يعد نقص المياه، والتراجع المتوقع فى حصة مصر من مياه النيل، إضافة إلى زيادة نسبة المبيدات فى الزراعة المصرية من أهم التحديات التى يمكن أن تواجه النمو المأمول لصادرات السلع الزراعية المصرية الفترة المقبلة. قال على عيسى، الرئيس السابق لمجلس الصادرات الزراعية، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن أبرز المشكلات والتحديات التى تواجه التصدير أمام المنتجات المصرية، هى مشكلة متبقيات المبيدات حيث تفرض الدول نسبة معينة من المبيدات لا يمكن تجاوزها، خاصة بالمنطقة العربية، وعلى الرغم من وجود شهادة مع المنتجات المصرية بما تحتوى من نسب المبيدات إلا أنه يتم حجز الشحنة وأخذ عينات منها وفحصها مرة أخرى، لافتا إلى أن الحكومة تعمل على حل هذا المشكلات والحد من تأثريها على الصادرات الزراعية. المياه المشكلة الأكبر أمام الصادرات المصرية من جانبه قال نادر نور الدين، أستاذ الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إن 80 85% من الموارد المائية الكلية توجه للقطاع الزراعى، وهو أكثر القطاعات استهلاكا للمياه وأقلها فى المساهمة بالاقتصاد المصرى، لافتا إلى أن القطاع الصناعى مثلا يستهلك 2 4 مليارات متر مكعب من المياه ويساهم بنسبة 20% فى الاقتصاد، بينما القطاع الزراعى يساهم ب11.9% فى الاقتصاد على الرغم من أنه اكثر القطاعات استهلاكا للمياه. وأضاف نور أن الفترة القادمة ستشهد تراجعا بين 12 20% فى إنتاج الغذاء بسبب تراجع كميات المياه فى ظل ارتفاع درجات الحرارة، لافتا إلى أن تخزين اثيوبيا للمياه خلف سد النهضة، سيتسبب فى نقص الموارد المائية لمدة 4 سنوات، لذلك توجهت مصر إلى تقليص مساحة الأرز المزروعة لكى تواجه النقص فى المياه وقررت استيراده. ودخل الأرز ضمن المحاصيل التى يتم استيرادها من الخارج مع إعلان الحكومة فى يوليو الماضى فتح باب الاستيراد؛ لسد العجز المتوقع لهذه السلعة الاستراتيجية، بعد قرار تقليص المساحات المنزرعة منه؛ للحد من استهلاك المياه. وقررت وزاة الرى فى فبراير الماضى، خفض مساحة الأرز المزروعة من مليون و100 ألف فدان إلى 724 ألفا و200 فدان فقط، من أجل ترشيد استهلاك المياه، على خلفية الخطر من انخفاض حصة المياه التى تحصل عليها مصر بعد بناء سد النهضة الإثيوبى. وأكد نور أن مصر تدرس حاليا كيفية تقليل زراعة قصب السكر والموز والمحاصيل التى تستهلك كمية كبيرة من المياه. ويعتبر نهر النيل هو المورد الرئيسى للمياه حيث تبلغ حصة مصر منه 55,5 مليار متر مكعب، تمثل 72.6% من جملة الموارد المائية المتجددة عام 2014 2015 بينما تقدر مياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية، وكذلك مياه الصرف الزراعى والصحى التى تم تدويرها ومياه البحر المعالجة بنحو 20.9 مليار متر مكعب مقابل 20.5 مليار متر مكعب عام 2013 2014 بزيادة 2%، وفقا لبيان الجهاز المركزى للإحصاء. وقالت الحكومة المصرية فى وقت سابق، إنه لا يمكن تقييم أثر سد النهضة الإثيوبى على مصر، لكن انخفاض تدفقات المياه نتيجة تخزينها خلف السد، قد يؤثر سلبا على الزراعة والصناعة فى مصر. وأضافت الحكومة، فى نشرة الطرح الخاصة بالسندات الدولارية، المقرر طرحها ببورصة لوكسبمورج، أنه فى السنوات القادمة، قد تنخفض المياه المتدفقة لمصر، بسبب سد النهضة، فضلا عن التأثير على قدرة الطاقة الكهربائية المولدة من السد العالى بأسوان، نتيجة قلة المياه خلف السد بعد زيادة منسوب المياه المخزنة فى إثيوبيا. وتخشى مصر من أن بناء سد النهضة وما يتبعه من خطوة تخزين للمياه، سيؤديان إلى تدمير مساحات من الأراضى الزراعية لديها، فضلا عن عدم توفير مياه شرب كافية لسكانها الذين يتجاوز عددهم 100 مليون نسمة، ويعانون بالفعل نقصا فى الموارد المائية. كيفية التغلب على نقص المياه قال الدكتور علاء خليل، مدير معهد المحاصيل الزراعية التابع لوزارة الزراعة، نعمل حاليا على تحسين الاصناف لزيادة الانتاج وزراعة المحاصيل قليلة العمر حتى نوفر زمن الدورة فى استهلاك المياه، وفى الوقت نفسه لا يتأثر المحصول ويتضرر من تقليص الزمن. جاء ذلك بعد صدور قرار الدكتور عبدالمنعم البنا وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، فى يناير الماضى يحدد 53 صنفا من تقاوى أصناف بعض المحاصيل الاستراتيجية الموفرة للمياه والتى تتأقلم مع الظروف البيئية والمناخية المتباينة، بحيث يتم التركيز على إكثارها خلال الفترة المقبلة. ويشمل القرار 7 أصناف من محصول الأرز، و11 صنفا من محصول الذرة البيضاء، و12 صنفا من محصول الذرة الصفراء، و15 صنفا من محصول القمح، و8 أصناف من محصول الفول البلدى. لتقليل استهلاك المياه المستخدمة فى الرى، فى ظل ظروف الندرة المائية فى الوقت الراهن، مشيرا إلى أن تلك الأصناف تعطى إنتاجية عالية، ومقاومة للأمراض، وتتأقلم مع الظروف المائية والمناخية المختلفة، كذلك قصيرة العمر فى التربة. وأضاف خليل، أن خلال الفترة الماضية لم يتم ايقاف انتاج أى محاصيل زراعية، ولكن قمنا بايقاف المحاصيل الاكثر استهلاكا للمياه وانتاج محاصيل اخرى موفرة للمياه من خلال برنامج «التربية والتحسين». واوضح خليل، ان الارز والقمح والذرة هم من اهم المحاصيل التى تستهلك مياه، ولذلك قمنا بإنتاج اصناف منهم تستهلك دورتها الزراعية ايام اقل مما يوفر كمية المياة المستخدة فى الزراعة وبنفس حجم الانتاج. وقال خليل إن الارز سابقا كانت يستهلك رى ما بين 150 160 يوما، ومن خلال برنامج تحسين المحاصيل الزراعية الموفرة للمياه، تم تقليص الوقت ليصل إلى 120 130 يوما، وقمنا بتوفير ما يقرب من دورتين رى. واضاف خليل كذلك فى محصول القمح تم ادخال تكنولوجية جديدة ويتم توفير نحو 25% من الرى من خلال الزراعة على المصاطب، وتم خفض من 155 يوما لتصبح 140 يوما، ووفرنا ما يقرب من 400 متر مكعب مياه. يذكر أن الزراعة على مصاطب تتميز بكفاءة عالية فى الحصول على محصول عالى ولها فوائد كبيرة ومنها، توفير معدل التقاوى المستخدمة فى زراعة القمح من 25 40% من الكمية الموصى بها، وتوفير مياه الرى بنحو 25% أو أكثر من كمية المياه المستخدمة فى حالة الزراعة العادية، وفقا لبيانات قطاع الارشاد الزراعى. وكذلك فى محصول الذرة تم خفض الوقت من 120 يوما إلى 105 أيام، بتوفير ما يقرب من 500 متر مكعب. وأشار خليل إلى أن حصة مصر من المياة تبلغ 55.5 مليار مكعب من المياه عندما كان يبلغ عدد السكان 40 مليون نسمة، والتى ما زالت هى حصتنا حتى الآن فى حين أن عدد السكان تجاوز 100 مليون نسمة.