توفير 330 فرصة عمل شاغرة بالقليوبية    هل تصر عليا الوفد على طرح الثقة في يمامة من رئاسة الحزب؟    وزير الإسكان يتفقد وحدات الإسكان الأخضر ب"سكن لكل المصريين" ومشروع "ديارنا"    وزير الإسكان يعقد اجتماعا بمقر جهاز "مدينة السادات" لمتابعة سير العمل بمختلف القطاعات بالمدينة    رئيس مصلحة الجمارك: تعزيز التكامل الاقتصادي وتسهيل التجارة البينية.. بتوحيد الإجراءات الجمركية وتبادل الخبرات والمعلومات بين الدول العربية    صحة غزة: ارتفاع عدد الشهداء إلى 57.523 والمصابين لأكثر من 136 ألفًا    استشهاد 67 طفلا في غزة بسبب سوء التغذية    المبعوث الأمريكي لسوريا : لبنان أمام تهديد وجودي.. وقد يعود ل«بلاد الشام»    المفتي ينعى الدكتور رفعت العوضي: أحد أبرز القامات المتميزة بالاقتصاد الإسلامي    الجيش اللبناني: توقيف 109 سوريين داخل الأراضي اللبنانية لعدم حيازتهم أوراقًا قانونية    الزمالك يدرس منع التعامل مع بتروجت    الداخلية تضبط المتهمين في مشاجرة ب«الشوم» بالقليوبية| فيديو    السيطرة على حريق بمصنع تدوير قمامة في الفيوم دون إصابات    الأرصاد: أجواء شديدة الحرارة والعظمي بالقاهرة الكبرى 35 درجة    خلال ساعات، نتيجة الدبلومات الفنية 2025 بالاسم ورقم الجلوس    ضبط 5444 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    "أثر في طابع".. فعالية فنية تربط بين التراث والبريد في المتحف القومي للحضارة    كريم عبد العزيز يتصدر المركز الثاني في شباك التذاكر بفيلم "المشروع X"    حسين الجسمي يطلق ألبوم 2025.. أغنيتان جديدتان كل أسبوع طوال الصيف    طريقة عمل كفتة الفراخ وجبة سريعة ومغذية وغير مكلفة    "لن يخسروا بسبب يوم واحد".. تيباس يرد على مطالب ريال مدريد بتأجيل مباراة أوساسونا    حبس خفير لاتهامه بقتل زوجته ودفنها بمزرعة في الشرقية    طلب إحاطة لوزير العمل بشأن تفاقم أزمة عمالة الأطفال    مجزرة جديدة في رفح الفلسطينية وتحليق مكثف للطائرات الإسرائيلية    مصر تتوج بذهبيتين بمنافسات تحت 19 سنة ببطولة العالم للخماسي الحديث    مع اقتراب رحيله بشكل نهائي.. ماذا قدم أحمد عبد القادر مع الأهلي؟    الصحة: خبير مصري عالمي يجري 6 جراحات دقيقة بمستشفى عيون دمنهور    لليوم الثاني.. استمرار تلقي الطعون على الكشوف المبدئية لمرشحي مجلس الشيوخ بالمنيا    وزيرة التنمية المحلية توجه بمشاركة صاحبات الحرف اليدوية في المعارض الدائمة    الأهلي يبحث ترضية وسام أبو علي لإغلاق ملف الرحيل في الصيف    محافظ أسوان يتابع إزالة التعديات على أراضى الدولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجه ال 26    وزيرة البيئة تستقبل سفيرة المكسيك بمصر لبحث سبل التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في مواجهة التحديات البيئية    "متحف ركن فاروق" في حلوان بخير.. لا صحة لادعاءات الحريق | صور    منى الشاذلي ترد بحرفية على أزمة مها الصغير .. ورضوى الشربيني تدعمها    وزير قطاع الأعمال يترأس الجمعية العامة ل"القابضة الكيماوية" لاعتماد الموازنة    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    هيئة الرعاية الصحية تعن أبرز انجازاتها في مجال التدريب وتنمية الموارد البشرية    فوائد وأضرار شرب المياه بعد الوجبات مباشرةً    تبدأ من 15 جنيهًا.. أسعار المانجو اليوم السبت 12 يوليو 2025 في سوق العبور    القبض على لص الدراجات النارية بحي غرب سوهاج    غدا.. «من القلب إلى القلب: الأم حارسة تراث أغاني الأطفال» مائدة مستديرة بالمجلس الأعلى للثقافة    اليوم.. بدء محاكمة المتهمين بقتل طالب «المعهد التكنولوجي» في العاشر من رمضان    يورجن كلوب: لا أستطيع تجاوز صدمة وفاة جوتا    ريال مدريد يدعم مركز الظهير ويتعاقد مع كاريراس    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 التجارة والزراعة والتمريض والصنايع والسياحة فور ظهوره (رابط)    صحة الشرقية تعلن تنفيذ حملة للتبرع بالدم    رئيس جامعة الأزهر: دعاء "ربنا آتنا في الدنيا حسنة" من كنوز الدعاء النبوي.. وبلاغته تحمل أسرارًا عظيمة    ريال مدريد يهنئ فينيسيوس جونيور بعيد ميلاده ال25    قُتِل 260 شخصًا.. تقرير أولي يكشف ملابسات تحطم الطائرة الهندية    محمد فؤاد يشعل افتتاح المسرح الرومانى بباقة من أجمل أغانيه    آمال رمزي: "اتجوزت نور الشريف بعد ما خطفته من نجلاء فتحي.. وسعاد حسني كانت متجوزة عبد الحليم"    دار الإفتاء توضح مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه أولادهم فيما يتعلق بالعبادات    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    أحمد سليمان يتحدث عن.. الدعم الجماهيري.. وشرط استمرار فيريرا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبث إدارة ترامب بالعالم وبالشرق الأوسط
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 09 - 2018

خرجت إدارة ترامب على الكثير من القواعد التى قبلتها إدارات أمريكية سابقة، ليس بالضرورة إيمانا منها بحكم القانون فى العلاقات الدولية، ولكن لأن هذه القواعد تحقق مصلحة مؤكدة للولايات المتحدة، من هذه القواعد التى خرجت عنها اتفاقية الشراكة بين دول المحيط الهادى، كما هددت بالخروج من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، وأدانت مبدأ حرية التجارة الذى هو أساس قيام منظمة التجارة العالمية، وشجبت القواعد المنظمة لعمل حلف الأطلنطى، وأطلقت التهديدات ضد المحكمة الجنائية الدولية، بل وهاجمت فكرة التنظيم الدولى المعاصر الذى كانت الولايات المتحدة من بين مؤسسييه. وانسحبت من الاتفاق الخاص بالبرنامج النووى الإيرانى. وقد أحدث ذلك اضطرابا واسعا فى النظام العالمى عموما وفى علاقة الولايات المتحدة بأطرافه الكبرى، فلم يعد من الواضح كيف تتعامل هذه الدول الأخرى مع الأوضاع الناجمة عن عدم التزام الولايات المتحدة بقواعد العمل فى النظام العالمى، وخصوصا أن الولايات المتحدة فى ظل إدارة ترامب لا توضح ما هى القواعد البديلة والتى يمكن أن تلقى موافقة من جميع أطرافها. وهكذا بدلا من أن تكون الولايات المتحدة راعية وضامنة للنظام الدولى الذى شاركت فى تأسيسه وتطويره منذ السنوات الأخيرة للحرب العالمية الثانية، فهى تسعى فى ظل إدارة ترامب إلى تقويضه دون أن تطرح بديلا له. ولذلك أصبحت الفوضى هى السمة المميزة للعلاقات الدولية وللأوضاع العالمية، فى علاقات الولايات المتحدة بجارتيها فى منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، وفى التجارة الدولية وخصوصا مع الصين، وفى علاقات الولايات المتحدة بحلفائها فى الناتو وشركائها التجاريين فى الاتحاد الأوروبى، وفى البحث عن حماية العالم من ظواهر تغير المناخ، بل وامتدت الفوضى حتى إلى قواعد البروتوكول التى يحتقرها الرئيس الأمريكى.
انعكاس الفوضى فى الشرق الأوسط
هذه السياسة الأحادية التى لا تأخذ فى الاعتبار سوى مصالح الولايات المتحدة فى الأجل القصير كما يراها دونالد ترامب تجد أقوى وأوضح انعكاساتها فى الشرق الأوسط. خالف ترامب المواقف التى التزم بها سابقوه من سكان البيت الأبيض، وهو ما كان يتيح لدول هذا الإقليم أن تعرف على الأقل ما ستفعله الولايات المتحدة وتحدد بناء على ذلك مواقفها، وهذه المواقف الجديدة لم توفر حلا لأى من قضايا الشرق الأوسط بل ساهمت فى زيادة درجة الفوضى فى أوضاعه. وتصاعد التوتر بين دوله وشعوبه، وابتعاد آفاق التسوية السلمية لكثير من قضاياه. يضرب هذا المقال ثلاث أمثلة على الجديد الذى جاء به ترامب خلافا لسابقيه. وزاد من تعقيد قضايا المنطقة ولصالح الأطراف غير العربية فيها وخصوصا إسرائيل، وذلك دون إنكار دور أطراف أخرى إقليمية ودولية فى إثارة الفوضى فى الإقليم وبمشاركة أطراف عربية فى أحيان كثيرة.
أول هذه الأمثلة هو إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران، والمعروف بخطة العمل المشتركة والشاملة فى 14 يوليو 2015 وهو الاتفاق الذى كانت إيران قد أبرمته مع الولايات المتحدة والدول الأربع الأخرى الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن وألمانيا والاتحاد الأوروبى، وهو الإطار الوحيد الواقعى لوقف إمكانية تحول جهود إيران فى مجال أبحاث الطاقة النووية إلى المجال العسكرى، وذلك بتخفيض عدد وحدات الطرد المركزى الضرورية لتخصيب اليورانيوم، وبإلزام إيران بألا يتجاوز تخصيبها لليورانيوم حدا متواضعا للغاية لا يمكنها من إنتاج سلاح نووى، وتخليها عن معظم ما تمتلكه من يورانيوم وتحويل أحد مفاعلاتها النووية من استخدام الماء الثقيل إلى البحث والتدريب فى مجال الاستخدام السلمى للطاقة النووية، وإخضاع منشآتها النووية للتفتيش من جانب المتخصصين فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. انسحبت الولايات المتحدة فى ظل إدارة ترامب من هذا الاتفاق، وطرحت على إيران شروطا تتجاوز نشاطها النووى مثل برنامجها لتطوير الصواريخ بعيدة المدى وتدخلها فى شئون دول أخرى فى الشرق الأوسط. قد تكون بعض هذه الشروط الجديدة مشروعة لأنها تثير قلق جيران إيران العرب، ولكن إدارة ترامب تتجاهل أن البرنامج الإيرانى بعد الاتفاق الذى وقعته إيران فى سنة 2015 هو برنامج سلمى، وأن هناك دولة أخرى فى الشرق الأوسط تمتلك بالفعل السلاح النووى والصواريخ بعيدة المدى وهى إسرائيل، وأنه بدلا من أن يسعى الرئيس الأمريكى لاجتذاب الحكومة الإيرانية لقبول موقفه من خلال الحوار، فإنه هدد إيران بفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية المتدرجة، وبفرض هذه العقوبات على الدول الأخرى التى يمكن أن تتعامل مع إيران اقتصاديا، وليس من المحتمل فى ظل هذا التهديد أن تستسلم إيران لمطالبه، فالرئيس الأمريكى يغفل أن العقوبات الاقتصادية نادرا ما تؤدى بالدول إلى تغيير مواقفها عندما يتعلق الأمر بما تعتبره هذه الدول مساسا بسيادتها أو بأمنها الوطنى. لم يفلح الحصار الاقتصادى فى سنوات سابقة فى حالات مصر والصين وكوبا أو حتى عراق صدام حسين فى النزول على رغبات الدول التى فرضت الحصار.. العقوبات الاقتصادية تشحذ الحس الوطنى لدى المواطنين، وتضفى قدرا من الشرعية على النظم الحاكمة فى الدول التى تتعرض لها، إذ تقدم نفسها لشعوبها باعتبارها المدافع عن السيادة الوطنية والحريص على الوطن الذى لا يقبل أن يتخلى عن حقه فى القرار المستقل تحت ضغط العقوبات الاقتصادية التى يفرضها أعداؤه. كما أن البلد الخاضع لهذه العقوبات يمكن أن يجد أطرافا أخرى مستعدة للتعامل الاقتصادى معه مخاطرة بإثارة غضب الدولة التى تفرض هذه العقوبات. وهو الموقف الذى تتبناه دول الاتحاد الأوروبى والصين وروسيا فى علاقاتها بإيران. وهكذا فمن المستبعد أن تنجح الإدارة الأمريكية فى حمل إيران على القبول بمطالبها ودون أن تقدم بديلا واقعيا لما ترفضه فى الاتفاق النووى مع إيران. وكل ما أنتجه الموقف الأمريكى حتى الآن هو زيادة التوتر ليس فقط بين إيران والولايات المتحدة بل وبين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وكل من الصين وروسيا. كما شككت فى قيمة قاعدة مستقرة فى العلاقات الدولية وهى التزام الدول بما توقعه وتصدق عليه من معاهدات بصرف النظر عن تغير حكوماتها.
***
المثال الثانى على الفوضى التى تثيرها إدارة ترامب فى الشرق الأوسط هو موقفها الجديد من القضية الفلسطينية، وعلى العكس من مواقف ثابتة للإدارات الأمريكية السابقة. التزمت الإدارات الأمريكية السابقة بمرجعية أوسلو كأساس لحل القضية الفلسطينية، ومنها أن قضية القدس تجد تسويتها من خلال المفاوضات، ولم تجرؤ أى منها على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس رغم أن الرؤساء الأمريكيين كانوا قد وعدوا بذلك أثناء حملاتهم الانتخابية، وحافظت كلها على التواصل مع منظمة التحرير باعتبارها الممثل للشعب الفلسطينى وقبلت بوجود مكتب للمنظمة فى واشنطن، كما واصلت دعمها لمنظمة الأونروا التى تقدم المساعدة للشعب الفلسطينى، ولكن إدارة ترامب خرجت على كل هذه المواقف، فاعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت سفارتها لها، وتجاهلت أن إسرائيل تعتبر القدس كلها بشقيها العربى والغربى هى مدينة موحدة، ومن ثم فإن تفسير إسرائيل لهذا القرار الأمريكى هو أنه اعتراف بسيادتها على كل القدس بما فى ذلك شقها العربى، وطالبت بإغلاق مكتب منظمة التحرير فى واشنطن وأوقفت مساهمتها فى ميزانية الأونروا. كل ذلك دون أن تطرح رؤية واضحة لكيفية حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى. صحيح أن الرئيس الأمريكى أعلن أنه يمكن أن تكون التسوية المقترحة هى على أساس حل الدولتين، ولكن كيف للفلسطينيين أن يصدقوه وكل ما اتخذته إدارته من إجراءات يشهد على تحيزه الكامل نحو إسرائيل، بل واستباقه للتسوية بتكريس أوضاع جديدة تمثل قبولا بما تطالب به إسرائيل. بل إنه بعد إعلانه قبوله لفكرة حل الدولتين خرج مبعوثوه للشرق الأوسط يؤكدون أن فكرة الدولة الفلسطينية لها تعريفات متعددة، وأنه لا يمكن للإدارة الأمريكية أن تتجاهل أمن إسرائيل فى أى تسوية مقبلة، وطبعا أمن إسرائيل كما يحدده الإسرائيليون أنفسهم، وهو ما يعنى من وجهة نظرهم استمرار سيطرتهم على كل وادى نهر الأردن وحدود الضفة الغربية والإبقاء على المستوطنات، وطبعا استمرار القدس العربية تحت الإدارة الإسرائيلية.
ولكن لماذا خرجت من فم الرئيس الأمريكى الأسبوع الماضى فكرة قبول حل الدولتين، المرجح أن هذا التنازل اللفظى هو فى نظره كاف لكى يقبل القادة العرب فى الخليج والأردن ومصر الدخول فيما يدعو إليه من حلف عسكرى عربى تؤيده الولايات المتحدة ويقف أمام امتداد النفوذ الإيرانى فى المنطقة. ولم يقتصر الأمر على تلويح الرئيس الأمريكى بهذا المشروع فى مؤتمره الصحفى مساء الأربعاء الماضى، ولكن بحث مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكى هذا المشروع فى الاجتماع الذى عقده مساء الجمعة مع وزراء خارجية الدول العربية المدعوة للمشاركة فى هذا الحلف، ولم يصرح أى منهم برفضه لهذه الفكرة. وقد نفت المصادر الأمريكية أن تكون إسرائيل من بين الدول التى ستشارك فى هذا الحلف. وإن كان رئيس الوزراء الإسرائيلى قد أشاد فى خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة بالعلاقات الحميمة التى أصبحت تربطه بالقادة العرب الذين يتبنون مثل إسرائيل مواقف مناوئة للنفوذ الإيرانى فى الشرق الأوسط. هذا الحلف الذى تدعو له الولايات المتحدة والتى يبدو أن الأطراف العربية المدعوة للانضمام إليه لا تعترض عليه سوف يكون عاملا جديدا فى زيادة التوتر بل والفوضى فى الشرق الأوسط، فهو ترجمة لدعوات غربية بحشد السنة العرب فى مواجهة إيران الشيعية، وهو ما ستستخدمه إيران بكل تأكيد لتأليب الشيعة العرب ضد حكوماتهم. كما أنه يقوم على تفسير مغلوط لما يهدد الأمن العربى، فهو يتجاهل أن إسرائيل تشكل خطرا حالا على أمن الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين باحتلالها أراضيهم وبغاراتها العسكرية المتكررة على بلدانهم، بل وبدعمها للمنظمات الإرهابية التى هددت بالفعل أمنهم ليس فى هذه البلاد وحدها ولكن على امتداد الوطن العربى، وهو أيضا سوف يدفع للعرب للدخول فى مواجهات مسلحة مع إيران يسيل فيها الدم العربى والإيرانى، بينما تقف كل من إسرائيل والولايات المتحدة متفرجتين. كما أنه حتى بالنسبة للأطراف الخليجية التى تريد إسقاط النظام الإيرانى بالقوة محدود الفاعلية، فليس هناك ما يشير إلى أن الولايات المتحدة أو إسرائيل مستعدتان لخوض حرب مع إيران خدمة للحكام العرب الذين يرتبطون بعلاقات حميمة مع رئيس وزراء إسرائيل. وأخيرا ولا أقلل إطلاقا من قدرات الدول العربية المدعوة للدخول فى هذا التحالف، ولكن الأرجح أنه فى حالة مواجهة عسكرية بين هذه الدول وإيران، فلن تكون هذه المواجهة نزهة قصيرة لقوات هذه الدول. أوضاع كل من اليمن وسوريا حافلة بالدلالات فى هذا الشأن.
وهكذا فكما هو الحال على صعيد النظام العالمى، أفكار الرئيس الأمريكى هى عبث بمقدرات الشعوب، ومقدمة لفوضى لا يمكن أن تكون خلاقة لا فى الشرق الأوسط، ولا فى غيره من أقاليم عالم مضطرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.