قدم الدكتور ياسر منجي، أستاذ مساعد قسم الجرافيك بكلية فنون جميلة، وعضو المجلس الدولي للمتاحف، 3 حقائق تجب المغالطات التاريخية، والسيناريوهات المفترضة المتعلقة بتمثال الخديو إسماعيل، الذي تم تصميمه وصبه عام 1951 بغية وضعه في قلب ميدان التحرير الحالي (الإسماعيلية سابقا) لكن الإطاحة بالملك فاروق تسببت في إلغاء المشروع وتخرين التمثال وإهماله لأكثر من نصف قرن، حتى تم عرضه الأسبوع الماضي في معرض "كنوز متاحفنا 3 - ملامح عهد" بمجمع الفنون بالزمالك. وعلى هامش أولى ندوات "إشكاليات التوثيق للفن" المصاحبة للمعرض؛ قال منجي ل"الشروق" إن التمثال صنعه النحات المصري مصطفى متولي عام 1951، وليس الإيطالى بيترو كانونيكا الذي صنع نظيره المقام في الإسكندرية، وأن هذا التمثال الذي ظل قابعًا لمدة عقود في مخازن متحف الجزيرة بعد مصادرته عقب ثورة يوليو، لم يندثر كما اعتقد بعض الباحثين، كما أنه نسخة منفصلة عن النسخة السكندرية، المقامة في كوم الدكة، وأنه كان يُعتزم وضعه في ميدان التحرير، لولا أوامر مجلس قيادة الثورة. وأشار منجي إلى أن الأرشيف الصحفي أثبت أن عملية صب التمثال البرونزي تمت في مصر بواسطة شركة مصرية بعد مناقصة علنية عام 1951، وأن النموذج المصغر للتمثال الذي أعده الفنان المصري مصطفى متولي كان يختلف اختلافا طفيفا عن النسخة النهائية، فيما يتعلق بوضع القدم اليمنى واتجاه الرأس. وأشار منجي إلى أن التوثيق المتحفي يجنّب الباحثين الوقوع في المغالطات التاريخية، وأن معرض "ملامح عهد" يتيح الفرصة لتصحيح العديد من هذه المغالطات التاريخية عبر جانبه الأكاديمي المتمثل من سلسلة ندوات مصاحبة له. فن يوثق للتاريخ وأضاف منجي: "مقتنيات المعرض انتقيت بناء على دلالات تاريخية أو أحداث صنعت تحولًا فارقًا في التاريخ". واسترسل منجي في الحديث عن الأهمية البالغة لمعرض"ملامح عهد" على الصعيدين الفني والأكاديمي، لكونه معبرا عن فن عصر لم تتح الفرصة للاطلاع عليه كاملًا، وبقي مبعثرا في مخازن متاحف مغلقة منذ عقود. أما من الناحيتين التاريخية والأكاديمية، عكست اللوحات والمنحوتات التطور الواضح في طرز الملابس في مصر كما عكست تطور النياشين ودلالاتها الدبلوماسية والعسكرية، على مدار قرن ونصف من الزمان، فتجميعه على هذا النحو يتيح للمهتمين او الباحثين في الفنون فرصة ملهمة لم تتاح لهم من قبل. كيف انطلقت الفكرة؟ من جانبه تحدث الدكتور إيهاب اللبان، مدير مجمع الفنون بقصر عائشة فهمي عن كيفية انطلاق فكرة سلسلة معارض "كنوز متاحفنا"، قائلًا :" بعدما خضع مجمع الفنون بقصر عائشة فهمي لعملية ترميم استمرت نحو 12 عاما، منذ عام 2005 وحتى عام 2016. اقترحنا على وزارة الثقافة عرض المجموعات الفنية الهائلة المختفية وراء جدران مخازن المتاحف المغلقة منذ عقود لنستأنف بها العمل في مجمع الفنون؛ ومن هنا جائت فكرة "سلسة معارض كنوز متاحفنا الفنية" من دورتها الأولى ووصولًا إلى دورته الثالثة"ملامح عهد". وعن دورتي "كنوز متاحفنا الفنية السابقتين قال اللبان: "عرضنا في الدورة الأولى مقتنيات جمعناها من 11 متحفا معظمها متاحف مغلقة، تحت عنوان" كنوز متاحفنا 1.. الفن المعاصر" في مايو 2017، عرضنا فيه مجموعة من أعمال رواد الفن الأوروبي والمصري، ثم أقمنا الدورة الثانية من المعرض تحت عنوان" روائع النسيج القبطي والإسلامي" والتي عرض به مجموعة نادرة يتراوح عمر معظمها نحو 1700 عام، تم إعادة ترميمها. وبحسب اللبان، يتميز معرض "ملامح عهد" بأنه أول عرض يتطرق لأسرة محمد على كأشخاص؛ وأنه حوى 120 قطعة من المنحوتات والتصاوير والمقتنيات الشخصية أوالأثاث الذي تم مصادرته عقب ثورة يوليو؛ وتناثر بعد ذلك في المتاحف المغلقة، ك"القبة السماوية" و"الجزيرة" ولم يتمكن أحد من رؤيتها قبل أن يتح المعرض ذلك. وعلى نقيض التشويه الذي يصيب منحوتات مصرية عديدة بدعوى الترميم، عكست مقتنيات المعرض عمليات ترميم دقيقة، وكانت المفاجئة عندما كشف الدكتور إيهاب اللبان، ل"الشروق" أنها رممت بأيادي مصرية خالصة، بيد مجموعة من موظفي إدارة الترميم التابعة لقطاع الفنون التشكيلية، الذين يتقاضوا مرتبات حكومية ضئيلة، وأن عمليات الترميم هي نتاج 12 عاما من الجهود.