الراغب فى شراء كاميرا ديجيتال للتصوير الفوتوغرافى قد يشعر بالحيرة أمام الكم الهائل المعروض أمامه. بجانب الفروق فى نوعية وجودة العدسات وغيرها من المكونات الصلبة للكاميرا Hardware، فأمامه مئات الاختيارات من البرامج المحملة على هذه الكاميرات Software. فهذه مجهزة ببرنامج لضبط الإضاءة أوتوماتيكيا، وأخرى مجهزة ببرنامج يتغلب على عيب «العين الحمراء» فى صور البورتريه، وأخرى بها خصائص للتصوير الليلى. هذه الحيرة قد تكون اليوم فى طريقها للانتهاء. سنة واحدة فقط تفصلنا عن ثورة التصوير القادمة: الكاميرات مفتوحة المصدر. وهى الكاميرا التى تستطيع أن تطور برامجها وتضيف إليها مئات الخصائص الجديدة مجانا، أو تصمم لها ما شئت من خصائص إن كنت من محترفى البرمجة. الأمر أشبه بتنزيل التحديثات والخصائص الجديدة لبرامج الكمبيوتر المعتادة مثل الأوفيس أو الويندوز ميديا بلاير. الكاميرا مفتوحة المصدر ثورة حقيقية، فإلى جانب أنها ستمكن كل شخص أن يختار الخصائص الموجودة للكاميرا بحيث تناسبه بشكل شخصى، حيث ستوفر على المستهلكين آلاف الجنيهات التى قد يدفعونها لشراء كاميرات بخصائص وبرامج أحدث. الابتكار الجديد ظهر فى شكله الأولى أغسطس الماضى تحت اسم «فرانكن كاميرا»، على يد فريق عمل بقسم علوم الكمبيوتر بجامعة ستانفورد الأمريكية، تحت قيادة البروفيسور مارك ليفوى. فكرة ليفوى وفريق العمل بجامعة ستانفورد بسيطة. لماذا لا يستطيع أصحاب الكاميرات الديجيتال تطوير قدرات كاميراتهم ببرامج جديدة، مثلما يحدث مع أجهزة الكمبيوتر وبعض أنواع التليفونات المحمولة؟ لماذا لا يتمكن المصور من تطوير برنامج تشغيل الكاميرا التى يملكها، ويلتزم بالبرنامج المجهز مسبقا من الشركات المصنعة؟ كاميرا المستقبل تتصل بالإنترنت وتضبط الإضاءة بدأ ليفوى فى تطوير برامج مجانية مفتوحة المصدر تعتمد على تقنية لينكس، تتحكم فى كل أجزاء الكاميرا من غالق وفلاش وزووم وسرعة عدسة وغيرها. إلى جانب ذلك، يستطيع البرنامج ربط الكاميرا بالإنترنت لتنزيل أو رفع الصور، بتقنية شبيهة بالتى تتوافر فى iPhone فى تنزيل ورفع ملفات الموسيقى والأغانى. يطور أندرو مع فريق العمل بجامعة ستانفورد حاليا إمكانات البرنامج، ويأملون أن تصل قدرة البرنامج على أن يقوم برفع الصورة التى تلتقطها الكاميرا للإنترنت فى ثوان معدودة، قبل أن تنتهى من التقاط الصورة التى تليها. الفوائد العملية لمثل هذا الابتكار كثيرة، من أهمها أن المصور قد يستغنى عن الحاجة لكروت ذاكرة ضخمة لتخزين الصور. البرنامج الجديد سيمكن المصور من تخزين الصور على موقعه الخاص على الإنترنت فور التقاطها، دون الحاجة لتخزينها على ذاكرة الكاميرا إطلاقا. نجاح هذا الابتكار يفتح الباب أمام عدد لا محدود من البرمجيات الخاصة بتحسين قدرة الكاميرات على التصوير. على سبيل المثال، هناك المئات من كاميرات التصوير الفوتوغرافى الديجيتال التى يوجد بها خاصية تصوير لقطات الفيديو، وإن كان يعيبها قلة الجودة. فريق العمل بستانفورد يقوم حاليا بدراسات لتحسين قدرة الكاميرا على تطبيق الفيديو بحيث يطابق فى جودته الصور الفوتوغرافية. إحدى الخواص الأخرى التى يطورها علماء ستانفورد تتعلق بتعامل الكاميرا مع المكان ذى المستويات المختلفة من الإضاءة. المصور المحترف قد يضطر إلى تعديل الإضاءة فى صوره من خلال تنزيلها على الكمبيوتر واستخدام برامج تعديل الصور كالفوتوشوب، خاصة إذا كان المنظر الذى يقوم بتصويره به أماكن شديدة الإضاءة وأخرى قليلة الإضاءة. البرنامج الذى تطوره ستانفورد الآن سيستطيع فى ثوان معدودة أن يتعامل مع كل نقطة Pixel فى الصورة على حدة، ويجد الإضاءة المثالية لكل نقطة، وإخراج الصورة فى شكل رائع وإضاءة مضبوطة دون الحاجة لتعديلها خارج الكاميرا. هذه أمثلة قليلة من مئات الابتكارات التى من المنتظر أن تدفع بتكنولوجيات التصوير الديجيتال إلى آفاق غير محدودة. مفهوم جديد ل«المصدر المفتوح» أحد أهم مميزات برنامج جامعة ستانفورد، الذى من المنتظر خروج نسخته الأولى للجمهور فى خلال عام، أنه برنامج مفتوح المصدر Open Source يقوم على نظام تشغيل لينكس Linux أى أنه مجانى ومن حق الجميع بلا استثناء استخدامه وتطويره وتعديله دون التقيد بقوانين الملكية الفكرية. سيصبح بإمكان أى مصمم أن يطور خاصية جديدة للكاميرا التى يملكها، ويطرح تطويره مجانيا على الإنترنت ليستفيد منه الجميع. يتوقع فريق ستانفورد أن يكون هذا البرنامج أحد أهم إنجازات حركة الأجهزة المفتوحة المصدر Open Source Hardware، وهى الحركة التى تشجع نشر تصميمات ودقائق صناعة الأجهزة وبرامج تشغيلها ليتمكن الجميع من صناعتها والاستفادة منها دون احتكار التكنولوجيا. نجاح هذه الحركة وقدرتها على المنافسة يعد فى المستقبل بأجهزة وتكنولوجيات شديدة التقدم بأقل تكلفة.