قال داوود عبد السيد، إننا نعيش في مرحلة مخاض، للحاق بالحداثة والعصر، نحاول أن نكون في القرن الواحد والعشرين، بينما لدينا أشياء من الماضي، مشيرا إلى أنه ينتمي إلى جيل مهموم بالهم العام، وهذا يجعل لديه وجهة نظر في الحياة بشكل عام، في المواطنة والفساد والديمقراطية والغناء والفقر. وأوضح، خلال الندوة التي أقيمت له على هامش مهرجان الجونة السينمائي، أنه لا يحب تقديم الفن السياسي، الذي يعتمد على المظاهرات والأحزاب، وإنما يحب تقديم رؤيته في الحياة. وأوضح عبد السيد، إنه منذ صغره ضد السلطة بكل أنواعها عندما تكون غاشمة، تأمر فقط، لكنه يكون معها إذا كان هناك حالة حوار وتفاهم مثل علاقات الحب، مشددا على أنه رغم ذلك لم يصطدم بالسلطة سينمائيا، لانه لا يدخل في القضايا التي تتصادم معها، ربما يكون هناك جزء يختلف مع الرقابة عليه، لكنها في النهاية تمرر أفلامه. وكشف عبد السيد، أن أكثر أفلامه التي واجهت أزمة مع الرقابة كان "مواطن ومخبر وحرامي"، لكنه تم تمريره بوجود رئيس رقابة مثقف مثل الراحل مدكور ثابت، أما فيلم سارق الفرح، فتم رفض السيناريو، لأنه كان مكتوب فيه "عشة فلان" على المنازل، وعندما تم تغييرها لكلمة منزل تم تمرير الفيلم. وأكد عبد السيد، أنه يعتبر فيلم "يوم الدين" أهم من كل الأفلام التجارية التي تحقق عشرات الملايين، ولكنه لا يعرف ماذا يمكن أن يحقق جماهيريا، ولكن هناك تجربة مهمة سابقة هي "أخضر يابس" لم تحقق شيئا، ولا يعرف أين المشكلة، هل هي في الجمهور أم في عدم الوصول لصيغة يمكن من خلالها المزج بين ما هو تجاري وما هو فني، لكن في كل الأحوال واجب السينمائيين هو تقديم شيء جاذب للجمهور، أما إنتاج الأفلام الجادة فهو يجب أن يكون بدعم الدولة، والتي يبدو أنها ليست مهتمة بذلك على الإطلاق. وكشف عبد السيد، أنه يحب السينما التي تصلح للمشاهدة أكثر من مرة مثل الموسيقى وقصائد الشعر، ويرفض تقديم الأفلام استهلاكية، التي تكون قائمة على معلومة اذا عرفتها ينتهى الفيلم. وخلال الندوة تذكر عبد السيد، تجربته مع الفنانة فاتن حمامة في "أرض الأحلام"، وهو الوحيد بين أفلامه الذي لم يكتب السيناريو الخاص به، موضحا أن خصوصية هذه التجربة كانت في أن فاتن حمامة بطلة الفيلم، مؤكدا أنه لم يكن مستعدا لضياع هذه الفرصة، لأن "حمامة" جزء مهم من تاريخ السينما المصرية، ورغم قناعته أن العمل مع "فاتن" لن يكون مجانيا، فبحث عن حل وسط، بين سينما النجم وسينما المؤلف، وتمثل في الاستعانة بهاني فوزي ليكتب الفيلم، في أولى تجاربه على الإطلاق، واضطر لإعادة السيناريو 5 مرات. وكشف عبد السيد خلال الندوة، أن هذا الفيلم لم يعجب فاتن حمامة لكنه لم يسألها عن السبب، لأنها كانت بالفع قد قررت عدم التعاون معه مرة أخرى، وهو أيضا اتخذ نفس القرار. وشدد عبد السيد، على أنه ليس ضد السينما التجارية، لأن من يفعل ذلك يكون ضد الصناعة بشكل عام، ولكنه في نفس الوقت مع تطويرها، ورفع مستواها. وعن سبب قلة أعماله وعدم خوضه تجارب في الدراما التلفزيونية، قال عبد السيد، إنه لا يرى نفسه محترفا، وإنما "يدوب بفك الخط" حسب تعبيره، مؤكدا أن إنتاجه متوقف عند 9 أفلام، لأنه ليس ماكينة "تطلع قماش"، كما أن هناك عوامل أخرى تؤخر إنتاج أفلامه، كما حدث في "رسائل البحر" الذي أنتج بعد 9 سنوات، و"الكيت كات" الذي أنتج بعد 5 سنوات.