في المستقبل القريب ، سيكون هناك دور أكبر وأبرز وأشمل لوكلاء اللاعبين الذين أصبحوا يشكلون ركنا أساسيا من أركان اللعبة إلى جانب المدرب واللاعب والإداري ، ولهذا ، أفردت مجلة "وورلد سوكر" البريطانية في ملفها المطول عن مستقبل لعبة كرة القدم تقريرا خاصا عن وكلاء اللاعبين والدور الذي سيلعبونه في المستقبل. فقد وصف التقرير وكلاء اللاعبين بأنهم باتوا يشكلون أندية مستقلة بذاتها ، أو مؤسسات رياضية منفصلة ، وأشار إلى أن هذا النوع من الأعمال متوافر بكثرة في أمريكا الجنوبية ، فهناك أندية فعلية يديرها وكلاء أعمال لاعبين , وعلى الرغم من أن هذه الأندية تعاني من مشكلات مالية لا حصر لها , فإنها تنتج أهم بضاعة في عالم الكرة , ألا وهي "اللاعبين المتميزين" ، بهدف تصديرهم إلى الخارج ، أو على الأقل بيعهم إلى الداخل. لكن كيف بدأ تحكم الوكلاء في الأندية؟ كان الأمر المتعارف عليه هو أن يقوم الوكلاء بالبحث هنا وهناك بحثا عن الموهوبين في عالم الكرة في جميع أنحاء العالم , ثم تأتي بعد ذلك مرحلة إدارتهم لأعمال اللاعب وتحديد سعره في السوق للبدء في إجراءات بيعه , لكن كان عليهم تجاوز عقبة قواعد الاتحاد العالمي لكرة القدم "الفيفا" والتي تحتم أن يكون اللاعب "المكتشف حديثاً" منتمياً لناد ما قبل أن يتم بيعه , إلا أنه شرط لا يكون موجوداً في كثير من الحالات , إذا ما الحل؟ الحل كان بسيطا للغاية من وجهة نظر الوكلاء , فقد عمل هؤلاء الوكلاء بالمثل الذي يقول "الحاجة أم الاختراع" وقاموا بإنشاء أندية يديرونها بأنفسهم! لنأخذ مثلا حالة اللاعب البرازيلي "إينريك" والذي بدأ نجمه في الظهور مع فريق "كوريتيبا" والذي استطاع قيادته للعودة إلى أندية الدرجة الأولى , ثم انتقل إينريك إلى فريق "بالميراس" وترك هناك انطباعا بأنه لاعب ممتاز ، مما لفت إليه انتباه فريق برشلونة الإسباني الذي استطاع اقتناصه قبل أن يستولي عليه أي ناد آخر , ثم اعاره برشلونة إلى فريق باير ليفركوزن الألماني ، وأثار إعجاب الجميع به هناك. أين المشكلة إذن؟ المشكلة أن إينريك – 22 عاماً – ليس مسجلا لدى اتحاد الكرة البرازيلي كلاعب معار من "كوريتيبا" أو حتى "بالميراس" , لكن من ناد آخر تماما وهو نادي "ديبورتيفو" البرازيلي , وهو شئ لا يصدقه أحد لأن نادي "ديبورتيفو" ببساطة يلعب في الأدوار ال15و17 و20 من الدوري البرازيلي , وبالتالي فلا يمكن أن يكون إينريك منتميا لمثل هذا النادي. ونادي "ديبورتيفو" الذي تملكه شركة "ترافيك" – وهي شركة تسويق رياضية تمتلك حقوق البث الكامل للمباريات في البرازيل – تم تأسيسه في نوفمبر 2005. وفي عام 2008 كان "ديبورتيفو" يمتلك 86 لاعبا مسجلين لدى الاتحاد البرازيلي , وتمت إعارة 56 لاعبا منهم إلى عدة أندية في هولندا والسويد ، وكان إينريك من ضمن هؤلاء اللاعبين. أما شركة "أبيليتي سبورتس" فقد أسست فريق "فيلا ريو" في أبريل 2004 ، وهو ناد صغير لكن يملك العديد من اللاعبين الذين أعارهم لأندية كبرى في البرتغال وبوليفيا والصين وروسيا وكوريا الجنوبية. وتوجد شركات آخرى تمتلك أندية مثل "باو دو أكوكار" و"تومبنس" , وكل هذه الأندية تنتظر تغيير القوانين التشريعية التي تحكم موقفها في اتحادات الكرة بحكم أنهم أندية تعمل على تطوير المواهب الشابة. وفي البرازيل لا يمكن اعتبار اللاعب محترفا قبل أن يتم عامه السادس عشر - وهذا هو ما حدث في حالة التوأمين البرازيليين فابيو ورافائيل الذين يمتلكهما مانشستر يونايتد الإنجليزي , وعادة قبل أن يتم اللاعب هذا السن بالفعل تكون الأندية الأوروبية قد وضعت أعينها عليه واستعدت لاقتناصه. لكن يوجد حالياً جدل حاد حول اقتراح بمنح الناشيء الذي يتراوح عمره من 12و14 عاماً منحة رياضية , ثم يوقع عقد يسمى ب"عقد تطوير الناشئين" عندما يصل عمره إلى 14 عاماً ويستمر حتى يبلغ 16 عاماً , وإذا ما رغب أي ناد في الحصول على ذلك اللاعب فيتعين عليه دفع 200 ضعف ما تم دفعه في سبيل تطوير أداء الناشيء. وفي الوقت الحالي , لا تعترف الفيفا سوى بالعقود التي تكون مدتها 3 سنوات , وبالتالي يصبح من حق اللاعب أن يدير أعماله بدون الحاجة إلى وكيل في سن ال19 فقط , ولكن تتصاعد الضغوط على الفيفا لزيادة مدة العقد إلى خمس سنوات , أي إلى أن يصل اللاعب إلى سن 21 عاماً , بل هناك من يطالبون بتمكين اللاعب من إدارة شئونه عندما يصل عمره إلى 23 عاماً. لكن حتى لو تم تطبيق هذه الاقتراحات فإنها لن تكبح جماح الناشئين الراغبين في الانتقال لأوروبا بأسرع وقت ممكن , ويرى العاملون في مجال تمنية قدرات الناشئين الموهوبين أن الناشئين يفضلون اللعب لصالح أندية كبيرة مثل برشلونة وريال مدريد ومانشستر يونايتد والأرسنال على أن يلعبوا لصالح أندية محلية كبرى.