البيتكوين يواصل الارتفاع الطفيف متجاوزًا حاجز 103 آلاف دولار    ترامب يعلن التوصل لاتفاق بين الهند وباكستان يقضي بوقف إطلاق النار    محمد صلاح يكشف حقيقة خلافه مع ساديو ماني    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    قرار تأديب القضاة بالسير في إجراءات المحاكمة لا يعتبر اتهام أو إحالة    بريطانيا.. فوز «الإصلاح» تغيير فى المشهد السياسى    وزير الخارجية والهجرة يترأس الاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    صراع ثلاثي بين عاشور ومنسي وفيصل على لقب هداف الدوري المصري    ضبط سائق أطلق أعيرة "رش" على كلاب ضالة في مصر الجديدة    38 درجة فى الظل.. الأرصاد تحذر المواطنين من الوقوف تحت أشعة الشمس    تأجيل محاكمة متهمي خلية "ولاية داعش الدلتا" ل 24 يونيو    تفعيل المسرح المتنقل والقوافل للوصول بالخدمات الثقافية لقرى شمال سيناء    وصول جثمان زوجة محمد مصطفى شردى لمسجد الشرطة    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة تحكيم دورته 2    مديرية أمن القاهرة تنظم حملة تبرع بالدم بمشاركة عدد من رجال الشرطة    لجنة الصحة بالبرلمان: موازنة الصحة الجديدة هى الأكبر فى تاريخ مصر    بيتر وجيه مساعدا لوزير الصحة لشئون الطب العلاجى    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    الحكومة المكسيكية تعلن أنها ستقاضي "جوجل" بسبب تغيير اسمها إلى خليج المكسيك    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    وفود دولية رفيعة المستوى منها عدد من وفود منظمة (D-8) تزور متحف الحضارة    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    العربى للعدل والمساواة يقترح رفع القيمة الإيجارية فى قانون الإيجار القديم    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني بالأقصر    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    أنغام تحيي حفلاً غنائيًا فى عمان وسط حضور جمهور كثيف وتقدم أكثر من 25 أغنية    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    الدستورية تلزم الشركات السياحية بزيادة رؤوس أموالها خلال مدة محددة    جنايات المنصورة...تأجيل قضية مذبحة المعصرة لجلسة 14 مايو    هيئة التأمين الصحي الشامل توقع اتفاقًا مع جامعة قناة السويس    أنشأ محطة بث تليفزيوني.. سقوط عصابة القنوات المشفرة في المنوفية    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    حريق هائل في 5 منازل ببني سويف    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة داخل الصندوق
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 10 - 2009

فى زيارة قصيرة لبيروت الجميلة، الجميلة بأهلها وطقسها وآثارها أمضيت 3 أيام أبحث عن شىء ما لا أعرف ما هو.. فيه حاجة ناقصة مش عارفة هى إيه.. شىء تعودت على رؤيته كل يوم ترك اختفاؤه داخلى شعورا بالفراغ..
انتهت الزيارة ورجعت إلى أرض الوطن بسلام وفور الخروج من منطقة المطار رأيتها.. مأدبة عامرة بما لذ وطاب.. صندوق زبالة، الزبالة التى تحيط به كالعادة أضعاف تلك الموجودة بداخله، مجموعة من أطفال مصر الأبرياء يقلبون فيها ويتسابقون ليظفروا بقطعة من الكارتون أو قطع من الزجاج ويشاركهم فى البحث مجموعة من القطط الضالة تعيش فى حالة وئام وسلام مع عائلة من الفئران ويرفع الجميع شعارات دع الخلق للخالق، عيش وسيبنى أعيش، دعه يعمل دعه يمر، واكتشفت أننى طوال رحلتى فى لبنان لم أشاهد هذا المشهد الحميم وتلك المشاعر الجياشة فى أى من شوارعها الشعبية أو الراقية، ويتساءل المصرى الحكيم: الناس دى بتودى زبالتها فين؟.. والقطط الغلبانة اللى بتاكل من الزبالة دى والكلاب والفيران وأطفال الشوارع يعيشوا إزاى؟.. الناس دى ما عندهاش قلب ولا رحمة؟.. وإزاى اقتصادهم واقف على رجليه من غير دعبسة العيال الصغيرين على ورق الكرتون والإزاز المكسر؟.. طب والعيال تلعب فى إيه؟.. مش نشاط ده يشغلهم عن الانحراف فى طريق الإجرام أو الانخراط فى صفوف الجماعات الإرهابية؟
الناس دول مش عارفين مصلحتهم على فكرة.. اتنكدت جدا بصراحة وملأنى الخوف على مستقبل لبنان.. لكن خوفى على مستقبل لبنان لا يعادل أبدا خوفى على مستقبل اليابان.. فى برنامجه الرائع «خواطر» على قناة ال«إم بى سى» عرض علينا المتميز أحمد الشقيرى طوال شهر رمضان مقارنات بين الحياة على كوكبنا والحياة على كوكب اليابان.. فى إحدى الحلقات بعنوان «يوم فى حياة زبالة» عرض البرنامج صور الأطفال فى المدارس وهم يتعلمون تنظيف فصولهم بأنفسهم (هنا تبقى قلة قيمة وأحيانا قلة أدب كمان).. صور عامل النظافة الذى يقبض ما يعادل 8000 دولار فى نهاية كل شهر (أيون.. 40 ألف جنيه فى الشهر يا دكتور).. وصور سيارات القمامة النظيفة اللامعة وهى تجمع القمامة التى جمعها سكان إحدى العمارات فى أكياس بيضاء أنيقة تتابعها الكاميرا حتى تصل إلى مكان تجميعها ليكتشف مقدم البرنامج أنها قمامة بلا رائحة لأن السكان يفصلون المواد العضوية عن الصلبة ولا يلقون بأى سوائل فى أكياس القمامة وهو ما يمنع التعفن وظهور الروائح الكريهة (زبالة من غير ريحة.. الدنيا اتقلت بركتها يا جدعان)..
فى بلاد العالم المتحضرة ينظر السكان إلى القمامة كمصدر خطر.. شىء ضار بالصحة ويجب التخلص منه بطريقة صحيحة وآمنة.. وجميلة.. ما بيطيقوش يشوفوا صندوق زبالة مفتوح.. أو كيس مرمى فى إهمال تعبث به القطط.. ما بيطوحش واحد منهم الكيس على طول دراعه وكأنه فى إحدى مسابقات رمى القرص الأوليمبية ويرتاح طالما وقع بعيدا عن بيتهم وبعيدا عن صندوق الزبالة لأنه لو وقع جواره تبقى عيبة وأى عيبة (عيل هو هيسمع الكلام ويرمى الزبالة فى مكانها والا إيه؟)..ما بيكوموش الزبالة فى ميدان ولا فى جنينة ولا بيرموها قدام مكان للعبادة ولا فرن من أفران العيش.. مفيش جواهم الإحساس بلذة الانتقام اللى بيحس بيها البعض هنا لما يبوظلهم شكل الشارع.. شارع الحكومة.. أو شارع أصحاب المحال.. المهم إنه شارعهم همه إحنا يا دوب عايشين فيه..
ما حدش فيهم بيقول يا للا نفسى ولا حد بيقول هو أنا يعنى اللى هانضف البلد؟ ويفتح شباكه ويطوح كيس الزبالة فى الشارع قدام ابنه اللى أكيد طبعا هيقلده.. ما حدش فيهم بيعتبر النظافة رفاهية وفراغة عقل ولا هيعمل زى سواق التاكسى اللى خطف من إيدى كيس شيبسى فاضى ورماه من الشباك لما سمعنى باقول لصاحبتى إنى هاستنى لما ألاقى صندوق زبالة وأرميه فيه وما حدش فيهم هايقول زى ما قال السواق وهو بيزغرلى «توب علينا من الفرافير يا رب» ما بتعايشوش مع الزبالة ويشوفوها شىء عادى وطبيعى ومنطقى.. كوم زبالة فيها إيه يعنى؟..
عندك فكرة إنهم فى إيطاليا كانوا على وشك القيام بإضراب عام واشتبك السكان مع الشرطة لأن شركات جمع القمامة تأخرت عن القيام بعملها والسكان لم يتنازلوا عن موقفهم إلا بعد نزول الجيش بنفسه لجمع القمامة من الطرقات؟.. هناك ما استحملوش شكل الزبالة واحنا هنا بنركب التاكسى ونقول له نزلنى عند كوم الزبالة اللى بعد اللى جاى لو سمحت.. هناك يطبقون بالفعل مبدأ «النظافة من الإيمان» وهنا نداوم على احترام اتفاقنا الضمنى على أن نستمر فيما نفعله حتى ينتهى بنا الأمر جميعا للعيش داخل صندوق قمامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.