عملت فى تأليف الموسيقى لأكثر من فيلم، لكن العمل مع شاهين كان مختلفًا، هو أكثر المخرجين الذين قابلتهم فهمًا لتفاصيل الموسيقى التصويرية. كان عملى يبدأ بعد انتهاء تصوير الفيلم، أشاهد النسخة مرة واثنتين وثلاث، وبعدها نبدأ فى النقاش، يدلى فيه شاهين بملاحظاته: «هذا المشهد يحتاج إلى موسيقى، وهذا لا يحتاج»، لكنه كان مستمعًا جيدًا، فأحيانًا أقترح ما يخالف وجهة نظره، بإضافة الموسيقى لمشهد يراه هو لا يحتاج، فكان يقتنع، وفى مرات أخرى كان لا يوافق. أذكر أننا طوال عملنا ألغى لى مقطوعة وحيدة بعد أن بذلت فيها مجهودًا كبيرًا، واستعنت فيها بآلات نفخ وأصوات كورال، كنت أراها جميلةً جدًا، لكنه بعد أن استمع إليها مع المشهد قال لى كلمة واحدة «وِحشة»، فسألته وِحشة ليه؟ ده أنا بذلت فيها مجهود خرافى، فكرر «وحشة» ثم بدأ يفسر.. «المزيكا دى جميلة جدًا، وعشان كده هى وحشة، الناس هتسمع الموسيقى الجميلة وهتنسى الحوار، والحوار بتاعى مينفعش المزيكا تأكله». كمال الطويل كان قد اعتزل التلحين قبل فترة طويلة من فيلم «المصير»، ولكن يوسف شاهين أقنعه بالعودة لتلحين أغانى الأفلام، وحاول تكرار التعاون معه لاحقًا، لكن الطويل رحل قبل إكمال هذا التعاون، وعكس الشائع، فإن الطويل لم يؤلف الموسيقى التصويرية للفيلم، هو لحن الأغانى وقدم جملًا موسيقيةً، بينما وزعت الأغانى وألفت الموسيقى التصويرية بالكامل. كان من المفترض أن يغنى على الحجار الأغنيات الثلاث لفيلم «إسكندرية نيويورك» وهى «إنت» و«بنت وولد» و«نيويورك»، والأغنيات من تلحين فاروق الشرنوبى وتوزيعى، لكن يوسف شاهين قرر الاستعانة بصوت فاروق الشرنوبى، ليكون هو صاحب أغنية «إنت» التى صاحبت تترات البداية.. بعد تسجيل الحجار الأغنية بشكل مضبوطٍ وسليمٍ جدًا، لكن شاهين قال: «أنا عايز حاجه بعبلها كده، أنا عاجبنى الإحساس بتاع فاروق أكتر». يوسف شاهين كان فنانًا شاملًا.. مخرج وكاتب سيناريو ويرقص باليه وملحن أيضًا، المقدمة الموسيقية لأغنية «آدم وحنان» الخاصة بفيلم «الآخر«، هو من ألفها، عزفها أمامى على البيانو وطلب منى أن تكون هى دخول الأغنية التى لحنها فاروق الشرنوبى.