة مستخدمي العملات الرقمية، فبعدما اعتماد ما يزيد على 100 ألف تاجر كعملة للدفع في عام 2015، وصل مستخدمي محافظ العملات الرقمية إلى نحو 5.8 مليون مستخدم، بحسب مركز البحثوث الاقتصادية بجامعة كامبردج. - بورصات عالمية وتعتزم البورصة البريطانية لتداول عملة البيتكوين التى تحمل اسمًا CoinFLEX، تقديم عقود مستقبلية لعملة البيتكوين، والبيتكوين كاش، والإثيريوم، والتى يمكن أن تصل إلى 20 مرة، بحسب ما أوردته وكالة بلومبرج. - قيمتها السوقية تفوق بعض الدول ووصلت القيمة السوقية للعملات الرقمية مجتمعة، إلى نحو 113 مليار (267 مليون دولار)، بحسب شبكة "كوين ماركت كاب". وذكر تقرير سابق لوكالة بلومبرج صدر عام 2017، أن إجمالي القيمة السوقية للعملات الرقمية مجتمعة، يفوق حجم الناتج المحلي الإجمالي لبعض الدول كقطر وهانجاريا.