شيخ الأزهر: مناهج الدراسة بالأزهر قائمة على الحوار وقبول الرأي الآخر أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن مناهج الدراسة في الأزهر قامت منذ نشأته على أساس الجمع ما بين علوم النص والعقل والذوق، وعلى منهج الحوار وقبول الرأي والرأي الآخر، واحترام اختلاف المذاهب، وتمثل ترجمة أمينة لروح الإسلام ووسطيته وهو ما يجعل طلاب الأزهر أبعد الناس عن الوقوع في براثن الفكر المتشدد. وأضاف خلال كلمته في حفل التكريم الذي نظمته جامعة "أوراسيا الوطنية" أكبر جامعات كازاخستان، اليوم الثلاثاء، لفضيلة الإمام الأكبر ومنحه درجة الدكتوراة الفخرية في إطار زيارته الحالية لكازاخستان بمشاركة عمداء وأساتذة وطلاب الجامعة، وحشد من النخب والشخصيات الدينية والفكرية والثقافية في كازاخستان، أن الشعب الكازاخي له دور في بناء ونهضة الحضارة الإسلامية، من خلال أبنائه الأفذاذ من أمثال، الفارابي، فيلسوف الإسلام، وأبو إبراهيم إسحاق الفارابي صاحب "ديوان الأدب"، والعلامة الجوهري صاحب "معجم الصحاح"، كما أن كازاخستان شكلت حاضنة أصيلة من حواضن العقل المسلم واللسان العربي. وأشار الدكتور الطيب الى أن الإسلام دينٌ يقوم على السلام والأخوة الإنسانية يستحيل أن يوصف بأنه دين قتل وتفجير، كما أن الحضارة الإسلامية قامت على أساس مثلث الوحي والعقل والأخلاق مبينًا أن مناهج الأزهر قامت منذ نشأته على الجمع بين علوم النص والعقل والذوق. كما أكد شيخ الأزهر أن الأخلاق هي أساس العبادات في الإسلام، بمعنى: أن العبادة في الإسلام لا تغني عن الأخلاق، مهما بالغ صاحبها في التقيد بقيودها والتشدد في أدائها، والعجيب في هذا الأمر هو أن عبادات المسلم -على اختلاف صورها وأشكالها- تصبح في مهب الريح إذا لم تستند على خلفية من فضائل الأخلاق العملية. وقال إن الحكم الخلقي في الإسلام حكم ثابت، لا يتحرك ولا يتطور ولا يتغير، وهكذا شأن المعايير والموازين، حتى في الأمور المادية والشؤون الحسية، لأن الغش والتدليس والكذب كلها رذائل مرهونة بزيف الموازين وتذبذب المعايير، وسواء كان الموزون شيئًا محسوسًا، أو معقولًا مجردًا، ويلزم ذلك أن تكون قواعد الأخلاق حاكمة لحركة الحضارة ومصححة لمسيرة التاريخ. كما أشار شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الى أن العملية التعليمية في علوم التراث، وإن كانت تعتمد على الشرح والتوضيح، إلا أنها تقوم على منهج الحوار وثقافة الرأي والرأي الآخر، واحترام اختلاف المذاهب في كل العلوم بلا استثناء؛ ما يرسخ في ذهن الطالب الأزهري منذ نعومة أظفاره شرعية الاختلاف، والتعامل مع الآراء المختلفة على قدم المساواة بحسبانها اجتهادات فهم النص، وليس من حق أي مذهب أو رأي أن يصادر المذاهب الأخرى ويقصيها ما دام له سند من الشرع أو حجته من العقل. وقال الدكتور أحمد الطيب إن تاريخ الأزهر الشريف كجامع للعبادة وجامعة للعلوم والمعارف يعود إلى سنة 972 ميلادية، أي منذ 1046 عامًا مضت من عمر الزمان.. وأن مناهجه التعليمية قد بنيت كلها داخل الإطار الذي أشرت إليه، وهي تدور على دراسة: علوم النص، وعلوم العقل، وعلوم الذوق، وهكذا كان المنهج التعليمي في الأزهر ترجمة صادقة أمينة لروح الإسلام ووسطيته وطبيعة تراثه: العقلي، والنقلي. وأشار الطيب الى أن الأزهر الشريف وهو يفتح أبوابه على مصاريعها لأبناء كازاخستان للدراسة في جنباته، إنما يراعي هذا التاريخ وهذه السابقة ويحرص كل الحرص على تواصلها واستمرارها..مشيدا بالنهضة العلمية والاقتصادية في كازاخستان. ويأتي تقلد الإمام الأكبر، شيخ الأزهر الشريف، الدكتوراه الفخرية من جامعة "أوراسيا الوطنية"، أكبر جامعات كازاخستان، وذلك في احتفال رسمي تقيمه الجامعة، تقديرًا لدور الأزهر الشريف، المؤسسة الدينية الأكبر في العالم الإسلامي، في نشر تعاليم الإسلام السمحة، ولجهود فضيلته في تعزيز قيم السلام والتعايش، وقيادته للعديد من مبادرات الحوار والتعاون بين المؤسسات والقيادات الدينية عبر العالم. كما تعكس جامعة "أوراسيا الوطنية"، التي تأسست في عام 1996، التنوع الثقافي والثراء الحضاري لجمهورية كازاخستان التي شكلت عبر التاريخ معبرًا للتواصل ما بين قاراتي آسيا وأوروبا، حيث تمتلك الجامعة شبكة واسعة من اتفاقيات الشراكة والتعاون مع المؤسسات التعليمية والأكاديمية عبر العالم، فضلًا عن عضويتها في العديد من التجمعات والروابط الأكاديمية في آسيا وأوروبا. وتضم الجامعة 13 كلية، يدرس بها أكثر من 20 ألف طالب، وتتنوع لغات الدراسة فيها ما بين الكازاخية والروسية والإنجليزية، كما تجمع "أوراسيا الوطنية" ما بين دراسة العلوم الاجتماعية والثقافية من جهة والعلوم الطبية والهندسية والتكنولوجية من جهة أخرى، وقد تمكنت الجامعة في عام 2012 من الدخول ضمن قائمة أفضل 400 جامعة في العالم، وفقًا للتصنيف العالمي "كيو إس". وكان شيخ الأزهر قد وصل مساء أمس إلى كازاخستان في زيارة عقد خلالها سلسلة من اللقاءات مع كبار المسئولين، وشملت لقاء الرئيس "نور سلطان نازارباييف"، رئيس جمهورية كازاخستان، وقاسم جومارت توقايف، رئيس مجلس الشيوخ، و دارخان كاليتايف، وزير التنمية المجتمعية. وكان شيخ الأزهر قد وصل مساء أمس الإثنين، إلى جمهورية كازاخستان، وذلك في مستهل جولة خارجية، يرافقه خلالها وفد يضم الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، والمستشار محمد عبد السلام، مستشار شيخ الأزهر، والسفير عبد الرحمن موسى، مستشار شؤون الوافدين في الأزهر ود.سلطان الرميثي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، ومصطفى عبد الجواد، المشرف على المركز الإعلامي بالأزهر الشريف.