ولد في ضواحيها ودفن فيها.. وصفها بمدينة التسامح الديني في أفلامه..ومنها بدأ مجده الفني. أحبها وأحب حياته في شوارعها، أبدع في التعبير عن حبه وارتباطه بها، خرج بها من المحلية إلى العالمية، علاقة غير مألوفة بين فنان ومخرج مبدع وبين مدينة عاش فيها وتنفس هواءها، جسدها المخرج الراحل يوسف شاهين، الذي ابدا اهتماما خاصا عن علاقته بمدينة الأسكندرية، عروس البحر الأبيض المتوسط. وتحل اليوم الذكرى ال93 لميلاد يوسف شاهين، الذي ولد في 25 يناير عام 1926، وبمناسبة ميلاده اخترنا الحديث عن حياته الأولى في الإسكندرية، وكيف جسد حبه لها من خلال أربعة أعمال خالدة إلى يومنا. يوسف جبرائيل شاهين، من أصول لبنانية يونانية، هاجرت أسرة والدته إلى مصر في القرن التاسع عشر، واستقرت وعاشت في الإسكندرية، وقضى شاهين فيها مايقرب من ربع قرن، حيث التحق بمدرسة "كلية فيكتوريا" أقدم المدارس الإنجليزية في مصر، واستمر فيها حتى حصل على الشهادة الثانوية، ثم انضم إلى جامعة الإسكندرية، قبل أن ينتقل إلى أمريكا لدراسة فنون المسرح، ليعود عام 1950 وتبدأ مسيرته الفنية. ومع بداية عام 1978 أراد يوسف شاهين تخليد الإسكندرية وسيرته الذاتية، عن طريق رباعيته السينمائية الشهيرة "إسكندرية... ليه؟، حدوتة مصرية، إسكندرية كمان وكمان، إسكندرية..نيويورك". إسكندرية... ليه؟: أول أعمال سلسلة شاهين عن سيرته الذاتية، والذي تناول الحياة في الإسكندرية أبان فترة الحرب العالمية الثانية، وأُنتج عام 1978، وتحدث شاهين خلال الفيلم عن التسامح الديني الذي رآه في صغره، ويظهر أيضًا حبه للفن وتأثره بالسينما منذ الصغر. وتناول الفيلم قصة يحيى المُحب للتمثيل والذي يجسد فترة شباب يوسف شاهين، وناقش الفيلم أيضًا الحياة الاجتماعية في الإسكندرية من خلال قصة حب بين "إبراهيم وسارة الفتاة اليهودية"، وكعادته تطرق شاهين خلال الفيلم للحياة السياسية، من خلال قصة مجموعة من الشباب يريدون التخلص من الاحتلال الإنجليزى، كما تطرق الفيلم عن نشأة العصابات الصهيونية في ذلك الوقت. الفيلم من إنتاج وإخراج وسيناريو يوسف شاهين، وحصل على جائزة الدب الفضي في برلين عام 1978. وبطولة: محسن محي الدين، عبد الله محمود، أحمد زكي، نجلاء فتحي، محمود المليجي، محسنة توفيق، فريد شوقي، عزت العلايلي.
حدوتة مصرية: استكمل يوسف شاهين السلسلة الفنية التي ترصد حياته وسيرته الذاتيه، بفيلم حدوتة مصرية، والذي خرج للنور عام 1982، ولكنه تناول خلال أحداث الفيلم قصته وتفاصيل عن حياته بشكل أوسع، إذ يُعد الفيلم تكملة طبيعية ل"إسكندرية... ليه؟"، حيث اعتمد شاهين في "حدوتة مصرية" على أبطال الأساسيين بشخصياتهم مع إضافة بعض الشخصيات بعد تغيير أعمارهم. يتحدث شاهين خلال الجزء الثاني، عن أزمته الصحية التي تعرض لها وسافر لإنجلترا للعلاج، وقدم خلال الفيلم أيضًا محاكمة لشخصيات وأفلام، أثرت على حياته.
الفيلم ظهر فيه عدد كبير من النجوم الجدد حينها، وكان بطولته للفنان نور الشريف، يسرا، ماجدة الخطيب، محسن محي الدين، توفيق الدقن، حسام عزمي، محمد منير، ليلى حمادة، سهير البابلي، رجاء الجداوي، رجاء حسين، سعيد الصالح، سناء يونس، أحمد سلامة، سعاد نصر، عبد العزيز مخيون، محمود الجندي. كما ظهر يوسف شاهين خلال الفيلم في مشهد واحد.
إسكندرية كمان وكمان: الفيلم الثالث في السلسلة الفنية التي مازالت تتحدث عن حياته في مرحلة عمرية أكبر في الإسكندرية، أُنتج في عام 1990، وناقش حياة يوسف شاهين الفنية في مرحلة عمرية جديدة من حياته الإنسانية بصديقه بعد إنقطاع العلاقة بينهما. ورصد الفيلم إضراب الفنانين في الثمانينات، بل كان يعايش هذه الأزمة التي شهدتها نقابة الفنانين، لاعتراضهم على القمع الممارس عليهم من السلطة ورفضهم قانون الفنانين الرافض لحريتهم في اختيار نقيبهم. النسخة الثالثة من حياة يوسف شاهين، شهدت عدد من التغييرات حيث شارك في كتابة السيناريو مع يوسف شاهين كلاً من "سمير نصري ويسري نصر الله"، وظهر أيضًا عدد من الفنانين، فكان من بطولة "حسين فهمي، يسرا، هشام سليم، تحية كاريوكا"، وشارك فيه لأول مرة عمرو عبد الجليل، رجاء حسين، عبلة كامل، وظهر محمد هنيدي للمرة الثانية بعد دوره الصغير في فيلم إسكندرية ليه؟.
إسكندرية..نيويورك: خلال أحداث الفيلم الرابع والأخير من سيرة يوسف شاهين الذاتية، والذي أُنتج عام 2004، رصد تطورات حياته التعليمية بعد السفر إلى نيويورك لاستكمال تعليمه الجامعي، وتعود أحداث الفيلم إلى اللحظة التي انتهى عندها فيلم "إسكندرية ليه؟" لحظة وصول يوسف شاهين إلى نيويورك أول مرة. ويرصد الفيلم تكريم يوسف شاهين في نيويورك على أفلامه، والتقاءه بزميلته وحبيبته القديمة، ويكتشف أن لديه ابن منها، ورفض الابن الاعتراف بأبيه لأنه عربي، وناقش أيضًا خلال أحداث الفيلم الأجيال التي تربت على رفض كل ماهو عربي. ومثلما كانت البداية تكون النهاية، أشاد المخرج الراحل بجسده والباقي بأعماله، مدينته التي كان يفتخر بها، "الإسكندرية"، وتحدث عنها ووصفها بمدينة التسامح التي تجمع لكل الجنسيات والأديان، خلال فترة شبابه في الأربعينيات. الفيلم أُضيف له باقة جديدة من الفنانين، "محمود حميدة، احمد يحيى، يسرا اللوزي، يسرا، ماجدة الخطيب، هالة صدقي، نيللي كريم، بشرى".