دقت الساعة الحادية عشرة مساء.. كان المدرس ينتظر عودة ابنه سعد ذى ال13 ربيعا إلى منزله بقرية كفر إخشا مركز كفر الزيات.. تأخر الابن.. خيم السكون على منازل القرية.. وخلت الشوارع من المارة استعدادا لليوم الأول فى العام الدراسى الجديد. هرول محمد، مدرس الابتدائى، إلى محل البقالة القريب من منزله ليسأله عن نجله الصغير الذى خرج لشراء بعض الأدوات الكتابية للمدرسة ولم يعد حتى الآن.. نفذت كلمات البائع كسهم قاتل مصوب إلى صدر الأب لتؤكد أن نجله كان متواجدا منذ ساعتين ثم غادر المحل.. جن جنون الأب من لغز الاختفاء الغامض.. فالقرية صغيرة وكل أفرادها تربطهم صلات القرابة. انطلقت صرخات والدة الطفل لتخترق سكون القرية.. أسرع الجميع إلى الشوارع الجانبية للبحث عنه ولكن دون جدوى.. طار النوم من عيون أفراد الأسرة.. وحامت الشكوك حول مطلقة الأب التى تزوجها لمدة 20 يوما فقط وطلقها وتركها إلى حال سبيلها.. لم يتوقع أن تكون ردة فعلها بهذه القسوة.. فرفض الفكرة تماما.. حاول أن يستجمع خلافاته ومشكلاته مع الآخرين فلم يجد فى دفتره شيئا وجميع علاقاته بالآخرين طيبة فهو مدرس ابتدائى فى مدرسه القرية ويعرفه الجميع.. وكل تلاميذ القرية تعلموا على يديه ولا يوجد مشكلات بينه وبين ذويهم. فى صباح اليوم التالى وأثناء توجه التلاميذ إلى المدارس، فوجئ الأب المكلوم بمكالمة هاتفية من أحد أفراد القرية يخبره بالعثور على جثة نجله سعد مقتولا وسط الزراعات.. توجه الجميع إلى مكان الجثة، وكانت المفاجأة العثور على جثة الطفل أسفل أعواد الحطب وبها عدة طعنات فى البطن وآثار خنق بيد قوية حول رقبته، وكان يرتدى ملابسه كامله وعثر معه على أكياس حلويات اشتراها لأشقائه الصغار. انتقل رجال المباحث والطب الشرعى إلى مكان الواقعة، وتم نقل الجثه إلى مشرحة مستشفى كفر الزيات وسط ذهول أهالى القرية، بسبب وقوع جريمة مشابهة لها منذ 6 أشهر، والعثور على جثة الطفل فارس عبد الهادى داخل الزراعات، ولم يتوصل رجال المباحث إلى القاتل حتى الآن. أصيبت القرية بالشلل التام وقررت عائلات القرية منع خروج الأطفال بعد المغرب وتناثرت الأقاويل والشائعات حول اختطاف الأطفال وقتلهم بهذه الوحشية. انطلق رجال البحث الجنائى إلى القرية لكشف لغز مقتل الطفل وإعداد تحريات حول الواقعة وهل تواجد بعض الغرباء فى القرية فى وقت معاصر لارتكاب الجريمة من عدمه وما صلة مطلقة والد القتيل بالجريمة؟ تساؤلات عديدة دارت فى ذهن رجال المباحث والنيابة وبدأت فى وضع خيوط الجريمة فى يد الأب المكلوم الذى أطلق صرخة عالية على صفحات «الشروق» يحكى فيها عن مأساته مع طليقته التى يعتقد أنها وراء الجريمة، وإصرارها على الانتقام منه وتدمير حياته. تذكر الرجل ملامح وجهها آخر مرة شاهدها فيها أثناء تطليقها ليؤكد للمباحث اتهامه الصريح لها، انخرط الأب فى دموعه عندما تذكر كلمات نجله الذى كان فى الصف الثانى الإعدادى وإصراره على شراء محمول له فى بدايه الدراسة. قال الأب: مات سعد دون أن يرى المحمول.. ولم يتحقق أى من أحلامه الكثيرة.. خرج كعادته لشراء بعض الحاجيات استعدادا للمدرسة والحلويات لشقيقته.. التى كان يرفض خروجها بمفردها، لكن استدرجه الجانى إلى الزراعات وقتله بصعوبة وبعد مقاومة عنيفة من الابن، حيث وجد القاتل صعوبة فى خنقه فطعنه بالسكين فى بطنه عده طعنات وأصر فى التحقيقات على اتهام مطلقته بالانتقام منه. وقال الأب إنه فى ليلة الحادث شوهدت مطلقته فى القرية وسافرت إلى القاهرة فى وقت معاصر للجريمة، وأنها الوحيدة التى أرادت أن تنتقم منه. وبدموع حزينة رفعت والدة الطفل سعد يديها إلى السماء وهى تقول: حسبى الله ونعم الوكيل فى كل من امتدت يده على نجلها القتيل لأنه كان طيبا ويسمع الكلام ويطيع الكبار.. ويبدو أنه استجاب لكلام القاتل وذهب معه إلى الزراعات وكانت النهاية قتله بخطة غادرة.. وطالبت بسرعة القبض على القاتل حتى ترتاح وتهدأ القرية من الشائعات الخاصة باختطاف الأطفال وقتلهم. وفى تحقيقات النيابة أنكرت مطلقة والد القتيل التهمة تماما وقررت أمام رئيس النيابة أنها حصلت على الطلاق من زوجها المدرس وعادت إلى أطفالها الثلاثة من مطلقها الأول.. وأنها تعيش بعيدا عن مكان الواقعة فقررت النيابة التحفظ عليها لحين ورود تقرير الطبيب الشرعى والمعمل الجنائى ليعود لغز مقتل الطفل فى ظروف غامضة يثير الذعر فى نفوس أهالى القرية من جديد.