أكدت مصر أن القضية الفلسطينية تواجه تحديات جسيمة ومصيرية، في ظل حالة الجمود التي تشهدها عملية السلام منذ سنوات. وعبرت مصر عن قناعتها بأن السلام الحقيقي هو السلام العادل والشامل القائم على المرجعيات والثوابت والمبادئ والقرارات التي اتفق عليها الجميع من اجل تحقيق تسوية سلمية حقيقية تكفل حقوق وحريات جميع الأطراف. ونبهت مصر - في كلمة التي ألقتها نيفين جمال الدين نيابة عن وفد مصر المشارك في أعمال الدورة 100 لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطنيين بالدول العربية المضيفة بمقر الجامعة العربية - إلى أن الوضع الفلسطيني الحالي، هو نتاج استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتخاذل المجتمع الدولي في تطبيق قراراته، لافتة في هذا الصدد إلى الأوضاع الإنسانية المتدهورة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. واعتبرت أن ذلك هو حصيلة لوضع سياسي غير مقبول نتيجة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، سواء بالتضييق الاقتصادي على الفلسطنيين أو باستمرار الحصار أو بالاستغلال الجائر للموارد الطبيعية أو وضع عراقيل أمام حرية الحركة والتنقل، وهى الإجراءات التي حولت الإنسان الفلسطيني إلى سجين وأسير داخل وطنه، ووضعت الحق الفلسطيني في يد من يمتلك القوة ليتحكم فيه كيفما يشاء من دون أي تدخل من المجتمع الدولي لتصويب هذا الظلم التاريخي الممتد عبر عقود. ودعت مجددا الفلسطنيين إلى التمسك بمصالحهم الوطنية العليا والتمسك بخيار المصالحة، كخيار لا بديل عنه، محذرة من الأضرار البالغة على القضية القضية الفلسطينية، حال استمرار الانقسام الفلسطيني. كما أشارت إلى أهمية دعم وكالة "الأونروا" لضمان استمرار عملها والقيام بالمهام المعهودة إليها، محذرة من أن المساس بهذه المهام من شأنه دفع الأوضاع الإنسانية والسياسية إلى مزيد من التدهور، ليس فقط داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، بل كذلك داخل الدول المضيفة ما يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي على حد سواء. ومن جانبه، دعا السفير سعيد أبو علي الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة -في كلمته - إلى تضافر الجهود العربية لتوفير الدعم اللازم لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لسد العجز في ميزانيتها والذي بات يهدد بوقف عملياتها لدعم اللاجئين الفلسطينيين، كما يهدد الموسم الدراسي المرتقب في غزة. كما طالب، بضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في مواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي، محذرا من أن القضية الفلسطينية باتت تواجه منعطفا خطيرا وسط انحياز أمريكي سافر وعلى مرأى ومسمع العالم بأسره وتحد غير مسبوق للمجتمع الدولي وشرعنة القوانين العنصرية. وحذر أبوعلى من قرارات الإدارة الأمريكية المتلاحقة لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية، بداية من قراراها الباطل والمنعدم للأثر القانوني والمرفوض عربيا ودوليا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، معتبرا أن انحياز الإدارة الأمريكية لإسرائيل أعطاها الضوء الأخضر لتنفيذ مخططاتها التي تستهدف القدس عزلا واستيطانا وتهويدا مع تصعيد أنشطتها الاستيطانية والتي كان آخرها ما يجرى في "الخان الأحمر" والذي يمثل نموذجا لأبشع صور التهجير والاقتلاع والتشريد لأبناء الشعب الفلسطيني. ونبه السفير أبوعلى إلى خطورة الاستهداف الأمريكى لوكالة "الأونروا" التي تمثل عنوانا للالتزام الدولي تجاه قضية هامة تمس حياة 5ر5 مليون لاجئ فلسطيني، وذلك بتعليقها جزء كبير من مساهماتها في ميزانية الوكالة، الأمر الذي تفاقم الأزمة المالية للوكالة الدولية، حيث بلغ العجز المالي بميزانيتها مطلع العام 2018 نحو 446 مليون دولار، ما يهدد تنفيذ برامجها في مجتمع اللاجئين وتداعيات ذلك على الأمن والاستقرار بالمنطقة. ودعا السفير أبوعلى المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته لينتقل من سياق الشجب والإدانة للسياسات الإسرائيلية إلى إنفاذ قراراته ذات الصلة لإجبار إسرائيل على الانصياع لهذه القرارات، محذرا في هذا الإطار من التداعيات الخطيرة لقانون القومية الذي يشكل تحديا غير مسبوق لإرادة المجتمع الدولي. ومن جانبه، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير - رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي، في كلمته، على ضرورة استمرار عمل وكالة "الأونروا" في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، وفق التفويض الممنوح لها بموجب القرار (302) الصادر عن الأممالمتحدة. وقال إن قطاع غزة المحاصر منذ 11 عاما والذي يعاني من إجراءات وقيود على حركة البضائع والسكان تركت أثارا كارثية على أوضاعه الاقتصادية والإنسانية فالحصار المستمر والعدوان المتكرر قد أديا إلى انهيار البنية التحتية والخدمات العامة وخنق اقتصاده وارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب والخريجين مما يضعهم تحت خط الفقر. كما أكد أبوهولي، ضرورة تحمل المجتمع الدولي والأخوة العرب من تحمل مسؤولياته تجاه الوكالة الدولية، داعيا دول العالم إلى سرعة تقديم الأموال اللازمة لتغطية العجز للأونروا حتى تتمكن من مواصلة تقديم خدماتها لأبناء شعبنا اللاجئين في مختلف أماكن تواجدهم. وشدد على ضرورة التزام المجتمع الدولي لضمان استمرار عمل الوكالة، إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها الشاهد الحي على استمرار مأساتهم، وعلى حجم الجريمة التي ارتكبت بحقهم، حيث إن الأزمة الحالية التي تمر بها الوكالة تتطلب تمويل عاجل لبرامجها وليس تقليص لخدماتها وضرورة الالتزام بتغطية نسبة 7ر8% من ميزانيتها. وأشار أبوهولي إلى أن لجوء إدارة الأونروا لاتخاذ إجراءات تطال بعض الخدمات الطارئة في قطاع غزة كبرنامج الصحة النفسية وبرنامج المال مقابل العمل وبرنامج إعادة الإعمار والإسكان "بدل الإيجارات" ووقف برامج الطوارئ في الضفة وإنهاء لحوالي 956 موظفا على ميزانية الطوارئ في نهاية شهر يوليو لن يعالج الأزمة المالية وستدفع بالمنطقة إلى حالة اللااستقرار، حيث هناك حالة من القلق تسود أوساط اللاجئين ومخيماتها بسبب العجز في موازنة الوكالة الناجم عن تخفيض الولاياتالمتحدة لمساهمتها إلى حد كبير في إطار الابتزاز السياسي من جهة وتصفية الأونروا من جهة أخرى. وقال إن الأزمة المالية التي توجهها الوكالة والتي تتكرر سنويا تهدد استقرار مخيمات اللاجئيين وانعكاساتها الخطيرة على عدم ضمان بدء العام الدراسي الجديد في موعده مما يعني تهديد مستقبل الطلبة والتلويح بتأجيل رواتب الموظفين بعد شهر يوليو 2018 لعدم وجود سيولة في الأموال والخطر المحدق على خدماتها بسبب التامر على الوكالة. يناقش المؤتمر على مدى 5 أيام التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها قضية القدس خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إليها وما تبعه من تحركات عربية وإسلامية لمواجهة هذا القرار المخالف لكافة قرارات الشرعية الدولية، وما تتعرض له المدينة من هجمة شرسة. كما يناقش المؤتمر نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وأوضاعها المالية حيث يتناول الوضع الخطير الذي تواجهه الوكالة ويهدد بتوقف نشاطها إثر قرار الإدارة الأمريكية بتخفيض تمويلها للوكالة وكيفية مواجهة هذا الخطر الكبير الذي يهدد 5ر5 مليون لاجئ فلسطيني في الدول العربية المضيفة ويعصف باستقرار وأمن المنطقة. كما يناقش المؤتمر آخر التطورات المتعلقة بالاستعمار الاستيطاني، وجدار الفصل العنصري، وتطورات الانتفاضة ، والتنمية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. ومن المقرر رفع توصيات مؤتمر المشرفين إلى مجلس الجامعة العربية في دورته المقبلة على مستوى وزراء الخارجية العرب والمقرر عقدها بداية شهر سبتمبر المقبل بمقر الجامعة العربية، لتكون أساسا للقرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي الصادرة عن المجلس.